الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ، وَأَنَّهُ أَطْيَبُ الطِّيبِ، وَكَرَاهَةِ رَدِّ الرَّيْحَانِ، وَالطِّيبِ
[2252]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي خُلَيْدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَصِيرَةٌ تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا، وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوهَا، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا)). وَنَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ.
حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَالْمُسْتَمِرِّ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَشَتْ خَاتَمَهَا مِسْكًا، وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ.
قال القاضي عياض على هذا الحديث: ((ذكر مسلم حديث الإسرائيلية القصيرة، وهو اتخاذها لذلك رجلين من خشب حتى مشيت بين الطويلتين فلم تعرف، واتخاذها المسك في خاتمها وهو أطيب الطيب. إذا كانت فعلت هذه المرأة هذا لتستتر لا تتميز فحسن ذلك، وإن فعلته لتظهر نفسها بالكمال للرجال والتزين لهم فغير مباح فعلها فى الشرع.
وأما اتخاذها المسك فى خاتمها وإشارتها به، فذلك غير مباح عندنا إذا خرجن. والطيب على النساء إذا لم يخرجن غير ممنوع))
(1)
وكلام القاضي
(1)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (7/ 193).
في منع المرأة من التطيب إذا هي خرجت صحيح، كما أنها منعت من التبرج وإظهار الزينة.
[2256]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ؛ فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ)).
في هذا الحديث: النهي عن رد الريحان، وهذا نهي للكراهة، أو للتحريم، والأصل أنه للتحريم.
وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من ذلك بقوله: ((فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ)) فكيف ترد شيئًا طيبَ الريح خفيفَ المحمل؟ !
وفيه: دليل على أن المسكَ أطيبُ الطيب، وأصل المسك يؤخذ من الغزال، وذلك أن الغزال تكون فيه وربة مثل الكرة الصغيرة، ثم تيبس، ثم تؤخذ، فإذا قُرضت يأتي منها المسك؛ ولهذا يقول الشاعر يمدح أحد الملوك
(1)
:
فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ
…
فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ
يقول: أنت تفوق الناس وأنت من الناس، وهذا له عندنا دليل، فالمسك بعض دم الغزال، وهو قد خالف الدمَ وصار أعلى منه، وأنت من الناس وصرت أعلى من الناس.
ويبقى إشكال: وهو أن هذا المسك أُخذ من حيٍّ وما قُطع من الحي حكمه
(1)
ديوان المتنبي (ص 268).
حكم الميتة؛ لما ورد في الحديث عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَبِهَا نَاسٌ يَعْمِدُونَ إِلَى أَلْيَاتِ الْغَنَمِ، وَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ فَيَجُبُّونَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ))
(1)
، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، فكيف يُستعمل ما أخذ من الغزال؟ !
وأجيب بأن هذا مستثنًى من الحديث، أو أن هذا حكمه حكم المنفصل، كحكم البيض المأخوذ من الدجاجة، وحكم الجنين المنفصل من الحيوان.
[2254]
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ، وَبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَ الْأَلُوَّةِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ)) اسْتَجْمَرَ، يعني: تبخَّر، وسمي الاستجمار؛ لأن المبخرة يُجعل فيها الجمر.
والْألُوَّةُ- بفتح الهمزة وضمها، وضم اللام-: هي العود يتطيبون به، وغَيْرَ مُطَرَّاةٍ، أي: غير مخلوطة بأطياب أخرى.
وقال النووي: ((أما الألوة فقال الأصمعي وأبو عبيد وسائر أهل اللغة والغريب: هي العود يُتبخَّر به، قال الأصمعي: أراها فارسية معرَّبة))
(2)
.
وفي هذا الحديث: استحباب الطيب للرجال، كما هو مستحب للنساء، لكن طيب الرجل ما ظهر ريحه وخفي لونه، والمرأة بالعكس.
وفيه: استحباب خصوص الكافور، والعود.
(1)
أخرجه أحمد (21904)، وأبو داود (2858)، والترمذي (1480).
(2)
شرح مسلم، للنووي (15/ 10).