المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهل الحديث قد ينقلون الحديث من طريق صحيحة ثم من طريق ضعيفة فيطلقون عدم الصحة ويريدون ما نقل بالطريق الضعيف - رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

[عبد الله العبيلان]

فهرس الكتاب

- ‌الْمقَدِّمَة

- ‌ ومن أمثلة اختلاف النقَّاد في الحكم على رواة الحديث:

- ‌ حجية الحديث المرسل إذا اعتضد:

- ‌ أمثلة على احتجاج الأئمة بالمرسل إذا اعتضد:

- ‌ تقوية الحديث بالأثر:

- ‌ اختلاف المحدِّثين في الحُكْمِ على الرجال:

- ‌ طبقات المحدِّثين وطريقتهم في الجرح والتعديل:

- ‌علم الحديث مبناه على الاجتهاد لا على التقليد

- ‌ أمثلة في اختلاف اجتهادهم في الوصل والانقطاع:

- ‌ اختلافهم في حد الجهالة:

- ‌ فائدة عزيزة في تحرير حد الجهالة:

- ‌ لزوم التحري في فهم عبارات الأئمة:

- ‌ علم صناعة الحديث لا ينفك عن الفقه لأنه الغاية:

- ‌أهل الحديث قد ينقلون الحديث من طريق صحيحة ثم من طريق ضعيفة فيطلقون عدم الصحة ويريدون ما نقل بالطريق الضعيف

- ‌رأي مؤلف "مستدرك التعليل" في علم شيخ الإسلام بالحديث

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادى عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديتّ الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الحادى والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌الحديث الحادى والخمسون

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌الحديث الستون

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌الحديث السبعون

- ‌الحديث الحادى والسبعون

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الحادى والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المئة

- ‌الحديث الواحد بعد المئة

- ‌الحديث الثاني بعد المئة

- ‌الحديث الثالث بعد المئة

- ‌الحديث السادس بعد المئة

- ‌الحديث السابع بعد المئة

الفصل: ‌أهل الحديث قد ينقلون الحديث من طريق صحيحة ثم من طريق ضعيفة فيطلقون عدم الصحة ويريدون ما نقل بالطريق الضعيف

‌أهل الحديث قد ينقلون الحديث من طريق صحيحة ثم من طريق ضعيفة فيطلقون عدم الصحة ويريدون ما نقل بالطريق الضعيف

قال الحافظ ابن حجر: "وهذا الفن -يعني التعليل- أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكًا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهمًا عاليًا واطلاعًا حاويًا، وإدراكًا لمراتب الرواة، ومعرفة شافية، ولم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك؛ لما جعل الله عز وجل فيهم من معرفة ذلك والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك. انتهى"(1).

وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه فإنهم يتوقفون عن حديثه ما لم ينفرد به بل وافق فيه الثقات وأتت شواهد صدقه (2).

وقال الحافظ أيضًا: "وإطلاق الحكم على التفرد بالرد، أو النكارة، أو الشذوذ، موجود في كلام كثير من أهل الحديث.

قلت: وهذا مما ينبغي التيقظ له، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" (3).

(1) انظر توضيح الأفكار: (2/ 29).

(2)

انظر تنقيح تحقيق أحاديث التعليق: (2/ 327).

(3)

انظر النكت على ابن الصلاح: (2/ 674).

ص: 65

فهاهنا شرطان للتعليل بالتفرد:

1 -

أن لا يكون الراوي من الأثبات.

2 -

أن لا يكون لروايته ما يشهد لها ويعضدها، وعليه فإن التعليل بالتفرد لا يكاد يطلقه إلا من أحاط بهذا العلم رواية ودراية وفقهًا.

الأمثلة:

1 -

حديث: "إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أم لم ينزل"، رواه ابن وهب في "مسنده" عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله مرفوعًا بهذا، أورده عبد الحق، وقال: إسناده ضعيف جدًّا. وكأنه يشير إلى الحارث، لكن لم ينفرد به؛ فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" من طريق أبي حنيفة عن عمرو بن شعيب به.

وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل"، متفى عليه (1)، زاد مسلم:"وإن لم ينزل"(2).

2 -

قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد نا جرير بن حازم عن أيوب عن ابن مليكة عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية"(3).

قال الحافظ ابن حجر: "أورده ابن الجوزي من طريق المسند، ومن طريق أخرى، وأعل طريق "المسند" بحسين بن محمد فقال: هو المروزي، قال أبو حاتم: رأيته ولم أسمع منه، وسئل أبو حاتم عن حديث يرويه حسين فقال: خطأ، فقيل له: الوهم ممَّن؟ قال: ينبغي أن يكون من حسين.

قلت (4): حسين احتج به الشيخان ولم يترك أبو حاتم السماع منه باختيار

(1) أخرجه البخاري في صحيحه: (1/ 110)، ومسلم في صحيحه:(1/ 271).

(2)

انظر الدراية في تخريج أحاديث الهداية: (1/ 49).

(3)

أخرجه أحمد في مسنده: (5/ 225).

(4)

القائل هو الحافظ ابن حجر.

ص: 66

أبي حاتم، فقد نقل ابنه عنه أنه قال: أتيته مرات بعد فراغه من تفسير شيبان، وسألته أن يعيد عليَّ بعض المجلس، فقال تكرير ولم أسمع منه شيئًا. وقال معاوية بن صالح قال لي أحمد بن حنبل: اكتبوا عنه. ووثقه العجلي، وابن سعد، والنسائي، وابن قانع، ومحمد بن مسعود العجمي وآخرون.

ثم لو كان كل من وهم في حديث سرى في جميع حديثه حتى يحكم على أحاديثه كلها بالوهم لم يسلم أحد، ثم ولو كان ذلك كذلك؛ لم يلزمه منه الحكم على حديثه بالوضع، ولا سيما مع كونه لم ينفرد، بل توبع، ووجدت للحديث شواهد، فقد أورده الدارقطني: عن البغوي عن هاشم بن الحارث عن عبد الله ابن عمرو الرقي عن ليث بن أبي سليم عن ابن أبي مليكة به، وليث -وإن كان ضعيفًا- فإنما ضُعِّفَ من قبل حفظه، فهو متابع قوي.

وشاهده حديث ابن عباس، أخرجه ابن عدي من طريق علي بن الحسن بن شقيق أخبرني ليث عن مجاهد عن ابن عباس نحوه، وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس في أثناء حديث، وأخرجه الطبراني أيضًا من طريق عطاء الخراساني عن عبد الله بن سلام مرفوعًا، وعطاء لم يسمع من ابن سلام، وهو شاهد قوي" (1).

وهذا الذي قرَّره العلماء رحمهم الله، والذي عليه عامة أهل العلم بالحديث هو الذي عليه أمير المؤمنين في الحديث في عصرنا، فهو مع كونه مجدد علم الحديث والسُّنَّة في هذا الزمن -كما صرح بذلك أئمة العصر- إلا أنه لم يأت بجديد، ومع ذلك لم يقبل أن يكون مقلدًا لغيره في علم قضى فيه معظم عمره، وفتح الله عليه فيه ما لم يُفْتَحْ على غيره، وكانت غايته فيه الانتصار للسنة، فلم يشتغل فيه انتصارًا لمذهب، أو طلبًا للدنيا، بل فارق أباه لمَّا خيَّره: إما الموافقة على ما هو عليه من المخالفة في السنة، أو المفارقة؛ فاختار

(1) انظر القول المسدد في الذب عن مسند أحمد: (ص 42).

ص: 67

المفارقة، وكان قد قال لأبيه: أمهلني ثلاثة أيام أستخير الله. وهو لم يكن يملك شيئًا من أمر الدنيا، بهذا حدثني الشيخ نفسه، أسكنه الله الفردوس الأعلى، ورفع درجته في المهديين.

فالشيخ قضى حياته في جهاد، ولم يكن طلبه للعلم على سبيل التَّرف، وطلب الجاه والمحمدة عند الناس، بل كان همُّه نشر السُّنة، رَضِيَ مَنْ رَضِيَ، وسَخِطَ مَنْ سَخِطَ.

وصدق شيخنا الزاهد العلامة الحافظ عبد الله بن محمد الدويش -عليه رحمة الله- حيث قال لي: "منذ قرون لم يأت في علم الحديث مثل الشيخ ناصر؛ كثرة في الإنتاج، ودقة في التحقيق".

فلا يعرفُ الفضلَ لأهله إلا أهل الفضل، ونحن مع ذلك: لا ندَّعي عِصْمَةَ الشيخ من الخطأ في التصحيح، أو التضعيف، فهذا لم يكن ولا يكون لغيره، كما إننا لا نقبل ولا نرضى أن يُقَلَّلَ من شأنه، فالطعن فيه وأمثاله طعنٌ في السُّنة، والقول بأن منهجه يخالف منهج المتقدّمين! هذا جرح في الشيخ، لا يقوله من فطِنَ إلى عواقب هذه الكلمة على السُّنة وأهلها في هذا العصر وبعده، بل عليه هو إن لم يَتُبْ قبل أن يلقى ربه، فالناس في كل قرن يحتاجون إلى الأئمة ليقتدوا بهم، فإذا طُعِنَ فيهم، فقد الناس الثقة بدينهم، كما قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ من الناس، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ العلماء، حتى إذا لم يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ الناس رؤوسًا جُهَّالاً؛ فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"(1) أخرجاه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنها.

كما ينبغي أن يُعْلَمَ أن علم العلل، ومعرفة أحوال الرجال، وسيلة لا غاية، فلا ينبغي الإغراق معه من غير معرفة بمقاصد الشريعة، والنظر إلى فتاوى الصحابة، وما كان مقبولاً عند جماهير العلماء من الأحاديث، وما كان مردودًا،

(1) أخرجه البخاري: (1/ 50)، وأخرجه مسلم:(4/ 2058).

ص: 68

فإن الله قد تكفَّل بحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وكم من حديث لقي القبول عند جماهير المحدثين، فضلاً عن الفقهاء، ولم يكن رجاله من الأئمة الأثبات، بل كان لبعض أهل العلم فيه مقال، أو تعليل، كما تقدم في كلام أئمة الفن.

والشيخ -عليه رحمة الله- جل الأحاديث التي حكم عليها لم ينفرد بتصحيحها، أو تضعيفها؛ بل وافق في ذلك أئمة هذا الشأن، أو بعضهم.

أما القول بالفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين: فهو -وإن كان حقًّا من حيث أن المتقدمين يغلب عليهم الحفظ، والمعاصرين البحث، حتى الدين يردِّدون هذه المقولة- إلا أنه من حيث النتيجة لا يوجد إلا في أذهان بعض طلبة العلم، ولم يقل به أحد من الأئمة الحفاظ بعد القرون المفضَّلة، وقد قال الإمام أحمد:"لا تقل بمسأله ليس لك فيها إمام". وليس عندهم بعد النظر والتحقيق إلا أمثلة قليلة من الأحاديث لا يصح أن يؤسس عليها مثل هذا التأصيل، قال تعالى:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)} [الأعراف: 58] والله المستعان.

وأما ملاحظاتي العامة على كتاب "مستدرك التعليل" ومؤلفه، فهي كما يلي:

1 -

الضعف في ضبط الأصول من أمهات الكتب، وانظر الكلام على الحديث رقم: 16، 28، 62، 44.

2 -

الإغراق في تعليل الأحاديث عن طريق التقليد، انظر الحديث رقم: 19 - 35.

3 -

نقص الخبرة في فهم عبارات أهل العلم، انظر الحديث رقم: 5 - 7.

4 -

الغفلة عن منهاج أهل العلم في تقوية الأحاديث.

ص: 69

5 -

عدم المعرفة، والاعتداد بآثار الصحابة وما نقل عنهم من عمل في تقوية الحديث.

6 -

الجرأة على الطعن في المتون مع قلة الاطلاع على تقريرات أهل العلم.

ويتبَّين لك ذلك بوضوح في أثناء الجواب على تعليله لأحاديث "الإرواء"، وبالله التوفيق.

وكتب

أبو عبد الرحمن عبد الله بن صالح العُبيلان

28/ 5/ 1429 هـ

ص: 70