الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع والثلاثون
حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل القراءة: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه".
ــ
قال المستدرك:
"هذه الأحاديث لا يقوِّي بعضها بعضًا، وضعَّف بعضها أحمد، وبعضها البخاري، بل يُفْهَمُ من كلام ابن رجب تضعيف أحمد لها كلها بشواهدها".
* الجواب:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله "قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عن غَيْرِ جُبَيْرِ بن مُطْعَمٍ: "أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَتَعَوَّذُ قبل الْقِرَاءَةِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَصحَابُ السُّنَنِ، وَالْحَاكِمُ، من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: "كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قام إلَى الصَّلاةِ بِاللَّيْلِ كَبَّرَ، ثُمَّ يقول: سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلا إلَهَ غَيْرُكَ. ثُمَّ يقول: لا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ، ثَلاثًا، ثُمَّ يقول اللَّهُ أَكْبَرُ، ثَلاثًا، ثُمَّ يقول: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ من الشَّيْطَان الرَّجِيمِ من هَمْزِهِ وَنَفَخِهِ وَنَفْثِهِ" (1)، قال التِّرْمِذِيُّ: "حَدِيثُ أبي سَعِيدٍ أَشْهَرُ حَدِيثٍ في الْبَابِ، وقد تُكُلِّمَ في إسناده، وقال أَحْمَدُ: لا يَصحُّ هذا الْحَدِيثُ".
(1) أخرجه أحمد (3/ 50) وأبو داود (775) والترمذي (242) وابن ماجه (807) وغيرهم.
وقال ابن خزيمة (1): "لا نَعْلَمُ في الافْتِتَاحِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ خَبَرًا ثَابِتًا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ حَدِيثُ أبي سَعِيد". ثُمَّ قال: "لا نَعْلَمُ أَحَدًا وَلا سَمِعْنَا بِهِ اسْتَعْمَلَ هذا الحديث على وَجْهِهِ".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ من حديث أبي أُمَامَةَ نَحْوَهُ، وَفِيهِ:"أَعُوذُ بِاَللَّهِ من الشَّيْطَان الرَّجِيمِ"، وفي إسْنَادِهِ من لم يُسَمَّ.
وَرَوَى ابن ماجه وابن خُزَيْمَةَ من حديث ابن مَسْعُودٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ إنّي أَعُوذُ بِكَ من الشَّيْطَان الرَّجِيمِ من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ"، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ:"كان إذَا دخل في الصَّلاةِ"، وَعَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِيهِ الْحُسَيْنُ بن عَلِيِّ بن الأَسْوَدِ فيه مَقَالٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا ابن أبي حَاتِمٍ في "الْعِلَلِ" عن أبيه، وَضَعَّفَهَا" (2).
وقد صحح الحديث: الإمام أحمد، وقرينه إسحاق بن راهويه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وعن أحمد من رواية عبد الله: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم"، لحديث أبي سعيد وهو مذهب الحسن وابن سيرين، ويدل عليه ما رواه أبو داود في قصة الإفك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس وكشف عن وجهه، وقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم".
وقال إسحاق: الذي أختاره ما ذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"(3).
وقال أيضًا: "روى حنبل عنه: إذا أراد أن يبتدئ الصلاة يكبر، ثم يستفتح استفتاح عمر، ثم يتعوَّذ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم"(4).
(1) في "صحيحه"(1/ 238).
(2)
انظر: "التلخيص الحبير"(1/ 229).
(3)
انظر: "إغاثة اللهفان"(1/ 95).
(4)
انظر: "بدائع الفوائد"(3/ 602).
وبهذا يظهر لك ما تقدم نقله عن شيخ الإسلام.
"وأما قول أبي حاتم: يُكْتَبُ حديثُه، ولا يحتج به. فأبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين، وذلك أن شرطه في التعديل صعب، والحجة في اصطلاحه ليس هو الحجة في جمهور أهل العلم.
ثم إن ما جاء في الحديث من ألفاظ مأخوذة من القرآن العزيز، وهكذا كافة الأذكار النبوية ألفاظها مأخوذة من القرآن، بل ما تكلم صلى الله عليه وسلم بكلمة بلغها الناس، أو فعلها على وجه التعبد إلا مصداقها في كتاب الله، علِمَهَا من عَلِمَهَا وجهِلَها من جَهِلَها، قال تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت: 36]، وقال تعالى:{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)} [المؤمنون: 97]، وقال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98] والله ولي التوفيق.