الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني عشر
حديث: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ".
ــ
قال المستدرك:
"الحديث غير صحيح بلفظ: "قاء فتوضأ
…
".
* الجواب:
"الْحَدِيثُ هو عِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَصْحَابِ السُّنَنِ الثَّلاثِ، وابن الْجَارُودِ، وابن حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وابن مَنْدَهْ، وَالْحَاكِمِ بِلَفْظِ: "أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ، قال مَعْدَانُ: فَلَقِيت ثَوْبَانَ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَقُلْت له: إنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أخبرني فَذَكرَهُ، فقال: صَدَقَ، أنا صَبَبْت عليه وَضُوءَهُ".
قَال ابن مَندَه: إسْنَادُهُ صحِيحٌ مُتَّصِلٌ، وَتَرَكَهُ الشَّيْخَانِ لاخْتِلافٍ في إسْنَادِهِ.
قال التَّرمِذِى: جَوَّدَهُ حُسَيْنٌ الْمعَلِّمُ، وَكَذَا قال أَحْمَدُ، وَفِيهِ اخْتِلافٌ كَثِيرٌ ذَكَره الطَّبَرَانِيُّ" (1).
والاختلاف بيَّنه النسائي في "سننه" فقال في الصائم يتقيأ، وذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثير في خبر ثوبان في ذلك:
(1) انظر: "نيل الأوطار"(1/ 235).
أخبرني محمد بن علي بن ميمون الرقي قال: حدثني أبو معمر قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام أن أباه أخبره قال: حدثني معدان بن طلحة أن أبا الدرداء أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. فلقيت ثوبان في مسجده، فقلت: أن أبا الدرداء أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. قال: وأنا صببت له وضوءًا".
أنبأ عمرو بن علي قال: حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني أبي قال: حدثني حسين المعلم قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد عن أبيه عن معدان بن طلحة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قاء فأفطر، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له، فقال: صدق، أنا صببتُ له وضوءه".
أنبأ محمد بن المثنى قال: حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث قال: سمعت أبي يحدث قال: حدثنا حسين قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير أن عبد الله بن عمرو الأوزاعي حدثه أن يعيش بن الوليد حدته أن معدان بن طلحة حدثه أن أبا الدرداء حدثه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيتُ ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه". قال أبو عبد الرحمن: كذا وجدته في كتابي" (1).
ثم قال:
"ذكر الاختلاف على هشام الدستوائي في هذا الحديث.
أخبرني عبدة بن عبد الرحيم المروزي قال: أنبأ بن سهيل قال: أنبأ هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام عن معدان عن أبي الدرداء: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فسألته، فقال: نعم، أنا صببت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه".
(1) انظر كلام النسائي في سننه الكبرى: رقم (3120) وما بعده.
أنبأ سليمان بن سلم قال: أنبأ النضر قال: أنبأ هشام عن يحيى عن رجل عن يعيش بن الوليد بن هشام عن معدان عن أبي الدرداء: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فسألته، فقال: نعم، أنا صببت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه".
أخبرني إبراهيم بن يعقوب قال حدثنا يزيد بن هارون قال أنبأ هشام عن يحيى عن يعيش بن الوليد بن هشام أن معدان أخبره: "أن أبا الدرداء أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيت ثوبان فذكرت ذلك له فقال: أنا صببت له لوضوئه".
أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد قال حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد أن خالد بن معدان أخبره عن أبي الدرداء: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت ذلك له، فقال: أنا صببت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه".
أنبأ عبيد الله بن سعيد سرخسي يقال له أبو قدامة عن معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يحيى قال: حدثني رجل من إخواننا عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء نحوه.
أنبأ محمد بن المثنى قال حدثنا بن أبي عدي عن هشام عن يحيى قال حدثني رجل من إخواننا عن يعيش بن الوليد أن بن معدان أخبره نحوًا من حديث إبراهيم".
قال أبو جَعفَر الطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 376): فَكَانَ في هذا الحديث سُكُوتُ هِشَامٍ عن تَسْمِيَةِ الرَّجُلِ الذي حدثه يحيى بن أبي كَثِيرٍ بهذا الحديث عنه، وهو عبد الرحمن بن عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ كما قد حدثنا إبْرَاهِيمُ بن مَرْزُوقٍ قال: ثنا عبد الصَّمَدِ بن عبد الْوَارِثِ التَّنُّورِى قال: ثنا أبي عن حُسَيْنٍ الْمُعَلَّمِ عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ عن عبد الرحمن بن عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ عن يَعِيشَ بن الْوَلِيدِ عن أبيه عن مَعْدَانَ بن أبي طَلْحَةَ عن أبي الدَّرْدَاءِ: "أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ، قال: فَلَقِيت ثَوْبَانَ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ فقال: صَدَقَ، أنا صَبَبْتُ له وَضُوءَهُ".
وَكَمَا حدثنا إبْرَاهِيمُ بن أبي دَاوُد قال: ثنا أبو مَعْمَرٍ عبد اللَّهِ بن أبي الْحَجَّاجِ الْمُنْقِرِيُّ قال: ثنا عبد الْوَارِثِ عن حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ عن يَعِيشَ بن الْوَلِيدِ بن هِشَامِ عن مَعْدَانَ بن طَلْحَةَ عن أبي الدَّرْدَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ مَثَلَهُ، سَمِعْت ابْنَ أبي دَاوُد يقول: قال أبو مَعْمَرٍ: هَكَذَا قال عبد الْوَارِثِ: عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو! وَالصوَابُ: عبد الرحمن بن عَمْرٍو.
وقال أبو جَعْفَرٍ: ولم يذكر ابن أبي دَاوُد في حَدِيثِهِ هذا أَبَا يَعِيشَ بن الْوَلِيدِ وقال فيه مَعْدَانُ بن طَلْحَةَ، وَهَكَذَا يقول الْعِرَاقِيُّونَ في نَسَبِ هذا الرَّجُلِ، وَأَمَّا الشَّامِيُّونَ فَيَقُولُونَ فيه: مَعْدَانُ بن أبي طَلْحَةَ، وَهُمْ بِهِ أَعْرَفُ، لأَنَّهُ منهم وهو يَعْمُرِيٌّ وقد سمع عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه اهـ.
وقال ابن عبد الهادي: "قالوا: قد اضطربوا في هذا الحديث.
فرواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء ولم يذكر فيه الأوزاعي.
فالجواب: أن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره.
قال الأثرم: قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث، فقال: حسين المعلم يجوِّده.
وقال الترمذي: حديث حسن، أصح شيء في هذا الباب.
ورواه أبو داود، والنسائي، والحاكم، وقال: على شرطهما. والبيهقي، وتكلم فيه، والترمذي، وقال: وقد جوَّد حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب".
* قلت: أخذ معدان عن ثوبان وأبي الدرداء، وسؤالاته لهما أمر معروف.
قال الإمام مسلم: حدثني زُهَيْرُ بن حَرْبٍ حدثنا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ قال:
سمعت الأَوْزَاعِيَّ قال: حدثني الْوَلِيدُ بن هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ حدثني مَعْدَانُ بن أبي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ قال: لَقِيتُ ثَوْبَانَ مولى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقلت: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي الله بِهِ الْجَنَّةَ، أو قال: قلت: بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ إلى اللَّهِ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ، فقال: سَأَلْتُ عن ذلك رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال. "عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إلا رَفَعَكَ الله بها دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بها خَطِيئَةً". قال مَعْدَانُ: ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتهُ، فقال لي مِثْلَ ما قال لي ثَوْبَانُ" (1).
وعليه فإن قول المستدرك: "وهذا في الحقيقة مشكل، أي ترجيح الأئمة لحديث حسين المعلم، لم يظهر لي معناه"!
سببه نقص الخبرة في هذا الفن، وضعف ضبط الأصول.
نعود إلى قوله في الحديث: "قاء فتوضأ".
قال عبد الرزاق: عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال:"استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر وأتي بماء فتوضأ"(2).
ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 449).
قال النسائي: أخبرني أحمد بن فضالة بن إبراهيم النيسابوري قال: أنبأ عبد الرزاق قال: أنبأ معمر، عن يحيى، عن يعيش، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال:"استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر، فأتي بماء فتوضأ"(3).
قال الترمذي: "وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه، فقال: عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، ولم يذكر فيه الأوزاعي،
(1) أخرجه مسلم: (1/ 353).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (4/ 215).
(3)
السنن الكبرى للنسائي: (2/ 215).
وقال: عن خالد بن معدان، وإنما هو: معدان بن أبي طلحة". انتهى.
قال المستدرِكُ: "فالترمذي يشير إلى أن هذا من أخطائه، لا سيما مع مخالفته لمن هو أخص منه في ابن أبي كثير، وهذا واضح.
ثم إن كان معمر لم يخطئ، فالإسناد مرسل، فإن خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء، كما قال الإمام أحمد"، انتهى.
* قلت: خالد روى عن عدد من الصحابة منهم أبو أمامة، والمقدام عند الشيخين، وعن جمع من الصحابة خارج الصحيح.
قال في " الكاشف": "خالد بن معدان الكلاعي عن معاوية وابن عمر وعبد الله بن عمرو وثوبان"(1).
فهو من حملة هذا العلم، فروايته عن أبي الدرداء، سواء كانت موصولة، أو مرسلة، فإنها مقبولة إذا اعتضدت بطريق أخرى موصولة تقوَّت، وليس فيها ما يخالف الرواية الأخرى بل تصدق إحداهما الأخرى، فليس هناك ما يدعو إلى ردها، وتقدم أن هذا العلم وسيلة لا غاية، فلا ينبغي الإغراق فيه إلى حد الجفاء، فرواية معدان فيها قول أبي الدرداء:"أنا صببت له وضوءه"، ورواية خالد بن معدان فيها قوله:"قاء فتوضأ".
ومما يؤكد هذا: ما رواه اين المنذر في "الأوسط": "فممن روينا عنه أنه رأى الوضوء: علي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وكان ابن عمر يأمر بالوضوء منه، وروينا عن ابن عباس أنه قال: "الحدث حدثان: حدث من فيك، وحدث من أسفل منك"، وعن ابن عباس أنه قال: "الإفطار مما دخل، وليس مما خرج، والوضوء مما خرج وليس مما دخل" (2)
(1) انظر: "الكاشف" للذهبي (1/ 369).
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: (1/ 116)، وفي "السنن الصغرى" (نسخة الأعظمي):(3/ 330)، وورد عن ابن مسعود نحوه: في مصنف عبد الرزاق: (4/ 208).
حدثنا علي بن الحسن ثنا عبد الله عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي أنه قال: "من وجد رزءًا في بطنه، أو رعافًا، أو قيئًا، فلينصرف وليتوضأ، فإن تكلم استقبل، وإن لم يتكلم بنى على ما مضى من صلاته"(1).
حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: "إذا رعف الرجل، أو ذرعه القيء، أو وجد مذيًّا؛ فإنه ينصرف فيتوضأ، ثم يرجع فيبني ما بقي على ما مضى إن لم يتكلم"(2).
حدثنا محمد بن نصر ثنا محمد بن يحيى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا همام ثنا علي بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة قال: "يعاد الوضوء من القيء والرعاف".
حدثنا محمد بن إسحاق أنا علي الرازي عن عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عباس قال: "الحدث حدثان: حدث من فيك، وحدث من أسفل منك"(3).
ولا ريب أن فتاوى الصحابة رضوان الله عليهم أعظم شاهد لصدق أي حديث أو خطئه وكذبه.
ورحم الله أبا عبد الرحمن فقد كان فقيهًا محدِّثًا، والحمد لله أولاً، وآخرًا.
(1) أخرجه أحمد في مسنده: (1/ 99)، والدارقطني في سننه:(1/ 156)، وعبد الرزاق في مصنفه:(2/ 338).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (2/ 339).
(3)
انظر: "الأوسط"(1/ 185).