الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث المئة
قول أبي رافع: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في أُذن الحسن حين ولدته فاطمة بالصلاة".
ــ
قال المستدرك:
"الحديث ضعيف، وله شاهد أشدّ منه ضعفًا، ولا يصلح لتقويته".
* الجواب:
قال الترمذي في "جامعه"(4/ 97) رقم (1514): "حدثنا محمد بن بَشَّارٍ حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرحمن بن مَهْدِيٍّ قالا: أخبرنا سُفْيَانُ، عن عَاصِمِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِع، عن أبيه قال: "رأيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ في أُذُنِ الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ، حين وَلَدتهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلاةِ"، قال أبو عِيسَى: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
وقال أبو داود: في "السنن": (4/ 328)"بَاب في الصَّبِيِّ يُولَدُ فَيُؤَذَّنُ في أُذُنِه".
وهكذا عامة الفقهاء في كتبهم بوَّبوا له، واحتجُّوا به، بل والمحققون منهم؛ كالبغوي، وابن قدامة، والنووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن الملقن وغيرهم.
وشواهد مقصد الأذان في أذن المولود حين يولد في الكتاب والسنة كثيرة،
لا يخفى على أحد أن الشيطان له تسلط على بني آدم، فقد روى الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ بَنِي آدم يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ في جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حين يُولَدُ، غير عِيسَى ابن مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ في الحِجَابِ"(1).
وروى الشيخان من حديث عبد اللَّهِ بن أبي قَتَادَةَ عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الرُّؤيَا الصَّالِحَةُ من اللَّهِ، وَالْحُلُمُ من الشَّيْطَان، فإذا حَلَمَ أحدكم حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عن يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ من شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ"(2).
وهكذا رويا عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التَّثَاؤُبُ من الشَّيْطَان، فإذا تَثَاءَبَ أحدكم فَلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطَاعَ، فإن أَحَدَكُمْ إذا قال: هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ"(3).
ورويا عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اسْتَيْقَظَ -أُرَاهُ أحدكم- من مَنَامِهِ فَتَوَضَّأ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاثًا، فإن الشَّيْطَانَ يَبِيتُ على خَيْشُومِهِ"(4).
ورويا من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ أو كان جُنْحُ اللَّيْلِ، فَكُفُّوا صبيانكم، فإن الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حينَئذٍ"(5).
ولا ريب أن الأذن من المنافذ التي يتسلَّط من خلالها الشيطان على الإنسان، فقد روى الشيخان عن عبد اللَّهِ رضي الله عنه قال: ذُكِرَ عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ ليلة حتى أَصْبَحَ، قال:"ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنَيْهِ، أو قال في أُذُنِهِ"(6).
(1) أخرجه البخاري (3431) و (4548)، ومسلم (2366).
(2)
أخرجه البخاري (5747) وانظر أطرافه، ومسلم (2261).
(3)
أخرجه البخاري (3289، 6223، 6226) ومسلم (2994).
(4)
أخرجه البخاري (3295) ومسلم (238).
(5)
أخرجه البخاري (3280، وانظر أطرافه) ومسلم (2012).
(6)
أخرجه البخاري (1144، 3270).
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْمَلائِكَةُ تَتَحَدَّثُ في العَنَانِ -وَالْعَنَانُ الْغَمَامُ- بِالأمْرِ يَكُونُ في الأرض، فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الْكَلِمَةَ، فَتَقُرُّهَا في أُذُن الْكَاهِنِ، كما تُقَرُّ الْقَارُورَةُ فيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ"(1).
ومن المعلوم أن الأذان لما اشتمل عليه من التكبير والتوحيد من أعظم أسباب طرد الشيطان والسلامة منه.
فقد روى الشيخان من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا نُودِيَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ، فإذا قُضِيَ أَقْبَلَ، فإذا ثُوِّبَ بها أَدْبَرَ فإذا قُضِيَ أَقْبَلَ"(2). الحديث
والطفل بحاجة إلى تعويذه، وتحصينه، فكيف بالوليد؟ وبهذا تظهر الحكمة من التأذين في أذن المولود، ويتبين صدق الحديث، فإن راويه عاصم بن عبيد الله لم يُتَّهَمْ.
قال أبو بكر -ابن خزيمة-: كنتُ لا أخرج حديث عاصم بن عبيد الله في هذا الكتاب -صحيحه- ثم نظرت فإذا شعبة والثوري قد رويا عنه، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وهما إماما أهل زمانهما قد رويا عن الثوري عنه، وقد روى عنه مالك خبرًا في غير "الموطأ"(3).
وقال العجلي: لا بأس به، والترمذي صحح حديثه هذا، وهو الحق -إن شاء الله تعالى-.
(1) أخرجه البخاري (3210).
(2)
أخرجه البخاري (1231) ومسلم (569/ 83).
(3)
انظر "صحيح ابن خزيمة"(3/ 247).