الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأي مؤلف "مستدرك التعليل" في علم شيخ الإسلام بالحديث
!!
يحسن بي قبل البدء بالرد على الدكتور الخليل أن أبيِّنَ مسألةً خطيرة، وأثرًا سيئًا من آثار هذا المنهج المبتدَع بالتفريق بين المتقدِّمين والمتأخِّرين! وما ينتج عنه من طعن في أئمة الإسلام وعلمائهم، وتفريقهم وتقسيمهم إلى قسمين: قسم يؤخذ حكمهم على الأحاديث ويُقْبَلُ دون تردُّدٍ ونظرٍ، وقسم لا يفقه علل الحديث، فنهدر جهودَهم، ولا نأخذ من أحكامهم، ولا عبرة باجتهادهم!
وهذا من أعجب العجب! ولو عقل هؤلاء ما يقولون، وما يؤول إليه هذا المنهج الخطير لما استمرُّوا على ما هم عليه، ولرجعوا إلى جادَّة الصواب.
ومن نتائج هذا المنهج الحادِث: الطَّعن في علم العلماء السابقين، أو التشكيك بعلمهم، وازدراء، أحكامهم، والتعامل معهم بعقول ضيِّقة بعيدة النظر
…
ولكني لم أكن أتصوَّر أن يصل الحد إلى أن يُتطاول على شيخ الإسلام وعَلَم الأَعلام الإمام المجتهد: تقي الدين أبي العباس أحمد ابن تيمية -رحمه الله تعالى وقدَّس روحه-.
فقد اتْحَفَنَا الدكتور الخليل بجُرأة عجيبة، وتسرُّع خطير، في اتّهام شيخ الإسلام بتهمة لم يجرؤ أن يتَّهِمَهُ بها أعداؤه، فقد قال -سامحه الله- في مقدمة تحقيقه لكتاب "بيان بطلان التحليل" الشيخ لإسلام ابن تيمية (ص 28 - 29) تحت عنوان: مؤاخذات على الكتاب:
1 -
ذكر الشيخ أثر ذي الرقعتين الذي احتج به من يرى جواز التحليل،
وأجاب عنه من ستة أوجه: الأول منها أنه ضعيف منقطع ليس له إسناد، وهذا هو جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث، لم ينقل عنه المؤلف جوابًا آخر، ثم ذكر الشيخ خمسة أجوبة على فرض أن للأثر أصلاً.
والملحوظة التي رأيت أن الشيخ خالف فيها الصواب؛ أن هذه الأوجه الخمسة لا يخلو بعضها من تكلُّف، وتطويل يمكن الاستغناء عنه، ولو أن الشيخ اكتفى بتضعيف الأثر لكان هو الأولى.
وهذا المبدأ -أي الاكتفاء بضعف الحديث- أخذ به الشيخ نفسه، فقد ذكر حديث موسى بن مطير وهو من حجج المبيحين للتحليل، وأجاب عنه بأنه ضعيف موضوع ثم قال: "ثم إن أصحابنا تكلموا على تقدير صحته، وإن كان ذلك ضربًا من التكلف، فإن مثل هذه العبارة يظهر عليها من التناقض ما لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم
…
".
2 -
حين يتكلم الشيخ عن بعض الأحاديث التي يحتج بها يحصل منه أحيانا عدم تحرير للحديث صحة وضعفًا، لا سيما في مسألة تقوية الحديث الضعيف بكثرة طرقه، وكذا في مسألة التفردات. وانظر على سبيل المثال ص 234، 320.
ومما يدل على أن الشيخ لم يحالفه الصواب فيها؛ أن كلامه في هذه الأحاديث يخالف كلام الأئمة الحفاظ المتقدمين.
وأيضًا مما يؤكد ما سبق أن الشيخ يحسّن أو يصحح بعض الأحاديث، ثم يستدرك على نفسه ويبين أنه حديث معلول، انظر على سبيل المثال ص 51
…
".
وله تعقُّبات على شيخ الإسلام رحمه الله في ثنايا تحقيقه للكتاب، تدلُّ على خطر هذا المنهج المُحْدَثِ، ولن أطيلَ في التعليق، وإنما أتركُ مثل هذا الكلام للنقاد والعلماء العارفين، والله المستعان.
* * *