المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثاني والتسعون - رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

[عبد الله العبيلان]

فهرس الكتاب

- ‌الْمقَدِّمَة

- ‌ ومن أمثلة اختلاف النقَّاد في الحكم على رواة الحديث:

- ‌ حجية الحديث المرسل إذا اعتضد:

- ‌ أمثلة على احتجاج الأئمة بالمرسل إذا اعتضد:

- ‌ تقوية الحديث بالأثر:

- ‌ اختلاف المحدِّثين في الحُكْمِ على الرجال:

- ‌ طبقات المحدِّثين وطريقتهم في الجرح والتعديل:

- ‌علم الحديث مبناه على الاجتهاد لا على التقليد

- ‌ أمثلة في اختلاف اجتهادهم في الوصل والانقطاع:

- ‌ اختلافهم في حد الجهالة:

- ‌ فائدة عزيزة في تحرير حد الجهالة:

- ‌ لزوم التحري في فهم عبارات الأئمة:

- ‌ علم صناعة الحديث لا ينفك عن الفقه لأنه الغاية:

- ‌أهل الحديث قد ينقلون الحديث من طريق صحيحة ثم من طريق ضعيفة فيطلقون عدم الصحة ويريدون ما نقل بالطريق الضعيف

- ‌رأي مؤلف "مستدرك التعليل" في علم شيخ الإسلام بالحديث

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادى عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديتّ الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الحادى والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌الحديث الحادى والخمسون

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌الحديث الستون

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌الحديث السبعون

- ‌الحديث الحادى والسبعون

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الحادى والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المئة

- ‌الحديث الواحد بعد المئة

- ‌الحديث الثاني بعد المئة

- ‌الحديث الثالث بعد المئة

- ‌الحديث السادس بعد المئة

- ‌الحديث السابع بعد المئة

الفصل: ‌الحديث الثاني والتسعون

‌الحديث الثاني والتسعون

أخرج مسلم: من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر يسأل عن المُهَلِّ، فقال: سمعت (أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فقال: "مُهَلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومُهَلُّ أهل العراق من ذات عرق، ومُهَلُّ أهل نجد من قرن، ومُهَلُّ أهل اليمن من يلملم".

ثم ذكر الشيخ الألباني طريقًا آخر لحديث جابر، رواه ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعًا بدون شك" اهـ.

ــ

قال المستدرك:

"حديث جابر الصحيح هو ما أخرجه مسلم بالشك في رفعه، وحديث ابن لهيعة ضعيف، أعلَّه البيهقي كما سيأتي، وهو الذي يشعر به صنيع مسلم، والأئمة لا يصحِّحون حديثًا مرفوعًا في ذات عرق

".

* قلت:

بل ما ذهب إليه الشيخ من إثبات رواية الرفع هو الحق.

قال شيخ الإسلام: "والثالث: ما روي عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عيد الله سئل عن المهل فقال: سمعت -أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر: الجحفة، ومهل أهل العراق: ذات عرق، ومهل أهل نجد: من قرن، ومهل أهل اليمن: من يلملم". رواه مسلم، ورواه ابن ماجه بلا شك من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي، وقد

ص: 350

احتج أحمد به مرفوعًا، ورواه أبو عبد الرحمن المقرئ عن ابن لهيعة عن أبي الزبير مرفوعًا بلا شك، وروى المعافى بن عمران عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة قالت:"وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق"(1)، رواه أبو داود، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، وهذا إسناد جيد، وقد رواه عبد الله بن أحمد وغيره مستوفى في المواقيت الخمسة، قالت:"وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرنًا، ولأهل العراق ذات عرق".

وقال أبو عاصم: ثنا محمد بن راشد عن مكحول: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق ذات عرق"، وعن عطاء قال:"وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق ذات عرق"(2)، رواه سعيد، فهذا قد روي مرسلاً من جهة أهل المدينة، ومكة، والشام، ومثل هذا يكون حجة.

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: "وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق ذات عرق"(3)، رواه أحمد عن وكيع عنه.

وعن الحارث بن عمرو السهمي قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمنى، أو عرفات، وقد أطاف به الناس، قال: فيجيء الأعراب، فإذا رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك، قال: ووقت ذات عرق لأهل العراق"، رواه أبو داود، والدارقطني، ولفظه:"وقت لأهل اليمن يلملم أن يهلوا منها، وذات عرق لأهل العراق"(4).

(1) أخرجه النسائي في سننه الكبرى: (2/ 328 - 329)، وأخرجه أبو داود في سننه:(2/ 143)، وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى:(5/ 28).

(2)

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى: (5/ 27)، وأخرجه الشافعي:(1/ 114)، وانظر "السنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي):(3/ 524).

(3)

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى: (5/ 29).

(4)

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى: (5/ 28)، وأخرجه الدارقطني في سننه:(2/ 236).

ص: 351

وذهب أبو الفرج ابن الجوزي وغيره من أصحابنا إلى أن ذات عرق إنما ثبتت بتوقيت عمر رضي الله عنه، اجتهادًا، ثم انعقد الإجماع على ذلك، لما روى ابن عمر قال:"لما فتج هذان المصران أتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: يا أمير المؤمنين؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنًا، وإنه جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا أن نأتي قرنًا شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، قال: فحد لهم ذات عرق"، رواه البخاري.

فهذا يدل على أنها حديث بالاجتهاد الصحيح، لأن من لم يكن على طريقه ميقات، فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إلى طريقه، وهم يحاذون قرنًا إذا صاروا بذات عرق، ولو كانت منصوصة لم يحتج إلى هذا، وأحاديث المواقيت لا تعارض هذا، فعلى هذا هل يستحب الإحرام من العقيق؟

والأول هو الصواب، لما ذكرناه من الأحاديث المرفوعة الجياد الحسان التي يجب العمل بمثلها مع تعددها، ومجيئها مسندة، ومرسلة من وجوه شتى.

وأما حديث عمر؛ فإن توقيت ذات عرق كان متأخرًا في حجة الوداع، كما ذكره الحارث بن عمرو، وقد كان قبل هذا سبق توقيت النبي صلى الله عليه وسلم لغيرها، فخفي هذا على عمر رضي الله عنه، كما خفي عليه كثير من السنن، وإن كان علمها عند عماله وسعاته، ومن هو أصغر منه مثل دية الأصابع، وتوريث المرأة من دية زوجها، فاجتهد وكان محدَّثًا موفَّقًا للصواب، فوافق رأيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك ببدع منه رضي الله عنه، فقد وافق ربه في مواضع معروفة، مثل المقام، والحجاب، والأسرى، وأدب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا لا يستحب الإحرام قبلها، كما لا يستحب قبل غيرها من المواقيت المنصوصة، قال عبد الله: سمعت أبي يقول: أرى أن يحرم من ذات عرق.

فإن قيل: فقد روى يزيد بن أبي زياد عن محمد بن علي بن عبد الله بن

ص: 352

عباس عن ابن عباس قال: "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق العقيق"(1)، رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن. فإن لم يكن هذا مفيدًا لوجوب الإحرام منها فلا بد أن يفيد الاستحباب.

قيل: هذا الحديث مداره على يزيد بن أبي زياد، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقالوا: يزيد يزيد.

ويدل على ضعفه: أن حديث ابن عباس المشهور الصحيج قد ذكر فيه المواقيت الأربعة، ولم يذكر هذا؛ مع أن هذا مما يقصد المحدت ذكره مع إخوته لعموم الحاجة إليه أكثر من غيره، فإن حجاج المشرق أكثر من حجاج سائر المواقيت.

وأن الناس أجمعوا على جواز الإحرام دونه، فلو كان ميقاتًا لوجب الإحرام منه، كما يجب الإحرام من سائر ما وقته النبي صلى الله عليه وسلم إذ ليس لنا ميقات يستحب الإحرام منه، ولا يجب على أن قوله: وقت، لا يقتضي إلا وجوب الإحرام منه.

قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرابم من الميقات، وأن الأحاديث التي هي أصح منه وأكثر تخالفه، وتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق.

ويشبه -والله أعلم-: أنه إن كان لهذا الحديث أصل -يعني حديث ابن عباس- أن يكون منسوخًا، لأن توقيت ذات عرق كان في حجة الوداع، حيث أكمل الله دينه، وبعد أن أكمل الله دينه لم يغيره.

ولأن ابن عباس لم يذكره لما ذكر حديثه المشهور، فيكون إن كان حدث به مرة، قد تركه، لما علم من نسخه، ولهذا لم يروه عنه إلا ولده الذي قد يقصد

(1) أخرجه أحمد في مسنده: (1/ 344)، وأبو داود في سننه:(2/ 143)، والترمذي في سننه:(3/ 194)، وابن أبي شيبة في مصنفه:(3/ 266).

ص: 353

بتحديثهم إخبارهم بما قد وقع، لا لأن يبني الحكم عليه.

وما روي عن أنس أنه كان يحرم منه، فكما كان عمران بن حصين يحرم من البصرة، وكان بعضهم يحرم من الربذة" (1).

وهذا كله يؤكد إمامة أبي عبد الرحمن في الحديث، وإلا فإن المشهور في الكتب أنه من سنة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلو كان الشيخ ممَّن يجمع ولا يحقق أو يقلد، لما خالف المشهور، وبالله التوفيق.

(1) انظر: "شرح العمدة"(2/ 313).

ص: 354