الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديتّ الخامس عشر
حديث: "إذا فضخت الماء فاغتسل".
ــ
قال المستدرك
"هذا اللفظ شاذ ضعيف، وأشار إلى ذلك الحافظ البزار".
ثم قال: "وحصين (يعني رَاوِيه عن علي) لم ينقل توثيقه إلا عن ابن حبان والعجلي، ولم أجد لأحد من المتقدِّمين كلامًا فيه، إلا لهذين، فهل يقبل ما تفرد به حصين من الألفاظ مخالفًا لهؤلاء الذين فيهم حُفَّاظ أثبات؟ ".
* الجواب:
هذا الكلام ينقصه التحرير في مبحثين: الجهالة والتفرد.
أما الأول: فالذي يظهر لي أن المُسْتَدْرِكُ لا يسير فيه على طريقة كبار الأئمة.
قال ابن القيم رحمه الله: "فأما تعليله - (يعني ابن حزم) - حديث ندبة بكونها مجهولة؛ فإنها مدنِيَّة، روت عن مولاتها ميمونة، وروى عنها حبيب، ولم يعلم أحد جرحها، والراوي إذا كانت هذه حاله إنما يُخْشَى من تفرده بما لا يتابع عليه، فأما إذاً روى ما رواه الناس، وكانت لروايته شواهد ومتابعات، فإن أئمة الحديث يقبلون حديث مثل هذا، ولا يردُّونه ولا يعلِّلونه بالجهالة، فإذا صاروا
إلى معارضة ما رواه بما هو أثبت منه وأشهر؛ علَّلوه بمثل هذه الجهالة وبالتفرُّد، ومن تأمل كلام الأئمة رأى فيه ذلك، فيظن أن ذلك تناقض منهم! وهو بمحض العلم والذوق والوزن المستقيم، فيجب التنبه لهذه النكتة، فكثيرًا ما تمر بك في الأحاديث وبقع الغلط بسببها" (1).
قال البخاري رحمه الله: "حصين بن قبيصة الفزاري سمع عليًّا وعن عبد الله، روى عنه القاسم بن عبد الرحمن والركين"(2).
وقال الذهبي رحمه الله: "حصين بن قبيصة الفزاري عن علي وابن مسعود وغيرهما، وعنه الركين بن الربيع وغيره قال ابن القطان: لا تعرف حاله، قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جماعة".
وقال الحافظ في "التقريب": "حصين بن قبيصة الفزاري الكوفي: ثقة، من الثانية د س ق".
قال الدارقطني رحمه الله: "وأهل العلم بالحديث لا يحتجُّون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواته عدلاً مشهورًا، أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه، وارتفاع اسم الجهالة عنه: أن يروي عنه رجلان فصاعدًا، فإذا كان هذه صفته؛ ارتفع عنه اسم الجهالة، وصار حينئذ معروفًا، فأما من لم يروِ عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر؛ وجب التوقف عن خبره ذلك، حتى يوافقه غيره، والله أعلم"(3).
* قلت: أما التفرد فنوعان: تفرد لم يخالف فيه من تفرد به، وتفرد خولف فيه المتفرد، وهذا الحديث من النوع الأول، فهو من قبيل زيادة الثقة، فكيف إذا كانت هذه الزيادة مجمع عليها، وشواهدها في القرآن؟ قال تعالى:{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6].
(1) تهذيب السنن (1/ 309).
(2)
انظر: التاريخ الكبير: (3/ 5).
(3)
انظر: سنن الدارقطني: (3/ 174).
والسنة: مارواه مسلم وغيره: عن أبىِ سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الْمَاءُ من الْمَاءِ"(1).
فلم يبق في تعلملها إلا مجرد التعقب.
والحديث صححه أئمة في هذا الفن: ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء في "المختاره"، والهيثمي في "المجمع"، وغيرهم، والله الموفِّقُ سبحانه.
(1) أخرجه أحمد في المسند: (3/ 29)، ومسلم:(1/ 269، 271)، وابن حبان في صحيحه:(3/ 443)، وابن خزيمة في صحيحه:(1/ 117).