الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع والأربعون
حديث أبي بن كعب: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت قبل الركوع".
ــ
قال المستدرك:
"هذه الزيادة شاذة أعلها الإمام أحمد
…
إلخ".
* قلت:
قال الطحاوي في "مشكل الآثار"(11/ 368): "حدثنا محمد بن الحسن ابن علي البخاري الأحول وغيره قالوا: حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي الرازي أبو حاتم، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي عن مسعر عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات، لا يسلم فيهن حتى ينصرف، أول ركعة ب (سَبِّحِ اَسم ربك اَلأَعلَى) والثانية: ب (قُل ياأيُّهَا الكفِرُونَ)، والثالثة: ب (قُل هُوَ اَللَّهُ أَحَد)، وأنه قنت قبل الركوع، فلما أنصرف من صلاته قال: سبحان الملك القدوس، مرتين يرفع صوته ويجهر بالثالثة".
قال أبو جعفر: ثم عدنا إلى حديث أُبَيّ، وهل نجده من غير حديث مسعر كما رواه حفص عن مسعر؟
فوجدنا علي بن سعيد بن بشير الرازي قد حدثنا قال: حدثنا محمد بن موسى الحراني الأصم وإسحاق بن زريق برأس العين، قال: أخبرنا مخلد بن
يزيد الحراني حدثنا سفيان الثوري عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أُبَيّ بن كعب:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات، يقرأ في الركعة الأولى: ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وفي الثانية: ب {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة: ب (قُل هُوَ اَللَّهُ أَحَد)، ويقنت قبل الركوع، فإذا سلم وفرغ، قال عند فراغه: سبحان الملك القدوس. ثلاث مرات، يطيل في آخرهن"(1).
ووجدنا علي بن سعيد قد حدثنا قال: حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي المعروف بابن الأقطع، حدثنا عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أُبَيّ بن كعب قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر: ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و {قُلْ يَا أَيُّهَاالْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وكان يقنت قبل الركوع"، وكانت هذه الآثار كلها على القنوت قبل الركوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "اهـ.
والذي يدل على صحة ما ذهب إليه الطحاوي: ما رواه مسلم عن أنس صلى الله عليه وسلم:
قال رحمه الله: حدثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ وأبو كُرَيْبِ قالا: حدثنا أبو مُعَاوِيَةَ عن عَاصِمِ عن أَنَسٍ قال: "سَأَلْتُهُ عن الْقُنُوتِ قبل اَلرُّكُوعِ، أو بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ فقال: قبلَ الرُّكُوعِ. قال: قلتُ: فإن نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فقال: إنما قَنَتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا يَدْعُو على أُنَاس قَتَلُوا أُنَاسًا من أَصْحَابِهِ، يُقَالُ لهم الْقُرَّاء"(2).
وأخرجه البخاري: حدثنا مُسَدَّدٌ قال: حدثنا عبد الْوَاحِدِ قال: حدثنا عَاصِمٌ قال: سَأَلْتُ أَنَسَ بن مَالِكٍ، به.
(1) انظر: الأحاديث المختارة: (3/ 422)، وأخرجه النسائي في سننه الكبرى:(1/ 448)(6/ 184)، وفي (المجتبى):(3/ 235).
(2)
أخرجه مسلم: (677).
ورواه من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس، قال عبد الْعَزِيزِ:"وَسَأَلَ رَجُل أَنَسًا عن الْقُنُوتِ: أَبَعْدَ الرُّكُوع أو عِنْدَ فَرَاغ من الْقِرَاءَةِ؟ قال: لا؛ بَلْ عِنْدَ فَرَاغٍ من الْقِرَاءَةِ"(1).
ويؤيد ذلك ما رواه ابن أبي شيبة: حدثنا يَزِيدُ بن هَارُونَ عن هِشَامٍ الدَّسْتوَائِيِّ، عن حَمَّادٍ، عن إبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ:"أن ابن مَسْعُودٍ وَأَصْحَابَ النبي صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقْنُتُونَ في الْوتْرِ قبل الرُّكُوعِ"(2).
وقال الحافظ في "الدراية": "إسناده حسن".
* قلت: هو على شرط مسلم.
قال الطحاوي: حدثنا أبو أمية، حدثنا معلى بن منصور الرازي، أخبرنا عطاء بن مسلم، حدثنا العلاء بن المسيب، عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال:"بت عند خالتي ميمونة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر فقرأ في الركعة الأولى: بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وقرأ في الثانية: بفاتحة الكتاب و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة: بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم قنت، ودعا، ثم ركع".
فقال قائل: فهل يثبت سماع حبيب بن أبي ثابت من ابن عباس؟
فكان جوابنا له في ذلك: أن سماعه منه ومن عبد الله بن عمر ثابت، وقد روي فيما سمعه منه ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا أبو داود، أخبرنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت: أنه سمع ابن عباس، وسأله رجل فقال: إني رجل من أهل السواد أتقبل بالقرية، لا أريد أن أظلم إنما أريد أن أدرأ عن نفسي الظلم، ثم قرأ هذه الآية:(قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) إلى قوله (وَهُمْ صَاغِرُونَ)[التوبة: 29]. ثم قال: ينزع الصغار
(1) أخرجه البخاري في صحيحيه: (3860).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: (2/ 97).
من أعناقهم ويضعه في عنقك" (1).
وصحح إسحاق بن راهويه القنوت قبل الركوع؛ ففي مسائله مع الإمام أحمد، للكوسج:"وكان إسحاقُ يرى قضاءَ الوترِ بعدَ الصبح، ما لم يصلِّ الفجرَ ويرفع يديه في القنوتِ الشهر كله، ويقنت قبلَ الركوعِ"(2).
والذي يظهر أن الإمام أحمد رجع إلى هذا، قال ابن عبد الهادي:"قيل لأحمد بن حنبل: سائر الأحاديث في القنوت قبل الركوع، وإنما صح بعده. فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع، وفي الوتر يختار بعد الركوع، ومن قنت قبل الركوع فلا بأس لفعل الصحابة، واختلافهم، فأما في الفجر فبعد الركوع"(3).
فائدة:
قال الإمام أبو دَاوُد: الصحِيحُ قَوْلُ ابن عُمَرَ، وليس بِمَرْفُوعٍ.
قال أبو دَاوُد: روى بَقِيَّةُ أَوَّلَهُ عن عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَسْنَدَهُ، وَرَوَاهُ الثَّقَفِيُّ عن عُبَيْدِ الله أوقفه على ابن عُمَرَ، وقال فيه:"وإذا قام من الرَّكعَتَيْنِ يَرْفَعُهُما إلى ثَدْيَيْه"(4)، وَهَذَا هو الصَّحِيحُ.
قال أبو دَاوُد: وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بن سَعْدٍ وَمَالِكٌ وَأَيُّوبُ وابن جُرَيْجِ مَوْقُوفًا، وَأَسْنَدَهُ حماد بن سَلَمَةَ وَحْدَهُ عن أَيُّوبَ، ولم يذكر أَيُّوبُ وَمَالِكٌ الرَّفْعَ إذا قام من السَّجْدَتَيْنِ، وَذَكَرَهُ اللَّيْثُ في حَدِيثِهِ.
قال ابن جُرَيجٍ فيه: قلت لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابن عُمَرَ يَجْعَلُ الأُولَى أَرْفَعَهُنَّ.
قال: لا سَوَاءً. قلت: أَشِرْ لي. فَأَشَارَ إلى الثَّدْيَيْنِ، أو أَسْفَلَ من ذلك.
(1) انظر: مشكل الآثار: (11/ 371).
(2)
انظر: مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه: (2/ 591).
(3)
انظر: تنقيح تحقيق أحاديث التعليق: (1/ 533).
(4)
أخرجه أبو داود في سننه: (1/ 197).
حدثنا الْقَعنَبِيُّ عن مَالِكٍ عن نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ: "كان إذا ابْتَدَأَ الصَّلاةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وإذا رَفَعَ رَأْسَهُ من الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا دُونَ ذلك"(1).
قال أبو دَاوُد: لم يذكر رَفَعَهُمَا دُونَ ذلك أَخدٌ غَيْرُ مَالِكٍ فِيمَا أَعْلَمُ".
* قلت: فأبو داود يرى أن ما رواه الشيخان مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر شاذ.
وقال البخاري في "جزء رفع اليدين": ما زاده ابن عمر، وعلي وأبو حميد في عشرة من الصحابة من الرفع عند القيام من الركعتين صحيح، لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة فاختلفوا فيها، وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم (2)، فتنبه.
(1) أخرجه أبو داود في سننه: (1/ 198)، والشافعي في مسنده:(1/ 212)، ومالك في الموطأ:(1/ 77).
(2)
وانظر: فتح الباري: (2/ 222).