الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث والثمانون
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض".
ــ
قال المستدرك:
"هذا الحديث معلول عند جَمْعٍ من الأئمة، فقد أعلَّهُ: الإمام أحمد، والحافظ البخاري، والترمذي، والبيهقي، قال ابن القيم: "إن الحفَّاظ لا يرونه محفوظًا" اهـ.
* الجواب:
قال شيخ الإسلام: "والذين لم يثبتوا هذا الحديث لم يبلغهم من وجه يعتمدونه، وقد أشاروا إلى علته، وهو انفراد عيسى بن يونس، وقد ثبت أنه لم ينفرد به، بل وافقه عليه حفص بن غياث"(1).
وما نبَّه إليه شيخ الإسلام ذكره أبو داود في "السنن"، قال أبو دَاوُد:"رَوَاهُ أَيْضا حَفْصُ بن غِيَاثٍ عن هِشَامٍ مثله"(2).
ويشهد له ما رواه الإمام أحمد وأهل السنن، عن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: "أَنَّ
(1) انظر: مجموع الفتاوى: (25/ 222).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه: (2/ 310) رقم (238).
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ، فَتَوَضَّأَ، فلقيت ثَوْبَانَ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَذَكَرْتُ ذلك له، فقال: صَدَقَ، أنا صَبَبْتُ له وَضُوءَهُ" (1)، وهو حديث صحيح كما. قال الإمام أحمد والبخاري.
وقد أفتى به الصحابة، فقد روى عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال:"من استقاء فقد أفطر وعليه القضاء، ومن ذرعه قيء فلا قضاء عليه"(2).
قال ابن الملقن: "وقد أسلفنا عن الدارقطني أنه قال: رواته كلهم ثقات. وتابعه على ذلك عبد الحق في "أحكامه"، وصاحب "الإلمام"، وقد صححه ابن حبان كما سلف، واستدركه الحاكم من حديث حفص بن غياث عن هشام به"(3)، وحسنه الترمذي.
أما ما نقله المستدرك عن البخاري استدلاله بأثر أبي هريرة: "إذا قاء فلا يفطر ....... ". فإن هذا ينتقض بخروج المني والحيض، والذي يظهر أن أبا هريرة يريد بيان أن القيء لا يفطر إذا غلبه، وأما إذا استقاء وتعمد إخراجه فإنه يفطر، ويدل على ذلك: عدم وجود التفصيل الموجود في الحديث، ويؤكد دْلك: ما رواه النسائي موقوفًا على أبي هريرة: "أنبأنا محمد بن حاتم قال: حدثنا حبان قال: أنبأ عبد الله بن الأوزاعي، قال: حدثني عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة قال: "من قاء وهو صائم فليفطر" (4).
وفي "مسائل عبد الله": "سمعتُ "أبي يقولُ في رجل تقيَّأَ لم يتعمد ذلك في
(1) أخرجه أحمد في مسنده: (5/ 195)، وأخرجه النسائي في سننه الكبرى:(2/ 213)، وأخرجه أبو داود في سننه:(2/ 310)، وأخرجه الترمذي في سننه:(1/ 143).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (4/ 215).
(3)
انظر: "البدر المنير"(5/ 661).
(4)
أخرجه النسائي في سننه الكبرى: (2/ 215).
رمضان، فقال أبي: أرى أن لا يعيد صوم ذلك. فقلت لأبي: فإن هو تقيأ تعمد ذلك؟ قال: أرى أن يعيد الصوم ذلك اليوم، وليس عليه كفارة" (1).
وقد روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن جمع من الصحابة والتابعين القول بظاهر الحديث.
وأما أثر ابن عباس الذي علقه البخاري، فهو مع إجماله فقد بيَّن الحافظ في "التغليق" أنه ضعيف، وقد روى عنه أبو بكر ما يوافق الحديث، حدثنا الفضل بن دُكَيْنٍ عن إسْرَائِيلَ، عن جَابِرِ بن طَلْحَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابن عَبَّاسٍ قال:"إذَا تَقَيَّأَ الصَّائِمُ فَقَدْ أَفْطَرَ"(2)، وفيه انقطاع، فلله الحمد.
(1) انظر: مسائل أحمد، بن حنبل رواية ابنه عبد الله:(ص / 184).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: (2/ 298).