الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث والسبعون
حديث أبي هريرة: "فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثًا".
ــ
قال المستدرك:
"هذا الحديث أعلَّه الحافظ أبو حاتم، فقال عنه: "هذا حديث باطل"، وأعلَّه الدارقطني، والطبراني".
قال الحافظ في "التلخيص": "وقال أبو حَاتِمِ في الْعِلَلِ: (هذا حَدِيثٌ بَاطِلٌ)(1).
قلت: إسْنَادُهُ ظَاهِرُهُ الصَحَّةُ، قال ابن ماجه: حدثنا الْعَبَّاسُ بن الْوَلِيدِ، ثَنَا يحيى بن صَالِحٍ، ثَنَا سَلَمَةُ بن كُلْثُومٍ، ثنَا الأَوْزَاعِيُّ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هُريْرةَ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلَّى على جِنَازَةٍ، ثُمَّ أتى قَبْرَ المَيِّت، فَحَثَى عليه من قبل رَأسِهِ ثَلاثًا"(2)، ليس لسَلَمَة بن كُلثُوم في "سُنَنٍ ابن ماجه" وَغَيْرِهَا إلَاّ هذا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ، ورجاله ثِقَاتٌ.
(1) ملاحظه: الشيخ ناصر رحمه الله ذكر العلة هذه والتي قبلها، وردَّ عليها في كتابه "إرواء الغليل"(3/ 200)، وذِكْر الشيخ ناصر رحمه الله لها، جعل المستدرك يتنبه لها ويضعها في مستدركه! بالرغم من بيان الشيخ الواضح وذكره الشواهد التي أدت للتصحيح، والله أعلم.
(2)
أخرجه ابن ماجه في سننه: (1/ 499)، وفي مصباح الزجاجة (2/ 41): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وقد رَوَاهُ ابن أبي داود في كِتَابِ التَّفَرُّدِ له من هذا الْوَجْهِ، وزاد في الْمَتْنِ أنَّهُ "كَبَّرَ عليه أَرْبَعًا"، وقال بَعْدَهُ: ليس يُرْوَى في حَدِيثٍ صحِيحٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ على جِنَازَةِ أربعًا، إلَاّ هذا، فَهَذَا حُكْمٌ منه بِالصِّحَّةِ على هذا الحديث.
لَكِنَّ أبا حَاتِمِ إمَامٌ لم يَحْكم عليه بِالْبُطْلانِ إلَاّ بَعْدَ أَنْ تبين له، وَأَظُنُّ الْعِلَّةَ فيه عنعنة الأَوزَاعِيِّ، وَعَنْعَنَةَ شيخِه، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كان يحيى بن صَالِح هو الوحَاظِيّ شيخ البخارى، وَالله أَعْلَم" (1).
فرحم الله الحافظ ابن حجر الذي يصنفه بعض المتأخرين على أنه من المتأخرين! انظر كيف هاب أن يخالف أبا حاتم مع أنه لم يظهر له وجه التعليل.
والأمر كما قال أبو داود، فقد روى عبد الرزاق في "مصنفه" عن الخليفة الراشد علي رضي الله عنه هذه السنة، قال: عن الثوري عن مالك بن مغول عن عمير بن سعد: "أن عليًّا حتى على يزيد بن المكفف -قال هو أو غيره- ثلاثاً"(2).
وروى أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنه، قال عبد الرزاق عن معمر عن علي بن زيد بن جدعان:"أن ابن عباس لما دفن زيد بن ثابت حتى عليه التراب، ثم قال: هكذا يدفن العلم، قال علي بن زيد: فحدثت به علي بن الحسين فقال: وابن عباس والله قد دُفِنَ به علم كثير"(3).
وابن أبي شيبة في "مصنفه": عن زيد بن أرقم حدثنا وَكِيعٌ عن سفْيَانَ عن يَعقُوبَ قال: "أخبرني من رَأى زَيْدٌ بن أَرْقَمَ حَثَا في قَبْرِهِ ثَلاثَ حُثًا "(4).
فهذه الآثار وغيرها تدل على أنها سنة نبوية.
وقد رأيتُ شيخَنا الحافظ العلامة عبد الله بن محمد الدويش رحمه الله، يحثو على قبر رجل بعد دفنه ثلاث حثيات.
(1) انظر: "التلخيص الحبير"(2/ 132).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (3/ 501).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (3/ 501).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: (3/ 21).