الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس بعد المئة
حديث أبي بكر رضي الله عنه: "إذا أطعم الله نبيًّا طعمة ثم قبضه فهو للذي يقوم بها من بعده".
ــ
قال المستدرك:
"الحديث في لفظه غرابة ونكارة، كما قال ابن كثير، وابن حجر، والعيني".
* قلت:
ليس فيه نكارة، وقد صححه عدد من الأئمة، وقال شيخ الإسلام في توجيهه: "نعم؛ كان عثمان يعطي بعض أقاربه ما يعطيهم من العطاء الذي أنكر عليه، وقد تقدم تأويله في ذلك، والجواب العام يأتي على ذلك: فإنه كان له تأويلان في إعطائهم كلاهما مذهب طائفة من الفقهاء، أحدهما: أنه ما أطعم الله لنبي طعمة، إلا كانت طعمة لمن يتولى الأمر بعده، وهذا مذهب طائفة من الفقهاء، ورووا في ذلك حديثًا معروفًا مرفوعًا، وليس هذا موضع بسط الكلام في جزئيات المسائل.
وقالوا: إن ذوي القربي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ذوو قرباه، وبعد موته هم ذوو قربى من يتولى الأمر بعده، وقالوا: إن أبا بكر وعمر لم يكن لهما أقارب، كما كان لعثمان، فإن بني عبد شمس من أكبر قبائل قريش، ولم يكن من
يوازيهم إلا بنو مخزوم، والإنسان مأمور بصلة رحمه من ماله، فإذا اعتقدوا أن ولي الأمر يصله من مال بيت المال مما جعله الله لذوي القربى، استحقوا بمثل هذا أن يوصلوا من بيت المال ما يستحقونه لكونهم أولى قربى الإمام، وذلك أن نصر ولي الأمر والذب عنه متعين، وأقاربه ينصرونه ويذبون عنه ما لا يفعله غيرهم.
وبالجملة: فلا بد لكل ذوي أمر من أقوام يأتمنهم على نفسه، ويدفعون عنه من يريد ضرره، فإن لم يكن الناس مع إمامهم كما كانوا مع أبي بكر وعمر احتاج الأمر إلى بطانة يطمئن إليهم، وهم لا بد لهم من كفاية" (1).
وقال أيضًا: "وأيضًا فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن سهم ذوي القربى هو لقرابة الإمام، كما قاله الحسن وأبو ثور، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي أقاربه، بحكم الولاية، وسقط حق ذوي قرباه بموته، كما يقول ذلك كثير من العلماء كأبي حنيفة وغيره، ثم لما سقط حقه بموته فحقه الساقط، قيل: إنه يصرف في الكراع، والسلاح، والمصالح، كما كان يفعل أبو بكر وعمر، وقيل: هو لمن ولي الأمر بعده، وقيل: إن هذا مما تأوله عثمان، ونقل عن عثمان رضي الله عنه نفسه أنه ذكر هذا، وأنه يأخذ بعمله، وأن ذلك جائز، وإن كان ما فعله أبو بكر وعمر أفضل، فكان له الأخذ بهذا، وهذا، وكان يعطي أقرباءه مما يختص به، فكان يعطيهم لكونهم ذوي قربى الإمام على قول من يقول ذلك.
وبالجملة: فعامة من تولى الأمر بعد عمر كان يخص بعض أقاربه، إما بولاية، وإما بمال، وعلي ولي أقاربه أيضاً" (2).
* قلت: وبوَّب البخاري: "بَاب: وَمِنْ الدَّليل على أَنَّ الخُمُس لِلإِمَامِ وَأَنَّهُ يُعْطِي بعض قرابَتِهِ دُون بَعْضٍ".
(1) انظر: منهاج السنة النبوية: (6/ 249 - 251).
(2)
انظر: منهاج السنة النبوية: (6/ 239 - 242).
على أن له شاهدًا من حديث ابن عباس رواه الطبراني في "الكبير":
حدثنا محمد بن عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا أبو الدَّرْدَاءِ عبد الْعَزِيزِ بن الْمُنِيبِ، ثنا إسحاق بن عبد اللَّهِ بن كَيْسَانَ، عن أبيه، عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فقال:"إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ شَهْوَةً، وإِنَّ شهوتِي في قِيَامِ هذا اللَّيْلِ، فَلا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ خَلْفِي، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ طُعْمَةً، وإِنَّ طُعْمَتِي هذا الْخُمُسُ، فإذا قُبِضْتُ فَهُوَ لولاة الأَمْرُ من بَعْدِي"(1).
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (12/ 84).