المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ فِي تَعَطُّلِ الْمَوْقُوفِ، وَاخْتِلَالِ مَنَافِعِهِ وَلَهُ سَبَبَانِ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَحْصُلَ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابِ «الرَّهْنِ»

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ فِي تَعَطُّلِ الْمَوْقُوفِ، وَاخْتِلَالِ مَنَافِعِهِ وَلَهُ سَبَبَانِ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَحْصُلَ

‌فَصْلٌ

فِي تَعَطُّلِ الْمَوْقُوفِ، وَاخْتِلَالِ مَنَافِعِهِ

وَلَهُ سَبَبَانِ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَحْصُلَ بِسَبَبٍ مَضْمُونٍ، بِأَنْ يُقْتَلَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ، فَإِمَّا أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِقَتْلِهِ قِصَاصٌ، وَإِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: يُنْظَرُ فِيهِ: هَلِ الْقَاتِلُ أَجْنَبِيٌّ، أَمِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، أَمِ الْوَاقِفُ؟ الْحَالُ الْأَوَّلُ: إِذَا قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، لَزِمَهُ قِيمَتُهُ. وَفِي مَصْرِفِهَا طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: تَخْرِيجُهَا عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، إِنْ قُلْنَا: لِلَّهِ تَعَالَى، اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَبَعْضُ عَبْدٍ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوِ الْوَاقِفِ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: كَذَلِكَ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ غَرَضُ الْوَاقِفِ، وَحَقُّ بَاقِي الْبُطُونِ. وَالثَّانِي: يَصْرِفُ مِلْكًا إِلَى مَنْ حَكَمْنَا لَهُ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَبَطَلَ الْوَقْفُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ يَكُونُ وَقْفًا، وَالْأَصْحَابُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى بِأَنَّهُ يُشْتَرَى عَبْدٌ، وَإِذَا اشْتُرِيَ عَبْدٌ، وَفَضَلَ شَيْءٌ مِنَ الْقِيمَةِ، فَهَلْ يَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ، أَمْ يُصْرَفُ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

قُلْتُ: الْوَجْهَانِ مَعًا ضَعِيفَانِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصُ عَبْدٍ، لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنَ الْمَوْقُوفِ، وَالتَّفْرِيعُ عَلَى وُجُوبِ شِرَاءِ عَبْدٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ثُمَّ الْعَبْدُ الَّذِي يُجْعَلُ بَدَلًا يَشْتَرِيهِ الْحَاكِمُ إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي الرَّقَبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَإِنْ

ص: 353

قُلْنَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْوَاقِفِ فَوَجْهَانِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ فِي «الْجُرْجَانِيَّاتِ» ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُتْلِفِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ وَيُقِيمَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ.

فَرْعٌ

الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى، هَلْ يَصِيرُ وَقْفًا بِالشِّرَاءِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ وَقْفٍ جَدِيدٍ؟ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي بَدَلِ الْمَرْهُونِ إِذَا أُتْلِفَ، وَبِالثَّانِي قَطَعَ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ: الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يُنْشِئُ الْوَقْفَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: مَنْ يُبَاشِرُ الشِّرَاءَ يُبَاشِرُ الْوَقْفَ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِنْشَاءِ الْوَقْفِ فِيهِ، وَوَافَقَ الْمُتَوَلِّيَ آخَرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

لَا يَجُوزُ شِرَاءُ عَبْدٍ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَا عَكْسُهُ، وَفِي جَوَازِ شِرَاءِ الصَّغِيرِ بِقِيمَةِ الْكَبِيرِ، وَعَكْسِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْجُرْجَانِيَّاتِ» .

قُلْتُ: أَقْوَاهُمَا: الْمَنْعُ، لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبُطُونِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَالُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ: إِذَا قَتَلَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، أَوِ الْوَاقِفُ، فَإِنْ صَرَفْنَا الْقِيمَةَ إِلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِلْكًا، فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ هُوَ الْقَاتِلَ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ وَالتَّفْرِيعُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى.

ص: 354

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ، أَوِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَيَسْتَوْفِيهِ الْمَالِكُ مِنْهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا: لِلَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ كَعَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ. وَالْأَصَحُّ: وُجُوبُ الْقِصَاصِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَيَسْتَوْفِيهِ الْحَاكِمُ.

فَرْعٌ

حُكْمُ أُرُوشِ الْأَطْرَافِ، وَالْجِنَايَاتِ عَلَى الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ حُكْمُ قِيمَتِهِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي وَجْهٍ: يُصْرَفُ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ كَالْمَهْرِ، وَالْأَكْسَابِ.

فَرْعٌ

إِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ، فَلِلْمُسْتَحِقِّ الِاسْتِيفَاءُ. فَإِنِ اسْتَوْفَى فَاتَ الْوَقْفُ كَمَوْتِهِ، وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ، لَمْ تَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ الْوَقْفِ، لَكِنْ يُفْدَى كَأُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ، فَدَاهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لِلَّهِ تَعَالَى، فَهَلْ يَفْدِيهِ الْوَاقِفُ، أَمْ بَيْتُ الْمَالِ، أَمْ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا: أَوَّلُهَا، وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَدَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: عَلَى الْوَاقِفِ، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: الْوَقْفُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ، فَعَلَى الْوَاقِفِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْفِدَاءَ عَلَى الْوَاقِفِ، فَكَانَ مَيِّتًا، فَفِي «الْجُرْجَانِيَّاتِ» أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ مَالًا، فَعَلَى الْوَارِثِ الْفِدَاءُ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَفْدِي مِنَ التَّرِكَةِ، لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إِلَى الْوَارِثِ. فَعَلَى هَذَا [هَلْ] يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ، أَمْ بِبَيْتِ الْمَالِ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا عَاقِلَةَ لَهُ؟ وَجْهَانِ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ عَقِبَ الْجِنَايَةِ بِلَا فَصْلٍ، فَفِي سُقُوطِ الْفِدَاءِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ جَنَى الْقِنُّ ثُمَّ مَاتَ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ

ص: 355

قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَمَاتَتْ، وَتَكَرُّرُ الْجِنَايَةِ مِنَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ كَتَكَرُّرِهَا مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ.

قُلْتُ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْأَرْشَ فِي جِهَةٍ، وَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قَدْرِ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشِ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» ، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ «الْبَيَانِ» : إِذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ، فَشَاذٌّ بَاطِلٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

السَّبَبُ الثَّانِي: أَنْ يَحْصُلَ التَّعَطُّلُ بِسَبَبٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ. فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهُ يُنْتَفَعُ بِهِ، بِأَنْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ، فَقَدْ فَاتَ الْوَقْفُ. وَإِنْ بَقِيَ، كَشَجَرَةٍ جَفَّتْ، أَوْ قَلْعَتْهَا الرِّيحُ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَنْقَطِعُ الْوَقْفُ كَمَوْتِ الْعَبْدِ، فَعَلَى هَذَا يَنْقَلِبُ الْحَطَبُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ، وَأَصَحُّهُمَا لَا يَنْقَطِعُ، وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُبَاعُ مَا بَقِيَ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، فَعَلَى هَذَا الثَّمَنُ كَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ فَعَلَى وَجْهٍ: يُصْرَفُ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِلْكًا، وَفِي وَجْهٍ: يُشْتَرَى بِهِ شَجَرَةٌ، أَوْ شِقْصُ شَجَرَةٍ مِنْ جِنْسِهَا، لِتَكُونَ وَقْفًا. وَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ وَدِيٌّ يُغْرَسُ مَوْضِعَهَا، وَأَصَحُّهَا: مَنْعُ الْبَيْعِ، فَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَنْتَفِعُ بِإِجَارَتِهِ جَذَعًا إِدَامَةً لِلْوَقْفِ فِي عَيْنِهِ، وَالثَّانِي: يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ إِنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ مِنْهُ مَعَ بَقَائِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي إِنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ.

فَرْعٌ

زَمَانَةُ الدَّابَّةِ الْمَوْقُوفَةِ كَجَفَافِ الشَّجَرَةِ.

قُلْتُ: هَذَا إِذَا كَانَتِ الدَّابَّةُ مَأْكُولَةً، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا لِلَحْمِهَا، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ

ص: 356

مَأْكُولَةٍ لَمْ يَجِئِ الْخِلَافُ فِي بَيْعِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الشَّاذِّ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا اعْتِمَادًا عَلَى جِلْدِهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

حُصْرُ الْمَسْجِدِ إِذَا بَلِيَتْ، وَنُحَاتَةُ أَخْشَابِهِ إِذَا نَخَرَتْ، وَأَسْتَارُ الْكَعْبَةِ إِذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَلَا جَمَالٌ، فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: تُبَاعُ لِئَلَّا تَضِيعَ وَتُضَيِّقَ الْمَكَانَ بِلَا فَائِدَةٍ، وَالثَّانِي: لَا تُبَاعُ بَلْ تُتْرَكُ بِحَالِهَا أَبَدًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالُوا: يُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، وَالْقِيَاسُ: أَنْ يُشْتَرَى بِثَمَنِ الْحَصِيرِ حَصِيرٌ، وَلَا يُصْرَفَ فِي مَصْلَحَةٍ أُخْرَى وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَجِذْعُ الْمَسْجِدِ الْمُنْكَسِرُ إِذَا لَمْ يَصْلُحْ لِشَيْءٍ سِوَى الْإِحْرَاقِ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُ أَلْوَاحٌ، أَوْ أَبْوَابٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى مَقْصُودِ الْوَاقِفِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ، وَفِيمَا إِذَا أَشْرَفَ الْجِذْعُ عَلَى الِانْكِسَارِ، وَالدَّارُ عَلَى الِانْهِدَامِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا جَوَّزْنَا الْبَيْعَ، فَالْأَصَحُّ صَرْفُ الثَّمَنِ إِلَى جِهَةِ الْوَقْفِ، وَقِيلَ: هُوَ كَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ، فَيُصْرَفُ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِلْكًا عَلَى رَأْيٍ، وَإِذَا قِيلَ بِهِ فَقَالَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ: لَا تَبِيعُوهَا، وَاقْلِبُوهَا إِلَى مِلْكِي، فَلَا يُجَابُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا تَنْقَلِبُ عَيْنُ الْوَقْفِ مِلْكًا، وَقِيلَ: تَنْقَلِبُ مِلْكًا بِلَا لَفْظٍ.

فَرْعٌ

لَوِ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ، أَوْ خُرِّبَتِ الْمَحَلَّةُ حَوْلَهُ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهَا فَتَعَطَّلَ الْمَسْجِدُ،

ص: 357

لَمْ يَعُدْ مِلْكًا بِحَالٍ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ كَمَا كَانَ، وَلِأَنَّهُ فِي الْحَالِ يُمْكِنُ الصَّلَاةُ فِيهِ. ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْمُعَطَّلُ فِي الْمَوْضِعِ الْخَرَابِ، إِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ نَقْضُهُ لَمْ يُنْقَضْ، وَإِنْ خِيفَ نُقِضَ وَحُفِظَ، وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَعْمُرَ بِنَقْضِهِ مَسْجِدًا آخَرَ جَازَ، وَمَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى، وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى عِمَارَةِ بِئْرٍ، أَوْ حَوْضٍ، وَكَذَا الْبِئْرُ الْمَوْقُوفَةُ إِذَا خُرِّبَتْ يُصْرَفُ نَقْضُهَا إِلَى بِئْرٍ أُخْرَى أَوْ حَوْضٍ، لَا [إِلَى] الْمَسْجِدِ، وَيُرَاعَى غَرَضُ الوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ.

فَرْعٌ

جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَنَظَائِرِهَا هُوَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ، أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ لِلْمَسْجِدِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَاهِبٌ، وَقَبِلَهُ النَّاظِرُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ مِلْكٌ حَتَّى إِذَا كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ شِقْصًا، كَانَ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ بَاعَ الشَّرِيكُ فَلِلنَّاظِرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْغِبْطَةِ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ.

قُلْتُ: هَذَا إِذَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ، وَلَمْ يَقِفْهُ. أَمَّا إِذَا وَقَفَهُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا قَطْعًا، وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْوَقْفِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

لَوْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاتَّسَعَتْ خُطَّةُ الْإِسْلَامِ حَوْلَهُ، تُحْفَظُ غَلَّةُ الْوَقْفِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ ثَغْرًا.

ص: 358