الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُمَّ وَلَدٍ إِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ، وَإِلَّا ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي إِنْ كَانَ مُوسِرًا.
فَرْعٌ
لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ تَزْوِيجُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ، لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا فَيَضُرُّ بِالْعَامِلِ.
فَصْلٌ
فِيمَا يَقَعُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ
أَمَّا الزِّيَادَةُ، فَثَمَرَةُ الشَّجَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِلْقِرَاضِ، وَنِتَاجُ الدَّابَّةِ، وَكَسْبُ الرَّقِيقِ، وَوَلَدُ الْجَارِيَةِ، وَمَهْرُهَا إِذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَبَدَلُ مَنَافِعِ الدَّوَابِّ وَالْأَرْضِ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ بِاسْتِعْمَالِهَا عُدْوَانًا أَوْ بِإِجَارَةٍ صَدَرَتْ مِنَ الْعَامِلِ، فَإِنَّ لَهُ الْإِجَارَةَ. فَإِذَا رَأَى فِيهَا الْمَصْلَحَةَ، أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مَالُ قِرَاضٍ، لِأَنَّهَا مِنْ فَوَائِدِهِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَمَلَّكْنَا الْعَامِلَ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ، فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ، أَوْ لَمْ نُمَلِّكْهُ، فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: مَالُ قِرَاضٍ. وَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَوْلَى. فَإِنْ جَعَلْنَاهَا مَالَ قِرَاضٍ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا مِنَ الرِّبْحِ.
وَقِيلَ: هِيَ شَائِبَةٌ فِي الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ. وَلَوْ وَطِئَهَا الْمَالِكُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ: يَكُونُ مُسْتَرِدًّا مِقْدَارَ الْمَهْرِ، فَيَسْتَقِرُّ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْهُ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ وَمَلَّكْنَاهُ بِالظُّهُورِ، وَجَبَ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنَ الرِّبْحِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَاسْتِيلَادُ الْمَالِكِ جَارِيَةَ الْقِرَاضِ، كَإِعْتَاقِهَا. وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَهْرَ بِوَطْئِهِ الْخَالِي عَنِ الْأَحْبَالِ، فَالْأَصَحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ. وَأَمَّا النَّقْصُ، فَمَا حَصَلَ بِرُخْصٍ، فَهُوَ خُسْرَانٌ مَجْبُورٌ
بِالرِّبْحِ. وَكَذَا النَّقْصُ بِالتَّعَيُّبِ وَالْمَرَضِ الْحَادِثَيْنِ.
وَأَمَّا النَّقْصُ الْعَيْنِيُّ، وَهُوَ تَلَفُ الْبَعْضِ، فَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ بَيْعًا وَشِرَاءً، فَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الِاحْتِرَاقَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ خُسْرَانٌ يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ. وَفِي التَّلَفِ بِالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَجْهَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الضَّمَانِ الْوَاجِبِ مَا يَجْبُرُهُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْجَبْرِ بِمَالِ الْقِرَاضِ، وَطَرَدَ جَمَاعَةٌ الْوَجْهَيْنِ فِي الْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ الْجَبْرُ. أَمَّا إِذَا نَقَصَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بَيْعًا وَشِرَاءً، بِأَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفَيْنِ قِرَاضًا، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ خُسْرَانٌ، فَيُجْبَرُ بِالرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدُ، وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَتْلَفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا. وَلَوِ اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، تَلِفَ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ بَعْدُ بِالْبَيْعِ. هَذَا إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ. أَمَّا إِذَا تَلِفَ كُلُّهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَوْ بَعْدَهُ، فَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ كَمَا سَبَقَ. فَلَوْ أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهُ، أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهُ وَاسْتَمَرَّ فِيهِ الْقِرَاضُ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْجَبْرِ مِنَ الرِّبْحِ فِي صُورَةِ السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ، هُوَ فِيمَا إِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْبَدَلِ مِنَ الْمُتْلِفِ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَامِلُ الْمَالَ، قَالَ الْإِمَامُ: يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، فَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ إِلَّا بِقَبْضِهِ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْقِرَاضِ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ إِذَا غُصِبَ أَوْ أُتْلِفَ، فَمَنِ الْخَصْمُ فِيهِ؟ أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ الْمَالِكُ فَقَطْ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَهُمَا جَمِيعًا إِنْ كَانَ رِبْحٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ لِلْعَامِلِ الْمُخَاصَمَةَ مُطْلَقًا حِفْظًا لِلْمَالِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ فِي إِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ خَصْمٌ، وَيَتَقَدَّرُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ بِخَصْمٍ، بَلْ إِذَا خَاصَمَ الْمَالِكُ وَأَخَذَهُ، عَادَ الْعَامِلُ إِلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ بِحُكْمِ الْقِرَاضِ، [وَ] لَزِمَ مِثْلُهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْمُتْلِفَ.
فَرْعٌ
لَوْ قَتَلَ رَجَلٌ عَبْدَ الْقِرَاضِ، وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ، لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِالْقِصَاصِ، بَلِ الْحَقُّ لَهُمَا، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْعَفْوِ عَلَى مَالٍ، أَوْ عَلَى الْقِصَاصِ جَازَ. وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا، سَقَطَ الْقِصَاصُ وَوَجَبَتِ الْقِيمَةُ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِنَا: يَمْلِكُ الْعَامِلُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، فَلِلْمَالِكِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ. وَكَذَا لَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً [لِلْمَالِ] ، فَلَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ وَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ. فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ، أَوْ صَالَحَ عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ بَقِيَ الْقِرَاضُ فِيهِ.
فَرْعٌ
مَالُ الْقِرَاضِ أَلْفٌ، اشْتَرَى بِعَيْنِهِ ثَوْبًا. فَتَلِفَ الْأَلْفُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، بَطَلَ الشِّرَاءُ وَارْتَفَعَ الْقِرَاضُ. وَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ: يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ وَيَكُونُ الشِّرَاءُ لِلْعَامِلِ، فَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: هَذَا إِذَا كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، فَإِنَّ الْقِرَاضَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، غَيْرُ بَاقٍ عِنْدِ الشِّرَاءِ، فَيَنْصَرِفُ الشِّرَاءُ إِلَى الْعَامِلِ. أَمَّا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَالْمُشْتَرَى لِلْمَالِكِ. فَإِذَا تَلِفَ الْأَلْفُ الْمُعَدُّ لِلثَّمَنِ، لَزِمَهُ أَلْفٌ آخَرُ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَقَعُ الشِّرَاءُ عَنِ الْعَامِلِ، سَوَاءٌ تَلِفَ الْأَلْفُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، لِأَنَّ إِذْنَهُ يَنْصَرِفُ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْأَلْفِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ، أَمْ أَلْفَانِ؟ وَجْهَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: أَلْفٌ، فَهُوَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ، أَمِ الثَّانِي؟ وَجْهَانِ، فَائِدَتُهُمَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَلْفَيْنِ فِي صِفَةِ الصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ
فِيهِ طَرَفَانِ.
الْأَوَّلُ: فِي فَسْخِهِ. وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ، فَإِنَّهُ فِي أَوَّلِهِ وَكَالَةٌ، وَبَعْدَ ذَلِكَ شَرِكَةٌ. إِذَا حَصَلَ رِبْحٌ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ وَرِضَاهُ. وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، انْفَسَخَ. فَإِذَا فَسَخَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا، لَزِمَ الْعَامِلَ التَّقَاضِي وَالِاسْتِيفَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ رِبْحٌ أَمْ لَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا، نُظِرَ إِنْ كَانَ نَقْدًا مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا رِبْحَ، أَخَذَهُ الْمَالِكُ. وَإِنْ كَانَ رِبْحٌ، اقْتَسَمَاهُ بِحَسَبَ الشَّرْطِ، فَإِنْ كَانَ الْحَاصِلُ مُكَسَّرَةً، وَرَأْسُ الْمَالِ صِحَاحٌ، نُظِرَ، فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُبَدِّلُهَا بِالصِّحَاحِ وَزْنًا يُوزَنُ، أَبْدَلَهَا وَإِلَّا بَاعَهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا مِنَ النَّقْدِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ الصِّحَاحَ، يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَهَا بِعَرَضٍ وَيَشْتَرِيَ بِهِ الصِّحَاحَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ كَانَ نَقْدًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ أَوْ عَرَضًا فَلَهُ حَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِبْحٌ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ بَيْعُهُ إِنْ طَلَبَهُ الْمَالِكُ، وَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَبَاهُ الْمَالِكُ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ تَأْخِيرُ الْبَيْعِ إِلَى مَوْسِمِ رَوَاجِ الْمَتَاعِ، لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ مُعَجَّلٌ. وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: تَرَكْتُ حَقِّي لَكَ فَلَا تُكَلِّفْنِي الْبَيْعَ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ فِي التَّنْضِيضِ مَشَقَّةٌ وَمُؤْنَةٌ، فَلَا يَسْقُطُ عَنِ الْعَامِلِ.
وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: لَا تَبِعْ وَنَقْتَسِمُ الْعُرُوضُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ، أَوْ قَالَ: أُعْطِيكَ قَدْرَ نَصِيبِكَ نَاضًّا، فَفِي تَمَكُّنِ الْعَامِلِ مِنَ الْبَيْعِ، وَجْهَانِ.
وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ، لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ غِرَاسَ الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَتِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، فَالْمَالِكُ هُنَا أَوْلَى. وَحَيْثُ لَزِمَ الْبَيْعُ، قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ، أَنَّ مَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ وَتَنْضِيضُهُ،
قَدْرُ رَأْسِ الْمَالِ.
أَمَّا الزَّائِدُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ عَرَضٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ رَجُلَانِ، فَلَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيْعُهُ. ثُمَّ مَا يَبِيعُهُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ أَوْ دُونَهُ، يَبِيعُهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ. فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، بَاعَهُ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَرَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ حَصَلَ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ.
الْحَالُ الثَّانِي: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، فَهَلْ لِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ الْبَيْعَ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَالِكَ مَشَقَّةٌ وَمُؤْنَةٌ. وَهَلْ لِلْعَامِلِ الْبَيْعُ إِذَا رَضِيَ الْمَالِكُ بِإِمْسَاكِهِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ. أَحَدُهُمَا: لَا، إِذْ لَا فَائِدَةَ، وَالصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: لَهُ الْبَيْعُ إِذَا تَوَقَّعَ رِبْحًا، بِأَنْ ظَفِرَ بِسُوقٍ أَوْ رَاغِبٍ. وَإِذَا قُلْنَا: لَيْسَ لِلْعَامِلِ الْبَيْعُ إِذَا أَرَادَ الْمَالِكُ إِمْسَاكَ الْعَرَضِ، أَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِ الْمَالِكِ الْعَرَضَ، ثُمَّ ظَهَرَ رِبْحٌ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ، فَهَلْ لِلْعَامِلِ فِيهِ نَصِيبٌ، لِحُصُولِهِ بِكَسْبِهِ؟ أَمْ لَا، لِظُهُورِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
فَرْعٌ
كَمَا يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ: فَسَخْتُهُ، يَرْتَفِعُ بِقَوْلِهِ لِلْعَامِلِ: لَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَ هَذَا، أَوْ بِاسْتِرْجَاعِ الْمَالِ مِنْهُ. فَلَوْ بَاعَ الْمَالِكُ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ، فَهَلْ يَنْعَزِلُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُوَكِّلُ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ؟ أَمْ لَا وَيَكُونُ ذَلِكَ إِعَانَةً لَهُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَلَوْ حَبَسَ الْعَامِلَ وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ، أَوْ قَالَ: لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا، فَفِي انْعِزَالِهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ فِي صُورَةِ الْحَبْسِ عَدَمَ الِانْعِزَالِ، وَفِي قَوْلِهِ: لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا الِانْعِزَالَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فَرْعٌ
إِذَا مَاتَ الْمَالِكُ وَالْمَالُ نَاضٌّ لَا رِبْحَ فِيهِ، أَخَذَهُ الْوَارِثُ. فَإِنْ كَانَ رِبْحٌ اقْتَسَمَاهُ. وَإِنْ كَانَ عَرَضًا، فَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَيْعِ وَالتَّنْضِيضِ كَحَالَةِ حُصُولِ الْفَسْخِ فِي حَيَاتِهِمَا، وَلِلْعَامِلِ الْبَيْعُ هُنَا حَيْثُ كَانَ لَهُ الْبَيْعُ هُنَاكَ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الْوَارِثِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الْمُوَرِّثِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَامِلُ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَارِثُهُ الْبَيْعَ دُونَ إِذْنِ الْمَالِكِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِهِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَبِيعُ الْعَامِلُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَارِثِ الْمَالِكِ. وَالصَّحِيحُ: الْجَوَازُ.
وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي اسْتِيفَائِهِ الدُّيُونَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَارِثِ. وَلَوْ أَرَادَ الِاسْتِمْرَارَ عَلَى الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا، فَلَهُمَا ذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَأْنِفَا عَقْدًا بِشَرْطِهِ، وَلَا بَأْسَ بِوُقُوعِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِجَوَازِ الْقِرَاضِ عَلَى الْمَشَاعِ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْقِرَاضُ مَعَ الشَّرِيكِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْيَدِ، وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ رِبْحُ نَصِيبِهِ، وَيَتَضَارَبَانِ فِي رِبْحِ نَصِيبِ الْآخَرِ.
وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ التَّرْكِ وَالتَّقْرِيرِ، بِأَنْ يَقُولَ الْوَارِثُ، أَوِ الْقَائِمُ بِأَمْرِهِ: تَرَكْتُكَ أَوْ قَرَرْتُكَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَلْيَكُنِ الْوَجْهَانِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْقِرَاضَ وَنَحْوَهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ. فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: يَنْعَقِدُ [بِهِ] ، فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالِانْعِقَادِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا، فَفِي جَوَازِ تَقْرِيرِهِ عَلَى الْقِرَاضِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْقِرَاضَ الْأَوَّلَ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ، وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْقِرَاضِ عَلَى عَرَضٍ. وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَخْتَصَّ الْوَجْهَانِ بِلَفْظِ التَّرْكِ وَالتَّقْرِيرُ، وَلَا يُسَامَحُ بِاسْتِعْمَالِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ.
وَحَكَى الْإِمَامُ فِيمَا إِذَا فَسَخَ الْقِرَاضَ فِي الْحَيَاةِ طَرِيقَةً طَارِدَةً لِلْوَجْهَيْنِ، وَطَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْمَنْعِ، وَهِيَ الْأَشْهَرُ. فَأَمَّا إِذَا مَاتَ الْعَامِلُ وَاحْتِيجَ إِلَى الْبَيْعِ وَالتَّنْضِيضِ، فَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ لِوَارِثِ الْعَامِلِ فِيهِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا تَوَلَّاهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَلَا يَجُوزُ