الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَعْلِ، وَمَنْ رَدَّهُ مِنْ ثُلْثِهِ، اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ. وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ مَكَانٍ أَبْعَدَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ زِيَادَةً. وَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ لِي عَبْدَيْنِ فَلَهُ كَذَا، فَرَدَّ أَحَدَهُمَا، اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجَعْلِ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ رَدَدْتُمَا عَبْدَيَّ فَلَكُمَا كَذَا، فَرَدَّهُ أَحَدُهُمَا، اسْتَحَقَّ النِّصْفَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَإِنْ قَالَ: إِنْ رَدَدْتُمَا لِي عَبْدَيْنِ، فَرَدَّ أَحَدُهُمَا أَحَدَهُمَا، اسْتَحَقَّ الرُّبْعَ.
فَصْلٌ
قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ، فَاشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ، فَالدِّينَارُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ. وَلَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: إِنْ رَدَدْتُمُوهُ، فَرَدُّوهُ، فَكَذَلِكَ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الرُّءُوسِ. وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ: إِنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ دِينَارٌ، فَرَدَّهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَلَا شَيْءَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ. وَأَمَّا زَيْدٌ، فَإِنْ قَصَدَ الْغَيْرُ مُعَاوَنَتَهُ إِمَّا بِعِوَضٍ وَإِمَّا مَجَّانًا، فَلَهُ تَمَامُ الْجَعْلِ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَيْرِ عَلَى زَيْدٍ، إِلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لَهُ أُجْرَةً وَيَسْتَعِينَ بِهِ. وَإِنْ قَالَ: عَمِلْتُ لِلْمَالِكِ، لَمْ يَكُنْ لِزَيْدٍ جَمِيعُ الدِّينَارِ، بَلْ لَهُ نِصْفُهُ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَرَأَى الْإِمَامُ التَّوْزِيعَ عَلَى الْعَمَلِ أَرْجَحَ. وَلَوْ شَارَكَهُ اثْنَانِ فِي الرَّدِّ، فَإِنْ قَصَدَا إِعَانَةَ زَيْدٍ، فَلَهُ تَمَامُ الْجَعْلِ، وَإِنْ قَصَدَا الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ، فَلَهُ ثُلْثُهُ. وَإِنْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا إِعَانَتَهُ، وَالْآخَرُ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ، فَلَهُ الثُّلْثَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَلْ لِلْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ أَنْ يُوَكِّلَ بِالرَّدِّ غَيْرَهُ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ؟ وَهَلْ إِذَا كَانَ النِّدَاءُ عَامًّا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ سَمِعَهُ غَيْرَهُ فِي الرَّدِّ؟ قُلْنَا: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ، وَالثَّانِي كَالتَّوْكِيلِ بِالِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِقَاءِ.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يَرُدُّ آبِقِي فَلَهُ دِينَارٌ، فَرَدَّهُ اثْنَانِ، اسْتَحَقَّا الدِّينَارَ، وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنَ الْبَابِ السَّادِسِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَالَ لِرَجُلٍ: إِنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ كَذَا، وَلِآخَرَ: إِنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ كَذَا، وَلِثَالِثٍ: إِنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ كَذَا، فَاشْتَرَكُوا فِي الرَّدِّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلْثُ مَا جَعَلَ لَهُ، اتَّفَقَتِ الْأَجْعَالُ أَمِ اخْتَلَفَتْ. قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: هَذَا إِذَا عَمِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَعَنْتُ صَاحِبَيَّ عَمِلْتُ لَهُمَا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شَرَطَ لَهُ. وَلَوْ قَالَ اثْنَانِ: عَمِلْنَا لِصَاحِبِنَا، فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَلَهُ جَمِيعُ الْمَشْرُوطِ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: لِكُلِّ وَاحِدٍ الثُّلُثُ، تَصْرِيحٌ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى الرُّءُوسِ، فَلَوْ رَدَّهُ اثْنَانِ مِنْهُمْ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَشْرُوطِ [لَهُ] ، وَإِنْ أَعَانَ الثَّلَاثَةَ رَابِعٌ فِي الرَّدِّ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. ثُمَّ إِنْ قَالَ: قَصَدْتُ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ رُبْعُ الْمَشْرُوطِ لَهُ. وَإِنْ قَالَ: أَعَنْتُهُمْ جَمِيعًا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْمَشْرُوطِ [لَهُ] كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ. وَإِنْ قَالَ: أَعَنْتُ فُلَانًا، فَلَهُ نِصْفُ الْمَشْرُوطِ لَهُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْآخَرِينَ رُبْعُ الْمَشْرُوطِ لَهُ.
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ لَوْ قَالَ: أَعَنْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَثَمَنُهُ، وَلِلثَّالِثِ رُبْعُ الْمَشْرُوطِ لَهُ. وَلَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ: إِنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ دِينَارٌ، وَقَالَ لِآخَرَ: إِنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ ثَوْبٌ، فَرَدَّاهُ، فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ دِينَارٍ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.