الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ دُرُورَ اللَّبَنِ عَلَى وَلَدِهَا أَكْثَرُ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ.
فَرْعٌ
لَوْ بَدَأَ لَهُ فِي قَطْعِ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ بَاقٍ، قَالَ الْإِمَامُ: الْمُتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ، لَكِنْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إِذَا سَلَّمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ وَمَضَى مُدَّةُ إِمْكَانِ الْعَمَلِ إِنْ قُلْنَا: تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ بِتَسْلِيمِ الْأَجِيرِ نَفْسَهُ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَسْتَقِرُّ، فَلَهُ فَسْخُهَا، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ بِحَالٍ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِالْأَعْذَارِ.
فَصْلٌ
لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، بَلْ إِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ، قَامَ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَقَامَهُ. وَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ، تَرَكَ الْمَالَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَمَا الْتَزَمَهُ، دَيْنٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ، اسْتُؤْجِرَ مِنْهَا لَتَوْفِيَتِهِ، وَإِلَّا، فَالْوَارِثُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ وَفَّاهُ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ أَعْرَضَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. وَلَوْ أَوْصَى بِدَارِهِ لِزَيْدٍ مُدَّةَ عُمْرِ زَيْدٍ، فَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ، وَأَجَّرَهَا زَيْدٌ مُدَّةً، ثُمَّ مَاتَ فِي خِلَالِهَا، انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ، لِانْتِهَاءِ حَقِّهِ بِمَوْتِهِ.
فَصْلٌ
إِذَا أَكْرَى جِمَالًا فَهَرَبَ، فَتَارَةً يَهْرُبُ بِهَا، وَتَارَةً يَهْرُبُ وَيَتْرُكُهَا عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ هَرَبَ بِهَا، نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ
مَالًا، اقْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ وَاكْتَرَى عَلَيْهِ. قَالَ فِي «الشَّامِلِ» : وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكِلَ أَمْرَ الِاكْتِرَاءِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ كَمَا لَوِ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ عِنْدَ الْمَحِلِّ. فَإِنْ فَسَخَ، فَالْأُجْرَةُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْجَمَّالِ وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ، فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْجَمَّالِ - إِذَا عَادَ - بِمَا الْتَزَمَهُ. وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةُ عَيْنٍ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْعَقْدِ، كَمَا إِذَا نَدَّتِ الدَّابَّةُ. وَأَمَّا إِذَا تَرَكَهَا عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَذَاكَ، وَإِلَّا، رَاجَعَ الْحَاكِمَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَقُومُ بِتَعَهُّدِهَا مِنْ مَالِ الْمُؤَجِّرِ إِنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا، اسْتَقْرَضَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ إِنْ وَثِقَ بِالْمُسْتَأْجِرِ، سَلَّمَ إِلَيْهِ مَا اقْتَرَضَهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا، دَفَعَهُ إِلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ.
وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَالًا آخَرَ، بَاعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، وَيَبْقَى فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ. وَلَوْ لَمْ يَقْتَرِضِ الْحَاكِمُ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَكِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ، جَازَ عَلَى الْأَظْهَرِ، كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا.
وَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْفِقِ. وَقِيلَ: قَوْلُ الْجَمَّالِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ إِذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ إِمْكَانِهِ، لَمْ يَرْجِعْ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ إِذَا هَرَبَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ، وَعَسُرَ إِثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ، فَهُوَ كَمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ. وَإِذَا أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ فِيمَا إِذَا أَنْفَقَ بِغَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ، لِأَنَّ إِنْفَاقَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى ائْتِمَانٍ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، قَالَ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ، لِأَنَّ الشَّرْعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ.