الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
اشْتَرَى الْعَامِلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ، فَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِإِذْنِهِ، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ.
الْحَالُ الْأَوَّلُ: بِإِذْنِهِ، فَيَصِحُّ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ وَارْتَفَعَ الْقِرَاضُ إِنِ اشْتَرَاهُ بِجَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ، وَإِلَّا فَيَصِيرُ الْبَاقِي رَأْسَ مَالٍ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ مَتَى يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ؟ إِنْ قُلْنَا: بِالْقِسْمَةِ عَتَقَ أَيْضًا، وَغَرِمَ الْمَالِكُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ طَائِفَةً مِنَ الْمَالِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ، عَتَقَ مِنْهُ حِصَّةَ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبَ الْمَالِكِ مِنَ الرِّبْحِ، وَسَرَى إِلَى الْبَاقِي إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَيُغَرِّمُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَقِيَ رَقِيقًا.
وَفِي وَجْهٍ: إِذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ وَقَدِ اشْتَرَاهُ بِبَعْضِ الْمَالِ، نُظِرَ، إِنِ اشْتَرَاهُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، عَتَقَ وَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَرَدَّ الْمَالَ وَالْبَاقِيَ رِبْحٌ يَتَقَاسَمَانِهِ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ، حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ بِأَكْثَرَ حُسِبَ قَدْرُ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالزِّيَادَةُ مِنْ حِصَّةِ الْمَالِكِ مَا أَمْكَنَ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، فَهُوَ كَشِرَاءِ الْعَامِلِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِإِذْنِهِ.
الْحَالُ الثَّانِي: يَشْتَرِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَا يَقَعُ [الشِّرَاءُ] عَنِ الْمَالِكِ بِحَالٍ، إِذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْقِرَاضِ، ثُمَّ إِنِ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ مِنْ أَصْلِهِ. وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، وَقَعَ عَنِ الْعَامِلِ، وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ مِنْ مَالِهِ. فَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضَمِنَ.
فَرْعٌ
اشْتَرَى زَوْجَةَ الْمَالِكِ، أَوْ زَوَّجَهَا بِلَا إِذْنٍ، قِيلَ: يَصِحُّ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ،
الْمَنْعُ كَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَتَضَرَّرَ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِالْإِذْنِ مَا فِيهِ حَظٌّ. فَعَلَى هَذَا، هُوَ كَمَا لَوِ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِلَا إِذْنٍ.
فَرْعٌ
لَوْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ، فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، صَحَّ وَوَقَعَ عَنِ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ شَامِلٌ، بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الرِّبْحُ فَقَطْ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ بَلْ يَبْطُلُ الشِّرَاءُ إِنِ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ، وَيَقَعُ عَنِ الْوَكِيلِ إِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ.
فَرْعٌ
الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ [فِي التِّجَارَةِ] ، إِذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ تَرْكَبْهُ دُيُونٌ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ كَالْمَرْهُونِ بِالدُّيُونِ. وَإِنِ اشْتَرَى بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ. وَرَأَى الْإِمَامُ الْقَطْعَ بِالْبُطْلَانِ إِنْ كَانَ [أَذِنَ] فِي التِّجَارَةِ، وَجُعِلَ الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا قَالَ: تَصَرَّفْ فِي هَذَا الْمَالِ وَاشْتَرِ عَبْدًا. وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . ثُمَّ هَذَا الْخِلَافُ، إِذَا لَمْ يَرْكَبْهُ دَيْنٌ، فَإِنْ رَكِبَهُ، تَرَتَّبَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَرْكَبْهُ، وَأَوْلَى بِالْبُطْلَانِ. فَإِنْ صَحَّ، فَفِي نُفُوذِ الْعِتْقِ الْقَوْلَانِ.
فَرْعٌ
اشْتَرَى الْعَامِلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ صَحَّ وَلَمْ يَعْتِقْ
كَالْوَكِيلِ يَشْتَرِي أَبَاهُ لِمُوَكِّلِهِ، ثُمَّ إِنِ ارْتَفَعَتِ الْأَسْعَارُ وَظَهَرَ رِبْحٌ، بُنِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الْعَامِلَ مَتَى يَمْلِكُ الرِّبْحَ؟ إِنْ قُلْنَا: بِالْقِسْمَةِ، لَمْ يَعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَإِنْ قُلْنَا: بِالظُّهُورِ، عَتَقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَصَحِّ، فَفِي السِّرَايَةِ وَتَقْوِيمِ الْبَاقِي عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: تَثْبُتُ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ وَفِيهِ رِبْحٌ وَقُلْنَا: يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الشِّرَاءِ، أَوْ حَصَلَ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً، فَاشْتَرَى بِهَا أَبَاهُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالْقِسْمَةِ صَحَّ الشِّرَاءُ وَلَمْ يُعْتِقْ، وَإِلَّا فَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ يُخَالِفُ غَرَضَ الِاسْتِرْبَاحِ. فَإِنْ مَنَعْنَا فَفِي الصِّحَّةِ فِي نَصِيبِ الْمَالِكِ قَوْلَا الصَّفْقَةِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا فَفِي عِتْقِهِ عَنْهُ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: يُعْتِقُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، سَرَى الْعِتْقُ إِلَى الْبَاقِي وَلَزِمَهُ الْغُرْمُ، لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الشِّرَاءِ، وَإِلَّا فَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ، فَأَمَّا إِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِلْقِرَاضِ، فَحَيْثُ صَحَّحْنَا الشِّرَاءَ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ، أَوْقَعْنَاهُ هُنَا عَنِ الْقِرَاضِ، وَحَيْثُ لَمْ نُصَحِّحْ هُنَاكَ، أَوْقَفْنَاهُ هُنَا عَنِ الْعَامِلِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهُ إِذَا أَطْلَقَ الشِّرَاءَ وَلَمْ يَصْرِفْهُ إِلَى الْقِرَاضِ لَفْظًا، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ نَوَيْتُهُ، وَقُلْنَا: إِنَّهُ إِذَا وَقَعَ عَنِ الْقِرَاضِ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، لِأَنَّ الَّذِي جَرَى عَقْدُ عِتَاقِهِ، فَلَا يُقْبَلُ رَفْعُهُ.
فَرْعٌ
لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ. فَإِنْ كَاتَبَاهُ مَعًا، جَازَ،
وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، فَوَلَاؤُهُ لِلْمَالِكِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْقِرَاضُ بِمَا جَرَى مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، بَلْ يَنْسَحِبُ عَلَى النُّجُومِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ الشَّرْطِ، وَمَا يَزِيدُ مِنَ النُّجُومِ عَلَى الْقِيمَةِ رِبْحٌ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: مَنْعُ مُقَارَضَةِ الْعَامِلِ غَيْرَهُ. فَلَوْ قَارَضَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَخَرَجَ مِنَ الدَّيْنِ وَصَارَ وَكِيلًا فِي مُقَارَضَةِ الثَّانِي صَحَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ. وَلَوْ فَعَلَ فَسَدَ الْقِرَاضُ الثَّانِي، وَلِعَامِلِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمَالِكِ، لِمَا سَبَقَ أَنَّ شَرْطَ الرِّبْحِ لِغَيْرِ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ مُمْتَنِعٌ. وَإِنْ أَذِنَ [لَهُ] فِي أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ شَرِيكًا لَهُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لَهُ عَلَى مَا يَرَاهُ، فَقِيلَ: يَجُوزُ كَمُقَارَضَةِ شَخْصَيْنِ ابْتِدَاءً، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَإِنْ قَارَضَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَيَجِيءُ فِيهِ قَوْلُ وَقْفِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ عَلَى الْإِجَازَةِ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ، فَتَصَرَّفَ الثَّانِي فِي الْمَالِ وَرَبِحَ، فَهُوَ كَالْغَاصِبِ إِذَا اتَّجَرَ فِي الْمَغْصُوبِ. فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي عَيْنِهِ، فَتَصَرُّفُ فُضُولِيٍّ، وَإِنْ بَاعَ سَلَمًا، أَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ فِيمَا الْتَزَمَهُ وَرَبِحَ، فَالرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ فِي الْجَدِيدِ، وَلِلْمَالِكِ فِي الْقَدِيمِ. وَفِي هَذَا الْقَدِيمِ، أَبْحَاثٌ.
أَحَدُهَا: هَلِ الرِّبْحُ لِلْمَالِكِ جَزْمًا، أَمْ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَتِهِ؟ قِيلَ: بِالْوَقْفِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ عَلَى الْقَدِيمِ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ رَدَّهُ ارْتَدَّ، سَوَاءٌ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ أَمْ بِعَيْنِ الْمَغْصُوبِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بِالْجَزْمِ، وَبَنَوْهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ وَقْفُ شِرَاءِ الْغَاصِبِ لِنَفْسِهِ عَلَى إِجَازَةِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا قَوْلُ الْوَقْفِ إِذَا تَصَرَّفَ فِي عَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لَهُ؟ ! .
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ جَارٍ فِيمَا إِذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ وَكَثُرَتِ التَّصَرُّفَاتُ
وَعَسُرَ تَتَبُّعُهَا، فَإِنْ سَهُلَ وَقَلَّتْ وَلَا رِبْحَ، فَلَا مَجَالَ لَهُ. فَإِنْ سَهُلَ وَهُنَاكَ رِبْحٌ، أَوْ عُسْرٌ وَلَا رِبْحَ، فَوَجْهَانِ، وَسَوَاءٌ فِي الرِّبْحِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ.
الثَّالِثُ: لَوِ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ، ثُمَّ خَطَرَ لَهُ، قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْرِيَ الْقَدِيمُ إِنْ صَدَّقَهُ الْمَالِكُ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُلَقَّبُ بِمَسْأَلَةِ الْبِضَاعَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا مُخْتَصَرَةً فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ وَفِي الْغَصْبِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَاشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ فَبَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، فَهَلْ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ كَالْغَاصِبِ؟ أَمْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ كَالْوَكِيلِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ. وَإِذَا قُلْنَا: بِالْقَدِيمِ، فَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَالِكُ مِنَ الرِّبْحِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: جَمِيعُهُ كَالْغَصْبِ. فَعَلَى هَذَا لِلْعَامِلِ الثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ قِيلَ: يَأْخُذُهَا مِنَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ، وَقِيلَ: مِنَ الْمَالِكِ، لِأَنَّ نَفْعَ عَمَلِهِ عَادَ إِلَيْهِ.
وَ [الْوَجْهُ] الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ: لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ، لِأَنَّهُ رَضِيَ بِخِلَافٍ بِهِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْغَصْبِ. فَعَلَى هَذَا، فِي النِّصْفِ الثَّانِي أَوْجُهٌ. قِيلَ: كُلُّهُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَقِيلَ: لِلثَّانِي. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَعَلَى هَذَا، فِي رُجُوعِ الثَّانِي بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ أَخَذَ نِصْفَ مَا حَصَلَ لَهُمَا، وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ قَالَ: عَلَى أَنَّ رِبْحَ هَذَا الْمَالِ بَيْنَنَا، أَوْ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ نِصْفَهُ. فَإِنْ كَانَ قَالَ: مَا رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى [مِنَ الرِّبْحِ] فَهُوَ بَيْنَنَا، فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، لِأَنَّ النِّصْفَ، هُوَ الَّذِي رُزِقَاهُ.
وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، طَرَدَ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ، بِشَطْرِ جَمِيعِ الرِّبْحِ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا كَانَ الْقِرَاضَانِ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ، فَإِنْ كَانَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى نِسْبَةٍ أُخْرَى، فَعَلَى مَا تَشَارَطَا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا تَصَرَّفَ الثَّانِي وَرَبِحَ. أَمَّا لَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ فَغَاصِبٌ. وَإِنْ ظَنَّ الْعَامِلَ