المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يَذْكُرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْفَصِيلِ، وَالْوَجْهُ: - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابِ «الرَّهْنِ»

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

الفصل: يَذْكُرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْفَصِيلِ، وَالْوَجْهُ:

يَذْكُرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْفَصِيلِ، وَالْوَجْهُ: التَّسْوِيَةُ.

فَرْعٌ

سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْلُ فِي أَنَّ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهِيمَةُ، مَتَى يَضْمَنُهُ مَالِكُهَا فِي بَابِهِ. فَإِذَا ابْتَلَعَتْ شَيْئًا وَاقْتَضَى الْحَالُ الضَّمَانَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مِمَّا يَفْسَدُ بِالِابْتِلَاعِ، ضَمِنَهُ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَفْسَدُ كَاللُّؤْلُؤِ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ، لَمْ تُذْبَحْ، وَغَرِمَ قِيمَةَ الْمُبْتَلَعِ لِلْحَيْلُولَةِ. وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً، فَفِي ذَبْحِهَا الْوَجْهَانِ.

فَرْعٌ

لَوْ بَاعَ بَهِيمَةً بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَابْتَلَعَتْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَهَذِهِ بَهِيمَةٌ لِبَائِعِهَا ابْتَلَعَتْ مَالَ الْمُشْتَرِي، إِلَّا أَنْ يَقْتَضِيَ الْحَالُ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ، فَيَسْتَقِرُّ الْعَقْدُ، وَيَكُونُ مَا جَرَى قَبْضًا لِلثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إِتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا، لَمْ يَنْفَسِخِ الْبَيْعُ، وَهَذِهِ بَهِيمَةٌ لِلْمُشْتَرِي ابْتَلَعَتْ مَالَ الْبَائِعِ.

‌فَصْلٌ

غَصَبَ زَوْجَيْ خُفٍّ قِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ، فَرَدَّ أَحَدَهُمَا وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ، وَتَلِفَ الْآخَرُ، لَزِمَهُ سَبْعَةٌ قَطْعًا، لِأَنَّ بَعْضَ الْمَغْصُوبِ تَلِفَ، وَبَعْضُهُ نَقَصَ. وَلَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا، أَوْ غَصَبَهُ وَحْدَهُ وَتَلِفَ، وَعَادَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي إِلَى ثَلَاثَةٍ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ: يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ. وَأَصَحُّهَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالْبَغَوِيِّ: خَمْسَةٌ، كَمَا

ص: 58

لَوْ أَتْلَفَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا وَآخَرُ الْآخَرَ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْمَنُ خَمْسَةً. وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّهَا قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ. وَلَوْ أَخَذَ أَحَدَهُمَا بِالسَّرِقَةِ، وَقِيمَتُهُ مَعَ نَقْصِ الْبَاقِي نِصَابٌ لَمْ يُقْطَعْ بِلَا خِلَافٍ.

قُلْتُ: الْأَقْوَى، مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَيُخَالِفُ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ هُنَاكَ. وَصُورَتُهُ: أَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً. فَإِنْ تَعَاقَبَا، لَزِمَ الثَّانِيَ ثَلَاثَةٌ. وَفِي الْأَوَّلِ الْخِلَافُ. وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى إِذَا غَصَبَهُمَا مَعًا وَجْهٌ فِي التَّنْبِيهِ وَالتَّتِمَّةِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ غَرِيبٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ. وَفِيهِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: إِذَا اتَّجَرَ الْغَاصِبُ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: أَنَّهُ إِنْ بَاعَهُ أَوِ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ، فَالتَّصَرُّفُ بَاطِلٌ. وَإِنْ بَاعَ سَلَمًا أَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ فِيهِ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالتَّسْلِيمُ فَاسِدٌ، فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِمَّا الْتَزَمَ، وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَ، وَأَرْبَاحُهُ لَهُ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّ بَيْعَهُ وَالشِّرَاءَ بِعَيْنِهِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ. فَإِنْ أَجَازَ، فَالرِّبْحُ لَهُ. وَكَذَا إِذَا الْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ، تَكُونُ الْأَرْبَاحُ لِلْمَالِكِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي الْبَيْعِ، وَيَتِمُّ شَرْحُهَا فِي الْقِرَاضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْغَرَضُ هُنَا، أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ بَعْدَهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

الثَّانِيَةُ: وَطِئَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ، فَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا. ثُمَّ هَلْ يُفْرَدُ الْأَرْشُ فَنَقُولُ: عَلَيْهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَالْأَرْشُ؟ أَمْ لَا يُفْرَدُ، فَنَقُولُ: مَهْرُ بِكْرٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إِنِ اخْتَلَفَ الْمِقْدَارُ بِالِاعْتِبَارَيْنِ وَجَبَ الزَّائِدُ، وَقَدْ أَشَارَ الْإِمَامُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ،

ص: 59

نُظِرَ، إِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ مُكْرَهَةً، فَعَلَى الْغَاصِبِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَيَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا. وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً، فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ، وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَشْهُورِ. وَيَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا إِذَا قُلْنَا: يُفْرَدُ عَنِ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَفِي وُجُوبِ الزَّائِدِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ زَنَتِ الْحُرَّةُ وَهِيَ طَائِعَةٌ وَهِيَ بِكْرٌ. وَالثَّانِي: يَجِبُ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ طَرَفٍ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَالِمًا دُونَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَالْمَهْرُ. وَإِنْ كَانَتْ عَالِمَةً دُونَهُ، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ دُونَهُ إِنْ طَاوَعَتْهُ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ. ثُمَّ الْجَهْلُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ، قَدْ يَكُونُ لِلْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الزِّنَا مُطْلَقًا، وَقَدْ يَكُونُ لِتَوَهُّمِ حَلِّهَا خَاصَّةً لِدُخُولِهَا بِالْغَصْبِ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمَا إِلَّا مِنْ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ مِمَّنْ نَشَأَ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ يَكُونُ لِاشْتِبَاهِهِمَا عَلَيْهِ وَظَنِّهِ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ دَعْوَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

الثَّالِثَةُ: إِذَا وَطِئَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ، فَالْقَوْلُ فِي وَطْئِهِ فِي حَالَتَيِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْغَاصِبِ، إِلَّا أَنَّ جَهْلَ الْمُشْتَرِي قَدْ يَنْشَأُ مِنَ الْجَهْلِ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَيْضًا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَاهُ الشَّرْطُ السَّابِقُ، وَإِذَا غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْمَهْرَ، فَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي رُجُوعِهِ [بِهِ] عَلَى الْغَاصِبِ.

وَهَلْ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِهِ ابْتِدَاءً؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ قُلْنَا: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَهْرِ عَلَى الْغَاصِبِ أَمْ لَا. وَقَالَ: إِذَا قُلْنَا: لَا رُجُوعَ، فَظَاهِرُ الْقِيَاسِ: أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ. وَإِذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ، فَالظَّاهِرُ الْمُطَالَبَةُ، لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَطَرْدُ الْخِلَافِ فِي مُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِالْمَهْرِ إِذَا وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ.

ص: 60

فَرْعٌ

إِذَا تَكَرَّرَ وَطْءُ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْجَهْلِ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا مَهْرٌ، لِأَنَّ الْجَهْلَ شُبْهَةٌ وَاحِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ، فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَجَبَ الْمَهْرُ، لِكَوْنِهَا مُكْرَهَةً. أَوْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ مَعَ طَاعَتِهَا، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الِاكْتِفَاءُ بِمَهْرٍ. وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَهْرٌ. وَإِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً عَالِمًا، وَمَرَّةً جَاهِلًا وَجَبَ مَهْرَانِ.

فَرْعٌ

هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا، فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَطْءُ مُحْبِلًا.

[أَمَّا] إِذَا أَحْبَلَ الْغَاصِبُ أَوِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلْمَالِكِ غَيْرُ نَسِيبٍ، لِكَوْنِهِ زَانِيًا. فَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، فَبَدَلُهُ لِسَيِّدِهِ، أَوْ بِلَا جِنَايَةٍ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ: الْوُجُوبُ، لِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ، وَبِهِ قَالَ الْأَنْمَاطِيُّ وَابْنُ سَلَمَةَ وَاخْتَارَهُ الْقَفَّالُ. وَبِالْمَنْعِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْإِمَامُ، وَالْبَغَوِيُّ، لِأَنَّ جِنَايَتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ، وَسَبَبُ الضَّمَانِ هَلَاكُ رَقِيقٍ تَحْتَ يَدِهِ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ الْمَغْصُوبَةِ إِذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ، فَهُوَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ لَوْ كَانَ حَيًّا فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ وَالْبَهِيمَةِ جَمِيعًا، وَخَرَّجَ الْإِمَامُ وَجْهًا فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، تَنْزِيلًا لِلْغَاصِبِ مَنْزِلَةَ الْجَانِي. أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَاطِئُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، فَالْوَلَدُ نَسِيبٌ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ إِنِ انْفَصَلَ حَيًّا.

ص: 61

فَإِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِنَفْسِهِ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ، فَعَلَى الْجَانِي ضَمَانُهُ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ، لِأَنَّ لَهُ بَدَلَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي الْغُرَّةُ، وَلِلْمَالِكِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ. فَإِنِ اسْتَوَيَا، ضَمِنَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْغُرَّةِ أَكْثَرَ، فَكَذَلِكَ، وَالزِّيَادَةُ تَسْتَقِرُّ لَهُ بِحَقِّ الْإِرْثِ. وَإِنْ نَقَصَتِ الْغُرَّةُ عَنِ الْعُشْرِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ تَمَامَ الْعُشْرِ. وَالثَّانِي: لَا يَضْمَنُ إِلَّا قَدْرَ الْغُرَّةِ. وَلَوِ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَلَوْ أَحْبَلَ الْغَاصِبُ وَمَاتَ وَتَرَكَ أَبَاهُ، ثُمَّ انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، فَالْغُرَّةُ لِجَدِّ الطِّفْلِ.

ثُمَّ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ مَا كَانَ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ الْغَاصِبِ أُمُّ أُمِّ الْجَنِينِ، فَوَرِثَتْ سُدُسَ الْغُرَّةِ، قُطِعَ النَّظَرُ عَنْهُ، وَنُظِرَ إِلَى عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْغُرَّةِ، وَكَأَنَّهَا كُلُّ الْغُرَّةِ، وَالْجَوَابَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَرَأَى الْإِمَامُ إِثْبَاتَ احْتِمَالَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ يُنْظَرُ فِي أَحَدِهِمَا، إِلَى أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْغُرَّةَ، يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِلْمَالِكِ. وَيُسْتَبْعَدُ فِي الْآخَرِ تَضْمِينُ مَنْ لَمْ يَغْصِبْ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: الْغُرَّةُ تَجِبُ مُؤَجَّلَةً، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْغَاصِبُ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ إِذَا أَخَذَ الْغُرَّةَ. وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِيهِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الْوَلَدِ الْمَحْكُومِ بِحُرِّيَّتِهِ.

وَفِي وَجْهٍ: لَا يُنْظَرُ إِلَى عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، بَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لَوِ انْفَصَلَ حَيًّا. وَفِي وَجْهٍ: يَغْرَمُ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْغُرَّةِ. وَدَعْوَى الْجَهْلِ فِي هَذَا كَدَعْوَاهُ إِذَا لَمْ تَحْبَلْ عَلَى مَا سَبَقَ. وَحَكَى الْمَسْعُودِيُّ خِلَافًا فِي قَبُولِهَا لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ قَبِلَتْ لِدَفْعِ الْحَدِّ. وَيَجِبُ فِي حَالَتَيِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ أَرْشُ نَقْصِ الْجَارِيَةِ إِنْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ وَجَبَ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَدَخَلَ فِيهِ نَقْصُ الْوِلَادَةِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ. وَلَوْ رَدَّهَا وَهِيَ حُبْلَى، فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِالْوِلَادَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ فِي «الْمُطَارَحَاتِ» : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَتْ بِوِلَادَةِ وَلَدِهِ. وَنَقَلَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ قَوْلَيْنِ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي الْقَوْلَيْنِ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ.

ص: 62