الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَقْرِيرُ وَارِثِهِ عَلَى الْقِرَاضِ إِنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا قَطْعًا، فَإِنْ كَانَ نَاضًّا، فَلَهُمَا ذَلِكَ بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ. وَفِي لَفْظِ التَّقْرِيرِ، الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ، وَيَجْرِيَانِ أَيْضًا فِيمَا إِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ الْجَارِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَرَادَا إِعَادَتَهُ، فَقَالَ الْبَائِعُ: قَرَرَتُكَ عَلَى مُوجَبِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَقَبِلَ صَاحِبُهُ، وَفِي النِّكَاحِ، لَا يَصِحُّ مِثْلُهُ.
فَرْعٌ
كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمَيِّتِ مِائَةً، وَالرِّبْحُ مِائَتَيْنِ، وَجَدَّدَ الْوَارِثُ الْعَقْدَ مَعَ الْعَامِلِ مُنَاصَفَةً كَمَا كَانَ بِلَا قِسْمَةٍ، فَرَأْسُ مَالِ الْوَارِثِ مِائَتَانِ مِنْ ثَلَاثِ الْمِائَةِ، وَالْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ لِلْعَامِلِ، فَعِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ، يَأْخُذُهَا وَقِسْطُهَا مِنَ الرِّبْحِ، وَيَأْخُذُ الْوَارِثُ رَأْسَ مَالِهِ مِائَتَيْنِ، وَيَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ.
قُلْتُ: إِذَا جُنَّا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ أَفَاقَا وَأَرَادَا عَقْدَ الْقِرَاضِ ثَانِيًا، قَالَ فِي «الْبَيَانِ» : الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ، أَنَّهُ كَمَا لَوِ انْفَسَخَ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
إِذَا اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ طَائِفَةً مِنَ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ، رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إِلَى الْقَدْرِ الْبَاقِي. وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ، فَالْمُسْتَرَدُّ شَائِعٌ رِبْحًا وَخُسْرَانًا عَلَى النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ جُمْلَتَيِ الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ، وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُ الْعَامِلِ عَلَى مَا يَخُصُّهُ بِحَسَبِ الشَّرْطِ مِمَّا هُوَ رَبِحَ مِنْهُ، فَلَا يَسْقُطُ بِالْخُسْرَانِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ. وَإِنْ كَانَ الِاسْتِرْدَادُ بَعْدَ ظُهُورِ الْخُسْرَانِ، كَانَ مُوَزَّعًا عَلَى الْمُسْتَرَدِّ الْبَاقِي، فَلَا يَلْزَمُ جَبْرُ
حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ مِنَ الْخُسْرَانِ، وَيَصِيرُ الْمَالُ هُوَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْمُسْتَرَدِّ وَحِصَّتُهُ مِنَ الْخُسْرَانِ.
مِثَالُ الِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ الرِّبْحِ: كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً، وَرَبِحَ عِشْرِينَ، وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ، فَالرِّبْحُ سُدُسُ الْمَالِ، فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ سُدُسُهُ رِبْحًا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ، وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُ الْعَامِلِ عَلَى نِصْفِهِ إِذَا كَانَ الشَّرْطُ مُنَاصَفَةً، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ. فَلَوْ عَادَ مَا فِي يَدِهِ إِلَى ثَمَانِينَ، لَمْ يَسْقُطْ نَصِيبُ الْعَامِلِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ.
وَمِثَالُ الِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ الْخُسْرَانِ: كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً، وَخَسِرَ عِشْرِينَ، وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ، فَالْخُسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي، فَتَكُونُ حِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ خَمْسَةً لَا يَلْزَمُ جَبْرُهَا، بَلْ يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ، فَمَا زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قُسِمَ [بَيْنَهُمَا] .
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي الِاخْتِلَافِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: ادَّعَى الْعَامِلُ تَلَفَ الْمَالِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَلَوْ ذَكَرَ سَبَبَ التَّلَفِ، فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الثَّانِيَةُ: لَوِ ادَّعَى الرَّدَّ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ: مَا رَبِحْتُ، أَوْ مَا رَبِحْتُ إِلَّا أَلْفًا، فَقَالَ الْمَالِكُ: أَلْفَيْنِ، صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ. فَلَوْ قَالَ: رَبِحْتُ كَذَا، ثُمَّ قَالَ: غَلِطْتُ فِي الْحِسَابِ، إِنَّمَا الرِّبْحُ كَذَا، أَوْ تَبَيَّنْتُ أَنْ لَا رِبْحَ، أَوْ [قَالَ] : كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ خَوْفًا مِنِ انْتِزَاعِ الْمَالِ مِنْ يَدِي، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. وَلَوْ قَالَ: خَسِرْتُ بَعْدَ الرِّبْحِ الَّذِي أَخْبَرْتُ عَنْهُ، قُبِلَ مِنْهُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَذَلِكَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ، بِأَنْ حَدَثَ كَسَادٌ فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوِ ادَّعَى الْخَسَارَةَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ، أَوِ التَّلَفِ بَعْدَ قَوْلِهِ: كُنْتُ كَاذِبًا فِيمَا قُلْتُ، قُبِلَ أَيْضًا، وَلَا تَبْطُلُ أَمَانَتُهُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ السَّابِقِ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا لِلْقِرَاضِ، فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ لِنَفْسِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: قَوْلُ الْمَالِكِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهِ عَنِ الْقِرَاضِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي، فَقَالَ: بَلْ لِلْقِرَاضِ، صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ قَطْعًا. فَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ، فَفِي الْحُكْمِ بِهَا وَجْهَانِ. وَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ عُدْوَانًا، فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ الْمَالِكُ: كُنْتُ نَهَيْتُكَ عَنْ شِرَاءِ هَذَا، فَقَالَ: لَمْ تَنْهَنِي، صُدِّقَ الْعَامِلُ.
السَّادِسَةُ: قَالَ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ، فَقَالَ: بَلْ ثُلُثَهُ، تَحَالَفَا كَالْمُتَبَايِعَيْنِ، فَإِذَا حَلَفَا، فُسِخَ الْعَقْدُ، وَاخْتَصَّ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ بِالْمَالِكِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ. وَفِي وَجْهٍ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا قَدْرُ النِّصْفِ، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ.
قُلْتُ: وَإِذَا تَحَالَفَا، فَهَلْ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ، أَمْ بِالْفَسْخِ؟ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ كَمَا مَضَى، قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعَةُ: اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، [وَكَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ. وَلَوْ قَارَضَ رَجُلَيْنِ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ، وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، فَرَبِحَا، ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ: دَفَعْتُ إِلَيْكُمَا أَلْفَيْنِ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَلْفًا، لَزِمَ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَحَلَفَ الْآخَرُ وَقُضِيَ لَهُ بِمُوجَبِ قَوْلِهِ. وَلَوْ كَانَ الْحَاصِلُ أَلْفَيْنِ، أَخَذَ الْمُنْكِرُ رُبُعَ الْأَلْفِ الزَّائِدِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ. وَلَوْ كَانَ الْحَاصِلُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَالْمُنْكِرُ يَزْعُمُ أَنَّ الرِّبْحَ أَلْفَانِ لَهُ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ، فَتُسَلَّمُ لَهُ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ مِنَ الْبَاقِي أَلْفَيْنِ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ يَتَقَاسَمَاهَا - الْمَالِكُ وَالْمُقِرُّ - أَثْلَاثًا، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ