المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمُؤَجِّرُ خَصْلَةً، فَامْتَنَعَ مِنْهَا الْمُسْتَأْجِرُ، فَفِي إِجْبَارِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابِ «الرَّهْنِ»

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

الفصل: الْمُؤَجِّرُ خَصْلَةً، فَامْتَنَعَ مِنْهَا الْمُسْتَأْجِرُ، فَفِي إِجْبَارِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي

الْمُؤَجِّرُ خَصْلَةً، فَامْتَنَعَ مِنْهَا الْمُسْتَأْجِرُ، فَفِي إِجْبَارِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي إِجْبَارِ الْمُسْتَعِيرِ. فَإِنْ أَجْبَرْنَاهُ، كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَجَّانًا، وَإِلَّا، فَلَا، بَلْ هُوَ كَمَا لَوِ امْتَنَعَ الْمُؤَجِّرُ مِنَ الِاخْتِيَارِ، وَحِينَئِذٍ هَلْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا، أَمْ يُعْرِضُ عَنْهُمَا؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ.

فَرْعٌ

الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ لِلْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ كَالصَّحِيحَةِ فِي تَخْيِيرِ الْمَالِكِ وَمَنْعِ الْقَلْعِ مَجَّانًا.

‌فَصْلٌ

إِذَا اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ مُعَيَّنٍ، جَازَ أَنْ يَزْرَعَهُ وَمَا ضَرَرُهُ مِثْلُ ضَرَرِهِ أَوْ دُونَهُ، لَا مَا فَوْقَهُ، وَالْحِنْطَةُ فَوْقَ ضَرَرِ الشَّعِيرِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الذُّرَةِ وَالْأُرْزِ فَوْقُ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ. وَعَنِ الْبُوَيْطِيِّ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ زَرْعُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، فَقِيلَ: هُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه. وَقِيلَ: هُوَ مَذْهَبٌ لِلْبُوَيْطِيِّ. وَكَيْفَ كَانَ، فَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ. هَذَا إِذَا عَيَّنَ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا. فَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا لِزَرْعِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ، فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ تِلْكَ الْحِنْطَةَ قَدْ تَتْلَفُ. وَالثَّانِي: الصِّحَّةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ كَجٍّ، وَلَا تَتَعَذَّرُ الزِّرَاعَةُ بِتَلَفِ تِلْكَ الْحِنْطَةِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ بِتَلَفِ الْحِنْطَةِ. وَلَوْ تَعَذَّرَ، لَمْ يَكُنِ احْتِمَالُ التَّلَفِ مَانِعًا، كَالِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ هَذَا الصَّبِيِّ، وَالْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 216

وَلَوْ قَالَ: لِتَزْرَعَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ وَلَا تَزْرَعَ غَيْرَهَا، فَأَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: يَفْسَدُ الْعَقْدُ، لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَالرُّوْيَانِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَالثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ: صِحَّةُ الْعَقْدِ وَفَسَادُ الشَّرْطِ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَجَّرْتُكَ عَلَى أَنْ لَا تَلْبَسَ إِلَّا الْحَرِيرَ. وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ مِنَ الْمُؤَجِّرِ، فَمَلَكَ بِحَسَبِ التَّمْلِيكِ.

قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ اسْتِيفَاءِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ. فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فِي طَرِيقٍ، لَمْ يَرْكَبْهَا فِي طَرِيقٍ أَحْزَنَ مِنْهُ وَلَهُ رُكُوبُهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ لِحِمْلِ الْحَدِيدِ، لَمْ يَحْمِلِ الْقُطْنَ وَلَا الْعَكْسُ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دُكَّانًا لِصَنْعَةٍ، مُنِعَ مِمَّا فَوْقَهَا فِي الضَّرَرِ.

فَرْعٌ

إِذَا تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِنْطَةِ، فَزَرَعَ الذُّرَةَ، وَلَمْ يَتَخَاصَمَا حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَحَصَدَ الذُّرَةَ، فَالْمَذْهَبُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: أَنَّ الْمُؤَجِّرَ بِالْخِيَارِ، بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَمَّى وَبَدَلَ النُّقْصَانِ الزَّائِدَ بِزِرَاعَةِ الذُّرَةِ عَلَى ضَرَرِ الْحِنْطَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِزَرْعِ الذُّرَةِ. وَقَالَ كَثِيرُونَ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: تَعْيِينُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلذُّرَةِ. وَالثَّانِي: تَعْيِينُ الْمُسَمَّى

ص: 217

وَبَدَلِ النَّقْصِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمُسَمَّى وَبَدَلُ النَّقْصِ. وَالثَّانِي: التَّخْيِيرُ.

قُلْتُ: وَهَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْأَرْضِ غَاصِبًا؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّاشِيُّ فِي [الْمُسْتَظْهِرِيِّ] أَصَحُّهُمَا: لَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ تَخَاصَمَا عِنْدَ إِرَادَتِهِ زِرَاعَةَ الذُّرَةِ، مُنِعَ مِنْهَا، وَإِنْ تَخَاصَمَا بَعْدَ زِرَاعَتِهَا وَقَبْلَ حَصَادِهَا، فَلَهُ قَلْعُهَا. وَإِذَا قَلَعَ، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ زِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ، زَرَعَهَا، وَإِلَّا، فَلَا يَزْرَعُ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ، لِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَ مَقْصُودَ الْعَقْدِ. ثُمَّ إِنْ لَمْ تَمْضِ عَلَى بَقَاءِ الذُّرَةِ مُدَّةٌ تَتَأَثَّرُ الْأَرْضُ بِهَا، فَذَاكَ، وَإِنْ مَضَتْ، فَالْمُسْتَحَقُّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟ أَمْ قِسْطُهَا مِنَ الْمُسَمَّى مَعَ بَدَلِ النُّقْصَانِ؟ أَمْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ الطُّرُقُ السَّابِقَةُ. وَالطُّرُقُ جَارِيَةٌ فِيمَا إِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا، فَأَسْكَنَهَا الْحَدَّادِينَ أَوِ الْقَصَّارِينَ، أَوْ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا، فَحَمَلَ بِقَدْرِهِ حَدِيدًا، أَوْ غُرْفَةً لِيَضَعَ فِيهَا مِائَةَ رِطْلِ حِنْطَةٍ، فَأَبْدَلَهَا بِحَدِيدٍ، وَكَذَا كُلُّ صُورَةٍ لَا يَتَمَيَّزُ فِيهَا الْمُسْتَحَقُّ عَمَّا زَادَ.

فَلَوْ تَمَيَّزَ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ خَمْسِينَ رِطْلًا، فَحَمَلَ مِائَةً، أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ، فَجَاوَزَهُ، وَجَبَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ قَطْعًا. وَلَوْ عَدَلَ عَنِ الْجِنْسِ الْمَشْرُوطِ إِلَى غَيْرِهِ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَ لِلزَّرْعِ، فَغَرَسَ، أَوْ بَنَى، وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: إِنَّهُ يَتَخَيَّرُ، فَاخْتَارَ الْمُسَمَّى وَبَدَلَ النُّقْصَانِ الزَّائِدِ، فَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِلْحِنْطَةِ خَمْسُونَ، وَلِلذُّرَةِ سَبْعُونَ، وَكَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعِينَ، فَلَهُ الْأَرْبَعُونَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ وَهُوَ عِشْرُونَ.

قُلْتُ: وَإِذَا حَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا أَذِنَ فِيهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، لَزِمَهُ قَلْعُ مَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْ قَصَبِ الزَّرْعِ وَعُرُوقِهِ، لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، فَلَزِمَهُ إِزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِ غَيْرِهِ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ، صَاحِبُ الْبَيَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 218

النَّوْعُ الثَّالِثُ: اسْتِئْجَارُ الدَّوَابِّ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.

[الْمَسْأَلَةُ] الْأُولَى: إِذَا اكْتَرَى لِلرُّكُوبِ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْإِكَافُ وَالْبَرْذَعَةُ، وَالْحِزَامُ، وَالثَّفَرُ، وَالْخِطَامُ، وَالْبُرَةُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّكُوبِ دُونَهَا. وَالْعُرْفُ مُطَّرِدٌ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ. وَفِي السَّرْجِ إِذَا اكْتَرَى الْفَرَسَ أَوْجُهٌ. ثَالِثُهَا: اتِّبَاعُ الْعَادَةِ.

قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ اتِّبَاعَ الْعَادَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعُبَّادِيُّ فِي (الرَّقْمِ) : لَا يَلْزَمُ مُكْرِي الدَّابَّةِ إِلَّا تَسْلِيمُهَا عَارِيَةً، وَالْآلَاتُ كُلُّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: مَا عَدَا السَّرْجَ وَالْإِكَافَ وَالْبَرْذَعَةَ، فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ. وَأَمَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَ عَيْنَ الدَّابَّةِ، فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَضْمَنُ لَوْ رَكِبَ بِغَيْرِ إِكَافٍ وَسَرْجٍ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ، فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ، لِأَنَّهَا لِلتَّمْكِينِ مِنَ الِانْتِفَاعِ. أَمَّا مَا هُوَ لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الرَّاكِبِ، كَالْمَحْمَلِ، وَالْمِظَلَّةِ، وَالْوِطَاءِ، وَالْغِطَاءِ، وَالْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمَلُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَالَّذِي يُشَدُّ بِهِ أَحَدُ الْمَحْمَلَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، [فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْعُرْفُ مُضْطَرِدٌ بِهِ، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» وَجْهٌ فِي الْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ شَاذٌّ بَعِيدٌ، مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْمَحْمَلَ وَسَائِرَ تَوَابِعِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَأَمَّا شَدُّ أَحَدِ الْمَحْمَلَيْنِ إِلَى الْآخَرِ] ، فَهَلْ هُوَ عَلَى الْمُكْرِي كَالشَّدِّ عَلَى الْحَمْلِ؟ أَمْ عَلَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ إِصْلَاحُ مِلْكِهِ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

هَذَا إِذَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ، أَمَّا إِذَا قَالَ: أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ الْعَارِيَةَ بِلَا حِزَامٍ وَلَا إِكَافٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنَ الْآلَاتِ.

ص: 219

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا اكْتَرَى لِلْحَمْلِ، فَالْوِعَاءُ الَّذِي يُنْقَلُ فِيهِ الْمَحْمُولُ، عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إِنْ وَرَدَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِ الدَّابَّةِ. وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إِنْ وَرِثَ عَلَى الذِّمَّةِ. وَالدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلِاسْتِقَاءِ كَالْوِعَاءِ فِي الْحَمْلِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ.

وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالِاسْتِقَاءِ بِآلَاتِ نَفْسِهِ، لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَهَذَا يَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْوِعَاءِ. وَرَأَى الْإِمَامُ فِي إِجَارَةِ الذِّمَّةِ، الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْغَرَضَ مُطْلَقًا وَلَا يَتَعَرَّضَ لِلدَّابَّةِ فَتَكُونُ الْآلَاتُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهَا بِالْوَصْفِ وَحِينَئِذٍ يَتَّبِعُ الْعَادَةَ. فَإِنِ اضْطَرَبَتِ، احْتَمَلَ وَاحْتَمَلَ. وَإِذَا رَأَيْنَا اتِّبَاعَ الْعَادَةِ، فَاضْطَرَبَتْ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ التَّقْيِيدُ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مَا سَبَقَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

مُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَقَائِدِهَا وَالْبَذْرَقَةِ وَحِفْظِ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ، كَالْوِعَاءِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ فِي الطَّرِيقِ، كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ فِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِ أَوْ تَقْدِيرِهِ بِالْوَزْنِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهُ، وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى الْعَادَةِ. فَعَلَى الصَّحِيحِ: لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ، لِصِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِذَا قَدَّرَهُ وَحَمَلَهُ، فَإِنَ شَرَطَ أَنَّهُ يُبَدِّلُهُ كُلَّمَا نَقَصَ، أَوْ لَا يُبَدِّلُهُ، اتَّبَعَ الشَّرْطَ، وَإِلَّا، فَإِنْ فَنِيَ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ بِسَرِقَةٍ أَوْ تَلَفٍ، فَلَهُ الْإِبْدَالُ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ.

وَإِنْ فَنِيَ بِالْأَكْلِ، فَإِنْ فَنِيَ كُلُّهِ، أَبْدَلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ فَنِيَ بَعْضُهُ، أَبْدَلَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَيُقَالُ: الْأَصَحُّ. وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ، إِذَا كَانَ يَجِدُ الطَّعَامَ فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بِسِعْرِ الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَجِدْهُ، أَوْ وَجَدَهُ بِأَعْلَى، فَلَهُ

ص: 220

الْإِبْدَالُ قَطْعًا. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ الزَّادِ وَحَمْلِ مَا يُعْتَادُ لِمِثْلِهِ، لَمْ يُبَدِّلْهُ حَتَّى يَفْنَى كُلُّهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.

الرَّابِعَةُ: إِذَا اكْتَرَى لِلرُّكُوبِ فِي الذِّمَّةِ، لَزِمَ الْمُؤَجِّرُ الْخُرُوجَ مَعَ الدَّابَّةِ لِسَوْقِهَا، وَتَعَهُّدِهَا، وَإِعَانَةِ الرَّاكِبِ فِي الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ. وَتُرَاعَى الْعَادَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَانَةِ. فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ، لِأَنَّهُ يَصْعُبُ عَلَيْهَا النُّزُولُ وَالرُّكُوبُ مَعَ قِيَامِ الْبَعِيرِ، وَكَذَا إِذَا كَانَ الرَّجُلُ ضَعِيفًا لِمَرَضٍ أَوْ شَيْخُوخَةٍ، أَوْ كَانَ مُفْرِطَ السِّمَنِ، أَوْ نَضْوَ الْخَلْقِ، يُنِيخُ لَهُ الْبَعِيرَ، وَيُقَرِّبُ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ مِنْ نَشَزٍ يَسْهُلُ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بِحَالِ الرُّكُوبِ، لَا بِحَالِ الْعَقْدِ.

وَإِذَا اكْتَرَى لِلْحَمْلِ فِي الذِّمَّةِ، لَزِمَ الْمُؤَجِّرُ رَفْعَ الْحَمْلِ وَحَطَّهُ وَشَدَّ الْمَحْمَلِ وَحَلَّهُ. وَفِي شَدِّ أَحَدِ الْمَحْمَلَيْنِ إِلَى الْآخَرِ وَهُمَا بُعُدٌ عَلَى الْأَرْضِ، الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ قَرِيبًا. وَيُقِفُ الدَّابَّةَ لِيَنْزِلَ الرَّاكِبُ لِمَا لَا يَتَهَيَّأُ عَلَيْهَا، كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالْوُضُوءِ، وَصَلَاةِ الْفَرْضِ. وَإِذَا نَزَلَ انْتَظَرَهُ الْمُكْرِي لِيَفْرُغَ مِنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ، وَلَا الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِبْطَاءُ وَلَا التَّطْوِيلُ. قَالَ الرُّوْيَانِيُّ: وَلَهُ النُّزُولُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِيَنَالَ فَضْلَهُ، وَلَا يُقِفُهَا لِلنَّوَافِلِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، لِإِمْكَانِهَا عَلَى الدَّابَّةِ. وَإِنْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا، فَالَّذِي عَلَى الْمُؤَجِّرِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنِهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى الرُّكُوبِ وَلَا الْحَمْلِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي نَوْعَيِ الْإِجَارَةِ. وَحَكَى الْإِمَامُ مَعَ هَذَا، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِنْ قَالَ فِي إِجَارَةِ الذِّمَّةِ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ تَبْلِيغِي مَوْضِعَ كَذَا، لَزِمَهُ الْإِعَانَةُ. وَإِنْ قَالَ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ مَنْفَعَةَ دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا، لَمْ تَلْزَمْهُ. وَالثَّانِي: تَجِبُ الْإِعَانَةُ عَلَى الرُّكُوبِ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْضًا. وَالثَّالِثُ: تَجِبُ لِلْحَمْلِ فِي نَوْعَيِ الْإِجَارَةِ، لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَطِّ وَالْحَمْلِ وَإِنِ اضْطَرَبَتْ فِي الرُّكُوبِ. وَرَفْعُ الْمَحْمَلِ وَحَطُّهُ كَالْحَمْلِ.

ص: 221

فَرْعٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّحْلَةِ، رحَلَ لَا مَكْبُوبًا وَلَا مُسْتَلْقِيًا. قِيلَ: الْمَكْبُوبُ أَنْ يَجْعَلَ مُقَدَّمَ الْمَحْمَلِ أَوِ الزَّامِلَةَ أَوْسَعَ مِنَ الْمُؤَخَّرِ، وَالْمُسْتَلْقِي عَكْسُهُ. وَقِيلَ: الْمَكْبُوبُ بِأَنْ يُضَيِّقَ الْمُقَدَّمَ وَالْمُؤَخَّرَ جَمِيعًا، وَالْمُسْتَلْقِي أَنْ يُوَسِّعَهُمَا جَمِيعًا. وَعَلَى التَّفْسِيرَيْنِ، الْمَكْبُوبُ أَسْهَلُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَالْمُسْتَلْقِي أَسْهَلُ عَلَى الرَّاكِبِ. فَإِنِ اخْتَلَفَا فِيهِمَا، حُمِلَا عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَكَذَا إِذَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ.

فَرْعٌ

لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مَنْعُ الرَّاكِبِ مِنَ النَّوْمِ فِي وَقْتِهِ. وَيَمْنَعُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ.

فَرْعٌ

قَدْ يَعْتَادُ النُّزُولَ وَالْمَشْيَ لِلْإِرَاحَةِ، فَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَنْزِلَ أَوْ لَا يَنْزِلَ، اتُّبِعَ الشَّرْطُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَعْرِضُ فِي شَرْطِ النُّزُولِ إِشْكَالٌ، لِانْقِطَاعِ الْمَسَافَةِ، وَيَقَعُ فِي كِرَاءِ الْعُقَبِ. قَالَ: لَكِنَّ الْأَصْحَابَ احْتَمَلُوهُ لِلْحَاجَةِ. وَإِنْ أَطْلَقَا، لَمْ يَجِبِ النُّزُولُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ. وَفِي الرَّجُلِ الْقَوِيِّ وَجْهَانِ، لِتَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْعَادَةِ. وَهَكَذَا حُكْمُ النُّزُولِ عِنْدَ الْعَقَبَاتِ الصِّعَابِ.

قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَفِي مَعْنَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ، الشَّيْخُ الْعَاجِزُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ كَانَتْ لَهُ وَجَاهَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَشُهْرَةٌ يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فِي الْعَادَةِ الْمَشْيُ. ثُمَّ الْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِي طَرِيقٍ يَعْتَادُ النُّزُولَ فِيهِ لِإِرَاحَةِ الدَّابَّةِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً، لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا، وَلَمْ نُصَحِّحْ شَيْئًا مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي الرَّجُلِ الْقَوِيِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ وُجُوبَ النُّزُولِ عِنْدَ الْعَقَبَاتِ، دُونَ الْإِرَاحَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 222

فَرْعٌ

إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً إِلَى بَلَدٍ، فَبَلَغَ عُمْرَانَهُ، فَلِلْمُؤَجِّرِ أَخْذُ دَابَّتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ دَارَهُ. وَلَوِ اكْتَرَى إِلَى مَكَّةَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ تَتْمِيمُ الْحَجِّ عَلَيْهَا. وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِلْحَجِّ، رَكِبَهَا إِلَى مِنًى ثُمَّ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ مِنًى، ثُمَّ مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ. وَهَلْ يَرْكَبُهَا إِلَى مَكَّةَ رَاجِعًا إِلَى مِنًى لِلرَّمْيِ وَالطَّوَافِ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا اسْتِحْقَاقَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَجَّ لَمْ يَفْرُغْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ. وَمِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الْمُتَكَارِيَيْنِ مُفَارَقَةَ الْقَافِلَةِ بِالتَّقَدُّمِ أَوِ التَّأَخُّرِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا، فَتَلِفَتِ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَإِنْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ الْخِيَارُ. وَالْعَيْبُ، مِثْلُ أَنْ تَتَعَثَّرَ فِي الْمَشْيِ، أَوْ لَا تُبْصِرَ فِي اللَّيْلِ، أَوْ يَكُونَ بِهَا عَرَجٌ تَتَخَلَّفُ بِهِ عَنِ الْقَافِلَةِ. وَمُجَرَّدُ خُشُونَةِ الْمَشْيِ، لَيْسَ بِعَيْبٍ.

وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، وَسَلَّمَ دَابَّةً وَتَلِفَتْ، لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ. وَإِنْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ، وَلَكِنْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إِبْدَالُهَا. ثُمَّ الدَّابَّةُ الْمُسَلَّمَةُ عَنِ الْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ بِتَلَفِهَا، فَإِنَّهُ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا حَقُّ الِاخْتِصَاصِ، حَتَّى يَجُوزَ لَهُ إِجَارَتُهَا. وَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ إِبْدَالَهَا، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ دُونَ إِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْمَنْعُ، لِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. وَالثَّانِي قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ: إِنِ اعْتَمَدَ بِاللَّفْظِ الدَّابَّةَ، بِأَنْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا، لَمْ يَجُزِ الْإِبْدَالُ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْهَا، بَلْ قَالَ: الْتَزَمْتُ إِرْكَابَكَ دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا، جَازَ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ

ص: 223