الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
مِمَّا تُسْتَأْجَرُ لَهُ الدَّوَابُّ الْحَمْلُ عَلَيْهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ مَعْلُومًا، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَرَآهُ الْمُؤَجِّرُ، كَفَى، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِالْوَزْنِ، أَوْ بِالْكَيْلِ إِنْ كَانَ مُكَيَّلًا، وَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى وَأَحْصَرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جِنْسِهِ، لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ. فَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ مِمَّا شِئْتَ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَكُونُ رِضًى مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ، فَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إِلَى بَيَانِ الْجِنْسِ. وَقَالَ صَاحِبُ الرَّقْمِ: قَالَ حُذَّاقُ الْمَرَاوِزَةِ: إِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ مُطْلَقًا، جَازَ، وَجُعِلَ رَاضِيًا بِالْأَضَرِّ، وَحَاصِلُهُ الِاسْتِغْنَاءُ بِالتَّقْدِيرِ عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ. هَذَا فِي التَّقْدِيرِ بِالْوَزْنِ، أَمَّا إِذَا قُدِّرَ بِالْكَيْلِ، فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ: أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ مِمَّا شِئْتَ، لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فِي الثِّقَلِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ رِضًى بِأَثْقَلِ الْأَجْنَاسِ، كَمَا جُعِلَ فِي الْوَزْنِ رِضًى بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ، يَسِيرٌ، بِخِلَافِ الْكَيْلِ، وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مَنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْتَ، لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ إِجَارَةِ الْأَرْضِ لِيَزْرَعَهَا مَا شَاءَ، لِأَنَّ الدَّوَابَّ لَا تُطِيقُ كُلَّ مَا تُحَمَّلُ.
فَرْعٌ
ظُرُوفُ الْمَتَاعِ وَحِبَالِهِ، إِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَزْنِ، بِأَنْ قَالَ: مِائَةُ رِطْلِ حِنْطَةٍ
، أَوْ كَانَ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا بِالرُّؤْيَةِ أَوِ الْوَصْفِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَرَائِرُ مُتَمَاثِلَةٌ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهَا، فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا. وَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَدْرِ الْمَتَاعِ، بِأَنْ قَالَ: مِائَةُ رِطْلِ حِنْطَةٍ بِظُرُوفِهَا، صَحَّ الْعَقْدُ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: مِائَةُ رِطْلٍ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّ الظَّرْفَ مِنَ الْمِائَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَرَاءَهَا، لِأَنَّهُ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ. فَعَلَى هَذَا، يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ قَالَ: مِائَةُ رِطْلٍ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالتَّقْدِيرِ. وَإِهْمَالُ ذِكْرِ الْجِنْسِ، إِمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا بِأَنْ قَالَ: مِائَةُ رِطْلٍ مِمَّا شِئْتَ.
فَرْعٌ
الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلْحَمْلِ، إِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الرُّكُوبِ. وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، لَمْ يُشْتَرَطْ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصَفَتِهَا، بِخِلَافِ الرُّكُوبِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ. لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا أَوْ خَزَفًا وَشِبْهَهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِ الدَّابَّةِ، وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إِلَى تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِكَيْفِيَّةِ سَيْرِ الدَّابَّةِ بِسُرْعَةٍ أَوْ بُطْءٍ، وَقُوَّةٍ أَوْ ضَعْفٍ، وَتَخَلُّفِهَا عَنِ الْقَافِلَةِ عَلَى بَعْضِ التَّقْدِيرَاتِ. وَلَوْ قِيلَ بِهِ، لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. وَالْكَلَامُ فِي الْمَعَالِيقِ وَتَقْدِيرِ السَّيْرِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلرُّكُوبِ.
فَرْعٌ
اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ، صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ بَاعَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، لِأَنَّ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ مَعْلُومَةٌ مَحْصُورَةٌ، بِخِلَافِ الْأَشْهُرِ. وَلَوْ قَالَ: