الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: نِصْفُ الْقِيمَةِ. وَالثَّانِي: ثُلْثُهَا. وَالثَّالِثُ: تُقَسَّطُ عَلَى أَوْزَانِهِمْ، فَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ وَزْنِهِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهَا: الثَّانِي. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا مَعَ بَهِيمَتِهِ، فَتَلِفَتِ الْبَهِيمَةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا، لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ، لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
إِذَا دَفَعَ ثَوْبًا إِلَى خَيَّاطٍ لِيَقْطَعَهُ وَيَخِيطَهُ، فَخَاطَهُ قَبَاءً، ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْخَيَّاطُ: أَمَرْتَنِي بِقَبَاءٍ، وَقَالَ: بَلْ أَمَرْتُكَ بِقَمِيصٍ، أَوْ سَوَّدَ الثَّوْبَ بِصَبْغٍ وَقَالَ: هَكَذَا أَمَرْتَنِي، فَقَالَ: بَلْ أَمَرْتُكَ بِصَبْغِهِ أَحْمَرَ، فَفِيهِ خَمْسَةُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ. وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. هَذَانِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: قَوْلَانِ. تَصْدِيقُ الْمَالِكِ، وَالتَّحَالُفُ. وَالرَّابِعُ: الْقَطْعُ بِالتَّحَالُفِ، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَصَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. وَالْخَامِسُ: عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، إِنْ جَرَى بَيْنَهُمَا عَقْدٌ، تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ، وَإِلَّا، فَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ، فَإِذَا حَلَفَ، لَا أَرْشَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: يَجِبُ لَهُ الْمُسَمَّى إِتْمَامًا لِتَصْدِيقِهِ. وَالثَّالِثُ: أُجْرَةُ الْمِثْلِ. فَإِذَا قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ لَهُ بِيَمِينِهِ، فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْمَالِكِ، وَيُحَلِّفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ، فَفِي تَجْدِيدِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا: التَّجْدِيدُ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. فَإِذَا حَلَفَ، فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ الْخَيَّاطُ أَرْشَ النَّقْصِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ تَفْرِيعًا عَلَى تَصْدِيقِ الْخَيَّاطِ. وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْقَطْعَ يُوجِبُ الضَّمَانَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُوجِبٍ إِلَّا بِإِذْنٍ. ثُمَّ فِي الْأَرْشِ الْوَاجِبِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا. وَالثَّانِي: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً. وَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَنْقُصْ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَعَلَى الثَّانِي: فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ لِلْقَدْرِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْقَمِيصِ مِنَ الْقَطْعِ، وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ لِلْقَمِيصِ.
قُلْتُ: الْمَنْعُ أَصَحُّ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا قُلْنَا: يَتَحَالَفَانِ، فَحَلَفَا، فَلَا أُجْرَةَ لِلْخَيَّاطِ قَطْعًا، وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَإِذَا أَرَادَ الْخَيَّاطُ نَزْعَ الْخَيْطِ، لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ حَيْثُ حَكَمْنَا [لَهُ] بِالْأُجْرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْخَيْطُ لِلْمَالِكِ أَوْ مِنْ عِنْدِهِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْخِيَاطَةِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ، فَلَهُ نَزْعُ خَيْطِهِ كَالصَّبْغِ. وَحِينَئِذٍ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَشُدَّ بِخَيْطِهِ خَيْطًا لِيَدَّخِرَ فِي الدُّرُوزِ إِذَا خَرَجَ الْأَوَّلُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا بِرِضَى الْخَيَّاطِ. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ، فَقَالَ فِي «الشَّامِلِ» : إِنْ صَدَّقْنَا الْخَيَّاطَ، حَلَفَ بِاللَّهِ: مَا أَذِنْتَ لِي فِي قَطْعِهِ قَمِيصًا، وَلَقَدْ أَذِنْتَ لِي فِي قَطْعِهِ قَبَاءً، قَالَ: وَإِنْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ، كَفَاهُ عِنْدِي أَنْ يَحْلِفَ: مَا أَذِنْتُ لَهُ فِي قَطْعِهِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعَرُّضِ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُرْمِ وَسُقُوطَ الْأُجْرَةِ يَقْتَضِيهِمَا نَفْيُ الْإِذْنِ فِي الْقَبَاءِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ، جَمَعَ كَلُّ وَاحِدٍ فِي يَمِينِهِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ.