الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُسْرِفَ عَلَى الْخُبْزِ فِي الْإِيقَادِ وَيُلْصِقَ الْخُبْزَ قَبْلَ وَقْتِهِ، أَوْ يَتْرُكَهُ فِي التَّنُّورِ فَوْقَ الْعَادَةِ حَتَّى يَحْتَرِقَ، أَوْ ضَرَبَ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ الصَّبِيَّ فَمَاتَ، لِأَنَّ تَأْدِيبَهُ بِغَيْرِ الضَّرْبِ مُمْكِنٌ. وَمَتَى اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ، عَمِلْنَا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ لَمْ نَجِدْهُمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ. وَمَتَى تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بَعْدَ تَعَدِّيهِ، فَالْوَاجِبُ أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ التَّعَدِّي إِلَى التَّلَفِ إِنْ لَمْ يَضْمَنِ الْأَجِيرُ. فَإِنْ ضَمَّنَّاهُ، فَأَقْصَى قِيمَةٍ مِنَ الْقَبْضِ إِلَى التَّلَفِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَوَابًا عَلَى قَوْلِنَا: يَضْمَنُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنَ الْقَبْضِ إِلَى التَّلَفِ. فَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: يَضْمَنُ قِيمَةَ يَوْمِ التَّلَفِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ هُنَا أَقْصَى قِيمَةٍ مِنَ التَّعَدِّي إِلَى التَّلَفِ.
قُلْتُ: هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ، مُتَعَيَّنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَالَ الْأَصْحَابُ: إِذَا حَجَمَهُ أَوْ خَتَنَهُ فَتَلِفَ، إِنْ كَانَ الْمَحْجُومُ وَالْمَخْتُونُ حُرًّا، فَلَا ضَمَانَ، لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، نُظِرَ فِي انْفِرَادِ الْحَاجِمِ بِالْيَدِ وَعَدَمِ انْفِرَادِهِ، وَأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ، أَمْ لَا؟ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ. وَكَذَا الْبَيْطَارُ إِذَا بَزَغَ الدَّابَّةَ فَتَلِفَتْ، وَالرَّاعِي الْمُنْفَرِدُ كَذَلِكَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوِ اكْتَرَاهُ لِيَحْفَظَ مَتَاعَهُ فِي دُكَّانِهِ فَتَلِفَ، فَلَا ضَمَانَ [قَطْعًا] ، لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْمَالِكِ.
فَصْلٌ
إِذَا دَفَعَ ثَوْبًا إِلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ، أَوْ خَيَّاطٍ لِيُخِيطَهُ، أَوْ جَلَسَ بَيْنَ يَدِي
حَلَّاقٍ لِيَحْلِقَ رَأْسَهُ، أَوْ دَلَّاكٍ لِيُدَلِّكَهُ، فَفَعَلَ، وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ أُجْرَةٍ وَلَا نَفْيُهَا، فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: لَا أُجْرَةَ لَهُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ، وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَطْعِمْنِي خُبْزًا، فَأَطْعَمَهُ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ بَدَأَ الْمَعْمُولُ لَهُ فَقَالَ: افْعَلْ كَذَا، لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ. وَإِنْ بَدَأَ الْعَامِلُ فَقَالَ: أَعْطِنِي ثَوْبًا لِأُقَصِّرَهُ، فَلَا أُجْرَةَ. وَالرَّابِعُ: إِنْ كَانَ الْعَامِلُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَأَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ لِلْعَادَةِ، وَإِلَّا، فَلَا. وَلَوْ دَخَلَ سَفِينَةً بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا، وَسَارَ إِلَى السَّاحِلِ، لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ.
وَإِنْ كَانَ بِالْإِذْنِ وَلَمْ يَجْرِ ذِكْرُ الْأُجْرَةِ، فَعَلَى الْأَوْجُهِ. وَإِذَا لَمْ نُوجِبِ الْأُجْرَةَ، فَالثَّوْبُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا، فَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ.
فَرْعٌ
فِيمَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ ثَمَنُ الْمَاءِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِحِفْظِ الثِّيَابِ وَإِعَارَةِ السَّطْلِ، فَعَلَى هَذَا، الثِّيَابُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْحَمَّامِيِّ، وَالسَّطْلُ مَضْمُونٌ عَلَى الدَّاخِلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ ثَمَنُ الْمَاءِ وَأُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالسَّطْلِ. وَأَصَحُّهَا: أَنَّهُ أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالسَّطْلِ وَالْإِزَارِ وَحِفْظِ الثِّيَابِ. وَأَمَّا الْمَاءُ، فَغَيْرُ مَضْبُوطٍ، وَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ. فَعَلَى هَذَا، السَّطْلُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الدَّاخِلِ، وَالْحَمَّامِيُّ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فِي الثِّيَابِ، فَلَا يَضْمَنُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الْأُجْرَةُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَلَمْ يَطَّرِدْ فِيهِ الْخِلَافُ، لِأَنَّ الدَّاخِلَ مُسْتَوْفٍ مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ بِسُكُونِهِ، وَهُنَاكَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ صَرَفَهَا.