المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ الْقِرَاضُ وَالْمُقَارَضَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِمَعْنًى، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا إِلَى - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابِ «الرَّهْنِ»

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ الْقِرَاضُ وَالْمُقَارَضَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِمَعْنًى، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا إِلَى

‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

الْقِرَاضُ وَالْمُقَارَضَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِمَعْنًى، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا إِلَى شَخْصٍ لِيَتَّجِرَ فِيهِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ.

الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِ صِحَّتِهِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ.

[الرُّكْنُ] الْأَوَّلُ: رَأْسُ الْمَالِ، وَلَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ نَقْدًا، وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَضْرُوبَةُ، وَدَلِيلُهُ الْإِجْمَاعُ. وَلَا يَجُوزُ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا عَلَى الْفُلُوسِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ الْفُورَانِيُّ فِي جَوَازِ الْقِرَاضِ عَلَى ذَوَاتِ الْمِثْلِ وَجْهَيْنِ، وَهَذَا شَاذٌّ مُنْكَرٌ، وَالصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ: الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا. فَلَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ: بِعْهُ وَقَدْ قَارَضْتُكَ عَلَى ثَمَنِهِ، لَمْ يَجُزْ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا. فَلَوْ قَارَضَ عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ أُحْضِرَ فِي الْمَجْلِسِ وَعَيَّنَهَا، قَطَعَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ بِجَوَازِهِ، كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ، وَقَطَعَ الْبَغَوِيُّ بِالْمَنْعِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ لِغَيْرِهِ: قَارَضْتُكَ عَلَى دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ، فَاقْبِضْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ، أَوْ قَارَضْتُكَ عَلَيْهِ لِتَقْبِضَ وَتَتَصَرَّفَ، أَوِ اقْبِضْهُ فَإِذَا قَبَضْتَهُ فَقَدْ قَارَضْتُكَ عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِذَا قَبَضَ الْعَامِلُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ، بَلِ الْجَمِيعُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ التَّصَرُّفِ إِنْ كَانَ قَالَ: إِذَا قَبَضْتَ فَقَدْ

ص: 117

قَارَضْتُكَ. وَإِنْ قَالَ: قَارَضْتُكَ عَلَيْهِ لِتَقْبِضَ وَتَتَصَرَّفَ، اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِ التَّقَاضِي وَالْقَبْضِ أَيْضًا. وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْيُونِ: قَارَضْتُكَ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ، لَمْ يَصِحَّ الْقِرَاضُ، بَلْ لَوْ قَالَ: اعْزِلْ قَدْرَ حَقِّي مِنْ مَالِكَ، فَعَزَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَارَضْتُكَ عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ. فَإِذَا تَصَرَّفَ الْمَأْمُورُ فِيمَا عَزَلَهُ، نُظِرَ، إِنِ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ لِلْقِرَاضِ، فَهُوَ كَالْفُضُولِيِّ يَشْتَرِي لِغَيْرِهِ بِعَيْنِ مَالِهِ. وَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ لِلْمَالِكِ، لِأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ بِإِذْنِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: لِلْعَامِلِ، لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَمْلِكِ الْيَمِينَ. وَحَيْثُ كَانَ الْمَعْزُولُ لِلْمَالِكِ، فَالرِّبْحُ وَرَأْسُ الْمَالِ لَهُ لِفَسَادِ الْقِرَاضِ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِلْعَامِلِ. وَلَوْ دَفَعَ كِيسَيْنِ فِي كُلِّ أَلْفٍ، وَقَالَ: قَارَضْتُكَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، لِتَسَاوِيهِمَا. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِعَدَمِ التَّعْيِينِ.

قُلْتُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، فَيَتَعَيَّنُ لِلْقِرَاضِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ كَانَتْ دَرَاهِمُهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَدِيعَةً، فَقَارَضَهُ عَلَيْهَا، صَحَّ، وَلَوْ كَانَتْ غَصْبًا، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَعَلَى هَذَا، لَا يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ كَمَا فِي الرَّهْنِ.

قُلْتُ: مَعْنَاهُ: لَا يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ الْقِرَاضِ. أَمَّا إِذَا تَصَرَّفَ الْعَامِلُ فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ، لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ، وَمَا يَقْبِضُهُ مِنَ الْأَعْوَاضِ، يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِيهَا مُضَمِّنٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مُسَلَّمًا إِلَى الْعَامِلِ، وَيَسْتَقِلُّ بِالْيَدِ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ. فَلَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ أَنْ يَكُونَ الْكِيسُ فِي يَدِهِ وَيُوَفِّيَ مِنْهُ الثَّمَنَ إِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ شَيْئًا، أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُرَاجِعُهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ مُشْرِفًا نَصَبَّهُ،

ص: 118

فَسَدَ الْقِرَاضُ. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ، فَسَدَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ أَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ: يَجُوزُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَنَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ غُلَامُ الْمَالِكِ، فَوَجْهَانِ. وَيُقَالُ: قَوْلَانِ. الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ: صِحَّتُهُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ، وَلِمَالِكِهِ إِعَارَتُهُ وَإِجَارَتُهُ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى إِذْنِ الْمَالِكِ فِي اسْتِخْدَامِهِ. هَذَا إِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِحُجَّةٍ عَلَى الْعَامِلِ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَكَ غُلَامِي وَلَا تَتَصَرَّفَ دُونَهُ، أَوْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَالِ فِي يَدِهِ، فَيَفْسُدُ قَطْعًا. وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ بَهِيمَةً يَحْمِلُ عَلَيْهَا، جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ لَمْ يَشْرُطْ عَمَلَ الْغُلَامِ مَعَهُ، وَلَكِنْ شَرَطَ ثُلُثَ الرِّبْحِ لَهُ وَالثُّلُثَ لِغُلَامِهِ، وَالثُّلُثَ لِلْعَامِلِ، جَازَ. وَحَاصِلُهُ: اشْتِرَاطُ ثُلُثَيِ الرِّبْحِ لِنَفْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» .

فَرْعٌ

قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ دَرَاهِمُ مُشْتَرَكَةٌ، فَقَالَ لِشَرِيكِهِ: قَارَضْتُكَ عَلَى نَصِيبِي مِنْهَا، صَحَّ، إِذْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْإِشَاعَةُ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ. قَالَ: وَلَوْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْأَلْفَيْنِ لِلْآخَرِ: قَارَضْتُكَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَشَارَكْتُكَ فِي الْآخَرِ، فَقَبِلَ، جَازَ، وَانْفَرَدَ الْعَامِلُ بِالتَّصَرُّفِ فِي أَلْفِ الْقِرَاضِ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي التَّصَرُّفِ فِي بَاقِي الْمَالِ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ تَجَمُّعُ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَرْجِعَانِ إِلَى التَّوْكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ.

فَرْعٌ

لَا يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ الْمَالِ سُكْنَى دَارٍ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُجْعَلِ الْعَرَضُ رَأْسَ مَالٍ، فَالْمَنْفَعَةُ أَوْلَى.

ص: 119

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْعَمَلُ، وَلَهُ شُرُوطٌ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً، وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الشَّرْطِ مَسَائِلُ.

الْأُولَى: لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ فَيَطْحَنَهَا وَيَخْبِزَهَا، وَالطَّعَامَ لِيَطْبُخَهُ وَيَبِيعَهُ، وَالْغَزْلَ لِيَنْسِجَهُ، وَالثَّوْبَ لِيُقَصِّرَهُ، أَوْ يَصْبِغَهُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ فَاسِدٌ. وَلَوِ اشْتَرَى الْعَامِلُ الْحِنْطَةَ، وَطَحَنَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَآخَرِينَ: يَخْرُجُ الدَّقِيقُ عَنْ كَوْنِهِ رَأْسَ مَالِ قِرَاضٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ غَيْرُهُ، انْفَسَخَ الْقِرَاضُ، لِأَنَّ الرِّبْحَ حِينَئِذٍ لَا يُحَالُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَقَطْ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْعَامِلَ بِطَحْنِ حِنْطَةِ الْقِرَاضِ، كَانَ فَسْخًا لِلْقِرَاضِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْقِرَاضَ بِحَالِهِ، كَمَا لَوْ زَادَ عَبْدُ الْقِرَاضِ بِكِبَرٍ، أَوْ سِمَنٍ، أَوْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَالَ قِرَاضٍ، لَكِنْ إِنِ اسْتَقَلَّ الْعَامِلُ بِالطَّحْنِ، صَارَ ضَامِنًا، وَلَزِمَهُ الْغُرْمُ إِنْ نَقَصَ الدَّقِيقُ. فَإِنْ بَاعَهُ، لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بِهَذِهِ الصِّنَاعَاتِ أُجْرَةً وَلَوِ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ كَمَا شَرَطَا.

الثَّانِيَةُ: قَارَضَهُ عَلَى دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ نَخِيلًا، أَوْ دَوَابَّ، أَوْ مُسْتَغَلَّاتٍ وَيُمْسِكَ رِقَابَهَا لِثِمَارِهَا وَنِتَاجِهَا وَغَلَّاتِهَا، وَتَكُونُ الْفَوَائِدُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ رِبْحًا بِالتِّجَارَةِ، بَلْ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ.

الثَّالِثَةُ: شَرَطَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَبَكَةً وَيَصْطَادَ بِهَا وَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَيَكُونُ الصَّيْدُ لِلصَّائِدِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الشَّبَكَةِ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُضَيِّقًا عَلَيْهِ بِالتَّعْيِينِ. فَلَوْ عَيَّنَ نَوْعًا يَنْدُرُ كَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ وَالْخَزِّ الْأَدْكَنِ وَالْخَيْلِ الْعُتْقِ، وَالصَّيْدُ حَيْثُ يَنْدُرُ، فَسَدَ الْقِرَاضُ، لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ. وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ، وَدَامَ شِتَاءً وَصَيْفًا كَالْحُبُوبِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالْخَزِّ،

ص: 120

وَالْبَزِّ، صَحَّ الْقِرَاضُ. وَإِنْ لَمْ يَدُمْ، كَالثِّمَارِ الرَّطْبَةِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، إِلَّا إِذَا قَالَ: تَصَرَّفْ فِيهِ، فَإِذَا انْقَطَعَ، فَتَصَرَّفْ فِي كَذَا، فَيَجُوزُ. وَلَوْ قَالَ: لَا تَشْتَرِ إِلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ، أَوْ إِلَّا هَذَا الْعَبْدَ، فَسَدَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا تَشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ شِرَاءُ غَيْرِهَا. وَلَوْ قَالَ: لَا تَبِعْ إِلَّا لِزَيْدٍ، أَوْ لَا تَشْتَرِ إِلَّا مِنْهُ، لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ: إِنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ بَيَّاعًا لَا يَنْقَطِعُ عِنْدَهُ الْمَتَاعُ الَّذِي يَتَّجِرُ فِي نَوْعِهِ غَالِبًا، جَازَ تَعْيِينُهُ، وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ قَالَ: لَا تَبِعْ لِزَيْدٍ وَلَا تَشْتَرِ مِنْهُ. جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ.

فَرْعٌ

لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ يُتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ.

فَرْعٌ

إِذَا جَرَى تَعْيِينٌ صَحِيحٌ، لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ مُجَاوَزَتُهُ كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُسْتَفَادَةِ بِالْإِذْنِ. ثُمَّ الْإِذْنُ فِي الْبَزِّ يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ مِنَ الْمَنْسُوجِ، مِنَ الْإِبْرِيسِمِ وَالْقُطْنِ، وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ، دُونَ الْبُسُطِ، وَالْفُرُشِ. وَفِي الْأَكْسِيَةِ وَجْهَانِ، لِأَنَّهَا مَلْبُوسَةٌ، لَكِنْ لَا يُسَمَّى بَائِعُهَا بَزَّازًا.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُضَيِّقَ بِالتَّوْقِيتِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاضِ بَيَانُ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ، لِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَهُوَ الثَّمَرَةُ، يَنْضَبِطُ بِالْمُدَّةِ. فَلَوْ وَقَّتَ فَقَالَ: قَارَضْتُكَ

ص: 121

سَنَةً، فَإِنْ مَنَعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ بَعْدَهَا مُطْلَقًا، أَوْ مِنَ الْبَيْعِ، فَسَدَ، لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تَشْتَرِيَ بَعْدَ السَّنَةِ، وَلَكَ الْبَيْعُ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْمَالِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ مَنْعِهِ مِنَ الشِّرَاءِ مَتَى شَاءَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: قَارَضْتُكَ سَنَةً، فَسَدَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: يَجُوزُ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الشِّرَاءِ، اسْتِدَامَةً لِلْعَقْدِ. وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ سَنَةً عَلَى أَنْ لَا أَمْلِكَ الْفَسْخَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَسَدَ.

فَرْعٌ

لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّقَ الْقِرَاضَ، فَيَقُولُ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ قَارَضْتُكَ، كَمَا لَا يُعَلِّقُ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ. وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ الْآنَ وَلَا تَتَصَرَّفْ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ، فَقِيلَ: يَجُوزُ كَالْوَكَالَةِ. وَالْأَصَحُّ: لَا يَجُوزُ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ وَلَا تَمْلِكُ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ.

الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الرِّبْحُ، وَلَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ. فَلَوْ شَرَطَ بَعْضَهُ لِثَالِثٍ فَقَالَ: عَلَى أَنْ يَكُونَ ثُلُثُهُ لَكَ، وَثُلُثُهُ لِي، وَثُلُثُهُ لِزَوْجَتِي، أَوْ لِابْنِي، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، لَمْ يَصِحَّ، إِلَّا أَنْ يَشْرُطَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ مَعَهُ، فَيَكُونُ قِرَاضًا مَعَ رَجُلَيْنِ. وَلَوْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ عَبْدًا لِمَالِكٍ، أَوْ عَبْدًا لِعَامِلٍ، كَانَ ذَلِكَ مَضْمُومًا إِلَى مَا [شُرِطَ] لِلْمَالِكِ أَوْ لِلْعَامِلِ. وَلَوْ قَالَ: نِصْفُ الرِّبْحِ لَكَ وَنِصْفُهُ لِي، وَمِنْ نَصِيبِي نِصْفُهُ لِزَوْجَتِي، صَحَّ الْقِرَاضُ، وَهَذَا وَعْدُ هِبَةٍ لِزَوْجَتِهِ. وَلَوْ قَالَ لِلْعَامِلِ: لَكَ كَذَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ ابْنَكَ أَوِ امْرَأَتَكَ نِصْفَهُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: إِنْ ذَكَرَهُ شَرْطًا، فَسَدَ الْقِرَاضُ، وَإِلَّا فَلَا.

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. فَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ لَكَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ رِعَايَةً لِلَّفْظِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ قِرَاضٌ صَحِيحٌ رِعَايَةً لِلْمَعْنَى. وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي، فَهَلْ هُوَ

ص: 122

قِرَاضٌ فَاسِدٌ، أَمْ إِبْضَاعٌ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَكَ، فَهُوَ إِبْضَاعٌ، أَمْ قِرَاضٌ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَتَصَرَّفْ فِيهَا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ، فَهُوَ قَرْضٌ صَحِيحٌ عِنْدَ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْأَكْثَرِينَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ، لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ لِلْمَالِكِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَا يَكُونُ قَرْضًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ. وَلَوْ قَالَ: تَصَرَّفْ فِيهَا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، فَهُوَ إِبْضَاعٌ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا. فَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ فِي الرِّبْحِ شِرْكًا، أَوْ شِرْكَةً، أَوْ نَصِيبًا، فَسَدَ. وَإِنْ قَالَ: لَكَ مِثْلُ مَا شَرَطَهُ فُلَانٌ لِفُلَانٍ، فَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِهِ، صَحَّ. وَإِنْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا، فَسَدَ.

وَلَوْ قَالَ: الرِّبْحُ بَيْنَنَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْفَسَادُ. وَأَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، وَيُنَزَّلُ عَلَى النِّصْفِ، كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَ زَيْدٍ، يَكُونُ مُقِرًّا بِالنِّصْفِ. وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لَكَ، وَمَا بَقِيَ فَثُلُثُهُ لِي وَثُلُثَاهُ لَكَ، صَحَّ. وَحَاصِلُهُ اشْتِرَاطُ سَبْعَةِ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ، هَذَا إِذَا عَلِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لِلْعَامِلِ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمْ هُوَ، فَإِنْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، صَحَّ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الشَّامِلِ» ، لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ، فِيمَا إِذَا قَالَ:[لَكَ] مِنَ الرِّبْحِ سُدُسُ رُبُعِ الْعُشْرِ، وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ أَحَدُهُمَا.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُزْئِيَّةُ، لَا مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرُ. فَلَوْ قَالَ: لَكَ مِنَ الرِّبْحِ، أَوْ لِي مِنْهُ دِرْهَمٌ أَوْ مِائَةٌ، وَالْبَاقِي بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ، فَسَدَ الْقِرَاضُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: نِصْفُ الرِّبْحِ إِلَّا دِرْهَمًا، وَكَذَا إِذَا اشْتَرَطَ أَنْ يُوَلِّيَهُ سِلْعَةَ كَذَا إِذَا اشْتَرَاهَا بِرَأْسِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْبَحُ إِلَّا فِيهَا، أَوْ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ

ص: 123