المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ أَمَّا الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابِ «الرَّهْنِ»

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ أَمَّا الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ،

‌فَصْلٌ

أَمَّا الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ، وَلَا الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا، وَلَا الْحَوَالَةُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا، وَلَا الْإِبْرَاءُ، بَلْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، فَإِنْ كَانَتِ الْأُجْرَةُ مُشَاهَدَةً غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. هَذَا إِذَا تَعَاقَدَا بِلَفْظِ السَّلَمِ، بِأَنْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ هَذَا الدِّينَارَ فِي دَابَّةٍ تَحْمِلُنِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَإِنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، بِأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُ مِنْكَ دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا لِتَحْمِلَنِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَوَجْهَانِ بَنَوْهُمَا عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ، أَمْ بِالْمَعْنَى؟ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَأَبِي عَلِيٍّ، وَالْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ كَمَا لَوْ عَقَدَا بِلَفْظِ السَّلَمِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمُ الْآخَرَ.

فَرْعٌ

يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَنْفَعَةً، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْجِنْسُ، كَمَا إِذَا أَجَّرَ دَارًا بِمَنْفَعَةِ دَارٍ، أَوِ اخْتَلَفَ، بِأَنْ أَجَّرَهَا بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ. وَلَا رِبًا فِي الْمَنَافِعِ أَصْلًا، حَتَّى لَوْ أَجَّرَ دَارًا بِمَنْفَعَةِ دَارَيْنِ، أَوْ أَجَّرَ حُلِيَّ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ، جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.

فَصْلٌ

لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا يَحْصُلُ بِعَمَلِ الْأَجْنَبِيِّ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ لِيَسْلَخَ الشَّاةَ بِجِلْدِهَا، أَوِ الطَّحَّانَ لِيَطْحَنَ الْحِنْطَةَ بِثُلْثِ دَقِيقِهَا، أَوْ بِصَاعٍ مِنْهُ، أَوْ بِالنُّخَالَةِ، أَوِ الْمُرْضِعَةَ بِجُزْءٍ مِنَ الرَّقِيقِ الْمُرْتَضِعِ بَعْدَ الْفِطَامِ، أَوْ قَاطِفَ الثِّمَارِ بِجُزْءٍ

ص: 176

مِنْهَا بَعْدَ الْقِطَافِ، أَوْ لِيَنْسِجَ الثَّوْبَ بِنِصْفِهِ، فَكُلُّ هَذَا فَاسِدٌ، وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْمُرْضِعَ بِجُزْءٍ مِنَ الرَّقِيقِ فِي الْحَالِ، أَوْ قَاطِفَ الثِّمَارِ بِجُزْءٍ مِنْهَا عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ، أَوْ كَانَ الرَّقِيقُ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، فَاسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِهِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا لَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنَ الثَّمَرِ، يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ عَمَلُهُ فِي مُشْتَرَكٍ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِي خَاصِّ مُلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَوِ اسْتَأْجَرَ شَرِيكَهُ فِي الْحِنْطَةِ لِيَطْحَنَهَا أَوِ الدَّابَّةَ لِيَتَعَهَّدَهَا بِدَرَاهِمَ، جَازَ. وَلَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ بِرُبْعِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ بِصَاعٍ مِنْهَا لِتَطْحَنَ الْبَاقِيَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ: يَجُوزُ، ثُمَّ يَتَقَاسَمَانِ قَبْلَ الطَّحْنِ، فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ، وَيَطْحَنُ الْبَاقِي. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِنْ شَاءَ طَحَنَ الْكُلَّ وَالدَّقِيقُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا. وَمِثَالُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، مَا إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا بِجِلْدِهَا، فَفَاسِدٌ أَيْضًا. أَمَّا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ الْمَيِّتَةِ بِجِلْدِهَا، فَبَاطِلٌ، لِأَنَّهُ نَجِسٌ.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَنْفَعَةُ، وَلَهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ.

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُتَقَوَّمَةً وَفِيهِ مَسَائِلُ. أَحَدُهَا: اسْتِئْجَارُ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ بَاطِلٌ، لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَشِرَاءِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ. فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ، فَالْوَجْهُ: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ، وَمِنَ التُّفَّاحِ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الرَّيَاحِينِ. الثَّانِيَةُ: اسْتِئْجَارُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، إِنْ أَطْلَقَهُ، فَبَاطِلٌ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِئْجَارِ لِلتَّزْيِينِ، فَبَاطِلٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَاسْتِئْجَارُ الْأَطْعِمَةِ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ، بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَفِي اسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا،

ص: 177

وَالْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا، وَرَبْطِ الدَّوَابِّ فِيهَا، الْوَجْهَانِ. قَالَ بَعْضُهُمُ: الْأَصَحُّ هُنَا: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهَا مَنَافِعُ مُهِمَّةٌ، بِخِلَافِ التَّزْيِينِ. وَاسْتِئْجَارُ الْبَبَّغَاءِ لِلِاسْتِئْنَاسِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِالْجَوَازِ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يُسْتَأْنَسُ بِلَوْنِهِ، كَالطَّاوُوسِ، أَوْ صَوْتِهِ، كَالْعَنْدَلِيبِ.

الثَّالِثَةُ: اسْتِئْجَارُ الْبَيَّاعِ عَلَى كَلِمَةِ الْبَيْعِ، أَوْ كَلِمَةٍ يُرَوِّجُ بِهَا السِّلْعَةَ وَلَا تَعَبَ فِيهَا، بَاطِلٌ، إِذْ لَا قِيمَةَ لَهَا. قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: هَذَا فِي مَبِيعٍ مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ فِي الْبَلَدِ، كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ. أَمَّا الثِّيَابُ وَالْعَبِيدُ، وَمَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ الثَّمَنِ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَيَخْتَصُّ بَيْعُهَا مِنَ الْبَيَّاعِ، لِمَزِيدِ مَنْفَعَةٍ وَفَائِدَةٍ، فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. ثُمَّ إِذَا لَمْ يَجُزِ الِاسْتِئْجَارُ، وَلَمْ يَتْعَبِ الْبَيَّاعُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ، أَوْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ فِي أَمْرِ الْمُعَامَلَةِ، فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، لَا مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْبَيَّاعُونَ. الرَّابِعَةُ: اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ كَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَالشَّبَكَةِ لِلِاصْطِيَادِ وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَمَقْصُودُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ تُرَادُ بِهِ الْمَنَافِعُ دُونَ الْأَعْيَانِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تُسْتَحَقُّ بِهَا الْأَعْيَانُ تَابِعَةً لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ، فَتَلْحَقُ تِلْكَ الْأَعْيَانُ حِينَئِذٍ بِالْمَنَافِعِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ. إِحْدَاهَا: اسْتِئْجَارُ الْبُسْتَانِ لِثِمَارِهِ، وَالشَّاةِ لِنِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا أَوْ لَبَنِهَا، بَاطِلٌ. الثَّانِيَةُ: الِاسْتِئْجَارُ لِإِرْضَاعِ الطِّفْلِ جَائِزٌ، وَيُسْتَحَقُّ بِهِ مَنْفَعَةُ عَيْنٍ. فَالْمَنْفَعَةُ: أَنْ تَضَعَ الصَّبِيَّ فِي حِجْرِهَا وَتُلْقِمَهُ الثَّدْيَ وَتَعْصِرَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. وَالْعَيْنُ: اللَّبَنُ الَّذِي يَمُصُّهُ الصَّبِيُّ. وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ أَوِ الضَّرُورَةِ. وَفِي الْأَصْلِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: اللَّبَنُ. وَأَمَّا فِعْلُهَا، فَتَابِعٌ، لِأَنَّ اللَّبَنَ مَقْصُودٌ لِعَيْنِهِ، وَفِعْلُهَا طَرِيقٌ إِلَيْهِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ فِعْلُهَا، وَاللَّبَنُ مُسْتَحَقٌّ تَبَعًا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)[الطَّلَاقِ: 6] ، عَلَّقَ الْأُجْرَةَ بِفِعْلِ الْإِرْضَاعِ،

ص: 178

لَا بِاللَّبَنِ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلْمَنَافِعِ وَإِنَّمَا الْأَعْيَانُ تُتْبَعُ لِلضَّرُورَةِ، كَالْبِئْرِ تُسْتَأْجَرُ لِيُسْتَقَى مَاؤُهَا، وَالدَّارِ تُسْتَأْجَرُ وَفِيهَا بِئْرٌ، يَجُوزُ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا. ثُمَّ إِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحِضَانَةِ مَعَ الْإِرْضَاعِ، جَازَ، وَإِنِ اسْتَأْجَرَ لِلْإِرْضَاعِ، وَنَفَى الْحِضَانَةَ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، كَاسْتِئْجَارِ الشَّاةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ.

وَأَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِمُجَرَّدِ الْحِضَانَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا قَصَرَ الْإِجَارَةَ عَلَى صَرْفِ اللَّبَنِ إِلَى الصَّبِيِّ، وَقَطَعَ عَنْهُ وَضْعَهُ فِي حِجْرِهَا وَنَحْوَهُ، فَأَمَّا الْحِضَانَةُ بِالتَّفْسِيرِ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَيَجُوزُ قَطْعُهَا عَنِ الْإِرْضَاعِ بِلَا خِلَافٍ.

الثَّالِثَةُ: اسْتِئْجَارُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ، حُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ فِي بَابِ الْمَنَاهِي. الرَّابِعَةُ: اسْتِئْجَارُ الْقَنَاةِ لِلزِّرَاعَةِ بِمَائِهَا، جَائِزٌ، لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا: الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ، فَكَالشَّبَكَةِ لِلِاصْطِيَادِ - وَإِلَّا، فَالْمَنَافِعُ آبَارُ الْمَاءِ وَقَدْ جُوِّزَ وَاسْتِئْجَارُ بِئْرِ الْمَاءِ لِلِاسْتِقَاءِ وَالَّتِي بَعْدَهَا مُسْتَأْجَرَةٌ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا. وَقَالَ الرُّوْيَانِيُّ: إِذَا اكْتَرَى قَرَارَ الْقَنَاةِ لِيَكُونَ أَحَقَّ بِمَائِهَا، جَازَ فِي وَجْهٍ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ. وَالْمَعْرُوفُ: مَنْعُهُ. وَمُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفًا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا، فَاسْتِئْجَارُ الْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ، وَالْأَخْرَسِ لِلتَّعْلِيمِ، وَالْأَعْمَى لِحِفْظِ الْمَتَاعِ، إِجَارَةُ عَيْنٍ، وَمَنْ لَا يُحْسِنُ

ص: 179

الْقُرْآنَ لِتَعْلِيمِهِ، بَاطِلٌ. فَإِنْ وَسَّعَ عَلَيْهِ وَقْتًا يَقْدِرُ عَلَى التَّعَلُّمِ قَبْلَ التَّعْلِيمِ، فَبَاطِلٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ عَيْنِهِ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ، اشْتَرَطَ كَوْنَ الزِّرَاعَةِ مُتَيَسِّرَةً. وَالْأَرْضُ أَنْوَاعٌ.

مِنْهَا: أَرْضٌ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ وَنَحْوِهَا. وَمِنْهَا: أَرْضٌ لَا مَاءَ لَهَا، لَكِنْ يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ، وَالنَّدَاوَةُ الَّتِي تُصِيبُهَا مِنَ الثُّلُوجِ الْمُعْتَادَةِ، أَوْ لَا يَكْفِيهَا ذَلِكَ، لَكِنَّهَا تُسْقَى بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْمَطَرِ فِي الْجَبَلِ، وَالْغَالِبُ فِيهَا الْحُصُولُ.

وَمِنْهَا: أَرْضٌ لَا مَاءَ لَهَا، وَلَا تَكْفِيهَا الْأَمْطَارُ الْمُعْتَادَةُ، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ مِنَ الْجَبَلِ، وَلَكِنْ إِنْ أَصَابَهَا مَطَرٌ عَظِيمٌ أَوْ سَيْلٌ، نَادِرًا، أَمْكَنَ زَرْعُهَا، فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ قَطْعًا. وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا. وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَابْنُ كَجٍّ وَصَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» ، بِالْمَنْعِ أَجَابَ الْقَفَّالُ. وَمِنْهَا: أَرْضٌ عَلَى شَطِّ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ وَغَيْرِهِمَا، يَعْلُو الْمَاءُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَنْحَسِرُ، وَيَكْفِي ذَلِكَ لِزِرَاعَتِهَا فِي السَّنَةِ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ بَعْدَمَا عَلَاهَا الْمَاءُ وَانْحَسَرَ، صَحَّ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَعْلُوَهَا الْمَاءُ، فَإِنْ كَانَ لَا يُوثَقُ بِهِ، كَالنِّيلِ لَا يَنْضَبِطُ أَمْرُهُ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ حُصُولَهُ، فَلْيَكُنْ عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي. وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا [بِهِ] كَالْمَدِّ بِالْبَصْرَةِ، صَحَّ كَمَاءِ النَّهْرِ. فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى تِلْكَ الْأَرْضِ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ كَالنَّوْعِ الثَّالِثِ. وَإِنْ [كَانَ] عَلَاهَا وَلَمْ يَنْحَسِرْ، فَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى انْحِسَارُهُ، أَوْ يُشَكُّ فِيهِ، لَمْ يَصِحَّ اسْتِئْجَارُهَا، لِأَنَّ الْعَجْزَ مَوْجُودٌ، وَالْقُدْرَةَ مَشْكُوكٌ فِيهَا. وَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُهُ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ بِالْعَادَةِ، صَحَّتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْإِجَارَةُ لِمَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهُ فِي الْمَاءِ كَالْأُرْزِ، أَمْ لِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَأَى الْأَرْضَ مَكْشُوفَةً أَمْ هِيَ مَرْئِيَّةٌ الْآنَ لِصَفَاءِ الْمَاءِ، أَمْ لَمْ يَكُنْ

ص: 180

شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنْ لَمْ تُرَ، لَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلٍ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِغَيْرِ الْأُرْزِ وَنَحْوِهِ. وَحُجَّةُ مَذْهَبِ الْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوِ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ الِاشْتِغَالُ بِنَقْلِهَا فِي الْحَالِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ، أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ مُؤْنَةٌ، فَلِإِنَّ اسْتِتَارَهَا بِالْمَاءِ مِنْ مَصَالِحِهَا، فَإِنَّهُ يُقَوِّيهَا وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ الْمُنْتَشِرَةَ، فَأَشْبَهَ اسْتِتَارَ الْجَوْزِ بِقِشْرِهِ. أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَغْرَقُ وَتَنْهَارُ فِي الْمَاءِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا. فَإِنِ احْتَمَلَ وَلَمْ يَظْهَرْ، جَازَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ حَالَةُ الظُّهُورِ عَلَى تَقَابُلِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ.

إِذَا عَرَفْتَ حُكْمَ الْأَنْوَاعِ، فَكُلُّ أَرْضٍ لَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ، وَاسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ مَعَ شُرْبِهَا مِنْهُ، فَذَاكَ، وَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ دُونَ شُرْبِهَا، جَازَ إِنْ تَيَسَّرَ سَقْيُهَا مِنْ مَاءٍ آخَرَ، وَإِنْ أَطَلَقَ، دَخَلَ فِيهِ الشُّرْبُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا بَاعَهَا، لَا يَدْخُلُ الشُّرْبُ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا لَا تَحْصُلُ دُونَ الشُّرْبِ. هَذَا إِذَا طُرِدَتِ الْعَادَةُ بِالْإِجَارَةِ مَعَ الشُّرْبِ، فَإِنِ اضْطَرَبَتْ، فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَكُلُّ أَرْضٍ مَنَعْنَا اسْتِئْجَارَهَا لِلزِّرَاعَةِ، فَلَوِ اكْتَرَاهَا لِيَنْزِلَ فِيهَا، أَوْ يَسْكُنَهَا، أَوْ يَجْمَعَ الْحَطَبَ فِيهَا، أَوْ يَرْبُطَ الدَّوَابَّ، جَازَ. وَإِنِ اكْتَرَاهَا مُطْلَقًا، نُظِرَ، إِنْ قَالَ: أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ وَلَا مَاءَ لَهَا، جَازَ، لِأَنَّهُ يَعْرِفُ بِنَفْيِ الْمَاءِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ. ثُمَّ لَوْ حَمَلَ مَاءً مِنْ مَوْضِعٍ وَزَرَعَهَا، أَوْ زَرَعَهَا عَلَى تَوَقُّعِ حُصُولِ مَاءٍ، لَمْ يُمْنَعْ، وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِيهَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: لَا مَاءَ لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يُطْمَعُ فِي سَوْقِ الْمَاءِ إِلَيْهَا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِلزِّرَاعَةِ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَا يُطْمَعُ فِي سَوْقِ الْمَاءِ إِلَيْهَا، صُحِّحَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا نَفْيَ الْمَاءِ، فَفِي قِيَامِ عِلْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِالنَّفْيِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مِثْلِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِلزِّرَاعَةِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الصَّرْفِ بِاللَّفْظِ.

ص: 181