المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حُفِظَ مَعَهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ، فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٥

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلَ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابِ «الرَّهْنِ»

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

الفصل: حُفِظَ مَعَهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ، فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي

حُفِظَ مَعَهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ، فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي الصِّنْفِ الثَّانِي. وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ: كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ. وَالثَّانِي: لَا، كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: الْجَمَادُ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَبْقَى، بِمُعَالَجَةٍ، كَالرُّطَبِ يُجَفَّفُ، أَوْ بِغَيْرِهَا، كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالثِّيَابِ، وَإِلَى مَا لَا يَبْقَى، كَالْهَرِيسَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لُقَطَةٌ يُؤْخَذُ وَيُمَلَّكُ، لَكِنْ فِيمَا لَا يَبْقَى، أَوْ يَبْقَى بِمُعَالَجَةِ مَزِيدِ كَلَامٍ نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَيْسَ بِمَالٍ، كَكَلْبٍ يُقْتَنَى، فَمَيْلُ الْإِمَامِ وَالْآخِذِينَ عَنْهُ، إِلَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا عَلَى قَصْدِ الْحِفْظِ أَبَدًا لِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ بِهِ بِعِوَضٍ مُمْتَنِعٌ، وَبِلَا عِوَضٍ يُخَالِفُ وَضْعَ اللُّقَطَةِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يُعَرِّفُهُ سَنَةً ثُمَّ يَخْتَصُّ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ تَلِفَ، فَلَا ضَمَانَ. وَهَلْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إِجَارَتِهِ.

‌فَصْلٌ

يُشْتَرَطُ فِي اللُّقَطَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ غَيْرُ مَا سَبَقَ. أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ شَيْئًا ضَاعَ مِنْ مَالِكِهِ لِسُقُوطٍ، أَوْ غَفْلَةٍ، وَنَحْوِهِمَا. فَأَمَّا إِذَا أَلْقَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ، أَوْ أَلْقَى إِلَيْهِ هَارِبٌ كِيسًا، وَلَمْ يَعْرِفْ مَنْ هُوَ، أَوْ مَاتَ مُورِثُهُ عَنْ وَدَائِعَ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مُلَّاكَهَا، فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يُحْفَظُ، وَلَا يُتَمَلَّكُ. وَلَوْ وُجِدَ دَفِينًا فِي الْأَرْضِ فَالْقَوْلُ فِي أَنَّهُ رِكَازٌ، أَوْ لُقَطَةٌ سَبَقَ فِي الزَّكَاةِ.

الثَّانِي: أَنْ يُوجَدَ فِي مَوَاتٍ، أَوْ شَارِعٍ، أَوْ مَسْجِدٍ. أَمَّا إِذَا وُجِدَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ، فَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يُؤْخَذُ لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، بَلْ هُوَ لِصَاحِبِ الْيَدِ فِي

ص: 405

الْأَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ، فَلِمَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَهُ، وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُحْيِي، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ، حِينَئِذٍ يَكُونُ لُقَطَةً.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَفِيهَا مُسْلِمُونَ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ، فَمَا يُوجَدُ فِيهَا غَنِيمَةٌ، خُمْسُهَا لِأَهْلِ الْخُمْسِ، وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ الصَّحِيحِ

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

[الْحُكْمُ] الْأَوَّلُ: فِي الْأَمَانَةِ، وَالضَّمَانِ، وَيَخْلَتِفُ ذَلِكَ بِقَصْدِهِ. وَلَهُ أَحْوَالٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَأْخُذَهَا لِيَحْفَظَهَا أَبَدًا، فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. فَلَوْ دَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ. وَكَذَا مَنْ أَخَذَ لِلتَّمَلُّكِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ وَدَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ، لَزِمَهُ الْقَبُولُ. وَهَلْ يَجِبُ التَّعْرِيفُ إِذَا قَصَدَ الْحِفْظَ أَبَدًا؟ وَجْهَانِ يَأْتِي بَيَانُهُمَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. فَإِنْ لَمْ يَجِبْ، لَمْ يَضْمَنْ بِتَرْكِهِ. وَإِذَا بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ، عَرَّفَهَا سَنَةً مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَفَ مِنْ قَبْلُ. وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ، فَهُوَ ضَامِنٌ بِالتَّرْكِ. حَتَّى لَوْ بَدَأَ بِالتَّعْرِيفِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلَكَ فِي سَنَةِ التَّعْرِيفِ، ضَمِنَ.

الثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَ بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ، وَالِاسْتِيلَاءِ، فَيَكُونُ ضَامِنًا غَاصِبًا. وَفِي بَرَاءَتِهِ بِالدَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ الْوَجْهَانِ فِي الْغَاصِبِ، فَلَوْ عَرَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَرَادَ التَّمَلُّكَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، كَالْغَاصِبِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَأْخُذَهَا لِيُعَرِّفَهَا سَنَةً، وَيَتَمَلَّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ، فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي السَّنَةِ،

ص: 406

وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: تُمَلَّكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ، فَقَدْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ، وَضَمَانِهِ، وَإِلَّا، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إِذَا كَانَ غُرْمُ التَّمَلُّكِ مُطَّرِدًا، وَلَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ، فَالْأَصَحُّ مَا صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَالْبَغَوِيُّ: أَنَّهَا أَمَانَةٌ مَا لَمْ يَخْتَرِ التَّمَلُّكَ قَصْدًا، أَوْ لَفْظًا إِذَا اعْتَبَرْنَاهُ، كَمَا قَبْلَ الْحَوْلِ، لَكِنْ إِذَا اخْتَارَ وَقُلْنَا: لَا بُدَّ مِنَ التَّصَرُّفِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَالْقَرْضِ. وَإِذَا قَصَدَ الْأَمَانَةَ، ثُمَّ قَصَدَ الْخِيَانَةَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ، كَالْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِي: يَصِيرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ الْمَالِكُ. وَمَهْمَا صَارَ الْمُلْتَقِطُ ضَامِنًا فِي الدَّوَامِ، إِمَّا بِحَقِيقَةِ الْخِيَانَةِ، أَوْ بِقَصْدِهَا، ثُمَّ أَقْلَعَ، وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ، وَيَتَمَلَّكَ، فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ.

الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَأْخُذَ اللُّقَطَةَ، وَلَا يَقْصِدُ خِيَانَةً، وَلَا أَمَانَةً، أَوْ يَقْصِدَ أَحَدَهُمَا وَيَنْسَاهُ، فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ وَلَهُ التَّمَلُّكُ بِشَرْطِهِ.

الْحُكْمُ الثَّانِي: التَّعْرِيفُ، فَيَنْبَغِي لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَعْرِفَ اللُّقَطَةَ، وَيُعَرِّفَهَا. أَمَّا الْمَعْرِفَةُ، فَيُعْلِمُ عِفَاصَهَا، وَهُوَ الْوِعَاءُ مِنْ جِلْدٍ وَخِرْقَةٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَوِكَاءَهَا، وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ، وَجِنْسَهَا، أَذَهَبٌ أَمْ غَيْرُهُ؟ وَنَوْعَهَا، أَهَرَوِيَّةٌ، أَمْ غَيْرُهَا؟ وَقَدْرَهَا، بِوَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ وَإِنَّمَا يُعَرِّفُ هَذِهِ الْأُمُورَ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ، وَيُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى صِدْقِ طَالِبِهَا، وَيُسْتَحَبُّ تَقْيِيدُهَا بِالْكِتَابَةِ.

وَأَمَّا التَّعْرِيفُ، فَفِيهِ مَسَائِلُ. إِحْدَاهَا: يَجِبُ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ سَنَةً، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْنَى اسْتِيعَابِ السَّنَةِ، بَلْ لَا يُعَرِّفُ فِي اللَّيْلِ، وَلَا يَسْتَوْعِبُ الْأَيَّامَ أَيْضًا، بَلْ عَلَى الْمُعْتَادِ، فَيُعَرِّفُ فِي الِابْتِدَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيِ النَّهَارِ، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ. وَفِي وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِالتَّعْرِيفِ عَلَى الْفَوْرِ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجُمْهُورِ: لَا يَجِبُ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ تَعْرِيفُ سَنَةٍ مَتَى كَانَ. وَهَلْ تَكْفِي سَنَةٌ مُفَرَّقَةٌ بِأَنْ يُفَرِّقَ شَهْرَيْنِ مَثَلًا، وَيَتْرُكَ شَهْرَيْنِ، وَهَكَذَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ، لِأَنَّهُ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ.

ص: 407

فَعَلَى هَذَا، إِذَا قَطَعَ مُدَّةً، وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالرُّويَانِيُّ: نَعَمْ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ، وَلَمْ يَقْطَعْ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ بَلْ صَحَّحُوهُ، لِأَنَّهُ عُرِّفَ سَنَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّانِيَةُ: لِيَصِفِ الْمُلْتَقِطُ بَعْضَ أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ. وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ، أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: مُسْتَحَبٌّ. فَإِنْ شَرَطْنَاهُ، فَهَلْ يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ دَرَاهِمُ؟ قَالَ الْإِمَامُ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَلَكِنْ يَتَعَرَّضُ لِلْعِفَاصِ، وَالْوِكَاءِ، وَمَكَانِ الِالْتِقَاطِ وَزَمَنِهِ، وَلَا يَسْتَوْعِبُ الصِّفَاتِ، وَلَا يُبَالِغُ فِيهَا لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ. فَإِنْ بَالَغَ، فَفِي مَصِيرِهِ ضَامِنًا وَجْهَانِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، لَكِنْ قَدْ يَرْفَعُهُ إِلَى حَاكِمٍ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ بِالْوَصْفِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الضَّمَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثَةُ: إِنْ تَبَرَّعَ الْمُلْتَقِطُ بِالتَّعْرِيفِ، أَوْ بَذَلَ مُؤْنَتَهُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَإِنَّ أَخْذَهَا لِلْحِفْظِ أَبَدًا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إِنْ عَرَّفَ. وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي لِيَبْذُلَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ يَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ يَأْمُرَ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ. وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ، وَاتَّصَلَ الْأَمْرُ بِالتَّمَلُّكِ، فَمُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ قَطْعًا. وَإِنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا، فَهَلْ هِيَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِقَصْدِهِ التَّمَلُّكَ، أَمْ عَلَى الْمَالِكِ لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ إِلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَوَّلُهُمَا. وَلَوْ قَصَدَ الْأَمَانَةَ أَوَّلًا، ثُمَّ قَصَدَ التَّمَلُّكَ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ.

ص: 408

الرَّابِعَةُ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ، هُوَ فِيمَا إِذَا قَصَدَ التَّمَلُّكَ، أَمَّا إِذَا قَصَدَ الْحِفْظَ أَبَدًا، فَفِي وُجُوبِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ: وُجُوبُهُ، لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يَجِبُ، قَالُوا: لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إِنَّمَا يَجِبُ لِتَخْصِيصِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ.

قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَقْوَى، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الْخَامِسَةُ: لِيَكُنِ التَّعْرِيفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنَ الْجَمَاعَاتِ، وَلَا يُعَرِّفْ فِي الْمَسَاجِدِ، كَمَا لَا تُطْلَبُ اللُّقَطَةُ فِيهَا، قَالَ الشَّاشِيُّ فِي «الْمُعْتَمَدِ» : إِلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ التَّعْرِيفِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ. ثُمَّ إِذَا الْتَقَطَ فِي بَلْدَةٍ، أَوْ قَرْيَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّعْرِيفِ فِيهَا، وَلْيَكُنْ أَكْثَرُ تَعْرِيفِهِ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي وَجَدَ فِيهَا، لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعِ ضَيَاعِهِ أَكْثَرُ. فَإِنْ حَضَرَهُ سَفَرٌ، فَوَّضَ التَّعْرِيفَ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُسَافِرُ بِهَا. وَإِنِ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ، فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّهُ إِنِ اجْتَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ، تَبِعَهُمْ وَعَرَّفَ، وَإِلَّا، فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْمَوَاضِعِ الْخَالِيَةِ، وَلَكِنْ يُعَرِّفُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يَقْصِدُهَا قَرُبَتْ أَمْ بَعُدَتْ. وَإِنْ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ، أَوْ قَصَدَ بَلْدَةً أُخْرَى، عَرَّفَ فِيهَا، وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يُغَيِّرَ قَصْدَهُ، وَيَعْدِلَ إِلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، حَكَاهُ الْإِمَامُ، وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ. وَلَكِنْ ذَكَرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ يُعَرِّفُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ، وَهَذَا إِنْ أَرَادَ بِهِ الْأَفْضَلَ فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَيَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْعُدُولَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 409