الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَطْنَ الْأَوَّلَ الْوَقْفَ وَمَاتَ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي إِجَارَةِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَإِنَّمَا تَجُوزُ إِجَارَتُهُ مُدَّةً لَا تَتَحَقَّقُ الصِّفَةُ فِيهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَتْ، فَهُوَ كَإِجَارَةِ الصَّبِيِّ مُدَّةً يَتَحَقَّقُ بُلُوغُهُ فِيهَا.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيُّ ظَاهِرٌ إِنْ مَنَعْنَا بَيْعَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ بِجَوَازِ إِجَارَتِهِ هُنَا، لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِهِ، وَإِبْقَاءِ الْإِجَارَةِ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: وَإِنْ تَمَكَّنَ فَقَدْ لَا يَفْعَلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
كِتَابَةُ الْعَبْدِ الْمُكْرَى جَائِزَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَطَّانِ، بَاطِلَةٌ عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ.
قُلْتُ: الثَّانِي: أَقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ جَوَّزْنَاهَا، عَادَ الْخِلَافُ فِي الْخِيَارِ وَفِي الرُّجُوعِ عَلَى السَّيِّدِ.
قُلْتُ: وَمِنْ مَسَائِلِ الْ
فَصْلِ
، مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْقَوَاعِدِ السَّابِقَةِ: أَنَّهُ لَوْ أَكْرَى دَارًا لِعَبْدٍ ثُمَّ قَبَضَ الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ، فَانْهَدَمَتِ الدَّارُ، رَجَعَ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ فِي الْمُدَّةِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
إِذَا بَاعَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ، فَلَهُ حَالَانِ.
[الْحَالُ] الْأَوَّلُ: الْبَيْعُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ صَحِيحٌ قَطْعًا. ثُمَّ فِي الْإِجَارَةِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: تَنْفَسِخُ، قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْمِلْكَ لَا يَجْتَمِعَانِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا تَنْفَسِخُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ، يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يَرْجِعُ. وَلَوْ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ بِعَيْبٍ، لَمْ يَكُنْ [لَهُ] الْإِمْسَاكُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّهَا قَدِ انْفَسَخَتْ بِالشِّرَاءِ.
وَلَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ غَيْرُ بَاقِيَةٍ عِنْدَ التَّلَفِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الْأَصَحُّ، وَهُوَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِالشِّرَاءِ، فَفِي صُورَةِ فَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ لَهُ الْإِمْسَاكُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ فَسَخَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ، رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِأُجْرَةِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ.
وَفِي صُورَةِ التَّلَفِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِالتَّلَفِ، وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ، وَتَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْمِلْكَ هَلْ يَجْتَمِعَانِ؟ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: أَوْصَى لِزَيْدٍ بِرُقْبَةِ دَارٍ، وَلِعَمْرٍو بِمَنْفَعَتِهَا، وَأَجَّرَهَا لِعَمْرٍو، فَفِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْوَجْهَانِ. الثَّانِيَةُ: مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَوَارِثُهُ، الْمُؤَجِّرُ فَفِي انْفِسَاخِهَا الْوَجْهَانِ. الثَّالِثَةُ: أَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلْمَالِكِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَمَنَعَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، لِاجْتِمَاعِ الْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ. الرَّابِعَةُ: أَجَّرَ دَارَهُ لِابْنِهِ، وَمَاتَ الْأَبُ فِي الْمُدَّةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الِابْنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ، بُنِيَ أَوَّلًا عَلَى أَنَّ الْوَارِثَ هَلْ يَمْلِكُ التَّرِكَةَ وَهُنَاكَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ، بَقِيَتِ الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا. وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَعَلَى الْأَصَحِّ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: تَنْفَسِخُ، لِأَنَّ الْمِلْكَ طَرَأَ عَلَى الْإِجَارَةِ. وَادَّعَى الرُّوْيَانِيُّ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ.
وَإِذَا انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: الِابْنُ غَرِيمٌ يُضَارِبُ بِأُجْرَةِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِلْغُرَمَاءِ، وَوَافَقَهُ بَعْضُهُمْ، وَخَالَفَهُ الْمُعْتَبِرُونَ، لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا سَبَقَ عَنْهُ فِي الشِّرَاءِ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ،
وَضَعَّفُوا الْفَرْقَ. وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ الْمُؤَجِّرُ عَنِ ابْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ، فَعَلَى الْأَصَحِّ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الدَّارِ، وَيَسْكُنُهَا الْمُسْتَأْجِرُ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَرُقْبَتُهَا بَيْنَهُمَا بِالْإِرْثِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ أُجْرَةِ مَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى الِانْفِسَاخِ فِي النِّصْفِ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ، لَكِنَّهُ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَالتَّرِكَةُ فِي يَدِهِمَا، وَالدَّيْنُ الَّذِي يَلْحَقُهَا يَتَوَزَّعُ، فَيَخُصُّ الرَّاجِعَ الرُّبْعُ، وَيَرْجِعُ بِالرُّبْعِ عَلَى أَخِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمَيِّتُ سِوَى الدَّارِ، بِيعَ مِنْ نَصِيبِ الْأَخِ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الرُّجُوعُ، وَهَذَا بِعِيدٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، لِأَنَّ الِابْنَ الْمُسْتَأْجِرَ وَرِثَ نَصِيبَهُ بِمَنَافِعِهِ، وَأَخُوهُ وَرِثَ نَصِيبَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، ثُمَّ قَدْ تَكُونُ أُجْرَةُ مِثْلِ الدَّارِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِثْلَيْ ثَمَنِهَا، فَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْأَخِ بِرُبْعِ الْأُجْرَةِ، احْتَاجَ إِلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا قَدْ فَازَ بِجَمِيعِ نَصِيبِهِ، وَبَيْعِ نَصِيبِ الْآخَرِ وَحْدَهُ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَلَوْ لَمْ يُخْلِفْ إِلَّا الِابْنَ الْمُسْتَأْجِرَ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الِانْفِسَاخِ، وَلَا أَثَرَ لَهُ، لِأَنَّ الْكُلَّ لَهُ، سَوَاءٌ [أَخَذَ] بِالْإِرْثِ، أَوْ أَخَذَ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ بِالْإِجَارَةِ وَبَعْدَهَا بِالْإِرْثِ، وَسَوَاءٌ أَخَذَ بِالدَّيْنِ أَمْ بِالْإِرْثِ.
فَرْعٌ
أَجَّرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ الْوَقْفَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَمَاتَ الْمُؤَجِّرُ فِي الْمُدَّةِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَوْ أَجَّرَ أَجْنَبِيًّا بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ، لِأَنَّهُ طَرَأَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا أَوْلَى بِارْتِفَاعِ الْإِجَارَةِ. الْحَالُ الثَّانِي: الْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ سَوَاءٌ أَذِنَ الْمُسْتَأْجِرُ، أَمْ لَا. وَإِذَا صَحَّحْنَا، لَمْ تَنْفَسِخِ الْإِجَارَةُ، كَمَا
لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِبَيْعِ الْمُزَوَّجَةِ، وَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إِنْ كَانَ جَاهِلًا. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَلَا فَسْخَ لَهُ، وَلَا أُجْرَةَ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ جَاهِلًا وَأَجَازَ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُدَّةِ بَقَاءِ الزَّرْعِ إِذَا بَاعَ أَرْضًا مَزْرُوعَةً. وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ عَيْبًا، وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ، أَوْ عَرَضَ مَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ بِمَنْفَعَةٍ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ، لِمَنْ يَكُونُ؟ وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لِلْمُشْتَرِي. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: لِلْبَائِعِ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ. وَبَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، أَمْ مِنْ حِينِهِ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَكَأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَكُنْ. وَإِنْ قُلْنَا: مِنْ حِينِهِ، فَلِلْبَائِعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الرَّدِّ مَا يُوجِبُ الْحَقُّ لِلْمُشْتَرِي.
قَالَ: وَلَوْ تَقَايَلَا الْإِجَارَةَ، فَإِنْ قُلْنَا: الْإِقَالَةُ بَيْعٌ، فَهِيَ لِلْبَائِعِ. وَإِنْ قُلْنَا: فَسَخٌ، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهَا تَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهَا قَطْعًا. وَإِذَا حَصَلَ الِانْفِسَاخُ، رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَةِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ عَلَى الْبَائِعِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي.
فَرْعٌ
الْقَوْلَانِ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجْرِيَانِ فِي هِبَتِهِ، وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهِ قَطْعًا.
فَرْعٌ
لَوْ بَاعَ عَيْنًا وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهَا لِنَفْسِهِ سَنَةً أَوْ شَهْرًا، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا يُحْكَى عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ. وَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ.