الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَعُدِ الْجَمَّالُ، بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا مَا يَقْضِي بِثَمَنِهِ مَا اقْتَرَضَهُ وَحَفِظَ بَاقِيهَا. وَإِنْ رَأَى بَيْعَهَا لِئَلَّا تَأْكُلَ نَفْسَهَا، فَعَلَ.
فَصْلٌ
إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً أَوْ دَارًا مُدَّةً، وَقَبَضَهَا وَأَمْسَكَهَا حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ، انْتَهَتِ الْإِجَارَةُ وَاسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِهَا فِي الْمُدَّةِ، أَمْ لَا، وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ، لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَعَ الْمُسَمَّى. وَلَوْ ضُبِضَتِ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَمَلِ دُونَ الْمُدَّةِ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إِلَى بَلَدٍ، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ، وَقَبَضَهَا وَأَمْسَكَهَا عِنْدَهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا السَّيْرُ إِلَيْهِ، اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ أَيْضًا، وَسَوَاءٌ تَخَلَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ لِعُذْرٍ أَمْ لِغَيْرِهِ، حَتَّى لَوْ تَخَلَّفَ لَخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَدَمِ الرِّفْقَةِ، اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، لَأَنَّ الْمَنَافِعَ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ السَّفَرُ عَلَيْهَا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الْبَلَدِ تِلْكَ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْعَقْدِ بِهَذَا السَّبَبِ، وَلَا أَنْ يُلْزِمَ الْمُؤَجِّرَ اسْتِرْدَادَ الدَّابَّةِ إِلَى تَيَسُّرِ الْخُرُوجِ، هَذَا فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ دَابَّةً بِالْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ، فَمَضَتِ الْمُدَّةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ، اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ أَيْضًا، لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ وَحُصُولِ التَّمَكُّنِ. وَلَوْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً، اسْتَقَرَّتْ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ، أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكَثُرَ.
فَرْعٌ
أَجَّرَ الْحُرُّ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَسَلَّمَ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى مَضَتِ
الْمُدَّةُ، أَوْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ الْعَمَلُ، اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَلْزَمَ ذِمَّةَ الْحُرِّ عَمَلًا، فَسَلَّمَ نَفْسَهُ مُدَّةَ إِمْكَانِ ذَلِكَ الْعَمَلِ [وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَطَرَدَ الْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا الْتَزَمَ الْحُرُّ عَمَلًا فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ عَبْدَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ] فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَوَجَّهَهُ بِمَا يَقْتَضِي إِثْبَاتُ خِلَافٍ فِي كُلِّ إِجَارَةٍ عَلَى الذِّمَّةِ. ثُمَّ إِنْ قُلْنَا: لَا تَسْتَقِرُّ، فَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ.
فَرْعٌ
أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً، وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ، انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ، لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَلَوِ اسْتَوْفَى [مَنْفَعَةَ] الْمُدَّةِ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالِانْفِسَاخِ. وَلَوْ أَمْسَكَهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ سَلَّمَهَا، انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ فِي الْمَدَّةِ الَّتِي تَلِفَتْ مَنَافِعُهَا. وَفِي الْبَاقِي الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ، وَلَا يُبَدَّلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ. وَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْمُدَّةُ مُقَدَّرَةً، وَاسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إِلَى بَلَدٍ فَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْمُضِيُّ إِلَيْهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: لَا تَنْفَسِخُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفَعَةِ لَا بِالزَّمَانِ، وَلَمْ يَتَعَذَّرِ اسْتِيفَاؤُهَا. فَعَلَى هَذَا، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، كَمَا لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إِذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مُدَّةً ثُمَّ سَلَّمَهُ. وَشَذَّ الْغَزَالِيُّ فَقَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : لَهُ الْخِيَارُ، لِتَأَخُّرِ حَقِّهِ. وَالْمَعْرُوفُ، مَا سَبَقَ. وَلَوْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَلِّمْ مَا تُسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةُ مِنْهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا تَحْصِيلُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ بِحَالٍ، لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَأَخَّرَ إِيفَاؤُهُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: فَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا، كَفَوَاتِهَا حِسًّا فِي اقْتِضَاءِ الِانْفِسَاخِ، لِتَعَذُّرِ