الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُبُوبُ، وَالْأَدْهَانُ، وَالْأَلْبَانُ وَالسَّمْنُ، وَالْمَخِيضُ، وَالْخَلُّ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ، وَالزَّبِيبُ، وَالتَّمْرُ، وَنَحْوُهَا، فَمِثْلِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْخَالِصَةُ مِثْلِيَّةٌ. وَمُقْتَضَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِي السَّلَمِ فِيهَا خِلَافًا سَبَقَ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ: أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْمُكَسَّرَةِ الْخِلَافُ فِي التِّبْرِ وَالسَّبِيكَةِ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَغْشُوشَةُ، فَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا فَمِثْلِيَّةٌ، وَإِلَّا فَمُتَقَوَّمَةٌ.
فَصْلٌ
إِذَا غَصَبَ مِثْلِيًّا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ، وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ، فَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى فُقِدَ أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ. وَالْمُرَادُ بِالْفِقْدَانِ:[أَنْ] لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي انْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَفِي الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا. أَصَحُّهَا: يَجِبُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى الْإِعْوَازِ. وَالثَّانِي: أَقْصَاهَا مِنَ الْغَصْبِ إِلَى التَّلَفِ. وَالثَّالِثُ: أَقْصَاهَا مِنَ التَّلَفِ إِلَى الْإِعْوَازِ، وَرُبَّمَا بُنِيَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَ إِعْوَازِ الْمِثْلِ هَلْ هُوَ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ الَّذِي أُتْلِفَ عَلَى الْمَالِكِ أَمْ قِيمَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عِنْدَ التَّلَفِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَبِي الطَّيِّبِ ابْنِ سَلَمَةَ. وَالرَّابِعُ: أَقْصَاهَا مِنَ الْغَصْبِ إِلَى تَغْرِيمِ الْقِيمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا. وَالْخَامِسُ: أَقْصَاهَا مِنَ الْإِعْوَازِ إِلَى الْمُطَالَبَةِ. وَالسَّادِسُ: أَقْصَاهَا مِنْ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ إِلَى الْمُطَالَبَةِ. وَالسَّابِعُ: قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ. وَالثَّامِنُ: يَوْمَ الْإِعْوَازِ، اخْتَارَهُ أَبُو عَلِيٍّ الزُّجَاجِيُّ، بِضَمِّ الزَّايِ، وَالْحَنَّاطِيُّ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَأَبُو خَلَفٍ السُّلَمِيُّ. وَالتَّاسِعُ: يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ. وَالْعَاشِرُ: إِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ فَقِيمَةُ يَوْمِ الْإِعْوَازِ. وَإِنْ فُقِدَ هُنَاكَ فَقَطْ، فَقِيمَةُ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ. وَالْحَادِيَ عَشَرَ: حُكِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إِنْ ثَبَتَ عَنْهُ: قِيمَةُ يَوْمِ
أَخْذِ الْقِيمَةِ، لَا يَوْمِ الْمُطَالَبَةِ، وَلَوْ غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ وَالْمِثْلُ مَفْقُودٌ، فَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: أَقْصَى الْقِيَمِ مِنَ الْغَصْبِ إِلَى التَّلَفِ. وَعَلَى الثَّالِثِ وَالسَّابِعِ وَالثَّامِنِ: [قِيمَةُ] يَوْمِ التَّلَفِ وَأَنْ يَعُودَ. وَالرَّابِعُ وَالسَّادِسُ وَالتَّاسِعُ بِحَالِهَا. وَعَلَى الْخَامِسِ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنَ التَّلَفِ إِلَى يَوْمِ التَّقْوِيمِ. وَالْعَاشِرُ بِحَالِهِ.
قُلْتُ: وَالْحَادِيَ عَشَرَ بِحَالِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَتْلَفَ لِرَجُلٍ مِثْلِيًّا بِلَا غَصْبٍ، وَكَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا فَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى فُقِدَ، فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: قِيمَةُ يَوْمِ الْإِتْلَافِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ: أَقْصَى الْقِيَمِ مِنَ الْإِتْلَافِ إِلَى الْإِعْوَازِ. وَعَلَى الرَّابِعِ: مِنَ الْإِتْلَافِ إِلَى التَّقْوِيمِ. وَالْقِيَاسُ عَوْدُ الْأَوْجُهِ الْبَاقِيَةِ. وَلَوْ أَتْلَفَهُ وَالْمِثْلُ مَفْقُودٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْأَوَائِلِ وَالسَّابِعِ وَالثَّامِنِ: تَجِبُ قِيمَةُ يَوْمِ الْإِتْلَافِ. وَعَلَى الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ: أَقْصَى الْقِيَمِ مِنَ الْإِتْلَافِ إِلَى التَّقْوِيمِ. وَعَلَى التَّاسِعِ: قِيمَةُ يَوْمِ التَّقْوِيمِ. وَعَلَى الْعَاشِرِ: إِنْ كَانَ مَفْقُودًا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَيَوْمُ الْإِتْلَافِ، وَإِلَّا فَيَوْمُ التَّغْرِيمِ.
فَرْعٌ
مَتَى غَرِمَ الْغَاصِبُ أَوِ الْمُتْلِفُ الْقِيمَةَ لِإِعْوَازِ الْمِثْلِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ، هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
قُلْتُ: وَيَجْرِيَانِ، فِي أَنَّ الْغَاصِبَ وَالْمُتْلِفَ، هَلْ لَهُمَا رَدُّ الْمِثْلِ وَطَلَبُ الْقِيمَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
فِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ هَلْ يُؤْخَذُ مِثْلُهُ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ
أَمَّا الْمَكَانُ، فَإِذَا غَصَبَ مِثْلِيًّا وَنَقَلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَدَّهُ، وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ لِلْحَيْلُولَةِ. ثُمَّ إِذَا رَدَّهُ الْغَاصِبُ رَدَّ الْقِيمَةَ وَاسْتَرَدَّهُ. فَلَوْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ، طَالَبَهُ بِمِثْلِهِ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِ مِنَ الْبَلَدَيْنِ لِتَوَجُّهِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. فَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ غَرَّمَهُ [قِيمَةَ] أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً. وَلَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ عِنْدَهُ فِي بَلَدٍ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ فِي آخَرَ، هَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ: إِنْ كَانَ مِمَّا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ الْمِثْلِ، وَلَا لِلْغَارِمِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْمِثْلِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُهُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ. وَإِنْ لَزِمَتْ مُؤْنَةٌ وَزَادَتِ الْقِيمَةُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا فِي وَقْتِ الرُّخْصِ، لَهُ طَلَبُ الْمِثْلِ فِي الْغَلَاءِ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبَلَدِ لَا تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَأَخَذَ الْقِيمَةَ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ التَّلَفِ هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ؟ وَهَلْ لِصَاحِبِهِ اسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ وَبَذْلُ الْمِثْلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ لِإِعْوَازِ الْمِثْلِ. وَلَوْ نَقَلَ الْمَغْصُوبَ الْمِثْلِيَّ إِلَى بَلَدٍ، وَتَلِفَ هُنَاكَ، أَوْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي بَلَدٍ ثَالِثٍ وَقُلْنَا: إِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّلَفِ، فَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً. وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَ الزَّمَانُ، فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ وَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ وَإِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الْمِثْلُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ وَمَالِيَّةٌ. فَأَمَّا إِنْ خَرَجَ بِأَنْ أَتْلَفَ مَاءَهُ فِي مَفَازَةٍ، ثُمَّ اجْتَمَعَا عَلَى شَطِّ نَهْرٍ أَوْ فِي بَلَدٍ، أَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْجَمْدَ فِي الصَّيْفِ وَاجْتَمَعَا فِي الشِّتَاءِ، فَلَيْسَ لِلْمُتْلِفِ بَذْلُ الْمِثْلِ، بَلْ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمِثْلِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَفَازَةِ [وَفِي الصَّيْفِ، وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَفَازَةِ] أَوْ فِي الصَّيْفِ،