المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجوزجاني: ساقط، وهو صاحب حديث حسن يوسف1". وقال الإمام الذهبي في - الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير

[محمد أبو شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات:

- ‌شعار الكتاب وشيء من مزايا هذه الطبعة الخامسة:

- ‌مقدمة الكتاب لفضيلة الدكتور محمد محمد أبو شهبة

- ‌معنى إسرائيليات وموضوعات وتفسير

- ‌الإسرائيليات

- ‌ الموضوعات:

- ‌ التفسير:

- ‌أقسام التفسير

- ‌التفسير بالمأثور

- ‌مدخل

- ‌ تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌ تفسير القرآن بالسنة:

- ‌ تفسير الصحابة:

- ‌المفسرون من الصحابة

- ‌مدخل

- ‌ علي بن أبي طالب:

- ‌ عبد الله بن مسعود:

- ‌ أبي بن كعب:

- ‌ زيد بن ثابت:

- ‌ عبد الله بن عباس:

- ‌المفسرون من التابعين

- ‌مدارس التفسير

- ‌مدخل

- ‌ مدرسة مكة:

- ‌ مدرسة المدينة:

- ‌ المفسرون من مدرسة العراق:

- ‌ مدرسة الشام:

- ‌ مدرسة مصر:

- ‌ مدرسة اليمن:

- ‌طبقة أخرى من المفسرين بالمأثور:

- ‌تلون كتب التفاسير بثقافة مؤلفيها:

- ‌تفسيرات المبتدعة والباطنية والملحدة:

- ‌التفسير بغير المأثور

- ‌مدخل

- ‌أدلة القائلين بعدم جواز التفسير بالرأي والاجتهاد:

- ‌جواز التفسير بالرأي والاجتهاد:

- ‌المنهج القويم في تفسير القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌غلبة الضعف على التفسير بالمأثور:

- ‌ملاحظة الأئمة القدامي لهذه الظاهرة:

- ‌أسباب الضعف في التفسير بالمأثور:

- ‌خطورة رفع هذه الإسرائيليات إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌بعض الإسرائيليات قد يصح السند إليها:

- ‌رواية الكذب ليس معناه أنه هو الذي اختلقه

- ‌ترجمات:

- ‌أقسام الإسرائيليات

- ‌مدخل

- ‌تشديد سيدنا عمر على من كان يكتب شيئًا من كتب اليهود:

- ‌أسباب الخطأ في التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي والاجتهاد

- ‌مدخل

- ‌تفاسير المعتزلة:

- ‌تفسير ابن جرير وابن عطية وأمثاله:

- ‌الاختلاف بين السلف في التفسير اختلاف تَنَوُّع:

- ‌التعارض بين التفسير بالمأثور والتفسير بالاجتهاد وما يتبع في الترجيح بينهما:

- ‌أهم كتب التفسير بالمأثور

- ‌جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري

- ‌الدر المنثور في التفسير المأثور

- ‌كتب جمعت بين المأثور وغيره:

- ‌ الكشف والبيان عن تفسير القرآن:

- ‌ معالم التنزيل:

- ‌ تفسير القرآن العظيم:

- ‌نظرات مجملة في أشهر كتب التفسير بالرأي والاجتهاد

- ‌الكشاف عن حقائق التنزيل، وعيون الأقاويل في وجوه التأويل

- ‌ تفسير مفاتيح الغيب:

- ‌ أنوار التنزيل، وأسرار التأويل:

- ‌ الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان:

- ‌مدارك التنزيل وحقائق التنزيل

- ‌ لباب التأويل في معاني التنزيل:

- ‌ البحر المحيط لأبي حيان:

- ‌ السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير:

- ‌ إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم:

- ‌ روح المعاني في تفسير القرآن، والسبع المثاني:

- ‌الخلاصة:

- ‌نقد التفسير بالمأثور إجمالا:

- ‌نقد الطرق والرواة تفصيلا

- ‌الطرق عن ابن عباس

- ‌طرق المرويات في سبب النزول:

- ‌ تفسير أبي بن كعب والطرق عنه:

- ‌ أشهر الطرق عن ابن مسعود:

- ‌ أصح الطرق عن علي رضي الله عنه:

- ‌ المروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص في التفسير:

- ‌الإسرائيليات في القرآن

- ‌الإسرائيليات في قصة هاروت وماروت

- ‌ إسرائيليات في المسوخ من المخلوقات:

- ‌ الإسرائيليات في بناء الكعبة: البيت الحرام والحجر الأسود:

- ‌ الإسرائيليات في قصة التابوت:

- ‌ الإسرائيليات في قصة قتل داود جالوت:

- ‌ الإسرائيليات في قصص الأنبياء والأمم السابقة:

- ‌ ما ورد في قصة آدم عليه السلام:

- ‌ الإسرائيليات في عظم خلق الجبارين وخرافة عوج بن عوق:

- ‌ الإسرائيليات في قصة التيه:

- ‌ الإسرائيليات في "المائدة التي طلبها الحواريون

- ‌ الإسرائيليات في سؤال موسى ربَّه الرؤيةَ:

- ‌ الإسرائيليات في ألواح التوراة:

- ‌ إسرائيلية مكذوبة في سبب غضب موسى لما ألقى الألواح:

- ‌ إسرائيليات وخرافات في بني إسرائيل:

- ‌ الإسرائيليات في نسبة الشرك إلى آدم وحواء:

- ‌ الإسرائيليات في سفينة نوح:

- ‌ الإسرائيليات في قصة يوسف عليه السلام:

- ‌الإسرائيليات في قوله تعالى: ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه

- ‌مدخل

- ‌الفرية على المعصوم صلى الله عليه وسلم:

- ‌التفسير الصحيح لقوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}

- ‌ الإسرائيليات في سبب لبث يوسف في السجن:

- ‌ الإسرائيليات في شجرة طوبى:

- ‌ الإسرائيليات في إفساد بني إسرائيل:

- ‌ الإسرائيليات في قصة أصحاب الكهف:

- ‌ الإسرائيليات في قصة ذي القرنين:

- ‌ الإسرائيليات في قصة يأجوج ومأجوج:

- ‌ الإسرائيليات في قصة بلقيس ملكة سبأ:

- ‌ الإسرائيليات في هدية ملكة سبأ لسيدنا سليمان:

- ‌ الإسرائيليات في قصة الذبيح، وأنه إسحاق:

- ‌ الإسرائيليات في قصة إلياس عليه السلام:

- ‌ الإسرائيليات في قصة داود عليه السلام:

- ‌ الإسرائيليات في قصة سليمان عليه السلام:

- ‌ الإسرائيليات في قصة أيوب عليه السلام:

- ‌ الإسرائيليات في قصة إرم ذات العماد:

- ‌الإسرائيليات فيما يتعلق بعمر الدنيا وبدء الخلق وأسرار الوجود وتعليل بعض الظواهر الكونية

- ‌مدخل

- ‌ما يتعلق بعمر الدنيا:

- ‌ما يتعلق بخلق الشمس والقمر:

- ‌ما يتعلق بتعليل بعض الظواهر الكونية:

- ‌ما ذكره المفسرون في الرعد والبرق في كتبهم:

- ‌أقوال الرسول عند سماع الرعد ورؤية البرق:

- ‌رأي العلم في حدوث الرعد، والبرق، والصواعق:

- ‌جبل قاف المزعوم، وحدوث الزلازل:

- ‌الإسرائيليات في تفسير: {نْ وَالْقَلَم}

- ‌الموضوعات وكتب التفسير

- ‌مدخل

- ‌الأحاديث الموضوعة في فضائل السور والآيات

- ‌حديث أبي بن كعب الطويل

- ‌المفسرون قد يذكرون أحاديث صحيحة في الفضائل:

- ‌ إبطال ما ورد في قصة السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها:

- ‌سبب نزول مشهور على الألسنة وهو موضوع

- ‌ سبب نزول عليه أثر العصبية السياسية:

- ‌ما ذكره بعض المفسرين في تأييد رأي أو بيان معنى: "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء

- ‌ حديث: أنا "ابن الذبيحين

- ‌ تفسير شيعي:

- ‌ بعض القراءات الموضوعة:

- ‌خاتمة الكتاب:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: الجوزجاني: ساقط، وهو صاحب حديث حسن يوسف1". وقال الإمام الذهبي في

الجوزجاني: ساقط، وهو صاحب حديث حسن يوسف1".

وقال الإمام الذهبي في "ميزان الاعتدال2": قال ابن معين: ليس بثقة، وقال مرة: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث وقال مرة: تركوه، وهو راوي حديث:"إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"!! فهل مثل هذا تعتبر روايته في مثل هذا، وبحسبه سقوطا مقالة البخاري فيه:"منكر الحديث" و: "تركوه".

1 تفسير ابن كثير والبغوي: ج4 ص 414، 415.

2 ميزان الاعتدال ج ص 268 ط السعادة.

ص: 220

‌الإسرائيليات في قوله تعالى: ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه

‌مدخل

18-

الإسرائيليات في قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّه}

ومن الإسرائيليات المكذوبة التي لا توافق عقلا ولا نقلا: ما ذكر ابن جرير في تفسيره، وصاحب:"الدر المنثور" وغيرهما من المفسرين في قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّه} فقد ذكروا في هم يوسف عليه الصلاة والسلام ما ينافي عصمة الأنبياء وما يخجل القلم من تسطيره، لولا أن المقام مقام بيان وتحذير من الكذب على الله وعلى رسله، وهو من أوجب الواجبات على أهل العلم.

فقد رووا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ؟ قال: حل الهميان -يعني السراويل- وجلس منها مجلس الخائن، فصيح به: يا يوسف: لا تكن كالطير له ريش، فإن زنى قعد ليس له ريش، ورووا مثل هذا عن على رضي الله عنه وعن مجاهد وعن سعيد بن جبير.

ورووا أيضا في البرهان الذي رآه، ولولاه لوقع في الفاحشة بأنه نودي: أنت مكتوب في الأنبياء، وتعمل عمل السفهاء وقيل: رأى صورة أبيه يعقوب في الحائط، وقيل: في سقف الحجرة وأنه رآه على إبهامه، وأنه لم يتعظ بالنداء، حتى رأى أباه على هذه الحال، بل أسرف واضعو هذه الإسرائيليات الباطلة، فزعموا أنه لما لم يرعوِ من رؤية

ص: 220

صورة أبيه عاضا على أصابعه، ضربه أبوه يعقوب، فخرجت شهوته من أنامله، ولأجل أن يؤيد هؤلاء الذين افتروا على الله ونبيه يوسف هذا الافتراء، يزعمون أيضا أن كل أبناء يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدا ما عدا يوسف، فإنه نقص بتلك الشهوة التي خرجت من أنامله ولدا، فلم يولد له غير أحد عشر ولدا، بل زعموا أيضا في تفسير البرهان، فما روي عن ابن عباس أنه رأى ثلاث آيات من كتاب الله: قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ} وقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيه} ، وقوله تعالى:{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} وقيل: رأي: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} !!، ومن البديهي أن هذه الآيات بهذا اللفظ العربي لم تنزل على أحد قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان الذين افتروا هذا لا يعدمون جوابا، بأن يقولوا: رأى ما يدل على معاني هذا الآيات بلغتهم التي يعرفونها، بل قيل في البرهان: إنه أري تمثال الملك، وهو العزيز، وقيل خياله1، وكل ذلك مرجعه إلى أخبار بني إسرائيل وأكاذيبهم التي افتجروها على الله وعلى رسله، وحمله إلى بعض الصحابة والتابعين: كعب الأحبار ووهب بن منبه، وأمثالهما.

وليس أدل على هذا: مما روي عن وهب بن منبه قال: "لما خلا يوسف، وامرأة العزيز، خرجت كف بلا جسد بينهما، مكتوب عليها بالعبرانية:{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَت} ، ثم انصرفت الكف، وقاما مقامهما، ثم رجعت الكف بينهما، مكتوب عليها بالعبرانية:{إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} ، ثم انصرفت الكف، وقاما مقامهما، فعادت الكف الثالثة مكتوب عليها:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} وانصرفت الكف، وقاما مقامهما فعادت الكف الرابعة مكتوب عليها بالعبرانية:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} ، فولَّى يوسف عليه السلام هاربا2.

1 تفسير الطبري: ج 12 ص 108- 114، الدر المنثور: ج4 ص 13، 14، وتفسير ابن كثير والبغوي: ج4 ص 430-432.

2 الدر المنثور: ج 4 ص 14.

ص: 221

وقد كان وهب أو من نقل عنه وهب ذكيًّا بارعًا حينما زعم أن ذلك كان مكتوبا بالعبرانية، وبذلك أجاب عما استشكلته، ولكن مع هذا لن يجوز هذا الكذب إلا على الأغرار والسذج من أهل العلم ولا أدرى أي معنى يبقى للعصمة بعد أن جلس بين فخذيها، وخلع سرواله؟! وما امتناعه عن الزنا عن مروياتهم المفتراة إلا وهو مقهور مغلوب؟!

ولو أن عربيدا رأى صورة أبيه بعد مماته تحذره من معصية لكف عنها، وانزجر، فأي فضل ليوسف إذًا، وهو نبي من سلالة أنبياء؟!!

ثم ما هذا الاضطراب الفاحش في الروايات؟! أليس الاضطراب الذي لا يمكن التوفيق بينه كهذا من العلل التي رد المحدثون بسببها الكثير من المرويات؟! لأنه أمارة من أمارات الكذب والاختلاق، والباطل لجلج، وأما الحق فهو أبلج.

ثم كيف يتفق ما حيك حول نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام وقول الحق تبارك عقب ذكر الهم: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين} 1، فهل يستحق هذا الثناء من حل التكة، وخلع السروال، وجلس بين رجليها؟! ولا أدرى أنصدق الله تبارك وتعالى، أم نصدق كذبة بني إسرائيل ومخرفيهم؟!!

بل كيف يتفق ما روى هو وما حكاه الله عز وجل عن زليخا بطلة المراودة، حيث قالت:{أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِين} 2 وهو اعتراف صريح للبطلة التي أعيتها الحيل عن طريق التزين حينا، والتودد إليه بمعسول القول، حينا آخر،

1 قرئ في السبع بضم الميم وفتح اللام، أي: الذين اصطفاهم واختارهم لنبوته ورسالته، وقرئ بكسر اللام، أي: الذين أخلصوا لله التوحيد والعبادة، والمعنى الثاني لازم للأول، فمن اصطفاه الله لا بد أن يكون مخلصا.

2 يوسف: 51.

ص: 222

والإرهاب والتخويف حينا ثالثا، فلم تفلح:{لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِين} ،

وانظر ماذا كان جواب السيد العفيف، الكريم ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم صلوات الله وسلامه: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ، فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 2، وقصده عليه السلام بقوله:{وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُن} : تبرؤ من الحول والطول، وأن الحول والقوة إنما هما من الله، وسؤال منه لربه، واستعانة به على أن يصرف عنه كيدهن، وهكذا: شأن الأنبياء.

بل قد شهد الشيطان نفسه ليوسف عليه السلام في ضمن قوله كما حكاه الله سبحانه عنه بقوله: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين} 3 ويوسف بشهادة الحق السالفة من المخلصين.

وكذلك شهد ليوسف شاهد من أهلها4، فقال:{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيم} 5، وقد أسفر التحقيق عن براءة يوسف وإدانة زليخا: امرأة العزيز.

فكيف تتفق كل هذه الشهادات الناصعة الصادقة، وتلك الروايات المزورة؟!! وقد ذكر الكثير من هذه الروايات ابن جرير الطبري، والثعلبي، والبغوي، وابن كثير، والسيوطي، وقد مر بها ابن كثير بعد أن نقلها حاكيا من غير أن ينبه إلى زيفها، وهو الناقد البصير!!

1 يوسف: 32.

2 يوسف: 33، 34.

3 ص: 82، 83.

4 قيل: كان رجلا عاقلا حكيما مجربا من خاصة الملك، وكان من أهلها، وقيل: كان صبيا في المهد وكان ذلك إرهاصا بين يدي نبوة يوسف، إكراما له.

5 يوسف: 26-28.

ص: 223

ومن العجيب حقا: أن الإمام ابن جرير على جلالة قدره يحاول أن يضعف في تفسيره مذهب الخلف الذين ينفون هذا الزور والبهتان، ويفسرون الآيات على حسب ما تقتضيه اللغة، وقواعد الشرع، وما جاء في القرآن والسنة الصحيحة الثابتة، ويعتبر هذا المرويات التي سُقْتُ لك زروًا منها آنفا، هي: قول جميع أهل العلم بتأويل القرآن الذين يؤخذ عنهم1!!! وكذلك تابعه على مقالته تلك الثعلبي والبغوي في تفسيريهما2!!

وهذا المرويات الغثة المكذوبة التي يأباها النظم الكريم، ويجزم العقل والنقل باستحالتها على الأنبياء عليهم السلام هي التي اعتبرها الطبري ومن تبعه أقوال السلف!!

بل يسير في خط اعتبار هذا المرويات، فيورد على نفسه سؤالا فيقول: فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا وهو لله نبي؟! ثم أجاب بما لا طائل تحته، ولا يليق بمقام الأنبياء3 قاله الواحدى في تفسيره:"البسيط".

وأعجب من ذلك: ما ذهب إليه الواحدي في: "البسيط" قال: قال المفسرون الموثوق بعلمهم، المرجوع إلى روايتهم، الآخذون للتأويل، عمن شاهدوا التنزيل: هَمَّ يوسف عليه السلام بهذه المرأة هما صحيحا وجلس منها مجلس الرجل من المرأة، فلما رأى البرهان من ربه زالت كل شهوة منه.

وهي غفلة شديدة من هؤلاء الأئمة لا نرضاها، ولولا أني أنزه لساني وقلمي عن الهجر من القول، وأنهم خلطوا في مؤلفاتهم عملا صالحا وآخر سيئا لقسوت عليهم، وحق لي هذا، لكني أسأل الله لي ولهم العفو والمغفرة.

وهذه الأقوال التي أسرف في ذكرها هؤلاء المفسرون: إما إسرائيليات وخرافات وضعها زنادقة أهل الكتاب القدماء، الذي أرادوا بها النيل من الأنبياء والمرسلين، ثم

1 تفسير الطبري: ج 12 ص 110.

2 تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير: ج 4 ص 43.

3 تفسير الطبري: ج 12 ص 109، 110.

ص: 224