الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10-
روح المعاني في تفسير القرآن، والسبع المثاني:
ومؤلفه هو: خاتمة المحققين، وعمدة المدققين، وإمام المفسرين، أبو الثناء شهاب الدين السيد الإمام محمود بن عبد الله الآلوسي1 البغدادي، الحنفي2، مفتي بغداد، وعالمها في القرن الثالث عشر الهجري.
وُلِدَ سنة سبع عشرة ومائتين بعد الألف من الهجرة، في جانب الكرخ من بغداد.
نبغ في العلوم من صغره، وأخذ عن كثير من فحول علماء عصره منهم والده، والشيخ خالد النقشبندي، واشتغل بالتدريس، والتأليف وهو ابن ثلاث عشرة، وقد تتلمذ عليه كثيرون، وتخرج على يديه بعض العلماء الفضلاء من بلاد مختلفة، ولما ولي الإفتاء شرع يدرس كل العلوم في داره، بجوار جامع الشيخ عبد الله العاقولي بالرصافة، وقد ساعده على ذلك: نبوغه في علوم شتى، وجمع إلى العلم النقلي والعقلي الأدبَ وفنونَه، فمن ثم عرف بجزالة التعبير، وسلاسة الأسلوب، وحسن التصرف في القول، وبروحه اللطيفة الفكهة، ومن تعبيراته اللطيفة التي لا تخلو من الفكاهة تسميته للحروف الزائدة بأنها:"سيف خطيب"، وعن النكات البلاغية بأنها:"كالوردة، إن دعكتها أزلت ما فيها من رائحة وجمال".
ولم يترك لنا من المؤلفات كثيرًا، على ما كان يمتاز به من التبحر في كل علم، وفن، وسعة الإطلاع، وإجادة الاختيار والاختصار ومن مؤلفاته: شرح السلم في المنطق، وقد فقد، "والأجوبة العراقية عن الأسئلة الاهورية"، و"الأجوبة العراقية على الأسئلة الإيرانية" و"درة الغواص في أوهام الخواص"، و"النفحات القدسية في المباحث الإمامية"، و"الفوائد السنية في علم آداب البحث"، وبحسبه "روح المعاني"، الذي اشتمل على مباحث: بعضها يصل إلى رسالة صغيرة، وكانت وفاته بعد هذه الحياة.
1 نسبة إلى "آلوس" جزيرة في نهر الفرات بين بغداد والشام، كانت موطن أهله وأجداده.
2 لست مع الذين يقولون: إنه كان شافعيا ويقلد أبا حنيفة في كثير من المسائل، فكتاب التفسير طافح بقوله: وعندنا..... ثم يسوق مذهب الحنفية.
العلمية المباركة: عام سبعين ومائتين وألف1 بعد الهجرة، فرضي الله عنه وأرضاه.
منهجه في تفسيره وقيمته العلمية:
وتفسير "روح المعاني" خير تفسير، وأجمعه، وأوفاه، وقد جمع فيه خلاصة كل كتب التفسير قبله وحواشيها، ولا سيما حاشية: تفسير الكشاف، وحاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي، وقد حل بعض رموزها، وعباراتها الخفية التي استعصى فهم المراد منها على العلماء، وله استدراكات قيمة، وتعقبات دقيقة لمن سبقه من العلماء.
وكثيرًا ما يدلي برأيه بين الآراء، فهو ليس مجرد ناقل، بل له شخصيته العلمية البارزة، وأفكاره النيرة، وليس في تفسيره ما يؤاخذ عليه إلا كثرة الاستطرادات، والتوسع فيما يستطرد إليه، حتى يكاد يغرق القارئ لكتابه في بحر هذه الاستدراكات، ولو أن أحدا نزع ما استطرد إليه من كتابه، لجاءت في رسائل كثيرة، وكذلك ذكره للتفسير الإشاري، فليس ثمة ما يدعو إليه؛ ولعله فعل ذلك لنزعة تصوُّفية، وليجيء كتابه جامعا لكل الألوان التفسيرية، ومرضيا لجميع الأذواق.
ولما كان الإمام الآلوسي من المتأخرين، وكانت له مشاكرة علمية في كثير من العلوم، وسعة اطلاع على كلام من سبقوه، ولا سيما علماء الحديث، وأئمته العارفين بمتونه وأسانيده، فمن ثم لم يقع فيما وقع فيه بعض المفسرين السابقين له من ذكر الأحاديث الموضوعة في الفضائل وغيرها، وكذلك خلا تفسيره من الاغترار بالإسرائيليات، وهو إنما ذكرها لينبه إلى اختلاقها، وبطلانها وتحذير المسلمين ولا سيما طلبة العلم وأهله من التصديق بها أو أن لها أصلا في الإسلام، ولم أعلم أحدا من المفسرين، بعد العلامة الحافظ ابن كثير في تفسيره، حارب الإسرائيليات، والموضوعات، مثل ما فعل الإمام الآلوسي في تفسيره، فقد أفاض في رد هذه الإسرائيليات والمختلفات، كما صنع في قصة اسماعيل، وإسحاق، وأيهما الذبيح؟ وبيان أن كونه إسحاق رأي باطل تدسس إلى الرواية الإسلامية وفي قصة يوسف وداود وسليمان وأيوب ونحوها الغرانيق......... وقد
1 انظر ترجمته في أول الجزء الأول من النسخة الأميرية المطبوعة في بولاق.