الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقيه أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852هـ، في رسالة سماها:"الكافِ الشافِ في تخريج أحاديث الكشاف"، وقد طبعت مع الكشاف في بعض الطبعات، فجزاهما الله خير الجزاء.
2-
تفسير مفاتيح الغيب:
ومؤلفه هو الإمام، النظار، المتكلم فخر الدين: محمد ابن العلامة ضياء الدين عمر الرازي1، المشتهر بخطيب الري، وهو عربي، قرشي من سلالة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان مولده سنة 543هـ ثلاث وأربعين وخمسمائة في مدينة الري، وكانت حينئذ العاصمة الكبرى لبلاد العراق العجمي، وقد بادت الآن، وتوجد خرائبها، وآثارها على مقربة من مدينة:"طهران" عاصمة المملكة الإيرانية.
وقد تنقل الإمام فخر الدين في البلاد الأعجمية، من الري إلى خراسان، وبخارى إلى العراق، والشام، وكان أكثر استقراره وتدريسه "بخوارزم"2، ثم استوطن مدينة:"هراة" من البلاد الأفغانية، وكانت وفاته بها سنة 606هـ ست وستمائة3.
وقد كان الإمام من كبار أهل العلم بالأصلين: أصول الدين، وأصول الفقه، وكبار علماء الكلام على مذهب أهل السنة، فمن ثم ناقش -وأكثر- أهل الاعتزال وغيرهم، وكذلك كان عالما بالفلسفة، ومذاهب الفلاسفة، فمن ثم: سلك مسلك الحكماء الإلهيين، فصاغ أدلته في مباحث الإلهيات، على نمط استدلالاتهم العقلية، ولكن مع تهذيبها بما يوافق أصول أهل السنة، وتعرض لآراء الفلاسفة، في قدم العالم وغيره وشبههم، وتفنيدها، ونقضها في مواضع من كتابه.
وكذلك: سلك مسلك الحكماء الطبيعين في الكونيات، فتكلم في خلق السماوات، والأرض، وما فيها من إنسان، وحيوان، ونبات، مبينا حكمة الله في مخلوقاته، مستدلا
1 الرازي نسبة إلى الري على غير قياس.
2 مدينة شرق بحيرة قزوين.
3 التفسير ورجاله ص 68، 69.
بها على وجود الله، وعلمه، وقدرته وإرادته وسائر صفاته.
وقد قصد الإمام الرازي من دراسته التفسيرية: أن يبين تفوق الحكمة القرآنية على سائر الطرق الفلسفية، وانفراد القرآن بهداية العقول البشرية، إلى غايات الحكمة، من طريق العصمة، فقد كتب في وصيته التي أملاها عند احتضاره:
"لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن؛ لأنه يسعى في تسليم العظيم والجلال لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك الحقائق العميقة والمناهج الخفية".
قيمة تفسيره العلمية:
إن تفسير: مفاتيح الغيب" من أجل التفاسير، وإن كان أطال في الاستدلال، ورد الشبه، إطالة كادت تغطي على كونه كتاب تفسير ولست مع ابن عطية الذي قال فيه: "فيه كل شيء إلا التفسير"؛ فإنه رحمه الله مع الاستطراد إلى ذكر الأدلة والبراهين، قد وفى التفسير حقه، ولولا أن هذا ليس من غرضي في هذا الكتاب، لأقمت على هذا ألف دليل، ومن مميزات هذا التفسير الجليل: أنه يكاد يخلو من الإسرائيليات، وإذا ذكر شيئا فذلك لأجل أن يبطله، وذلك كما صنع في قصة هاروت وماروت، وقصص داود، وسليمان وغيرهما، كما تعرض بالتزييف لبعض المرويات التي تخل بعَظَمَة النبي صلى الله عليه وسلم وأبطلها كما صنع في قصة الغرانيق، وسنعرض لإبطالها إن شاء الله.
نعم قد ذكر بعض المرويات التي تعتبر من الإسرائيليات، وذلك مثل ما روي في:"ن" وأنه الحوت الذي على ظهره الأرض، وإن كان ضعفه فيما ضعف من أقوال في هذه الآية، ولكن لم يعوَّل في التضعيف على مخالفتها للعقل، أو ضعفها من جهة النقل، أو كونها من الإسرائيليات، وإنما اعتمد على وجه أخر يرجع إلى النحو1.
1 انظر تفسير الفخر في قوله تعالى: {نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ،