الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حينه، ثم ذكر قصة طويلة في وصف النار، وأن النبي بكى، وجبريل بكى، حتى نوديا: لا تخافا إن الله أمنكما أن تعصياه1، وأغلب الظن: أنه من الإسرائيليات التي دست في الرواية الإسلامية.
1 الدر المنثور ج1 ص 102، 103.
3-
الإسرائيليات في بناء الكعبة: البيت الحرام والحجر الأسود:
وكذلك أكثَرَ السيوطي في تفسيره: "الدر المنثور" عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 1، من النقل عن الأزرقي، وأمثاله من المؤرخين والمفسرين الذين هم كحاطبي ليل، ولا يميزون بين الغث والسمين، والمقبول، والمردود، في بناء البيت، ومن بناه قبل إبراهيم: أهم الملائكة أم آدم؟ والحجر الأسود ومن أين جاء؟ وما ورد في فضلهما، وقد استغرق في هذا النقل الذي معظمه من الإسرائيليات التي أخذت عن أهل الكتاب بضع عشرة صحيفة2، لا يزيد ما صح منها أو ثبت عن عُشْرِ هذا المقدار.
ولو أنه اقتصر على الرواية الصحيحة التي رواها البخاري في صحيحه3، ورواها غيره من العلماء الأثبات، لأراحنا، وأراح نفسه، ولما أفسد العقول، وسمم النفوس بكل هذه الإسرائيليات، التي نحن في غنية عنها بما تواتر من القرآن، وثبت من السنة الصحيحة؛ وفي الحق: أن ابن جرير كان مقتصدا في الإكثار من ذكر الإسرائيليات في هذا الموضع، وإن كان لم يسلم منها، وذكر بعضها، وذلك مثل ما رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لما أهبط الله آدم من الجنة قال: إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده، كما يصلى عند عرشي، فلما كان زمن الطوفان، رفع، فكانت الأنبياء يحجونه، ولا يعلمون مكانه4، حتى بوأه الله إبراهيم
1 البقرة: 127.
2 الدر المنثور ج1 من ص 125- 137.
3 صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب "واتخد الله إبراهيم خليلا".
4 ولا أدري كيف يحجونه ولا يعلمون مكانه؟
عليه السلام وأعلمه مكانه، فبناه من خمسة أجبل: من حراء، وثبير، ولبنان، وجبل الطور، وجبل الخمر.
وأعجب من ذلك: ما رواه بسنده عن عطاء بن أبي رباح، قال: لما أهبط الله آدم من الجنة: كان رجلاه في الأرض، ورأسه في السماء!! يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم، يأنس إليهم فهابته الملائكة، حتى شكت إلى الله في دعائها، وفي صلاتها، فوجه إلى مكة، فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطوف به، حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة، حتى بعث الله إبراهيم، فبناه، فذلك قول الله تعالى:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} 1 إلى غير ذلك مما مرجعه إلى أخبار بني إسرائيل وخرافاتهم، ولم يصح في ذلك خبر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، ويرحم الله الإمام الحافظ ابن كثير؛ فقد بين لنا منشأ معظم هذه الروايات التي هي من صنع بني إسرائيل، ودس زنادقتهم، فقد قال فيما رواه البيهقي في الدلائل من طرق عن عبد الله بن عمرو ابن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بعض الله جبريل إلى آدم، فأمره، ببناء البيت، فبناه آدم، ثم أمره بالطواف به، وقال له: أنت أول الناس، وهنا أول بيت وضع اللناس".
قال ابن كثير: إنه من مفردات ابن لهيعة، وهو ضعيف، والأشبه والله أعلم أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص، ويكون من الزاملتين2 اللتين أصابهما يوم اليرموك، من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث بما فيهما3.
وقال في "بدايته": ولم يجئ في خبر صحيح عن المعصوم: أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام ومن تمسك في هذا بقوله: {مَكَانَ الْبَيْتِ} فليس بناهض ولا ظاهر، لأن مراده: مكانه المقدر في علم الله تعالى، المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم4.
1 تفسير ابن جرير ج1 ص 428، 429.
2 الزاملة: البعير الذي يحمل عليه المتاع.
3 تفسيري ابن كثير والبغوي ج1 ص 316 ط المنار فتح الباري ج6 ص 310.
4 البداية والنهاية ج1 ص 163، ج 2 ص 299.