الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: التفسير المذموم المردود: وهو التفسير من غير تأهل له بالعلوم التي لا بد منها للمفسر، أو التفسير بالهوى والاستحسان، أو التفسير المقصود به تأييد المذهب الفاسد، والرأي الباطل، أو تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، وهذا اللون من التفسير كثيرا ما يشتمل على المرويات الواهية، والباطلة.
الثاني: التفسير الممدوح المقبول: وهو التفسير المبني على المعرفة الكافية بالعلوم اللغوية، والقواعد الشرعية، والأصولية: أصول الدين، وأصول الفقه، وعلم السنن والأحاديث، ولا يعارض نقلا صحيحا، ولا عقلا سليما، ولا علما يقينا ثابتا مستقرا، مع بذل غاية الوسع في البحث والاجتهاد والمبالغة في تحري الحق والصواب، وتجريد النفس من الهوى، والاستحسان بغير دليل، ومع مراقبة الله غاية المراقبة في كل ما يقول.
المنهج القويم في تفسير القرآن الكريم
مدخل
…
المنهج القويم في تفسير القرآن الكريم:
على من يفسر كتاب الله تعالى أن يبحث عن تفسيره في القرآن، فإن لم يجد فليطلبه فيما صح وثبت في السنة، فإن لم يجد فليطلبه في أقوال الصحابة، وليتحاش الضعيف، والموضوع، والإسرائيليات، فإن لم يجد في أقوال الصحابة، فليطلبه في أقوال التابعين، وإن اتفقوا على شيء كان ذلك أمارة غالبا على تلقيه عن الصحابة، وإن اختلفوا: تخير من أقوالهم، ورجح ما يشهد له الدليل، إن لم يجد في أقوالهم ما يصلح أن يكون تفسيرا للآية؛ لكونه ضعيفا، أو موضوعا، أو من الإسرائيليات التي حملوها عن أهل الكتاب الذين أسلموا؛ فليجتهد رأيه ولا يألو أي لا يقصر، إذا استكمل أدوات هذا الاجتهاد، وعليه أن يراعي القواعد الآتية:
1-
أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر للمفسر، وأن يتحرز في ذلك عن نقص لما يحتاج إليه في إيضاح المعنى، أو زيادة لا تليق بالغرض، أي لا يوجز فيخل، ولا يطيل ويستطرد فيمل.
2-
أن يعنى بأسباب النزول؛ فإن أسباب النزول كثيرا ما تعين على فهم المراد من الآية1.
3-
أن يعنى بذكر المناسبات بين الآيات؛ لأن في ذلك الإفصاح عن خصيصة من خصائص القرآن الكريم وهي: الإعجاز، وللمناسبات في الكشف عن أسرار الإعجاز ضلع كبير.
وقد اختلفت مناهج المفسرين في هذين الأخيرين، فمنهم: من يذكر المناسبة؛ لأنها المصححة لنظم الكلام، وهي سابقة عليه، وبعضهم: يذكر السبب أولا؛ لأن السبب مقدم على المسبب.
والتحقيق: التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} 2، فهذا ينبغي فيه تقديم السبب على المناسبة؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف وجه المناسبة على ذلك: فالأولى تقديم المناسبة على سبب النزول لبيان تآلف نظم القرآن، وتناسقه، وأخذ آياته بعضها بحجز بعض.
4-
أن يجرد نفسه من الميل إلى مذهب بعينه، حتى لا يحمله ذلك على تفسير القرآن على حسب رأيه ومذهبه، ولا يزيغ بالقرآن عن منهجه الواضح، وطريقه المستقيم.
5-
مراعاة المعنى الحقيقي والمجازي، حتى لا يصرف الكلام عن حقيقته إلى مجازه إلا بصارف، وليقدم الحقيقة الشرعية على اللغوية وكذلك الحقيقة العرفية، ولْيراعِ حمل كلام الله على معانٍ جديدة أولى من حمله على التأكيد، ولْيراعِ الفروق الدقيقة بين الألفاظ.
1 فإنه بمعرفة سبب النزول يتبين لنا ارتباط الآية بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} الآيات، فقد فضل اليهود دين الوثنية على دين التوحيد، فكان ذلك منهم خيانة للأمانة التي أخذها الله عليهم أن يقولوا الحق ولا يجحدوا، واستحقوا بهذا التوبيخ، والوعيد، فمناسب بعد هذا أن يذكر بالأمانة العامة بقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُم} .
2 النساء: 58.