الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد حملها المحققون من أصحاب الإمام: على أن مراده أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحيحة متصلة، وقيل: لأنها يغلب عليها المراسيل، وقال الخطيب البغدادي: هذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة، فأشهرها كتابان للكلبي، ومقاتل ابن سليمان، وقد قال الإمام أحمد في تفسير الكلبي: إنه من أوله إلى آخره كذب، لا يحل النظر فيه.
وكذلك: روي عن الإمام الشافعي أنه قال: "لم يثبت1 عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث"، ومهما كان فيه من مبالغة: فهي تدل على كثرة ما وضع على ابن عباس.
1 لم يثبت: أعم من: "لم يصح"؛ لأن الثابت أعم من أن يكون صحيحًا، أو حسنا.
نقد الطرق والرواة تفصيلا
الطرق عن ابن عباس
…
نقد الطرق والرواة تفصيلا:
وكذلك نقد العلماء المحدثون النقاد الرواة الذين رووا التفسير بالمأثور، والطرق التي رويت بها هذه التفاسير تفصيلا، وتنصيصًا.
وسأذكر جميع ما ذكروه في هذا، ليتبين لنا أنهم رضي الله عنهم قاموا بما يجب عليهم من البيان خير قيام، وإنما الناس هم الذين فرطوا في الوقوف على كلامهم، والسير على منهجهم، حتى يتبين الصحيح من الضعيف، والحق من الباطل، والجيد من الرديء.
1-
الطرق عن ابن عباس:
طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس:
من جيد الطرق والأسانيد عن ابن عباس: طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه، قال الإمام الجليل أحمد بن حنبل: بمصر صحيفة في التفسير، رواها علي بن أبي
طلحة، لو رحل رجل إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا، أسنده أبو جعفر النحاس في "ناسخه".
وقال الخليلي في الإرشاد: تفسير معاوية بن صالح قاضي الأندلس، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رواه الكبار عن أبي صالح، عن معاوية.
وأجمع الحفاظ على أن علي بن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس.
طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس:
وقال أيضا: وهذه التفاسير الطوال، التي أسندوها إلى ابن عباس غير مرضية، ورواتها مجاهيل، كتفسير جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس.
الطرق عن ابن جريج 1:
قال الخليلي أيضا: وعن ابن جريج2 في التفسير: جماعة رووا عنه، وأطولها ما يرويه بكر بن سهل الدمياطي، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن محمد، عن ابن جريج، وفيه نظر.
وروى محمد بن ثور عن ابن جريج نحو ثلاثة أجزاء كبار، وتلك صحيحة. وروى الحجاج بن محمد، عن ابن جريج، نحو جزء، وذلك صحيح، متفق عليه.
طريق شبل بن عباد المكي:
وتفسير شبل بن عباد المكي، عن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قريب إلى الصحة.
1 هو أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأمور مولاهم أصله رومي نصراني، كان من علماء مكة ومحدثيهم، وهو من أوائل من دوَّن الحديث، وصنف الكتب، وقد اختلفت فيه أنظار العلماء، فمنهم من وثَّقَه، ومنهم من ضعفه، وقالوا: إنه كان يدلس، والموثقون له أكثر من المجرحين، وقد ذكر الخزرجي في "خلاصته": أنه مجمع عليه من أصحاب الكتب، وقد رويت عنه في التفسير أجزاء كثيرة عن ابن عباس؛ فيها الصحيح والضعيف، والمقبول والمردود، ولد سنة ثمانين 80هـ وتوفي سنة خمسين ومائة 150هـ وقيل: سنة تسعة وخمسين 159هـ.
2 يعني عن ابن عباس.
تفسير عطاء بن دينار، وأبي روق:
وتفسير عطاء بن دينار يكتب، ويحتج به، وتفسير أبي روق نحو جزء صححوه.
تفسير إسماعيل السدي:
قال: وتفسير إسماعيل السدي يورده بأسانيد إلى ابن مسعود، وابن عباس.
وروى عن السدي: الأئمة مثل: الثوري، وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر، وأسباط لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير: تفسير السدي.
فأما ابن جرير؛ فإنه لم يقصد الصحة، وإنما روى في كل آية من الصحيح والسقيم.
تفسير مقاتل بن سليمان:
قال: وأما تفسير مقاتل بن سليمان: فمقاتل في نفسه ضعفوه، وقد أدرك الكبار من التابعين، والشافعي أشار إلى أن تفسيره صالح1، يعني: للاحتجاج به.
مقالة الإمام الحافظ ابن حجر:
وللإمام الحافظ ابن حجر كلام طويل في هذه المرويات عن الصحابة والتابعين، ونقد الطرق التي رويت بها، ذكره في أوله كتابه: أسباب النزول الذي سماه: "العجب العجاب، في بيان الأسباب". قال رحمه الله وأجزل ثوابه: "والتابعون من أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما والطرق عنهم والذين اشتهر عنهم القول في ذلك من التابعين أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما وفيهم ثقات، وضعفاء".
روايات الثقات عن ابن عباس:
فمن الثقات: مجاهد، وابن جبير، ويروى التفسير عنه من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد، والطريق إلى ابن أبي نجيح قوية.
1 الإتقان ج 2 ص 188.
ومنهم: عكرمة، ويروى التفسير عنه من طريق: الحسن بن واقد النحوي عنه، ومن طريق: محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد؛ مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير هكذا بالشك ولا يضر؛ لكونه عن ثقة.
ومن طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وعلي صدوق، ولم يلقَ ابن عباس، لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري، وأبو حاتم، وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة.
ومن طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، لكن فيما يتعلق بالبقرة، وآل عمران، وما عدا ذلك هو الخراساني، وهو لم يسمع من ابن عباس، فيكون منقطعا، إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء بن أبي رباح1.
روايات الضعفاء عن ابن عباس، وطرقها:
محمد بن السائب الكلبي "متهم بالكذب":
ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس رضي الله عنهما التفسير المنسوب لأبي النصر محمد بن السائب الكلبي؛ فإنه يرويه عن أبي صالح وهو مولى أم هانئ عن ابن عباس، والكلبي متهم بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب.
السدي الصغير "كذاب":
قال: ومع ضعف الكلبي فقد روى عنه تفسيره مثله، أو أشد ضعفا محمد بن مروان السدي الصغير، وروى عن محمد بن مروان مثله، أو أشد ضعفا، وهو صالح بن محمد الترمذي.
1 هذا مثل من أمثلة دقة المحدثين، وتمييزهم بين الأشخاص، وبين ما رواه هذا مما رواه ذاك ولعل في هذا زاجرا للذين يتقولون على أئمة الحديث، وزيادة علم ويقين لمن يعرفون لهم فضلهم.
من روى التفسير عن الكلبي من الثقات والضعفاء حفظا:
وممن روى التفسير عن الكلبي من الثقات، سفيان الثوري، ومحمد بن فضيل بن غزوان، ومن الضعفاء من قبل الحفظ حبله بكسر الحاء المهملة، وتثقيل الموحدة، وهو على العنزي بفتح المهملة، والنون بعدها زاي منقوطة.
ومنهم1 جويبر بن سعيد وهو واه: روى التفسير عن الضحاك بن مزاحم وهو صدوق عن ابن عباس وهو لم يسمع منه شيئا.
من روى التفسير عن الضحاك:
وممن روى التفسير عن الضحاك: علي بن الحكم وهو ثقة، وعلي بن سلمان وهو صدوق وأبو روق عطية بن الحارث، وهو لا بأس به.
عثمان بن عطاء الخراساني:
ومنهم: عثمان بن عطاء الخراساني، يروي التفسير عن أبيه، عن ابن عباس، ولم يسمع أبوه من ابن عباس:
إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير:
ومنهم: إسماعيل بن عبد الرحمن السدي2 بضم السين المهملة وتشديد الدال وهو كوفي صدوق، لكن جمع التفسير من طرق منها:
- عن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة بن شراحيل عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم وخلط روايات الجميع، فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف، ولم يلقَ السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك، وربما التبس بالسدي الصغير الذي تقدم ذكره.
1 ومنهم أي: من الضعفاء، كذا كل ما عطف عليه بعدما بين ضعفه.
2 نسبة إلى سدة مسجد الكوفة كان يبيع فيها المقانع والسدة: رحبة المسجد التي تكون أمامه، قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن عدي: مستقيم الحديث، صدوق، وعن يحيى بن معين أنه ضعيف. توفي سنة 127هـ فهو يحتج به عند من يقول فيه صدوق، أما السدي الصغير محمد بن مروان فمتهم بالكذب بل قيل: إنه كذاب.
طريق إبراهيم بن الحكم:
ومنهم: إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني، وهو ضعيف، يروي التفسير عن أبيه، عن عكرمة؛ وإنما ضعفوه لأنه وصل كثيرا من الأحاديث بذكر ابن عباس، وقد روى عنه تفسيره عبد بن حميد.
طريق اسماعيل بن أبي زياد:
ومنهم: إسماعيل بن أبي زياد الشامي وهو ضعيف جمع كثيرا؛ فيه الصحيح والسقيم، وهو في عصر أتباع التابعين.
طريق عطاء بن دينار:
ومنهم: عطاء بن دينار وفيه لين يروي التفسير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ويرويه عنه ابن لهيعة، وهو ضعيف.
قتادة والطرق عنه:
ومن تفاسير التابعين: ما يروى عن قتادة رحمه الله تعالى وهو من طرق منها: رواية عبد الرزاق عن معمر عنه.
ورواية آدم بن أبي إياس، وغيره، عن شيبان عنه.
ورواية يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة.
تفسير الربيع بن أنس عن أبي العالية:
ومن تفاسيرهم: تفسير الربيع بن أنس، عن أبي العالية، واسمه: رفيع بضم الراء، وفتح الفاء وسكون الياء الرياحي بالمثناة التحتية، والحاء المهملة وبعضه لا يسمى الربيع فوقه أحدا، وهو يروي من طرق؛ منها رواية أبي عبيد الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه عنه.
تفسير مقاتل بن حيان:
ومنها: تفسير مقاتل بن حيان، من طريق محمد بن مزاحم، عن بكير بن معروف
عنه، ومقاتل هذا صدوق1، وهو غير مقاتل بن سليمان الآتي ذكره.
تفسير زيد بن أسلم:
ومن تفاسير ضعفاء التابعين فمن بعدهم: تفسير زيد بن أسلم من رواية ابنه عبد الرحمن عنه، وهي نسخة كبيرة يرويها ابن وهب وغيره، عن عبد الرحمن عن أبيه، وفيه أشياء كثيرة لا يسندها لأحد، وعبد الرحمن من الضعفاء، وأبوه من الثقات2.
تفسير مقاتل بن سليمان:
ومنها: تفسير مقاتل بن سليمان، وقد نسبوه إلى الكذب، وقال الشافعي: مقاتل قاتله الله، وإنما قال الشافعي رضي الله عنه فيه ذلك؛ لأنه اشتهر عنه القول بالتجسيم وروى تفسير مقاتل هذا أبو عصمة: نوح بن أبي مريم الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب3.
ورواه أيضا عن مقاتل الحكم بن هذيل، وهو ضعيف، لكنه أصلح حالا من أبي عصمة.
تفسير يحيى بن سلام المغربي:
ومنها: تفسير يحيى بن سلام المغربي، وهو كبير، في نحو ستة أسفار، فيه النقل عن التابعين وغيرهم، وهو لين الحديث4، فيما يروي مناكير5 كثيرة، وشيوخه مثل: سعيد بن أبي عروبة، ومالك الثوري.
1 هو من المرتبة الرابعة من مراتب التعديل عند بعض العلماء، والمراد به أصل الصدق إن كان في الأصل يدل على المبالغة، وبعضهم يرى أن المراد المبالغة فيكون في مرتبة أعلى من ذلك، ومنهم من قال في صدوق مرتبة خاصة.
2 جمع ثقة وهو العدل الضابط.
3 هو واضع الحديث الطويل في فضائل القرآن سورة سورة.
4 من المرتبة السادسة من مراتب التجريح، وهي أدنى الدرجات جرحا.
5 فلان له مناكير مرتبة فوق السابقة تجريحا.