الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مباح، ولا إثم فيه، وأيضا تعلمه؛ لإزالة الاشتباه بينه، وبين المعجزة، والنبوة مباح، ولا إثم فيه، وإنما الحرم والإثم في تعلمه أو تعليمه للعمل به، فهو مثل ما قيل:
عرفت الشر لا للشر
…
لكن لتوقِّيهِ
ومن لا يعرف الشر
…
من الناس يقعْ فِيهِ
واليهود عليهم لعائن الله لما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعلمون أنه النبي الذي بشرت به التوراة حتى كانوا يستفتحون به على المشركين قبل ميلاده وبعثته، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، ونبذوا كتابهم التوراة، وكتاب الله القرآن وراء ظهورهم، وبدل أن يتبعوا الحق المبين اتبعوا السحر الذي توارثوه عن آبائهم والذي علمتهم إياه الشياطين، وكان الواجب عليهم أن ينبذوا السحر، ويحذروا الناس من شره، وذلك كما فعل الملكان: هاروت وماروت من تحذير الناس من شروره، والعمل به، وهذا هو التفسير الصحيح للآية، لا ما زعمه المبطلون الخرفون وبذلك: يحصل التناسق بين الآيات وتكون الآية متآخية متعانقة، ولا أدري ما الصلة بين ما رووه من إسرائيليات، وبين قوله:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} الآية.
والعجب: أن الإمام ابن جرير حوَّم حول ما ذكرناه في تفسير الآية ثم لم يلبث أن ذكر ما ذكر! والخلاصة: على القارئ أن يحذر من هذه الإسرائيليات؛ سواء وجدها في كتاب تفسير، أو حديث أو تاريخ أو مواعظ، أو أدب أو.......
1 تفسير ابن جرير ج1 ص 359، 360.
2-
إسرائيليات في المسوخ من المخلوقات:
ويوغل بعض زنادقة أهل الكتاب، فيضعون على النبي صلى الله عليه وسلم خرافات في خلق بعض أنواع الحيوانات التي زعموا أنها مسخت، ولو أن هذه الخرافات نسبت إلى كعب الأحبار وأمثاله، أو إلى بعض الصحابة، والتابعين لَهَانَ الأمرُ، ولكن عظيم الإثم أن
ينسب ذلك إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم، وهذا اللون من الوضع والدس من أخبث وأقذر أنواع الكيد للإسلام ونبي الإسلام.
فقد قال السيوطي عفا الله عنه بعد ما ذكر طامات وبلايا في قصة هاروت وماروت، من غير أن يعلق عليها بكلمة؛ أخرج الزبير بن بكار في الموفقيات، وابن مردويه، والديلمي، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسوخ1 فقال: هم ثلاثة عشر: الفيل، والدب، والخنزير، والقرد، والجريث2، والضب، والوطواط، والعقرب، والدعموص، والعنكبوت، والأرنب، وسهيل، والزهر، فقيل: يا رسول الله وما سبب مسخهن؟ وإليك التخريف والكذب الذي نبرئ ساحة رسول الله منهما فقال: أما الفيل: فكان رجلًا جبارًا لوطيا، لا يدع رطبا، ولا يابسا، وأما الدب: فكان مؤنثًا يدعو الناس إلى نفسه، وأما الخنزير: فكان من النصارى الذين سألوا المائدة، فلما نزلت كفروا، وأما القردة: فيهود اعتدوا في السبت، وأما الجريث: فكان ديوثا3، يدعو الرجال إلى حليلته، وأما الضب: فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه، وأما الوطواط: فكان رجلا يسرق الثمار من رءوس النخل، وأما العقرب: فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه، وأما الدعموص4: فكان نَمَّامًا يُفَرق بين الأحبة، وأما العنكبوت: فامرأة سحرت زوجها، وأما الأرنب: فإمرأة كانت لا تطهر من حيضها، وأما سهيل: فكان عشَّارًا باليمن، وأما الزهرة: فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت، وماروت؛ ألا قبَّح الله من وضع هذا الزور والباطل، ونسبه إلى من لا ينطق عن الهوى.
ومما لا يقضي منع العجب: أن السيوطي ذكر هذا الهراء من غير سند، ولم يعقب عليه بكلمة استنكار، ومثل هذا: لا يشك طالب علم في بطلانه، فضلا عن عالم كبير، وقد حكم عليه ابن الجوزي بالوضع، وقد ذكره السيوطي في اللآلئ، وتعقبه بما لا يجدي، وكان من الأمانة العلمية أن يشير إلى هذا، وبعد هذا الكذب والتخريف ينقل السيوطي ما رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف كذا قال: عن عمر بن الخطاب قال: جاء
1 جمع مسخ أي الممسوخ من حالة إلى حالة أخرى.
2 في القاموس: "الجِرِّيث كسكيت سمك".
3 الديوث الذي لا يغار على زوجته.
4 الدعموص بضم الدال دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا أخذ ماؤها في النضوب.