الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر جهاز رسول الله- صلى الله عليه وسلم واجابة دعائه بأن لا تعلم قريش بمسيره، وأمره بحفظ الطرق
ذكر ابن عقبة، وابن إسحاق، ومحمد بن عمر- رحمهم الله تعالى- إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم مكث بعد خروج أبي سفيان ما شاء الله أن يمكث ثم قال لعائشة:«جهّزينا واخفي أمرك» . وقال: «اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلّا بغتة، ولا يسمعون بنا إلّا فجأة» وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم جماعة أن تقيم بالأنقاب، وكان عمر بن الخطاب يطوف على الأنقاب، فيمر بهم فيقول: لا تدعوا أحدا يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه، وكانت الأنقاب مسلمة- إلا من سلك إلى مكة فإنه يتحفظ به ويسأل عنه
[ (1) ] .
ذكر كتاب حاطب بن أبي بلتعة [ (2) ]رضي الله عنه إلى قريش ليعلمهم بغزو رسول الله- صلى الله عليه وسلم إياهم، وما وقع في ذلك من الآيات
روى الإمام أحمد، والخمسة عن أبي رافع عن علي. وأبو يعلى، والحاكم والضياء عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه والإمام أحمد، وعبد بن حميد عن جابر، وابن مردويه عن أنس- رضي الله عنهم وابن مردويه عن سعيد بن جبير، وابن إسحاق عن عروة، وابن مردويه عن عبد الرحمن عن حاطب بن أبي بلتعة، ومحمد بن عمر عن شيوخه- رحمهم الله تعالى:
إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لمّا أجمع السّير إلى مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة- رضي الله عنه كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم من الأمر في المسير إليهم، ثم أعطاه امرأة، قال ابن إسحاق، زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة- قال محمد بن عمر: يقال لها كنود، قال ابن إسحاق: وزعم لي غير ابن جعفر: أنّها سارة مولاة لبعض بني المطلب، وجعل لها جعلا، قال محمد بن عمر دينارا، وقيل عشرة دنانير، على أن تبلغه أهل مكة، وقال لها: أخفيه ما استطعت، ولا تمري على الطريق، فإن عليه حرسا، فجعلته في رأسها، ثم فتلت عليه قرونها، ثم خرجت به، فسلكت غير نقب عن يسار المحجّة في الفلوق حتّى لقيت الطريق بالعقيق.
وذكر السهيلي-رحمه الله تعالى-- إنه قد قيل أنه كان في كتاب حاطب: إن رسول
[ (1) ] المغازي للواقدي 2/ 796.
[ (2) ](حاطب) بن أبي بلتعة مفتوحات بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب بن سهل اللخمي حليف بني أسد بن عبد العزى.. يقال إنه حالف الزبير وقيل كان مولى عبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد فكاتبه فأدى مكاتبته اتفقوا على شهوده. الإصابة 1/ 314.
الله- صلى الله عليه وسلم قد توجّه إليكم بجيش كالليل، يسير كالسّيل، وأقسم بالله لو سار إليكم وحده لنصره الله تعالى عليكم، فإنه منجز له ما وعده فيكم، فإن الله- تعالى- ناصره ووليّه.
وفي تفسير ابن سلام أنه كان فيه: أن محمدا- صلى الله عليه وسلم قد نفر فإمّا إليكم، وإما إلى غيركم، فعليكم الحذر. انتهى.
وذكر ابن عقبة أن فيه: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قد آذن بالغزو، ولا أراه إلا يريدكم، وقد أحببت، أن يكون لي يد بكتابي إليكم.
وأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام- زاد أبو رافع: المقداد بن الأسود وفي رواية عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي: أبا مرثد، بدل المقداد،
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «أدرك امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش، يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم» ، ولفظ أبي رافع «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب» فخرجوا [ (1) ]- وفي لفظ: فخرجا، حتى إذا كان بالخليقة، خليقة بني أحمد
وقال ابن عقبة: أدركاها ببطن ريم، فاستنزلاها فالتمساه في رحلها، فلم يجدا شيئاً، فقال لها علي بن أبي طالب- رضي الله عنه: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله- صلى الله عليه وسلم وما كذبنا، ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنّك، فلما رأت الجدّ، قالت: أعرضا. فحلّت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليه فأتي به رسول الله- صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم فدعا حاطبا، فقال: يا حاطب، ما حملك على هذا؟ قال: يا رسول الله. إني والله لمؤمن بالله ورسوله، ما غيّرت، ولا بدّلت، ولكني كنت امرء ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليهم.
ولفظ أبي رافع- فقال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرء ملصقا في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة يحمون أموالهم بها وأهليهم بمكة، ولم يكن لي قرابة، فأحببت إذ فاتني ذلك من بينهم أن أتّخذ فيهم يدا أحمي بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا بعد إسلام. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «أنه قد صدقكم» . فقال عمر لحاطب: قاتلك الله!! ترى رسول الله- صلى الله عليه وسلم يأخذ بالأنقاب وتكتب إلى قريش تحذرهم؟
دعني يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم أضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «ما
[ (1) ] أخرجه البخاري 6/ (3007)(4890) ومسلم ص (3/ 1941) حديث (161) وأبو داود في الجهاد وأحمد 1/ 79 والترمذي في تفسير سورة الممتحنة والبيهقي في الدلائل 5/ 16.