الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأحلاسها وأقتابها. فرأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول بيده- هكذا- يحركها كالمتعجب «ما على عثمان ما عمل بعد هذا اليوم» أو قال: - بعدها-[ (1) ] .
وروى الطيالسي، والإمام أحمد، والنسائي عن الأحنف بن قيس- رحمه الله تعالى- قال: سمعت عثمان- رضي الله عنه يقول لسعد بن أبي وقاص وعليّ والزّبير وطلحة:
أنشدكم الله، هل تعلمون أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال:«من جهّز جيش العسرة غفر الله له» فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا؟ قالوا: اللهم نعم
[ (2) ] .
ويأتي في ترجمة عثمان- رضي الله عنه أحاديث كثيرة في ذلك.
قال محمد بن عمر- رحمه الله: وحمل رجال، وقوّى ناس دون هؤلاء من هم أضعف منهم، حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول: هذا البعير بيننا نعتقبه، ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج حتى إن كان النساء يبعثن بما يقدرن عليه، وحمل كعب بن عجرة واثلة بن الأسقع، وروى أبو داود، ومحمد بن عمر عن واثلة بن الأسقع، رضي الله عنه قال: نادى منادي رسول الله- صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فخرجت إلى أهلي- وقد خرج أوّل أصحابه- فطفت في المدينة أنادي: ألا من يحمل رجلا وله سهمه؟ فإذا شيخ من الأنصار- سمّاه محمد بن عمر: كعب بن عجرة- فقال: سهمه على أن تحمله عقبة وطعامه معنا؟ فقلت: نعم، فقال: سر على بركة الله تعالى، فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا.
قال محمد بن عمر: بعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة. قال:
فأصابني قلائص- قال محمد بن عمر: ستة- فسقتهن حتى أتيته بهن، فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله ثم قال: سقهن مقبلات. فسقتهن، ثم قال: سقهن مدبرات، فقال: ما أرى قلائصك إلا كراما، فقلت: إنما هي غنيمتك التي شرطت لك، قال: خذ قلائصك يا ابن أخي، فغير سهمك أردنا.
ذكر بعض ما دار بين رسول الله- صلى الله عليه وسلم وبين بعض المنافقين وتثبيطهم الناس عن الخروج معه
روى ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة عن ابن عباس وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهم وابن عقبة، ومحمد بن إسحاق،
[ (1) ] أخرجه الترمذي (3700) وأحمد 4/ 75 وابن سعد 7/ 55، وأبو نعيم في الحلية 1/ 99، والدولابي في الكنى 2/ 17، والبخاري في التاريخ 5/ 247.
[ (2) ] أخرجه البيهقي 6/ 167 أو الدارقطني 4/ 200 والنسائي في الاحباس باب (4) والبيهقي في الدلائل 5/ 215.
ومحمد بن عمر- رحمهم الله تعالى- عن شيوخهم [ (1) ] زاد ابن عقبة: أن الجدّ بن قيس أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد معه نفر، فقال: يا رسول الله ائذن لي في القعود، فإني ذو ضبعة وعلّة فيها عذر لي، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «تجهّز فإنّك موسر» ، ثم اتفقوا فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«تجهز تجهز فإنك موسر، لعلّك تحقب من بنات بني الأصفر؟» قال الجدّ: أو تأذن لي ولا تفتنّي، فو الله لقد عرف قومي ما أحد أشد عجبا بالنساء منّي، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ألّا أصبر عنهن، فأعرض عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم وقال:«قد أذنّا لك»
زاد محمد بن عمر- رحمه الله تعالى- فجاءه ابنه عبد الله بن الجدّ- وكان بدريّا- وهو أخو معاذ بن جبل لأمه، فقال لأبيه: لم تردّ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم مقالته فو الله ما في بني سلمة أحد أكثر مالا منك، فلا تخرج ولا تحمل؟! فقال: يا بني ما لي وللخروج في الريح والحرّ الشديد والعسرة إلى بني الأصفر، فو الله ما آمن- خوفا- من بني الأصفر وأنا في منزلي، أفأذهب إليهم أغزوهم؟! إني والله يا بني عالم بالدوائر، فأغلظ له ابنه وقال: لا والله ولكنّه النفاق، والله لينزلن على رسول الله- صلى الله عليه وسلم فيك قرآن يقرأ به، فرفع نعله فضرب به وجه ولده، فانصرف ابنه ولم يكلمه، وأنزل الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ [التوبة 49] أي إن كان إنما خشي الفتنة من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة أكبر بتخلفه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه، يقول: وإن جهنم لمن ورائه.
وجعل الجدّ وغيره من المنافقين يثبّطون المسلمين عن الخروج، قال الجدّ لجبّار بن صخر ومن معه من بني سلمة: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكّا في الحق، وإرجافا برسول الله- صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سبحانه وتعالى فيهم وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ. فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [التوبة 81، 82] .
وروى ابن هشام- رحمه الله تعالى- عن عبد الله بن حارثة- رضي الله تعالى عنه- قال: بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم إن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي يثبّطون الناس عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فبعث إليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله- رضي الله عنه في نفر من أصحابه، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم اليهودي ففعل طلحة، واقتحم الضّحّاك بن خليفة من ظهر البيت فانكسرت رجله واقتحم أصحابه فأفلتوا.
[ (1) ] أخرجه البيهقي في السنن 9/ 33 وفي الدلائل 5/ 225 وانظر الدر المنثور 3/ 248.