الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى البخاري عن عمرو بن تغلب قال: أعطى رسول الله- صلى الله عليه وسلم قوما ومنع آخرين فكأنهم عتبوا عليه فقال: «إني أعطي أقواما أخاف هلعهم وجزعهم، وأكل أقواما إلى ما جعل الله- تعالى- في قلوبهم من الخبر والغنى، منهم عمرو بن تغلب»
[ (1) ] .
قال عمرو: فما أحببت أنّ لي بكلمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم حمر النّعم.
ذكر عتب جماعة من الأنصار على رسول الله- صلى الله عليه وسلم حين أعطى قريشا ولم يعط الأنصار شيئا وجمعه إياهم واستعطافه لهم
روى ابن إسحاق، والإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري، والإمام أحمد، والشيخان من طريق أنس بن مالك، والشيخان عن عبد الله بن يزيد بن عاصم- رضي الله عنهم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أصاب غنائم حنين، وقسم للمتألّفين من قريش وسائر العرب ما قسم، وفي رواية:
طفق يعطي رجلا المائة من الإبل، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير، فوجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثر فيهم القالة حتّى قال قائلهم: يغفر الله- تعالى- لرسول الله- صلى الله عليه وسلم أن هذا لهو العجب يعطي قريشا، وفي لفظ الطّلقاء والمهاجرين، ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا وددنا أنّا نعلم ممن كان هذا، فإن كان من أمر الله تعالى صبرنا، وإن كان من رأي رسول الله- صلى الله عليه وسلم استعتبناه [ (2) ] .
وفي حديث أبي سعيد: فقال رجل من الأنصار لأصحابه: لقد كنت أحدثكم أن لو استقامت الأمور لقد آثر عليكم. فردّوا عليه ردّا عنيفا. قال أنس: فحدّث رسول الله- صلى الله عليه وسلم بمقالتهم،
وقال أبو سعيد: فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: أن هذا الحيّ قد وجدوا عليك في أنفسهم. قال: «فيم» قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب ولم يكن فيهم من ذلك شيء، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«فأين أنت من ذلك يا سعد» ؟ قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، وفي لفظ في هذه القبّة، فإذا اجتمعوا فأعلمني» ، فخرج سعد يصرخ فيهم حتّى جمعهم في تلك الحظيرة.
وقال أنس: فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبّة من أدم ولم يدع غيرهم، فجاء رجال من المهاجرين فأذن لهم فيهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، حتى إذا لم يبق أحد من الأنصار إلّا اجتمع له. أتاه فقال يا رسول الله: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتني أن
[ (1) ] أخرجه البخاري 6/ 288 (3145) .
[ (2) ] أخرجه البخاري من حديث أنس (3147) .
أجمعهم، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال:«هل منكم أحد من غيركم» ؟ قالوا: لا يا رسول الله إلا ابن أختنا، قال:«ابن أخت القوم منهم» فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلّالا فهداكم الله- تعالى- وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألّف بين قلوبكم، وفي رواية متفرّقين فألّفكم الله؟ - قالوا: بلى يا رسول الله، الله ورسوله أمنّ وأفضل.
وفي رواية قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟» قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وماذا نجيبك؟ المنّ لله- تعالى- ولرسوله- صلى الله عليه وسلم: «والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدّقتم، جئتنا طريدا فاويناك، وعائلا فأسيناك، وخائفا فأمّنّاك، ومخذولا فنصرناك، ومكذّبا فصدّقناك» فقالوا: المنّ لله- تعالى- ورسوله، فقال:«وما حديث بلغني عنكم؟» فسكنوا، فقال:«ما حديث بلغني عنكم» ؟ فقال فقهاء الأنصار: أمّا رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا، وأمّا أناس منّا حديثة أسنانهم قالوا يغفر الله- تعالى- لرسوله- صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم!! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «إنّي لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر لأتألّفهم بذلك»
[ (1) ] .
وفي رواية إنّ قريشا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألّفهم، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدّنيا تألّفت بها قوما أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله- تعالى- لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب النّاس إلى رحالهم بالشّاة والبعير وتذهبون برسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم تحوزونه إلى بيوتكم، فو الله لمن تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به، فو الذي نفسي بيده لو أنّ النّاس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار.
وفي رواية لو سلك النّاس واديا وسلكت الأنصار شعبا- أنتم الشّعار والنّاس دثار، الأنصار كرشي وعيبتيّ، ولولا أنّها الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، اللهمّ ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله ورسوله حظّا وقسما.
وذكر محمد بن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أراد حين إذ دعاهم أن يكتب بالبحرين لهم خاصة بعده دون الناس، وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض، فقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا بعدك، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض»
وكان حسان بن ثابت- رضي الله عنه قال قبل جمع النبي- صلى الله عليه وسلم الأنصار.
[ (1) ] أخرجه البخاري (3146، 3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334) .