الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا قد منحوهم من ثمارهم، وردّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى أمّي أعذاقها.
وفي رواية: فسألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن، فجاءت أمّ أيمن فجعلت الثوب في عنقي، وجعلت تقول: كلا والله الذي لا إله إلا هو لا يعطيكهن وقد أعطانيهن، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «يا أم أيمن اتركي ولك كذا وكذا» وهي تقول: كلّا- والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول: لك كذا وكذا، ولك كذا» وهي تقول: كلّا والله الذي لا إله إلا هو حتى أعطاها عشرة أمثالها أو قريبا من عشرة أمثالها
[ (1) ] .
ذكر بعض ما قيل من الشعر في غزوة خيبر
قال كعب بن مالك- رضي الله عنه:
ونحن وردنا خيبرا وفروضه
…
بكلّ فتى عاري الأشاجع مذود
جواد لدى الغايات لاواهن القوى
…
جريء على الأعداء في كلّ مشهد
عظيم رماد القدر في كلّ شتوة
…
ضروب بنصل المشرفيّ المهنّد
يرى القتل مدحا إن أصاب شهادة
…
من الله يرجوها وفوزا بأحمد
يذود ويحمي عن ذمار محمّد
…
ويدفع عنه باللّسان وباليد
وينصره من كل أمر يريبه
…
يجود بنفس دون نفس محمّد
يصدّق بالأنباء بالغيب مخلصا
…
يريد بذاك العزّ والفوز في غد
وقال حسان- رضي الله- تعالى- عنه:
بئس ما قاتلت خيابر عمّا
…
جمّعوا من مزارع ونخيل
كرهوا الموت فاستبيح حماهم
…
وأقرّوا فعل اللّئيم الذّليل
أمن الموت تهربون فإنّ ال
…
موت موت الهزال غير جميل
تنبيهات
الأول: خيبر- بخاء معجمة، فتحتية، فموحدة، وزن جعفر: وهي اسم ولاية تشتمل على حصون ومزارع، ونخل كثير، على ثلاثة أيام من المدينة على يسار حاجّ الشّام. والخيبر بلسان اليهود، الحصن، ولذا سمّيت خيابر أيضا- بفتح الخاء، قاله ابن القيم مما ذكر ابن إسحاق، وقال ابن عقبة ومحمد بن عمر وأبو سعد النيسابوري في الشرف: أنها بجبلة- بفتح الجيم والموحدة ابن جوال بفتح الجيم وتشديد الواو، بعدها ألف ولام، وقيل: سمّيت بأول
[ (1) ] أخرجه البخاري 7/ 474 (4120) ، مسلم 3/ 1391 (70/ 1771)(71) ، والبيهقي الدلائل 4/ 288.
من نزلها، وهو خيبر أخو يثرب ابنا قانية بن مهلايل بن آدم بن عبيل، وهو أخو عاد.
وذكر جماعة من الأئمة: أنّ بعضها فتح صلحا، وبعضها فتح عنوة. وبه يجمع بين الرّوايات المختلفة في ذلك.
وروى عن الإمام مالك- رحمه الله تعالى- أن الكتيبة أربعون ألف عذق. ولابن زبالة حديث «ميلان في ميل من خيبر مقدس، وحديث «خيبر مقدسة، والسوارقية [ (1) ] مؤتفكة، وحديث «نعم القرية في سنيّات الدجال خيبر» وتوصف خيبر بكثرة التمر.
قال حسان بن ثابت- رضي الله عنه:
وإنّا ومن يهدي القصائد نحونا
…
كمستبضع تمرا إلى أهل خيبر
وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها قال: لما فتحت خيبر: قلنا: الآن نشبع من التمر. وعن ابن عمر- رضي الله عنهما قال: ما شبعنا من التّمر حتّى فتحت خيبر، وتوصف خيبر بكثرة الحمّى، قدم خيبر أعرابي بعياله فقال:
قلت لحميّ خيبر استقري
…
هاك عيالي فاجهدي وجدّي
وباكري بصالد وورد
…
أعانك الله على ذا الجند
فحمّ ومات، وبقي عياله.
قال أبو عبيد البكري- رحمه الله في معجمه وفي الشّق عين تسمى الحمّة، وهي الّتي سماها رسول الله- صلى الله عليه وسلم قسمة الملائكة، يذهب ثلثا مائها في فلج والثلث الآخر في «فلج» والمسلك واحد وقد اعتبرت منذ زمان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى اليوم يطرح فيها ثلاث خشبات أو ثلاث تمرات فتذهب اثنتان في الفلج الذي له ثلثا مائها، وواحدة في الفلج الثاني، ولا يقدر أحد أن يأخذ من ذلك الفلج أكثر من الثلث، ومن قام في الفلج الذي يأخذ الثلثين ليردّ الماء إلى الفلج الثاني غلبه الماء وفاض، ولم يرجع إلى الفلج الثاني شيء يزيد على قدر الثلث وتشتمل خيبر على حصون كثيرة، ذكر منها في القصّة كثير.
الثاني: اختلف في أي سنة كانت غزوتها: قال ابن إسحاق: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم في بقية المحرم سنة سبع، فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها في صفر.
وقال يونس بن بكير في المغازي عن ابن إسحاق من حديث المسور ومروان، قالا:
«انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم من الحديبية، فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة»
[ (1) ] السّوارقية بفتح أوله وضمه، وبعد الراء قاف، وياء النسبة. ويقال: السّويرقية بلفظ التصغير: قرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بين مكة والمدينة، وهي نجديّة بها مزارع ونخل كثير. مراصد الاطلاع 2/ 751.
فأعطاه الله فيها خيبر بقوله: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ [الفتح 20] ويعني خيبر، فقدم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم.
وذكر ابن عقبة عن ابن شهاب أنه- صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة عشرين ليلة أو نحوها ثم خرج إلى خيبر.
وعند ابن عائذ عن ابن عباس: أقام بعد الرجوع من الحديبية عشر ليال.
وعند سليمان التيمي خمسة عشر يوما.
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى-: كان فتح خيبر سنة ست.
والجمهور- كما في زاد المعاد: أنها في السابعة، وقال الحافظ: إنه الراجح قالا:
ويمكن الجمع بأن من أطلق سنة ست بناه على ابتداء السّنة من شهر الهجرة الحقيقي، وهو ربيع الأول.
وابن حزم- رحمه الله يرى أنه من شهر ربيع الأول.
الثالث: قال الحافظ: نقل الحاكم عن الواقدي، وكذا ذكره ابن سعد إنها كانت في جمادى الأولى. فالذي رأيته في مغازي الواقدي: إنها كانت في صفر، وقيل: في ربيع الأول، وأغرب من ذلك ما رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه قال: خرجنا إلى خيبر لثمان عشرة من رمضان، الحديث. وإسناده حسن، إلا أنه خطا، ولعلها كانت إلى حنين فتصحفت، وتوجيهه بأن غزوة حنين كانت ناشئة عن غزوة الفتح، وغزوة الفتح خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم فيها في رمضان جزما، وذكر الشيخ أبو حامد-رحمه الله تعالى-، في التعليق: أنها كانت سنة خمس، وهو وهم، ولعله انتقال من الخندق إلى خيبر، وأجاب بعضهم بأنه أسقط سنة المقدم أي وقطع النظر عن سنة الغزوة.
الرابع: قول عامر: اللهمّ لولا أنت ما اهتدينا، قال الحافظ في هذا: القسم زحاف الخزم بالمعجمتين، وهو زيادة سبب خفيف، وفي الصحيح في الجهاد عن البراء بن عازب: أنه من شعر عبد الله بن رواحة، فيحتمل أن يكون هو وعامر تواردا على ما توارد عليه بدليل ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر واستعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة.
الخامس: استشكل قول عامر: «فداء» بأنه لا يقال في حق الله- تعالى، إذ معنى «فداء» نفديك بأنفسنا، فحذف متعلق الفعل للشهرة، وإنما يتصور الفداء لمن يجوز عليه الفناء، وأجيب عن ذلك بأنها كلمة لا يراد ظاهرها، بل المراد بها المحبة والتعظيم، مع قطع النّظر عن ظاهر اللّفظ، وقيل: المخاطب بهذا الشعر النبي- صلى الله عليه وسلم والمعنى، لا تؤاخذنا بتقصيرنا في
حقّك ونصرك، وعلى هذا فقوله:«اللهم» لم يقصد به الدعاء، وإنما افتتح بها الكلام، والمخاطب بقوله: لولا أنت النبي- صلى الله عليه وسلم ويعكر عليه قوله بعد ذلك: فأنزلن سكينة علينا:
وثبت الأقدام إن لاقينا، فإنه دعاء لله، ويحتمل أن يكون المعنى، فاسأل ربك أن ينزل ويثبت.
السادس: في بيان الروايات التي وردت في هذا الرجز ومعانيها.
وما اتّقينا بتشديد الفوقية بعدها قاف، أي، ما تركنا من الأوامر، «وما» ظرفية، وللأصيلي والنسفي من رواية الصحيح بهمزة قطع، فموحدة ساكنة، أي ما خلفنا وراءنا مما كسبناه من الآثام، أو ما أبقينا وراءنا من الذنوب، فلم نتب منه وللقابسي: ما لقينا بلام وكسر القاف، أي ما وجدنا من المناهي. ووقع في الأدب ما اقتفينا بقاف ساكنة، ففوقية، وفاء مفتوحتين، فتحتية ساكنة، أي اتّبعنا من الخطايا، من قفوت الأثر إذا تبعته، وكذا عند مسلم، وهو أشهر الروايات في هذا الرجز.
ألقين سكينة علينا. وفي رواية النسفي و «ألقي» بحذف النون، وبزيادة ألف ولام في السكينة بغير تنوين، وليس بموزون السكينة: الوقار، والتثبت.
أتينا: بفوقية: أي جئنا إذا دعينا إلى القتال أو الحق، وروي بالموحدة أي إذا دعينا إلى غير الحق امتنعنا وبالصياح عوّلوا علينا: أي قصدونا بالدعاء والصوت العالي، واستعانوا علينا، يقال:
عولت على فلان وعولت بفلان.
السابع: أختلف في فتح خيبر، هل كان عنوة أو صلحا، وفي حديث عبد العزيز بن صهيب عند البخاري في الصلاة: التصريح بأنه كان عنوة، وبه جزم أبو عمر، وردّ على من قال فتحت صلحا، قال: وإنما دخلت الشّبهة على من قال فتحت صلحا، بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما لحقن دمائهم، وهو ضرب من الصلح، لكنه لم يقع ذلك إلّا بحصار، وقتال، قال الحافظ- رحمه الله تعالى: والذي يظهر أنّ الشبهة في ذلك قول ابن عمر: إن النبي- صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر، فغلب على النخل فصالحوه على أن يجلوا منها وله الصفراء والبيضاء والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم، على ألا يكتموا ولا يغيبوا الحديث. وفي آخره:
فسبى نساءهم وذراريهم، وقسّم أموالهم للنكث الذي نكثوا، وأراد أن يجليهم، فقالوا: دعنا في هذه الأرض نصلحها.. الحديث، ورواه أبو داود والبيهقي وغيرهما، وكذلك أخرجه أبو الأسود في المغازي عن عروة. فعلى هذا كان وقع الصلح، ثم حصل النقض منهم فزال أمر الصلح، ثم منّ عليهم بترك القتل وإبقائهم عمّالا بالأرض، ليس لهم فيها ملك، ولذلك
أجلاهم عمر، فلو كانوا صولحوا على أرضهم لم يجلوا منها.
وجنح غير واحد من العلماء إلى أن بعضها فتح عنوة، وبعضها فتح صلحا، وليس بنا ضرورة إلى بسط الكلام على ذلك.
الثامن: زعم الأصيليّ- رحمه الله تعالى- أنّ حديث نومهم عن الصلاة إنّما كان بحنين لا بخيبر، وأن ذكر خيبر خطأ، ورد عليه أبو الوليد الباجي، وأبو عمر فأجادا.
التاسع: اختلف في إسلام زينب بنت الحارث التي أهدت الشّاة المسمومة وفي قتلها، أما إسلامها، فروى عبد الرزاق في مصنّفه عن معمر عن الزّهريّ أنها أسلمت، وأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم تركها. قال معمر: والناس يقولون قتلها. وجزم بإسلامها سليمان التيمي في مغازيه ولفظه بعد قولها: «وإن كنت كاذبا أرحت النّاس منك، وقد استبان لي أنّك صادق، وأنا أشهدك ومن حضرك أنّي على دينك، وأن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، قال: وانصرف عنها حين أسلمت.
وأما قتلها وتركها، فروى البيهقي عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنه- صلى الله عليه وسلم ما عرض لها، وعن جابر قال: فلم يعاقبها رسول الله- صلى الله عليه وسلم، وروى ابن سعد عن شيخه محمد بن عمر بأسانيد له متعددة هذه القصة، وفي آخرها فدفعها إلى أولياء بشر بن البراء فقتلوها قال محمد بن عمر: وهو أثبت وروى أبو داود من طريق الزّهري عن جابر نحو رواية معمر عنه، والزهري لم يسمع من جابر، ورواه أيضاً عن أبي هريرة.
قال البيهقي- رحمه الله يحتمل أن يكون تركها أولا، ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها، وبذلك أجاب السهيلي- رحمه الله تعالى- وزاد: أنه تركها، لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ثم قتلها ببشر قصاصا.
قال الحافظ- رحمه الله تعالى-: يحتمل أن يكون تركها أولا، ثم لما مات بشر لكونها أسلمت، وإنما أخّر قتلها حتى مات بشر لأنّ بموته يتحقق وجوب القصاص بشرطه.
وروى أبو سعد النّيسابوري: أنه- صلى الله عليه وسلم قتلها وصلبها، فالله أعلم العاشر: وقع في سنن أبي داود أنها أخت مرحب، وبه جزم السهيلي، وعند البيهقي في الدلائل: بنت أخي مرحب، وبه جزم الزّهري كما في مغازي موسى بن عقبة الحادي عشر: إن قيل ما الجمع بين قوله- تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة 67] وبين حديث الشاة المسمومة المصلية بالسّم الصادر من اليهودية؟ والجواب:
إن الآية نزلت عام تبوك، والسم كان بخيبر، قبل ذلك.
الثاني عشر: اختلف في مدّة إقامته- صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر، فروى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس- رضي الله عنه إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أقام بخيبر ستة أشهر، يجمع بين الصّلاتين. وروى البيهقي عنه: أربعين يوما، وسنده ضعيف.
وقال ابن إسحاق.....
الثالث عشر: في بيان غريب ما سبق.
استنفر: استنجد واستنصر.
عسكر: جمع عسكره: أي جيّشه.
ثنيّة الوداع: تقدم الكلام عليها مبسوطا في دخوله- صلى الله عليه وسلم المدينة. في أبواب الهجرة.
الزّغابة- بالزاي والغين المعجمتين وبالموحدة كسحابة، وضبطه أبو عبيد البكري- رحمه الله تعالى- بالضم: مجتمع السيول بأرض العقيق، غربي مشهد حمزة، وهو أعلى إضم، ووهم من قال إنه لا يعرف، وإنما المعروف الغابة.
نقمى- بنون فقاف فميم مفتوحات فألف تأنيث: اسم واد بالمدينة كجمزى ونسكى، ويروى- بضم أوله وثانيه: اسم واد بها.
المشلّل- بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، واللام الأولى وتشديدها: ثنية تشرف على قديد.
الوطاة: الأرض السهلة.
راهق- بالراء والقاف: قارب.
الجبن- بضم الجيم، وسكون الموحدة، وتضم أيضا: صفة الجبان.
ضلع الدّين، قال القاضي- بفتح الضاد المعجمة، واللام. شدته، وثقل حمله.
قينقاع، والنضير، وقريظة: تقدم الكلام عنها في غزوتها.
سنبلانيّة- بضم السين المهملة، والموحدة بينهما نون، أي سابغة من الطول، يقال ثوب سنبلاني، وسنبل ثوبه إذا أسبله من خلفه، أو أمامه، وقال اليعمري: منسوبة إلى موضع من المواضع. قلت: سنبلاني محلة، بأصبهان، والمراد هنا الأول.
الكرباس- بالكسر: الثوب الخشن.
عصر- بمهملات فالكسر: فالسكون، أو بفتحتين: جبل بقرب المدينة من جهة خيبر، ومن الغرائب قول ابن الأثير مع ذكر ذلك أنه بين المدينة ووادي الفرع.