الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال محمد بن عمر: ثم خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم من البيت والمفتاح في يده، وخالد بن الوليد يذبّ الناس عن الباب حتى خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم ثم روي عن برة بنت أبي تجراة بفتح الفوقية، وكسر الجيم، وبالراء- رضي الله عنها قالت: نظرت رسول الله- صلى الله عليه وسلم وفي يده المفتاح ثم جعله في كمه [ (1) ] .
ذكر خطبته- صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
روى الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب والبخاريّ في صحيحه عن مجاهد. وابن أبي شيبة
…
وابن إسحاق عن صفية بنت شيبة، والبيهقي عن عبد الله بن عمر، وابن أبي شيبة عن عبد الله ابن عبيدة قالوا: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما خرج من البيت استكفّ له الناس، وأشرف على الناس وقد ليط بهم حول الكعبة- وهم جلوس- قام على بابه فقال:«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده» ولفظ الإمام أحمد، ومحمد بن عمر:«الحمد لله الذي صدق وعده، ثمّ اتّفقوا «ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش ماذا تقولون؟ ماذا تظنّون؟» قالوا: نقول خيرا ونظن خيرا، نبي كريم، وأخ كريم، وابن أخ كريم، وقد قدرت. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «فإنّي أقول كما قال أخي يوسف: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ؟ [يوسف 92]«اذهبوا فأنتم الطّلقاء» فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام، ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«إلا إنّ كلّ ربا في الجاهليّة أو دم أو مأثرة أو مال يدّعى فهو تحت قدميّ هاتين- وأوّل دم أضعه دم ربيعة بن الحارث إلا سدانة البيت وسقاية الحاجّ، ألا وفي قتيل العصا والسّوط والخطأ شبه العمد الدّية مغلّظة مائة ناقة، منها أربعون في بطونها أولادها، ألا وأن الله تعالى- قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها، كلّكم لآدم وآدم من تراب» [ (2) ] . ثم تلا هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات 13]«يا أيها الناس!! النّاس رجلان، فبرّ تقيّ كريم وكافر شقي هيّن على الله، إلا أن الله- تعالى- حرّم مكة يوم خلق السّموات والأرض، ووضع هذين الأخشبين، فهي حرام بحرام الله، لم تحل لأحد كان قبلي، ولن تحلّ لأحد كائن بعدي، لم تحلّ لي إلا ساعة من نهار يقصّرها- صلى الله عليه وسلم بيده هكذا- ولا ينفر صيدها، ولا يعضد عضاهها، ولا تحلّ لقطتها إلا لمنشد، ولا يختلى خلاها» فقال العباس،
[ (1) ] المغازي للواقدي 2/ 835.
[ (2) ] أخرجه البيهقي 9/ 118 من حديث أبي هريرة.
[ (1) ] .
قال الزهري- فيما رواه عبد الرزاق، والطّبراني: ثم نزل- ونزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم ومعه المفتاح، فتنحّى ناحية من المسجد، فجلس عند السقاية.
قال شيوخ محمد بن عمر: وكان- صلى الله عليه وسلم قد قبض مفتاح السّقاية من العبّاس، ومفتاح البيت من عثمان.
وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عبيدة: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم بعد خطبته عدل إلى جانب المسجد فأتي بدلو من ماء زمزم، فغسل منها وجهه ما يقع منه قطرة إلا في يد إنسان إن كانت قدر ما يحسوها حساها وإلا مسح جلده. والمشركون ينظرون فقالوا: ما رأينا ملكا قط أعظم من اليوم. ولا قوما أحمق من القوم.
[ (1) ] أخرجه البخاري (2434) ، مسلم في الحج (447، 448) ، وأبو داود (2017)(3649، 4505) والترمذي (2667) وأحمد 2/ 238 والبيهقي 8/ 52 والدارقطني 973.
ذكر تصديقه- صلى الله عليه وسلم لعثمان بن طلحة قبل الهجرة بأن المفتاح سيصير بيده- صلى الله عليه وسلم يضعه حيث شاء ونزل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها
[النساء 58]
روى ابن سعد عن إبراهيم بن محمد العبدريّ عن أبيه، محمد بن عمر عن شيوخه، قالوا: قال عثمان بن طلحة: لقيني رسول الله- صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، فدعاني إلى الإسلام فقلت: يا محمد العجب لك حيث تطمع أن أتبعك، وقد خالفت دين قومك وجئت بدين محدث، وكنا نفتح الكعبة في الجاهلية الاثنين والخميس، فأقبل يوما يريد أن يدخل الكعبة مع النّاس فأغلظت عليه ونلت منه، فحلم عني، ثم قال:«يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت» فقلت، لقد هلكت قريش وذلت. قال:«بل عمرت يومئذ وعزّت» ، ودخل الكعبة، فوقعت كلمته منّي موقعا فظننت أن الأمر سيصير كما قال، فأردت الإسلام فإذا قومي يزبرونني زبراً شديداً، فلما كان يوم الفتح قال لي يا عثمان:«ائت بالمفتاح» فأتيته به. فأخذه مني، ثم دفعه إليّ وقال:«خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا مما وصل إليكم من هذا البيت بالمعروف» فلما وليت ناداني، فرجعت إليه، فقال:«ألم يكن الذي قلت لك؟ فذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة «لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت» فقلت: بلى. أشهد أنك رسول الله، فقام علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة بيده فقال: يا رسول الله- اجمع لنا الحجابة مع السّقاية! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة؟ فدعا فقال: «هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء» قالوا: وأعطاه المفتاح ورسول الله- صلى الله عليه وسلم مضطبع بثوبه عليه، وقال «غيّبوه. أن الله تعالى رضي لكم بها في الجاهلية والإسلام»
[ (1) ] .
وروى الفاكهي عن جبير بن مطعم: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لمّا ناول عثمان المفتاح قال له «غيبه»
قال الزهري: فلذلك يغيّب المفتاح.
وروى ابن عائذ، وابن أبي شيبة من مرسل عبد الرحمن ابن سابط: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم دفع مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة، فقال:«خذوها خالدة مخلّدة، إنّي لم أدفعها إليكم، ولكن الله- تعالى- دفعها إليكم، ولا ينزعها منكم إلا ظالم» .
وروى ابن عائذ أيضا، والأزرقي عن ابن جريح-رحمه الله تعالى-- أن عليا- رضي الله عنه قال للنبي- صلى الله عليه وسلم: اجمع لنا الحجابة والسقاية فنزلت: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها
[ (1) ] انظر البدآية والنهاية 4/ 301.