الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرج منها من التّمر، وقالوا: دعنا يا محمد نكون في هذه الأرض. نصلحها، ونقوم عليها، ولم يكن لرسول الله- صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها، فأعطاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم خيبر على أن لهم الشّطر من كلّ زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ،
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «نقركم فيها على ذلك ما شئنا، وفي لفظ «ما أقركم الله»
[ (1) ] .
وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كلّ عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم شدة خرص ابن رواحة، وأرادوا أن يرشوا ابن رواحة، فقال: يا أعداء الله، تطعموني السّحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلى، ولأنتم أبغض إلي من عدّتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي إيّاكم وحبيّ إياه على أن لا أعدل عليكم فقالوا: بهذا قامت السّموات والأرض، فأقاموا بأرضهم على ذلك.
فلما كان زمان عمر، غشّوا المسلمين، وألقوا عبد الله بن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه، ويقال بل سحروه باللّيل وهو نائم على فراشه، فكوع حتى أصبح كأنه في وثاق، وجاء أصحابه، فأصلحوا من يديه، فقام عمر خطيبا في النّاس، فقال: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أموالها، وقال: نقركم ما أقركم الله، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، وهم تهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم. فمن كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها، فلما أجمع على ذلك، قال رئيسهم، وهو أحد بني الحقيق: لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرّنا أبو القاسم وأبو بكر، فقال عمر لرئيسهم: أتراني سقط عنّي
قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم «كيف بك، إذا ارفضّت بك راحلتك تؤم الشّام يوما، ثم يوما؟»
وفي رواية: أظننت أنّي نسيت
قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم «كيف بك إذا خرجت من خيبر يعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة»
فقال: تلك هزيلة من أبي القاسم، قال: كذبت، وأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة مالهم من التمر: مالا، وإبلا، وعروضا من أقتاب وحبال، وغير ذلك، وسيأتي في أبواب الوفاة النبوية
قوله- صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا اليهود من جزيرة العرب»
[ (2) ] .
ذكر قصة الشاة المسمومة وما وقع في ذلك من الآيات
روى الشيخان عن أنس، والإمام أحمد، وابن سعد، وأبو نعيم عن ابن عباس، والدارمي، والبيهقي عن جابر، والبيهقي بسند صحيح- عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك، والطّبرانيّ
[ (1) ] أخرجه البخاري 5/ 327 (2730) ، والبيهقي في الدلائل 4/ 234.
[ (2) ] أخرجه البخاري 6/ 170 (3053)(3168، 4431) ومسلم 3/ 1257 (20/ 1637) .
عنه عن أبيه، والبزار والحاكم، وأبو نعيم عن أبي سعيد، والبيهقي عن أبي هريرة- رضي الله عنهم والبيهقي عن ابن شهاب- رحمه الله تعالى-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما افتتح خيبر، وقتل من قتل، واطمأن الناس، أهدت زينب ابنة الحارث امرأة سلام بن مشكم، وهي ابنة أخي مرحب- لصفيّة امرأته شاة مصليّة، وقد سألت: أيّ عضو الشّاة أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم؟
فقيل لها الذراع، فأكثرت فيها من السّمّ، ثم سمّت سائر الشاة، فدخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم على صفية ومعه بشر بن البراء بن معرور- بمهملات- فقدّمت إليه الشّاة المصليّة، فتناول رسول الله- صلى الله عليه وسلم الكتف، وفي لفظ: الذّراع، وانتهس منها فلاكها رسول الله- صلى الله عليه وسلم وتناول بشر ابن البراء عظما، فانتهس منه [ (1) ] .
قال ابن إسحاق، فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله- صلى الله عليه وسلم فلفظها، وقال ابن شهاب:
فلما استرط رسول الله- صلى الله عليه وسلم لقمته استرط بشر بن البراء ما في فيه
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم ارفعوا ما في أيديكم، فإنّ كتف هذه الشّاة تخبرني أني نعيت فيها.
قال ابن شهاب: فقال بشر بن البراء: والذي أكرمك لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت فما منعني أن ألفظها إلا أني أعظمت أن أنغصك طعامك، فلمّا سغت ما في فيك لم أكن لأرغب بنفسي عن نفسك ورجوت ألا تكون استرطّتها، وفيها نعي. فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه كالطّيلسان، وماطله وجعه حتى كان لا يتحول إلا أن حوّل. قال الزهري قال جابر: واحتجم رسول الله- صلى الله عليه وسلم على كاهله يومئذ، حجمه أبو هند مولى بني بياضة بالقرن والشفرة، وبقي رسول الله- صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه.
فقال: «ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشّاة يوم خيبر عوادا حتى كان هذا وانقطع أبهري»
فتوفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم شهيدا بلفظ ابن شهاب.
وذكر محمد بن عمر: أنه ألقى من لحم تلك الشّاة لكلب فما تبعت يده رجله حتّى مات.
وقال الصحابة السابق ذكرهم- رضي الله عنهم إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أرسل إلى اليهودية، فقال:«أسممت هذه الشاة؟» فقالت: من أخبرك؟ قال: «أخبرتني هذه الّتي في يديّ وهي الذراع، قالت: نعم، قال: «ما حملك على ما صنعت؟» قالت: بلغت من قومي ما لم
[ (1) ] أخرجه البخاري 5/ 272 (2617) ومسلم 4/ 1721 (45/ 2190) ، وأحمد 2/ 451، وأخرجه البيهقي في الدلائل 4/ 259، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (3169، 4249، 5777) وأبو داود في الديات (6) ، وابن ماجة في الطبراني (45) والدارمي في المقدمة 11، وانظر المغازي للواقدي 2/ 677 والسيرة لابن هشام 3/ 293 وشرح المواهب 2/ 239 وابن كثير في البداية 4/ 208 والسيرة 3/ 394.