الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لي، إذا هو قد أضل بعيرا له، فانطلق يطلب بعيره بعد أن استبرأ العسكر وطلبه فيهم، فبينا هو في جبال سراوع إذ زلقت به نعله فتردّى فمات، فما علم به حتى أكلته السباع،
قال أبو سعيد:
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم يومئذ: «سيأتيكم أهل اليمن كأنّهم قطع السّحاب. هم خير أهل الأرض.
ذكر نزول رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالحديبية وما وقع في ذلك من الآيات
قال مسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم سار فلما دنا من الحديبية وقعت يدا راحلته على ثنيّة تهبط في غائط القوم، فبركت به راحلته، فقال، وفي رواية: فقال الناس «حل حل» فأبت أن تنبعث وألحّت، فقال المسلمون: خلأت القصواء،
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بعادة، وفي لفظ: بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة» ثم قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسألوني اليوم خطّة فيها تعظيم حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم إيّاها»
ثم زجرها فقامت، فولّى راجعا عوده على بدئه. وفي رواية فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد [ (1) ] من ثماد الحديبية ظنون [ (2) ] قليل الماء يتبرّض [ (3) ] النّاس ماءه تبرّضا، فلم يلبثه النّاس حتى نزحوه، فاشتكى الناس إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم قلة الماء، وفي لفظ «العطش» فانتزع سهما من كنانته فأمر به فغرز في الماء فجاشت بالرّواء حتّى صدروا عنها بعطن [ (4) ] قال المسور: وإنهم ليغترفون بآنيتهم جلوسا على شفير البئر.
قال محمد بن عمر: والذي نزل بالسّهم ناجية بن الأعجم- رجل من أسلم، ويقال:
ناجية بن جندب وهو سائق بدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم وقد روى أن جارية من الأنصار قالت لناجية وهو في القليب:
يا أيّها الماتح دلوي دونكا
…
إني رأيت النّاس يحمدونكا
يثنون خيرا ويمجّدونكا
فقال ناجية وهو في القليب:
قد علمت جارية يمانيه
…
أنّي أنا الماتح واسمي ناجيه
[ (1) ] ثمد الماء ثمدا: قل، انظر المعجم الوسيط 1/ 100.
[ (2) ] الظنّون: البئر لا يدري فيها ماء أم لا، انظر الصحاح 6/ 2160.
[ (3) ] تبرّض: يقال: يتبرّض الماء من العين إذا خرج وهو قليل، انظر الصحاح 3/ 1066.
[ (4) ] العطن: مبرك الإبل، انظر المعجم الوسيط 2/ 615.
وطعنة ذات رشاش واهيه
…
طعنتها تحت صدور العادية
قال محمد بن عمر: حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن مروان عن أبيه قال: حدثني أربعة عشر رجلا ممّن أسلم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم أنه ناجية بن الأعجم، يقول: دعاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم حين شكي إليه قلّة الماء فأخرج سهما من كنانته، ودفعه إليّ، ودعا بدلو من ماء البئر فجئته به، فتوضأ فمضمض فاه، ثم مج في الدّلو- والنّاس في حر شديد- وإنما هي بئر واحدة قد سبق المشركون إلى بلدح فغلبوا على مياهه فقال:«انزل بالدّلو فصبّها في البئر وأثر ماءها بالسّهم» ففعلت،
فو الذي بعثه بالحق ما كدت أخرج حتى يغمرني وفارت كما تفور القدر، حتى طمّت واستوت بشفيرها، يغترفون من جانبها حتى نهلوا من آخرهم. وعلى الماء يومئذ نفر من المنافقين، منهم عبد الله بن أبيّ، فقال أوس بن خولي: ويحك يا أبا الحباب!! أما إن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيء؟ فقال: إني قد رأيت مثل هذا. فقال أوس:
قبّحك الله وقبح رأيك فأقبل ابن أبي يريد رسول الله- صلى الله عليه وسلم
فقال «يا أبا الحباب: أنّى رأيت مثلما رأيت اليوم» ؟ فقال: ما رأيت مثله قط. قال: «فلم قلته» ؟ فقال ابن أبي: يا رسول الله استغفر لي،
فقال ابنة عبد الله بن عبد الله- رضي الله عنه يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له [ (1) ] .
وروى ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما قال: أنا نزلت بالسّهم. والله أعلم.
قصة أخرى: روى الإمام أحمد، والبخاري، والطبراني، والحاكم في الإكليل، وأبو نعيم عن البراء بن عازب، ومسلم عن سلمة بن الأكوع، وأبو نعيم عن ابن عباس، والبيهقي عن عروة، قال البراء: كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالحديبية أربع عشرة مائة، والحديبية: بئر فقدمناها وعليها خمسون شاة ما ترويها فتبرضها فلم نترك فيها قطرة، قال ابن عباس: وكان الحرّ شديدا، فشكا النّاس العطش، فبلغ ذلك النبي- عليه الصلاة والسلام فأتاه فجلس على شفيرها، ثم دعا «بإناء» وفي لفظ «بدلو» فتوضأ في الدلو، ثم مضمض ودعا، ثم صبّه فيها، فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا. قال البراء: ولقد رأيت آخرنا أخرج بثوب خشية الغرق حتى جرت نهرا [ (2) ] .
وقال ابن عباس وعروة ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شفيرها.
[ (1) ] انظر تفسير الطبري 6/ 177 وابن كثير 3/ 125.
[ (2) ] أخرجه البخاري 7/ 505 (4150) .