الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالت: لم أره صلّى صلاة أخف منها، غير أنّه يتم ركوعها وسجودها. رواه البخاري والبيهقي [ (1) ] .
ذكر رن إبليس وحزنه وكيد الجن لرسول الله- صلى الله عليه وسلم وزجرهم عنه ودعاء نائلة بالويل
روى أبو يعلى، وأبو نعيم عن ابن عباس- رضي الله عنهما قال لما فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم مكة رن إبليس رنّة فاجتمعت إليه ذرّيته، فقال: ايأسوا أن تردّوا أمّة محمد إلى الشرك بعد يومكم هذا، ولكن أفشوا فيها- يعني مكة- النّوح والشّعر.
وروى ابن أبي شيبة عن مكحول- رحمه الله أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما دخل مكّة تلقّته الجنّ يرمونه بالشّرر، فقال جبريل- صلى الله عليه وسلم تعوّذ يا محمد بهؤلاء الكلمات:«أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما ينزل من السّماء وما يعرج فيها، ومن شرّ ما بثّ في الأرض، وما يخرج منها، ومن شرّ الليل والنهار، ومن شر كل طارق يطرق إلّا بخير يا رحمن» .
وروى البيهقي عن ابن أبزى- بفتح الهمزة، وسكون الموحدة وبالزاي، وألف تأنيث مقصورة- رحمه الله تعالى- قال: لما فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم مكّة جاءت عجوز حبشيّة شمطاء تخمش وجهها، وتدعو بالويل، فقال:«تلك نائلة، أيست أن تعبد ببلدكم هذا أبدا»
[ (2) ] .
ذكر إسلام أبي قحافة عثمان بن عامر والد أبي بكر الصديق- رضي الله عنهما
روى الإمام أحمد، والطبراني برجال ثقات، ومحمد بن عمر، والبيهقي عن أسماء بنت أبي بكر الصديق- رضي الله عنهما قالت: لما كان عام الفتح، ونزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم بذي طوى، قال أبو قحافة لابنة له- قال البلاذري-- اسمها أسماء، قال محمد بن عمر تسمى:
قريبة- ضدّ بعيدة، كانت من أصغر ولده: يا بنيّة، أشرفي بي على أبي قبيس- وقد كفّ بصره- فأشرفت به عليه، فقال: أي بنيّة!! ماذا ترين؟» قالت: أرى سوادا مجتمعا كثيرا، وأرى رجلا يشتدّ بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا، فقال: ذلك الرجل الوازع، ثم قال: ماذا ترين؟ قالت: أرى السواد قد انتشر وتفرّق، فقال: والله إذن انتشرت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي، فخرجت سريعا حتى إذا هبطت به الأبطح لقيتها الخيل، وفي عنقها طوق لها من ورق، فاقتلعه إنسان
[ (1) ] سيأتي ذلك في هديه- صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى.
[ (2) ] البيهقي في الدلائل 5/ 75.
من عنقها،
فلما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم المسجد، خرج أبو بكر بأبيه- رضي الله عنهما يقوده، وكان رأس أبي قحافة ثغامة، فلما رآه رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال:«هلّا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه» ؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، فأجلسه بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم فمسح رسول الله- صلى الله عليه وسلم صدره، وقال: أسلم تسلم، فأسلم، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال: أنشدكم بالله والإسلام طوق أختي، فو الله ما جاء به أحد، ثم قال الثالثة فما جاء به أحد، فقال: يا أخيّة، احتسبي طوقك، فو الله إنّ الأمانة في الناس اليوم لقليل
[ (1) ] .
وروى البيهقي بسند جيد قوي عن ابن وهب قال: أخبرني ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر: أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه أخذ بيد أبي قحافة، فأتى به رسول الله- صلى الله عليه وسلم فلما وقف به على رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: غيّروه ولا تقربوه سوادا [ (2) ] .
قال ابن وهب: وأخبرني عمر بن محمد عن زيد بن أسلم: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم هنأ أبا بكر بإسلام أبيه.
وروى الإمام أحمد، وابن حبان عن أنس- رضي الله عنه قال: جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يحمله حتّى وضعه بين يديه فقال لأبي بكر: «لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه» - تكرمة لأبي بكر- فأسلم ورأسه ولحيته كالثّغامة، فقال غيروهما قال قتادة هو أول مخضوب في الإسلام. وروى مسلم عن جابر قال: أتى بأبي قحافة عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغامة فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «غيّروا هذا بشيء وجنبوه السواد» .
قال البلاذريّ: ورمى بعض المسلمين أبا قحافة فشجّه، وأخذت قلادة أسماء ابنته، فأدركه أبو بكر وهو يستدمي، فمسح الدم عن وجهه انتهى.
قالوا: وجاء خالد بن الوليد إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال له: «لم قاتلت، وقد نهيت عن القتال» ؟ قال: هم يا رسول الله بدءونا بالقتال، ورشقونا النّبل، ووضعوا فينا السلاح، وقد كففت ما استطعت، وقد دعوتهم إلى الإسلام، وأن يدخلوا فيما دخل فيه الناس، فأبوا، حتى إذا لم أجد بدا قاتلتهم فظفّرنا الله- تعالى- عليهم، فهربوا في كل وجه يا رسول الله، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«كفّ عن الطّلب» قال: قد فعلت: فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «قضاء الله خير» ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «كفّوا السّلاح إلا خزاعة عن بني بكر إلى صلاة العصر» فخبطوهم
[ (1) ] أخرجه الواقدي في المغازي 2/ 824، والبيهقي في الدلائل 4/ 95.
[ (2) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 4/ 96.