الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطاب وأجلى يهود خيبر بعث إليهم من يقوّم أرضهم، فبعث أبا الهيثم مالك بن التّيّهان- بفتح الفوقية وكسر التحتية المشددة، وبالنون، وفروة بن عمرو بن جبّار- بتشديد الموحدة بن صخر، وزيد بن ثابت، فقوّموها لهم، النخل والأرض، فأخذها عمر، ودفع إليهم نصف قيمة النخل بتربتها، فبلغ ذلك خمسين ألف درهم أو يزيد، وكان ذلك المال جاء من العراق، وأجلاهم إلى الشام.
ذكر المراهنة التي كانت بين قريش في أن أهل خيبر يغلبون رسول الله- صلى الله عليه وسلم
-
روى البيهقي عن عروة، وعن موسى بن عقبة، وعن محمد بن عمر عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم- رحمهم الله تعالى- قالوا-: واللفظ لمحمد بن عمر-: كان حويطب- بضم الحاء المهملة، وسكون التحتية، وكسر الطاء المهملة- ابن عبد العزى- رضي الله عنه يقول: انصرفت من صلح الحديبية، وأنا مستيقن أن محمدا- صلى الله عليه وسلم سيظهر على الخلق، وتأبى حميّة الشيطان إلّا لزوم ديني، فقدم علينا عبّاس- بالموحدة المشددة- ابن مرداس- بكسر الميم- السلمي يخبرنا أن محمدا- صلى الله عليه وسلم قد سار إلى خيابر، وأن خيابر قد جمعت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم فمحمّد لا يفلت إلى أن قال عباس بن مرداس: من شاء بايعته إن محمدا لا يفلت قلت: أنا أخاطرك، فقال صفوان بن أمية: أنا معك يا عباس، وقال نوفل بن معاوية الدّيلمي أنا معك يا عبّاس، وضوى إليّ نفر من قريس فتخاطرنا مائة بعير أخماسا إلى مائة بعير، أقول أنا وحزبي: يظهر محمد- صلى الله عليه وسلم ويقول عباس وحزبه: تظهر غطفان، وجاء الخبر بظهور رسول الله- صلى الله عليه وسلم فأخذ حويطب وحزبه الرّهن.
ذكر استئذان الحجاج بن علاط- رضي الله عنه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر أن يذهب إلى مكة لأخذ ماله قبل وصول الخبر إليها
روى الإمام أحمد عن أنس- رضي الله عنه والبيهقي عن ابن إسحاق، ومحمد ابن عمر عن شيوخه، قالوا: كان الحجاج بن علاط بكسر العين المهملة، وتخفيف اللّام، السلمي بضم السين، خرج يغير في بعض غاراته، فذكر له إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم بخيبر، فأسلم، وحضر مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم وكانت أمّ شيبة ابنة عمير بن هاشم- أخت مصعب بن عمير العبدريّ- امرأته،
وكان الحجّاج مكثرا، له مال كثير، وله معادن الذهب التي بأرض بني سليم- بضم السين، فقال: يا رسول الله، ائذن لي، فأذهب فآخذ مالي عند امرأتي، فإن علمت بإسلامي لم أخذ منه شيئا، ومال لي متفرق في تجّار أهل مكة، فأذن له رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول
الله، أنه لا بد لي من أن أقول، قال «قل»
قال الحجاج: فخرجت فلما انتهيت إلى الحرم، هبطت فوجدتهم بالثنية البيضاء، وإذا بها رجال من قريش يتسمّعون الأخبار قد بلغهم إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قد سار إلى خيبر، وعرفوا أنها قرية الحجاز أنفة ومنعة وريفا ورجالا وسلاحا، فهم يتحسّبون الأخبار، مع ما كان بينهم من الرّهان، فلمّا رأوني قالوا: الحجاج بن علاط عنده- والله- الخبر- ولم يكونوا علموا بإسلامي- يا حجاج، إنّه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر بلد يهود، وريف الحجاز، فقلت: بلغني أنه قد سار إليها وعندي من الخبر ما يسرّكم فالتبطوا بجانبي راحلتي، يقولون: إيه يا حجاج؟! فقلت: لم يلق محمد وأصحابه قوما يحسنون القتال غير أهل خيابر، كانوا قد ساروا في العرب يجمعون له الجموع، وجمعوا له عشرة آلاف فهزم هزيمة لم يسمع بمثلها قط، وأسر محمّد أسرا، فقالوا: لا نقتله حتّى نبعث به إلى مكة فنقتله بين أظهرهم بمن قتل منّا ومنهم، ولهذا فإنهم يرجعون إليكم يطلبون الأمان في عشائرهم، ويرجعون إلى ما كانوا عليه، فلا تقبلوا منهم، وقد صنعوا بكم ما صنعوا، قال: فصاحوا بمكة، وقالوا: قد جاءكم الخبر، هذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم، وقلت: أعينوني على جمع مالي على غرمائي فإني أريد أن أقدم فأصيب من غنائم محمد وأصحابه، قبل أن تسبقني التّجار إلى ما هناك، فقاموا فجمعوا إليّ مالي كأحثّ جمع سمعت به، وجئت صاحبتي فقلت لها: مالي، لعلّي ألحق بخيبر فأصيب من البيع قبل أن يسبقني التّجار.
وفشا ذلك بمكة، وأظهر المشركون الفرح والسرور، وانكسر من كان بمكة من المسلمون، وسمع بذلك العباس بن عبد المطلب، فقعد وجعل لا يستطيع أن يقوم فأشفق أن يدخل داره فيؤذى وعلم أنه يؤذى عند ذلك فأمر بباب داره أن يفتح وهو مستلق فدعا بقثم، فجعل يرتجز ويرفع صوته لئلا يشمت به الأعداء، وحضر باب العباس بين مغيظ ومحزون، وبين شامت، وبين مسلم ومسلمة مقهورين بظهور الكفر، والبغي، فلمّا رأى المسلمون العباس طيّبة نفسه، طابت أنفسهم، واشتدت منتهم [ (1) ] ، فدعا غلاما له يقال له أبو زبيبة، بلفظ واحدة زبيب العنب، ولم أجد له ذكرا في الإصابة، فقال: اذهب إلى الحجاج فقل له: يقول لك العباس: الله أعلى وأجلّ من أن يكون الذي جئت به حقا، فقال له الحجاج: اقرأ على أبي الفضل السلام، وقل له: ليخل لي في بعض بيوته، لآتيه بالخبر على ما يسره، واكتم عنّي، وأقبل أبو زبيبة يبشر العباس، فقال: أبشر يا أبا الفضل، فوثب العباس فرحا كأن لم يمسّه شيء، ودخل عليه أبو زبيبة، واعتنقه العباس، وأعتقه، وأخبره بالذي قاله.
[ (1) ] المنّة: القوة، انظر المعجم الوسيط 2/ 896.