الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس
(الحروف وأصواتها ودورها في بيان إعجاز القرآن)
مقدمة عن الحروف والأصوات كمظهر من مظاهر إعجاز القرآن
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ وبعد:
نبدأ اليوم إن شاء الله سبحانه وتعالى التعمق لسبر غور كتاب ربنا الكريم والتوصل إلى ما فيه من أسرار بلاغية لغوية تشهد بأنه كتابٌ معجز إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وتناول مباحث البلاغة في القرآن الكريم أو مظاهر الإعجاز في القرآن الكريم تفرعت إلى صور شتى، وعادةً ما يُبتدأ فيها بذكر ما يتركب منه كتاب الله سبحانه وتعالى، أي ذكر المفردات التي يتكون منها النص القرآني.
المفردات -كما نعلم جميعًا- هي أجزاء الكلام التي يتألف منها كلام العرب، وأجزاء الكلام كما تعلمون اسم وفعل وحرف، ويبدأ البلاغيون أو من اهتموا بإبراز مسائل الإعجاز بالكلام عن الوحدة الأولى التي يتركب منها بنيان النص القرآني ألا وهي الحروف، أو الأصوات اللغوية، فهذا المظهر من مظاهر تكوين النص القرآني كما يسميه بعض أهل العلم القشرة السطحية للقرآن الكريم، أو ما نقول بمعنى آخر كما يسمي أهل الأدب: أن كل نص ينقسم إلى شكل ومضمون، الشكل هو الإطار الخارجي الذي يُعرض فيه المضمون الذي هو المعاني التي يُراد إبرازها من خلال هذا النص، أو من خلال الشكل أو الإطار الخارجي.
فكلامنا اليوم إن شاء الله سبحانه وتعالى حول الحروف وأصواتها اللغوية، هذا عنوان عام يشتمل على جزئيات سنذكرها تباعًا إن شاء الله، أنت تعلم أيها الابن الحبيب أن الحروف في اللغة العربية
تنقسم إلى صوامت وحركات، والصوامت هي الحروف التي ننطقها أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، هذه الحروف تُسمى الصوامت.
أما الحركات فهي الحركة التي توضع على هذا الحرف الصامت وهي الفتحة بَ، والكسرة بِ، والضمة بُ
…
إلى آخره هي الحركات الثلاث.
بعد ذلك تعرف أيضًا من خلال دراستك في علم التجويد وتفاصيله، أن الحروف لها مخارج ولها صفات، فمخارج الحروف خمسة: الجوف والحلق واللسان والشفتان والخيشوم، وصفات الحروف إما صفات لازمة أو صفات عارضة؛ صفات لازمة أي تلزم الحرف ولا يفارقها، مثل الجهر والهمس والشدة والرخاوة والاستعلاء والإطباق والاستفال والانفتاح والإصمات والتفشي والاستطالة
…
إلى آخره، وصفات عارضة أي تطرق على الكلمة أو على الحرف تطرق على الحرف في حال معينة، كحال تسكينه أو حال الختام به أو غير ذلك، وهي صفات مثل الترقيق والتفخيم والإدغام والإخفاء والإقلاب والإظهار والمد والغنة
…
إلى آخره.
هذا كله تعرفه أيها الابن الحبيب، أما الذي نريد أن نشير إليه الآن في درسنا هو أن تعلم أن هذه المخارج وهذه الصفات إنما أُخذ أكثرها من ألفاظ القرآن الكريم، لا من كلام العرب وفصاحتهم، فهنا موضع القول؛ فإن طريقة النظم التي اتسقت بها ألفاظ القرآن وتألفت لها حروف هذه الألفاظ إنما هي طريقة يتوخى بها إلى أنواع من المنطق وصفات من اللهجة- لم تكن على هذا الوجه من كلام العرب، ولكنها ظهرت فيه أول شيء على لسان النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، مما جعل المسامع لا تنبو عن شيء من القرآن ولا تلوي من دونه حجاب القلب، حتى لم يكن لمن يسمعه بد من الاسترسال إليه والتوفر على الإصغاء، لا يستمهله أمر من دونه وإن كان أمر