المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإعجاز في تنوع أوجه القراءات فيما يتعلق ببعض مسائل الاعتقاد - الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 مقدمة في وجوه الإعجاز

- ‌ماذا نعني بإعجاز القرآن

- ‌الفرق بين معجزة القرآن وسائر المعجزات

- ‌أوجه إعجاز القرآن

- ‌كيفية تحدي نبينا صلى الله عليه وسلم للعرب

- ‌الدرس: 2 تابع: مقدمة في وجوه الإعجاز - الصرفة، والإخبار بالغيبيات

- ‌لماذا نهتم بالإعجاز اللغوي في القرآن

- ‌ثمرة دراسة إعجاز القرآن

- ‌مسألة الصرفة

- ‌الإخبار عن الغيبيات

- ‌الدرس: 3 أوجه إعجاز القرآن الكريم: حفظ التشريع ودوامه

- ‌نظم القرآن

- ‌قدسية القرآن

- ‌الإعجاز اللغوي

- ‌الدرس: 4 الإعجاز العلمي، والعددي، والتصوير في القرآن الكريم

- ‌الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

- ‌الإعجاز العددي في القرآن الكريم

- ‌مسألة التصوير

- ‌الدرس: 5 الحروف وأصواتها ودورها في بيان إعجاز القرآن

- ‌مقدمة عن الحروف والأصوات كمظهر من مظاهر إعجاز القرآن

- ‌مظهر الإعجاز في الحروف وأصواتها

- ‌الدرس: 6 تابع: الحروف وأصواتها ودورها في بيان إعجاز القرآن

- ‌حركات الحروف وأثرها على السمع في القرآن الكريم

- ‌مظاهر النسق الصوتي في القرآن الكريم، والأمثلة التي تذكر له

- ‌الدرس: 7 حروف المعاني (1)

- ‌حروف العطف (الواو والفاء)

- ‌حروف العطف (ثم، أو، أم، بل، لكن، لا)

- ‌الدرس: 8 حروف المعاني (2)

- ‌حروف النداء

- ‌حروف النفي

- ‌حرفا الشرط: "إنْ" و"لو

- ‌حرفا الاستفهام "الهمزة" و"هل

- ‌الدرس: 9 حروف المعاني (3)

- ‌حروف التوكيد، وحروف الجر والقسم

- ‌كيف كان استخدام حروف المعاني وجهًا من وجوه الإعجاز اللغوي

- ‌الدرس: 10 القراءات القرآنية وما بها من أوجه للإعجاز

- ‌القِراءة وطرق الأداء

- ‌وجوه القراءة

- ‌الكلام عن قراءة التلحين

- ‌لغة القرآن

- ‌مسألة الأحرف السبعة

- ‌الدرس: 11 تابع: القراءات القرآنية وما بها من أوجه للإعجاز

- ‌الإعجاز في تنوع أوجه القراءات فيما يتعلق ببعض مسائل الاعتقاد

- ‌تنوع القراءات القرآنية من حيث الإعجاز التشريعي

- ‌الإعجاز البياني واللغوي في تنوع القراءات

- ‌القراءات وأثرها في: التوجيه البلاغي، وتنوع الأساليب

- ‌الدرس: 12 مفردات القرآن ووجه الإعجاز فيها

- ‌غريب القرآن أو غرائب القرآن

- ‌ظاهرة الألفاظ المعرضة

- ‌ظاهرة الوجوه والنظائر في القرآن الكريم

- ‌قضية الترادف

- ‌حروف المعجم أو ما يتعلق بالحروف المقطعة

- ‌الدرس: 13 قضية النظم

- ‌التطور الدلالي لمصطلح "النظم" وكيف تطور هذا اللفظ

- ‌معنى النظم عند عبد القاهر الجرجاني رحمه الله

- ‌مادة النظم هي العلاقة بين اللفظ والمعنى

- ‌مزايا النظم وفساده

- ‌الدرس: 14 قضية الذكر والحذف

- ‌المسند إليه، ودواعي وأغراض ذكره

- ‌المسند، ودواعي وأغراض ذكره

- ‌مسألة الحذف، ومزاياه، وأنواعه

- ‌الدرس: 15 تابع: قضية الذكر والحذف

- ‌استكمال أغراض حذف المسند إليه

- ‌أغراض حذف المسند

- ‌ما يتعلق بحذف المتعلقات، وحذف المفعول به

- ‌الدرس: 16 التوكيد في النظم القرآني

- ‌تعريف التوكيد، وأغراضه

- ‌صور وأساليب التوكيد

- ‌الدرس: 17 تابع: التوكيد في النظم القرآني - التكرار في القرآن الكريم

- ‌بعض أدوات وأساليب التوكيد المستخدمة في النظم القرآني

- ‌مسألة التكرير

- ‌الدرس: 18 تابع: التكرار في القرآن الكريم

- ‌نماذج تطبيقية على التكرار في القرآن الكريم

- ‌هل هناك زيادة في القرآن

- ‌الدرس: 19 موقف علماء الصرف والنحو من قضية الزيادة

- ‌الزيادة لدى علماء الصرف

- ‌الزيادة عند علماء النحو

- ‌الدرس: 20 الفصل والوصل

- ‌معنى الفصل والوصل عند النحاة والبلاغيين

- ‌مواضع الفصل والوصل

- ‌الدرس: 21 الفصل والوصل في القرآن

- ‌تعليق الدكتور محمد أبي موسى على مسألة الفصل والوصل في القرآن

- ‌الفروق في الاستخدامات، وما بها من إعجاز بياني في نظم القرآن

- ‌الغاية من دراسة الفروق في الحال

- ‌الدرس: 22 لمحات الجرجاني في (دلائل الإعجاز)، وإحصاء الشيخ عضيمة

- ‌موازنة بين ما انتهى إليه الجرجاني وعضيمة في استخدام الحال

- ‌الفروق في استخدام الأفعال بأزمنتها المختلفة

- ‌استخدام الجملة الاسمية والفعلية

الفصل: ‌الإعجاز في تنوع أوجه القراءات فيما يتعلق ببعض مسائل الاعتقاد

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الحادي عشر

(تابع: القراءات القرآنية وما بها من أوجه للإعجاز)

‌الإعجاز في تنوع أوجه القراءات فيما يتعلق ببعض مسائل الاعتقاد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وبعد:

نتناول الإعجاز في تنوع أوجه القراءات القرآنية:

هذا الإعجاز الذي شمل جميعَ أركان الشريعة الإسلامية من عبادات وعقائد، وما يتعلق أيضًا من اجتهادات في المجالات اللغوية والبيانية.

نبدأ في حديثنا عن الإعجاز في تنوع أوجه القراءات فيما يتعلق ببعض مسائل الاعتقاد كجانب تطبيقي.

مطلب أفعال العباد:

هذه المسألة التي كثر فيها الكلام عند المتكلمين، نجد من القراءات المتواترة العشرية التي ثبتت ما يساعدنا على الحسم في هذه المسائل، أو بيان إعجاز القرآن منها. وذلك مثل قوله تعالى:{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} (الأعراف: 142) وقوله عز وجل: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} (طه: 80).

فهذه الآيات قرئت تواترًا: "واعدنا ووعدنا"، "واعدنا" بألف بعد الواو، "وواعدنا" دون ألف، وقراءة "وَعَدْنا" دون الألف في الفعل هذه القراءة صريحة في أن الفعل فِعلُ الله سبحانه وتعالى فالوعد منه ابتداءً، والقراءة الأخرى:"واعدنا" دلت على نسبة الأفعال إلى العباد على سبيل المجاز، فكأن موسى عليه السلام في اشتياق إلى لقاء المولى سبحانه وتعالى ومن ثَم كان إثبات الأفعال مجازًا أو على سبيل المجاز إلى العباد مع أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الفعل على الحقيقة، وهو سبحانه وتعالى الذي ابتدأ بوعد موسى عليه السلام وبإتمام هذا.

ص: 217

وكذلك عندنا قراءة قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} (غافر: 37) قرئت: "وصد على السبيل" بالبناء بما لم يسم فاعله، أو بالبناء للمجهول، وقرئ:"وصد عن السبيل" بالبناء للمعلوم. وقيل: القراءتان قرئت تواترًا. وهذه القراءة - بالبناء للمفعول: "صُد عن السبيل" إخبار من الله سبحانه وتعالى عن انحراف فرعون وفجوره، وأن الله سبحانه وتعالى صَدَّ هذا الطاغية عن سبيل الحق، وعن طريق الهداية؛ لما بدر منه، وبما كان من تعنته، وبما كان من ادعائه الألوهية والربوبية، وما برز منه تجاه المولى سبحانه وتعالى. فجاءت القراءة الأخرى:"وصَد عن السبيل" بالبناء للمعلوم، بنسبة الفعل إلى فرعون؛ لأنه هو الذي فعل هذا الصد، فأفادت القراءة أن الأفعال للمولى سبحانه وتعالى وأنه قد تُنسب إلى العباد على سبيل المجاز، مع أن الله سبحانه وتعالى هو المالك المتصرف في خلقه كما يشاء.

مطلب آخر في مسائل الاعتقاد هذا المطلب ما يتعلق بالنبوات:

فالأنبياء هم أكرم خلق الله سبحانه وتعالى والأنبياء هم المعصومون المبرءون الذين اختارهم الله من صفوة خلقه؛ لكي يبلغوا رسالة ربهم، فالنبي يُعتقد فيه الكمال ويعتقد فيه أنه مرسل من الله سبحانه وتعالى مبرئًا من العيوب أو ما يشينه. فكانت القراءات في موضع من المواضع وفي بعض القراءات ما يؤكد هذا المعنى بما يختص به رسل الله سبحانه وتعالى قال المولى سبحانه وتعالى:{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (التكوير: 24) فقرئت تواترًا: {بِضَنِينٍ} وقرئت: "بظنيين" أي: بالضاد وبالظاء، والمعنى يختلف على القراءتين، ولكنه ينصب في عِصمة الأنبياء، وفي بيان قدر الأنبياء المكرمين، فما هو على الغيب بضنين، أي: ببخيل.

ص: 218

فإن الرسول الكريم -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- لم يسأل المشركين أجرًا على ما أخبرهم به، ولم يبخل عليهم بما عنده من علم -فصلوات الله وسلامه عليه- كان يرغبهم في الجنة ويحذرهم من النار، ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار، ومع ذلك لم يطلب منهم شيئًا:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} (الأنعام: 90) فكان ذلك علامة على صدق نبوته، بأنه لم يبخل عليهم بالعلم كعادة الكهان الذين كانوا لا يقدمون الخبر، أو لا يفيدون بالنبأ، إلا إذا أخذوا في المقابل أجرًا، وهو ما يسمى بالحلوان أو حلوان الكاهن.

والقراءة الأخرى: "وما هو على الغيب بظنيين" أي: بمتهم أنه صلى الله عليه وسلم ليس بمتهم فيما يخبِر به عن ربه سبحانه وتعالى فهو الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- يخبر بما أخبر به ربه سبحانه وتعالى وعلى القراءتين يتضح كمال عصمة الأنبياء.

كذلك عندنا أيضًا في القراءات ما يساعد وما يبين مسائل تتعلق بالسمعيات، أي: الغيبيات التي أخبر المولى سبحانه وتعالى. من ذلك: أمر الملائكة، فهؤلاء الملائكة المكرمون عباد الله الذين:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6) هذه الملائكة نجد من القراءات ما يبين قدرَ هؤلاء الملائكة الكِرام، كقوله تعالى:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (الزخرف: 19) فقرئت: {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} جمع عبد، وقرئت:"عند الرحمن" وعند ظرف كما هو معلوم. فهاتان القراءتان بينت منزلة الملائكة الكرام عند الله سبحانه وتعالى فالقراءة على العندية بمعنى الظرف: أنهم مكرمون عند ربهم سبحانه وتعالى وأنهم لا يعصونه فيما يأمر به، فهذه العندية عنديةُ الفضل والقرب من الله تعالى؛ بسبب الطاعة.

ص: 219