الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني والعشرون
(لمحات الجرجاني في (دلائل الإعجاز)، وإحصاء الشيخ عضيمة)
موازنة بين ما انتهى إليه الجرجاني وعضيمة في استخدام الحال
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ وبعد:
عقد الموازنة بين ما انتهى إليه عبد القاهر الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز) من لمحات في استخدام الحال، وبين ما أحصاه الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في كتابه (دراسات في أسلوب القرآن الكريم) فنقف مع هذه الفروق كتطبيق لما انتهى إليه الجرجاني من أحكام في استخدام الحال.
ونستطيع أن نطلق على هذه الموازنة: ضوابط الربط اللغوي بين الجرجاني والنص القرآني، قَسّم الجرجاني الجملة التي تحتاج إلى رابط إلى نوعين:"جملة اسمية، وجملة فعلية" وتحدث عن الجملة الاسمية بذكر أربعة أحكام:
أولًا: الجُملة إذا كانت من مبتدأ وخبر؛ فالغَالِبُ عليها أن تجيء مع الواو، وهذا الكلام واضح جلي في كتاب الله سبحانه وتعالى:{لَّكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ} (النساء: 166){وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ} (الأنعام: 93){وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} (الأنفال: 42){قَالُواْ لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ} (هود: 70 - 71){قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُون} (يوسف: 14).
{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ} (النحل: 101){كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ} (العنكبوت: 41){لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَد * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَد} (البلد: 1 - 2){وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون * وَمَا هُوَ إِلَاّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين} (القلم: 51 - 52){يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَاّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} (التوبة: 32)
فهذه الآيات التي قرأتها عليكم تلاحظوا فيها أن جملة الحال في كل منها الرابط فيها هو حرف الواو: {وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ} (النساء: 166){وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ} (الأنعام: 93){وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} (الأنفال: 42){وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ} (هود: 71){وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} (يوسف: 8){وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} (النحل: 101){وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ} {وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَد} {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} فهذه جمل اسمية وقعت في موقع الحال، وإنْ كَانَ بعضُها يحتَمِلُ أوجهًا أخرى، إلا أن المفسرين نصوا على جواز الحالية في جميعها.
والحُكم الثاني الذي ذكره الجرجاني هو: "أنه إن كان المبتدأ من الجملة ضمير ذي الحال، لم يصلح لغير واو البتة"، يقصد إذا
كانت الجملة الاسمية الواقعة حالًا المبتدأ فيها هو الضمير الذي يعود على صاحب الحال، ضمير ذي الحال يعني: صاحب الحال، فيتعين هنا وجود الواو، ولا يصلح البتة عدم الربط بالواو، وهذا مُشاهد واضح في كتاب الله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} (البقرة: 243){فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيم} (الصافات: 142){وَلَا تَتَوَلَّوْاْ} (هود: 52){وَأَنتُم مِّعْرِضُون} (البقرة: 83){ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم} (النحل: 58){وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِين} (المائدة: 114){وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَاّ وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَاّ وَهُمْ كَارِهُون} (التوبة: 54) وغيرها كثير في كتاب الله عندها يتعين الربط بالواو إذا كان المبتدأ ضميرًا يعود على صاحب الحال.
والحكم الثالث في الجملة الاسمية هو: "أنه إن كان الخبر في الجملة من المبتدأ والخبر ظرفًا، ثم كان قد قُدّم على المُبتدأ كثر فيها أن تجيء بغير الواو، يقصد إذا كانت جملة الحال مكونة من مبتدأ وخبر، الخبرُ فيها شبه جملة؛ فمُصطلح الظرف يُطلق تجاوزًا على الظرف على الحقيقة، وعلى الجَارّ والمجرور، أي: الخبر شبه الجملة؛ فإذا قُدّم الخبر شبه الجملة على المبتدأ كثر فيها أن تجيء بغير الواو، وذلك أيضًا مشاهد في كتاب الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} (البقرة: 248) {فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} جملة اسمية في موضع حال، ولم تربط بالواو وخبرها شبه الجملة المقدم فيه، والمبتدأ فيها كلمة "سكينة" التي هي مبتدأ مؤخر.
كذلك {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} (آل عمران: 96 - 97) كذلك {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} (النساء: 57){وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ} (المائدة: 43){فِيهَا حُكْمُ اللهِ} جملة اسمية في موضع نصب حال، وخبرها "فيها" شبه جملة خبر مقدم.
{وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} (المائدة: 46) كالآية السابقة {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} (الحج: 9) فجملة: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} جملة حالية وخبرها شبه الجملة المقدم "له"{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} (الحج: 36){لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} أيضًا جملة اسمية في موضع نصب حال، وخبرها شبه الجملة المقدم لكم، وخير مبتدأ مؤخر.
وكذلك {وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد} (ق: 21){مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد} {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَان * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَان} (الرحمن: 19 - 20)"بينهما" شبه جملة خبر مقدم و"برزخ" مبتدأ مؤخر، والجملة في موضع نصب حال {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَام * فِيهَا فَاكِهَةٌ} (الرحمن: 9 - 10) {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ
فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} (الحديد: 25){وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَد} (المَسَد: 4 - 5) هكذا يتضح بالنص القرآني أنه يكثر مجيء جملة الحال بغير الواو، بل إنّها لم تَرِد في القرآن على هذه الصورة مربوطة بالواو، أو الرابط فيها الواو.
وآخر الأحكام التي أطلقها حول الجملة الاسمية: "أنه قد يجيء ترك الواو فيما ليس الخبر فيه كذلك، ولكنه لا يكثر"، وهذا الحكم هو الذي نقف معه، ونعقب عليه: هذه العبارة التي أطلقها الجرجانيوأكدها بقوله: "ويَدُلّ على أن ليس مجيء الجملة من المبتدأ والخبر حالًا بغير الواو أصلًا قلّته، وأنه لا يجيء إلا في الشيء بعد الشيء".
ويقول أيضًا: "ويجوز أن يكون ما جاء من ذلك إنّما جاء على إرادة الواو، كما جاء الماضي على إرادة قد". هذه العبارات التي أطلقها الجرجاني، وأكدها في كتابه (دلائل الإعجاز) نتج عنها أنّ ذهب الزمخشري إلى أن جملة الحال إذا وقعت اسمية لا بد فيها من الرابط بـ"الواو" وهذا الحكم خلاف ما توارد من النصوص القرآنية، وما اتفق العلماء على جواز الوقوع حال لجمل اسمية لم تكن الواو رابطًا فيها.
وقد رد ابن هشام على الزمخشري في ذلك، وعرض بعض الآيات، وهذا ذكر لمجموعة من الآيات التي ورد الحال فيها جملة اسمية، ومع ذلك لم تربط بالواو كقوله تعالى:{وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} (البقرة: 36) فجملة {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} في موضع نصب حال، ولم تربط بالواو.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} فجملة {هُمْ فِيهَا خَالِدُون} جملة حالية، ولم تربط بالواو، وكذلك {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لَا انفِصَامَ لَهَا} (البقرة: 265) جملة اسمية وقعت في محل نصب حال، ولم تربط بالواو.
{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} (النساء: 87) كذلك لم تربط بالواو {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَاد * سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ} (إبراهيم: 49 - 50) جملة اسمية في موضع نصب حال، ولم تربط بالواو.
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَار} (إبراهيم: 26) فجملة {مَا لَهَا مِن قَرَار} كما تجوز أن تكون صفة تجوز أن تكون حال من ضمير "اجتثت" ومع ذلك لم تربط بالواو.
{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُون} (الأنبياء: 98) فكذلك {أَنتُمْ لَهَا وَارِدُون} ف ي محل نصب حال، ومع ذلك لم تربط بالواو {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} (الإسراء: 97) جملة حالية لم تربط بالواو {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} (سبأ: 12) لم تربط بالواو، وغير ذلك من الآيات.
حتى إن ابن هشام قد تندر على هذه الآية الكريمة في سورة الزمر: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} (الزُّمَر: 60) فجملة {وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} في موضع نصب حال، ومع ذلك لم تربط بالواو، فتندر بأن أحد من يدعي العلم قال: ألا ترى الواو في أولها.
وانتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الجملة الحالية إذا وقعت جملة فعلية فوضع أيضًا نقاط:
الأولى: إن كان الفعل مضارعًا مثبتًا غير منفي، لم يكد يجيء بالواو؛ سواء كان الفعل لذي الحال، يعني صاحب الحال، كقولهم: جاءني زيد يُسرع، أو لمن هو من سببه، كقولهم جاءني زيد يسعى غلامه بين يديه.
وقال: وعليه التنزيل والكلام، وهذا واضح في كتاب الله سبحانه وتعالى، كقوله تعالى:{وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِر} (المدَّثر: 6) وقوله سبحانه: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} (الليل: 18) وقوله سبحانه: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون} (الأعراف: 186) وقوله سبحانه: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} (مريم: 27) وقوله سبحانه: {نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (الأنبياء: 44) فهذه الجمل "تستكثر" و"يتزكى" و"يعمهون" و"تحمله" و"ننقصها" جمل فعلية في موضع نصب حال، ولم تربط بالواو.
ولكنه مع ذلك قد جاءت آيات في كتاب الله سبحانه وتعالى الحال فيها جملة فعلية، ورُبطت بالواو، وقد عَقّب الجرجاني بقوله: "ولم يكد يجيء بالواو، وهذا خلاف ما نراه في النصوص القرآنية التي أحصاها الشيخ عضيمة في كتابه، ولكننا للإنصاف نقول: إن معظم النصوص، وأغلبها التي استشهد بها الشيخ عضيمة، تحتمل غير الحالية، بمعنى أنها ليست نصًّا في الحال، وإنْ كان المفسرون أجازوا فيها الحالية.
ورُبّما ذكر الجرجاني ذلك بناء على القاعدة المشهورة: ما يتطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال". فلذلك لم يعد ما ورد من ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى مع كثرته أنه من باب مجيء الحال جملة فعلية، فعلها مضارع مثبت، ومع ذلك مقترنة أو
مربوطة بالواو من هذه الآيات قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} (البقرة: 204) وقوله سبحانه: {قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ} (البقرة: 91) فجملة: {وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ} وجملة: {وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} تحتمل الحالية، وفعلها مضارع مثبت، ومع ذلك ربطت بالواو.
وقد رجح العلماء الحالية في بعض الآيات كقوله سبحانه: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم} (آل عمران: 170) فجملة: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم} في موضع نصب حال ومقترنة بالواو، وكذلك قوله سبحانه:{وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِين} (المائدة: 84) فجملة: {وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِين} جملة حالية، ومع ذلك ارتبطت بالواو، أو رُبطت بالواو.
وكذلك آية الأحزاب: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} (الأحزاب: 37) فجملة: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ} وجملة: {وَتَخْشَى النَّاسَ} في محل نصب حال، واقترنت بالواو.
وإن كان بعض العلماء يرفض ذلك، وإن أقر فيها الحالية، فإنما يصرفها على أن الجملة اسمية وليست فعلية، وأن هذه الجملة الفعلية خبر لمبتدأ محذوف هذا المبتدأ هو الضمير الذي عائد على صاحب الحال، والتقدير:"وأنت تخفي في نفسك ما الله مبديه"، و"أنت تخشى الناس" إلى غير ذلك مما يقدر في الآيات كقوله سبحانه:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} (المجادلة: 1) أي: وهي
تشتكي إلى الله، وإلى غير ذلك من الآيات ولكننا نبهنا على ذلك؛ لأن هذا الإحصاء الذي أحصاه الشيخ عضيمة في اثنين وعشرين موضعًا في كتاب الله، جاءت فيها الجملة الحالية مضارعة مثبتة، ومع ذلك ربطت بالواو.
ويقول: الحكم الثاني: فإنْ دخل على المضارع حرف نفي تغير الحكم، فجاء بالواو وبتركها كثيرًا. وهذا مثاله أيضًا في كتاب الله كثير؛ مثال الربط بالواو، وهي الجملة منفية قوله تعالى:{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} (المائدة: 54){قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ} (الأنعام: 80){أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُون} (يونس: 77){قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ} (الرعد: 36) على قراءة من قرأ بالرفع "ولا أشرِكُ به". {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} (الشمس: 14 - 15) هذه الآيات واضحة في الربط بالواو، وهي جملة منفية بـ"لا".
وأيضًا مما ورد بالنفي في القرآن النفي بـ"لم" والنفي بـ"لما" فقد جاء بالواو وبغير الواو مثال الواو قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} (البقرة: 283) فجملة {وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا} في محل نصب حال وقرنت بالواو وهي مضارعة منفية بلم، وقوله تعالى:{أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} (آل عمران: 47) فجملة: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} حالية واقترنت بالواو، وهي منفية بلم.
ومثال وقوع الحالية منفية بلم ولم تقترن بالواو قوله تعالى: {فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} وقوله سبحانه: {فَسَجَدُواْ إِلَاّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِين} (الأعراف: 11) وقوله سبحانه: {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ
وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} (آل عمران: 174) فجلمة: {لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِين} {لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} {لَمْ يَتَسَنَّهْ} كلها جمل حالية وقعت، ولم تقترن بالواو.
ومثال النفي بـ"لما" مقترنة بالواو قوله سبحانه: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} (يونس: 39) وقوله سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ} (آل عمران: 142) هذا يؤكد ورود الجمل المضارعة المنفية مُقترنة بالواو وغير مقترنة بها، أما إذا كانت الجملة الفعلية فعلها ماض؛ فقد قال الجرجاني:"يجيء بالواو وغير الواو، ولا يقع حالًا إلا مع قد مظهرة أو مقدرة، أما مجيئها بالواو فالكثير الشائع".
وهذا يؤكده ما ورد من إحصاءات الشيخ عضيمة، حيث أحصى خمسة وثلاثين موضعًا في كتاب الله غير ما يوجد أيضًا في كتاب الله ولم يذكره الشيخ؛ لأننا كما ذكرنا أن الشيخ رحمه الله اعتمد ما ورد في كتب التفسير.
ومما ورد في كتب التفسير: {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ} (الأنعام: 80){أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} (آل عمران: 40){وَمَا لَنَا أَلَاّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا} (البقرة: 246){وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (النساء: 21){أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِين} (الدخان: 13) وغير ذلك من الآيات أما إذا كان الماضي منفي؛ فيأتي بالواو وبغير الواو، ومثال المنفي بالواو:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُون} (البقرة: 71){لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلَاّ مِن بَعْدِهِ} (آل عمران: 65) فهذه جمل حالية {وَمَا كَادُواْ} {وَمَا أُنزِلَتِ} وفعلها ماض منفي بـ"ما".
ومما ورد في القرآن من مجيء الجملة الحالية مصدرة بـ"قد" وغير مقترنة بالواو قوله سبحانه وتعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} (الطلاق: 11) فجملة: {قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} جملة حالية، ولم تقترن بالواو، وصدرت بـ"قد".
أما مجيء الجملة التي فعلها ماض من غير "قد"وكما يقول الجرجاني مع قد مظهرة أو مقدرة؛ فإنهم يقدرون وجود "قد" في هذه الجمل فهي مواضع عديدة في كتاب الله سبحانه وتعالى، وجرت عادتهم أن يُقدروا فيها "قد" قبل الفعل، مثال قوله تعالى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} يقدرون "وقد كنتم أمواتًا".
{قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} (البقرة: 93) أي: وقد أشربوا في قلوبهم العجل {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} (البقرة: 63){إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَاب} (البقرة: 166) أي: و"قد رأوا العذاب" و"قد تقطعت بهم الأسباب". {لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} (البقرة: 266) أي: وقد أصابه الكبر. وعلى ذلك ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى يُقدرون مع الماضي "قد".
وانتقل الجرجاني بعد هذه الأحكام حول الجملة الاسمية والفعلية إلى ذكر المواضع التي يلطف فيها الاستغناء عن الواو، وذكر في ذلك ثلاثة مواضع:
أول هذه المواضع: أن تصدر الحالية بـ"ليس" أي: تكون جملة اسمية منسوخة بليس التي هي من أخوات كان، ومثال ذلك قوله تعالى:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} (النساء: 176) فجملة "ليس له ولد" حال من الضمير في "هلك" غير مقترنة بالواو، وكذلك قوله سبحانه: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ
لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ} (الأنعام: 51) فجملة: {لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ} حال من ضمير "يحشروا".
والموضع الثاني الذي ذكره الجرجاني هو: دخول حرف على الجملة الحالية، ومثل له بـ"كأن" وقال: "مما ينبغي أن يراعى أنك ترى الجملة قد جاءت حالًا بغير واو، ويحسن ذلك ثم تنظر فترى ذلك إنما حسن من أجل حرف دخل عليها، مثاله قول الفرزدق:
فقلت عسى أن تبصريني كأنما
…
بني حوالي الأسود الحوارد
فنظر إلى أنّ الجمال في دخول "كأن" على الجملة؛ فحسن لذلك حذف الواو وعدم ذكرها.
وهذا أيضًا ما نشاهده في آيات الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، من عدم اقتران الجملة الحالية المصدرة بكأن بالواو من ذلك قوله تعالى:{نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُون} (البقرة: 101) فجملة: {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُون} جملة حالية، وصاحب الحال كلمة فريق وعاملها نبذ. وكذلك قوله سبحانه:{فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا} (النمل: 10) جملة: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} حال ثانية، فالحال الأولى جملة تهتز.
وكذلك قوله سبحانه: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} (لقمان: 7) وغير ذلك كثير في كتاب الله كقوله سبحانه: {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة} (الحاقة: 7){يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُون} (المعارج: 43){فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِين * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَة} (المدَّثر: 49 - 50) {تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ
مُّنقَعِر} (القمر: 20){يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ} (القمر: 7) وغير ذلك من الآيات.
الموضع الثالث: الذي يحسن فيه نزع الواو، ويلطف ذلك بلاغيًّا هو: وقوع الحال الجملة بعد المفرد، وذلك يؤدي بنا إلى الحديث عن مسألة الترتيب بين الأحوال، إذا ما جاء الحال أو تعدد الحال فمن الذي يصدر؟ المفرد أم الجملة أم شبهة الجملة؟ جرت العادة أن يذكروا أن الأولى بالتقديم هو المفرد، ثم شبه الجملة، ثم الجملة على أصل الترتيب بينهم، وذلك قول على الأولى أو على الشائع أو على الافتراض القياسي.
أما بالنظر للنصوص القرآنية والنصوص الأدبية الواردة في ترتيب الأحوال: نجد أنّ هذا الكلام لا أصل له ولا صحة له؛ فقد يتقدم الجملة على المفرد، وقد يتقدم المفرد على الجملة، ويتقدم الظرف على المفرد، ويتقدم المفرد على الظرف، وكل ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى وقد عرض له الشيخ عضيمة بأمثلة متنوعة من الترتيب بين الأحوال، ويُلاحظ في هذا الترتيب أنّه تُقَدّم الحال التي هي مقدمة في السياق أو التي يراد إبرازها في سياق الآيات؛ فهو الذي يحتكم إليه في الترتيب، وليس نوع الحال مجردًا هل هو مفرد؟ أم جملة؟ أم شبه جملة؟.
ومن النماذج المُختلفة لذلك في الترتيب من مجيء الحال الجملة الفعلية بعد المفرد قوله سبحانه: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلَاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَاّ قَلِيلا} (النساء: 142){كُسَالَى} حال مفردة {يُرَآؤُونَ النَّاسَ} حال جملة فعلية، وجاءت بعد المفردة.
ومن مجيء الجملة الاسمية بعد المفرد قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوص} (الصف: 4) فصفًّا حال أولى مفردة و {كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوص} حال ثانية جملة، ولم تقترن بالواو كذلك {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة} (الحاقة: 7) على أساس أن الرؤية من البصر، فتكون صرعى حال أما إذا كانت الرؤية منامية، أو ظنية فتكون صرعى مفعولًا ثانيًا لـ"ترى".
الشاهدُ: أن الترتيب -كما ذكر- يكون على أساس واحد، هذا الأساس هو الأولى في التصدير في السياق، وليس نوع الحال.
ونختم كلامنا مع الجرجاني من أنه نصّ على أن الاقتران بالواو، عدم الاقتران به لا يكون إلا لغرض إعجازي أو لغرض بلاغي، فقال رحمه الله:"فاعلم أن كل جملة وقعت حالًا ثم امتنعت من الواو؛ فذاك لأجل أنك عَمَدت إلى الفعل الواقع في صدرها، فضممته إلى الفعل الأول في إثبات واحد، وكل جملة جاءت حالًا ثم اقتضت الواو؛ فذاك لأنك مستأنف بها خبرًا، وغير قاصد إلى أن تضمها إلى الفعل الأول في الإثبات".
وبدأ رحمه الله يشرح ذلك مبينًا بالأمثلة عندما تقول: "جاءني زيد يسرع" كان قولك بمنزلة "جاءني زيد مسرعًا" في أنك تثبت مجيئًا فيه إسراع، وتَصِلُ أحد المعنيين بالآخر، وتجعل الكلام خبرًا واحدًا؛ كأنك تريد أن تقول:"جاءني بهذه الهيئة".
أما إذا قلت: "جاءني وغلامه يسعى بين يديه" أو "رأيتُ زيدًا وسيفه على كتفه" كان المعنى على أنك بدأت، فأثبت المجيء والرؤية، ثم استأنفت خبرًا وابتدأت إثباتًا ثانيًا لسعي الغلام بين يديه، ولكون السيف على كتفه، ولما كان المعنى على