الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هِيَ بِنْتُ الْملك العَزِيْز بن جَلَال الدَّوْلَة بن بُوَيه. فَقُتِل نَصْر بَعْدَ سَنَةٍ بِظَاهِر حلب (1) .
173 - الصُّلَيْحِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
صَاحِبُ اليَمَنِ، كَانَ أَبُوْهُ مِنْ قُضَاةِ اليَمَنِ، وَهُوَ المَلِكُ أَبُو الحَسَنِ (2) عَلِيُّ بنُ القَاضِي مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ.
دَار بِهِ دَاعِي البَاطِنِيَّة عَامِرٌ الزَّوَاخِي (3) حَتَّى أَجَابَهُ وَهُوَ حَدَثٌ، فَتفرسَ بِهِ عَامِرٌ النَّجَابَةَ، وَقِيْلَ: ظفر بِحلْيته فِي كِتَابِ (الصُّور) ، فَأَطلعه عَلَى ذَلِكَ، وَشوَّقه، وَأَسَرَّ إِلَيْهِ أُمُوْراً، ثُمَّ لَمْ يَنْشَب عَامِرٌ أَن هَلَكَ، فَأَوْصَى بِكُتُبِهِ لعلِيٍّ،
(1) انظر ما حكاه المؤلف عن سبب موته في الترجمة (167) ، وانظر " المختصر " 2 / 193.
(*) دمية القصر 1 / 51 - 53، الأنساب 8 / 87، كشف أسرار الباطنية للحمادي، ملحق بكتاب " التبصير في الدين " لأبي المظفر الاسفرايني: 219، تاريخ اليمن: 47، بهجة الزمن: 46، المنتظم 8 / 165، 232، اللباب 2 / 246، الكامل 9 / 614 - 615 و10 / 30، 55 - 56، وفيات الأعيان 3 / 411 - 415، المختصر 2 / 181 - 182، تتمة المختصر 1 / 554 - 557، البداية والنهاية 12 / 96، 121، تاريخ ابن خلدون 4 / 214 - 218، الذهب المسبوك: 35، بلوغ المرام: 15، النجوم الزاهرة 5 / 58، 72، 112، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 181، 183، وانظر " الصليحيون والحركة الفاطمية في اليمن " للهمذاني: 62 - 112.
قال ابن خلكان: والصليحي بضم الصاد المهملة وفتح اللام وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها حاء مهملة، لا أعرف هذه النسبة إلى أي شيء هي، والظاهر أنها رجل، فقد جاء في الأسماء والاعلام صليح، ونسبوا إليه أيضا.
وانظر " الأنساب " 8 / 87.
(2)
كما في " وفيات الأعيان " و" البداية " وفي " المنتظم " و" الكامل " و" النجوم الزاهرة ": أبو كامل.
(3)
قال ياقوت: الزواخي بوزن القوافي، وهو مهمل في استعمالهم: قرية من أعمال مخلاف حراز، ثم من أعمال النجم في أوائل اليمن، وإليها ينسب عامر بن عبد الله الزواخي صاحب الدعوة، عن الصليحي، وورد في " تاريخ " ابن خلدون: الزوايي نسبة إلى زواية، من قرى حران. وفي " كشف أسرار الباطنية " للحمادي: سليمان بن عبد الله الزواحي.
فَعكَفَ عَلَى الدّرس وَالمُطَالعَة، وَفقُه وَتَميَّز فِي رَأْي العُبَيْدِيَّة، وَمَهَر فِي تَأْويلَاتهم، وَقَلْبِهم لِلحَقَائِق (1) .
وَهُوَ القَائِلُ:
أَنْكَحْتُ بِيضَ الهِنْدِ سُمْرَ رِمَاحِهِم
…
فَرُؤُوْسهُم عِوَضَ النِّثَارِ نِثَارُ
وَكَذَا العُلَى لَا يُسْتَباحُ نِكَاحُهَا
…
إِلَاّ بِحَيْثُ تُطَلَّقُ الأَعَمَارُ (2)
ثُمَّ صَارَ يَحُجُّ بِالنَّاسِ عَلَى طَرِيْق السرَاة (3) خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: سَتَملِكُ اليَمَن بِأَسره.
فِيُنكر عَلَى القَائِل، فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، ثَار بِجَبل مَشَار (4) فِي سِتِّيْنَ رَجُلاً، فَأَوَوْا إِلَى ذِرْوَة شَاهق، فَمَا أَمسوا حَتَّى أَحَاط بِهِم عِشْرُوْنَ أَلْفاً، وَقَالُوا: انْزِلْ وَإِلَاّ قتلنَاكُم جُوعاً وَعَطَشاً.
قَالَ: مَا فَعَلتُ هَذَا إِلَاّ خوَفاً أَنْ يَمْلِكَهُ غِيرُنَا، وَإِنْ تركتمونَا نحرُسُه، وَإِلَاّ نَزلنَا إِلَيْكُم.
وَخَدَعَهُم، فَانْصَرَفُوا، فَلَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ أَشهر حَتَّى بنَاهُ وَحَصَّنه (5) ، وَلَحِقَ بِهِ كُلُّ طمَّاع وَذِي جَلَادَة، وَكثرُوا، فَاسْتفحل أَمرُه، وَأَظهر الدعوَةَ لصَاحِب مِصْر المُسْتنصر، وَكَانَ يَخَافُ مِنْ نَجَاح صَاحِب تِهَامَة، وَيُلَاطِفُه، وَيَتحيَّلُ عَلَيْهِ، حَتَّى سقَاهُ مَعَ جَارِيَة مليحَةٍ أَهدَاهَا لَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الممَالِك اليَمنِية فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَخَطَبَ عَلَى مِنْبَر الجَنَد (6)، فَقَالَ: وَفِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ نَخْطُبُ عَلَى مِنْبَر عَدَنَ. فَقَالَ رَجُلٌ:
(1) الخبر بنحوه في " وفيات الأعيان " 3 / 411، و" المختصر " 2 / 181.
(2)
البيتان في " وفيات الأعيان " 3 / 415، و" البداية والنهاية " 12 / 121.
(3)
انظر " معجم البلدان " 3 / 204.
(4)
قال ياقوت: مشار: قلة في أعلى موضع من جبال حراز، منه كان مخرج الصليحي في سنة 448، وجاهر فيه، لم يكن فيه بناء فحصنه، وأتقنه، وأقام به حتى استفحل أمره.
" معجم البلدان " 5 / 131، وفي " وفيات الأعيان ": مسار بالمهملة، وقد تحرفت في " المختصر " إلى: مشاف.
(5)
الخبر في " وفيات الأعيان " 3 / 411 - 412، وقطعة منه في " المختصر " 2 / 182.
(6)
الجند بالتحريك: مدينة نجدية باليمن من أرض السكاسك، بينها وبين صنعاء ثمانية وخمسون فرسخا.
" معجم البلدان ".
سَبُّوْحٌ قُدُّوس.
يَسْتَهزئ بِقَوْله، فَأَمر بِأَخَذِه (1) ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ أَخَذَ عَدَن، وَخَطَبَ، وَصَيَّرهَا دَار مُلْكِهِ، وَأَنشَأَ عِدَّة قصُوْر أَنِيقَة، وَأَسَرَ ملوكاً، وَامتدت أَيَّامُه، ثُمَّ حَجَّ، وَأَحْسَن إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ.
وَكَانَ أَشقرَ أَزرق، يُسلِّم عَلَى مَنْ مرَّ عَلَيْهِم، وَكَانَ ذَا ذكَاءٍ وَدهَاء، كَسَا الكَعْبَة البيَاضَ، وَخُطبَ لزوجتهِ (2) أَيْضاً مَعَهُ عَلَى المَنَابِر، وَكَانَ فَرسُه بِأَلف دِيْنَار، وَيَرْكُب بِالعصَائِب، وَتركب الحُرَّةُ فِي مائَتَيْ جَارِيَة فِي الحُلِيّ وَالحُلَل وَمَعَهَا الجنَائِب (3) بِسُرُوجٍ الذَّهَبِ، ثُمَّ إِنَّهُ حَجَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَاسْتخلف عَلَى اليَمَنِ ابْنَه أَحْمَدَ الْملك المُكَرَّم، فَلَمَّا نَزل بِالمَهْجَم (4) ، وَثَبَ عَلَيْهِ جيَّاشُ بنُ نَجَاح وَأَخُوْهُ سَعِيْدٌ الأَحْوَل، فَقتلَاهُ بِأَبِيهِمَا، وَكَانَا قَدْ خَرَجَا فِي سَبْعِيْنَ نَفْساً بِلَا سلَاح، بَلْ مَعَ كُلّ وَاحِد جرِيْدَةٌ فِي رَأْسهَا زُجُّ، وَسَارُوا نَحْو السَّاحِل، فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِمْ خَمْسَة آلَاف، فَاخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيْق، وَوصل السَّبْعُوْنَ إِلَى مَنْزِلَة الصُّلَيْحِي، وَقَدْ أَخَذَ مِنْهم التَّعبُ وَالحفَاء، فَظنَّهم النَّاسُ مِنْ عبيد العَسْكَر، فَشعر بِهِم أَخُو الصُّلَيحِي، فَدَخَلَ مُخَيَّمَهُ وَقَالَ: ارْكَبْ فَهَذَا الأَحْوَلُ سَعِيْدٌ.
فَقَالَ الصُّلَيْحِيُّ: لَا أَمُوْتُ إِلَاّ بِالدُّهَيم (5) .
فَقَالَ رَجُلٌ: قَاتِل عَنْ نَفْسِك، فَهَذَا وَاللهِ الدُّهَيم.
فَلَحِقه زَمَعُ المَوْت، وَبَال، وَمَا بَرح حَتَّى قُطِعَ رَأْسُه بسيفِه، وَقُتِلَ أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ وَأَقَارَبُه، وَذَلِكَ فِي ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَة
(1) في " وفيات الأعيان ": فأمر بالحوطة عليه، وخطب الصليحي في مثل ذلك اليوم على منبر عدن، فقال ذلك الإنسان، وتغالى في القول، وأخذ البيعة، ودخل في المذهب.
(2)
واسمها أسماء بنت شهاب، المعروفة بالحرة الصليحية، ستأتي ترجمتها في الاجزاء التالية من هذا الكتاب.
وانظر " أعلام " الزركلي 1 / 305، 306.
(3)
الجنائب: جمع جنيبة، وهي: الدابة تقاد ولا تركب.
(4)
المهجم: بلد وولاية من أعمال زبيد باليمن، بينها وبين زبيد: ثلاثة أيام، ويقال لناحيتها خزاز " معجم البلدان ".
(5)
قال ياقوت: الدهيم، تصغير ترخيم أدهم، أظنه موضعا كان فيه يوم للعرب.
ثَلَاث (1) ، وَالتفَّ أَكْثَرُ العَسْكَر عَلَى ابْنِ نَجَاح، وَتَملَّكَ، وَرُفِعَ رَأْس الصُّلَيحِي عَلَى قَنَاة، وَتَملك ابْنُ نَجَاح مَدَائِنَ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ إِلَى أَنْ دَبَّرتِ الحُرَّةُ عَلَى قتلهِ بَعْد ثَمَانِيَة أَعْوَام، فَقُتِلَ (2) .
وَحَدَّثَنِي تَاجُ الدِّين عبدُ البَاقِي النَّحْوِيّ فِي (تَارِيْخِهِ) قَالَ: احتُضِرَ رَأْس الدعَاة، فَأَعْطَى الصُّلَيحِيَّ مَا جمع مِنَ الأَمْوَال، فَأَقَامَ يَعمل الحِيَل، ثُمَّ صعد جبلاً فِي جمعٍ، وَبنَاهُ حصناً، وَحَارَبَ، وَأَمره يَسْتَفحلُ، ثُمَّ اقتفَاهُ ابْنُ أَبِي حَاشد مُتَوَلِّي صَنْعَاء، فَقُتِلَ وَقُتِلَ مَعَهُ أَلف، وَتَملَّك الصُّليحِيُّ صَنْعَاء، وَطوَى اليَمَنَ سهلاً وَجبلاً، وَاسْتقرَّ مُلكهُ لِجَمِيْعِ اليَمَن مِنْ مَكَّةَ إِلَى حضَرموت إِلَى أَنْ قَتله سَعِيْد، وَأَخَذَ بثأْر أَبِيْهِ نَجَاح، وَدَام مُلك وَلده الْمُكرم عَلَى شطر اليَمَن مُدَّة، وَحَارَبَ ابْنُ نَجَاح غَيْرَ مَرَّةٍ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ (3) وَثَمَانِيْنَ، فَتملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُ عَمِّهِ سبأَ بن أَحْمَدَ إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَصَارَ المُلكُ إِلَى آل نَجَاح مُدَّة (4) .
(1) وسبعين وأربع مئة، وهو الصحيح في وفاته، وقد أورد ابن الأثير وفاته في سنة (459) وتابعه على ذلك ابن كثير، ثم أعاد ذكر وفاته في سنة (473) .
انظر " الكامل " 10 / 55، و" البداية " 12 / 96 و121.
(2)
انظر " وفيات الأعيان " 3 / 413 - 414، و" المختصر " 2 / 182، والحرة هي زوجة الصليحي كما ورد في التعليق (2) من الصفحة السابقة.
(3)
في الخبر السابق أنه مات سنة إحدى وثمانين، وانظر " وفيات الأعيان " 3 / 414.
(4)
انظر " المختصر " 2 / 182 - 183، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 214 - 218.