الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّافِعِيّ فَقَالَ: عَدْلٌ ثِقَة، كَثِيْرُ السَّمَاع.
مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
سمِعنَا مِنْ طرِيقه نُسخَةَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ.
189 - الزَّنْجَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ سَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلَاّمَةُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، شَيْخُ الحَرَمِ، أَبُو القَاسِمِ سَعْدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الزَّنْجَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلَاثِ مائَة تَقَرِيْباً.
وَسَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ ابنَ نَظيف، وَالحُسَيْنَ بنَ مَيْمُوْنٍ الصدفِي، وَعِدَّة بِمِصْرَ، وَعَلِيَّ بنَ سَلَامَةَ بِغَزَّة، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي عُبَيْدٍ بزَنْجَان، وَعبدَ الرَّحْمَن بن يَاسِر الجَوْبَرِي، وَعبدَ الرَّحْمَن بن الطُّبيز الحَلَبِيّ، وَطَبَقَتهُمَا بِدِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ الجَبَّار السَّمْعَانِيّ، وَمكِيٌّ الرُّمَيْلِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ فَاخر، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الحَافِظ، وَعبدُ الْمُنعم بن القُشَيْرِيّ، وَمُخْتَارُ بنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: قَالَ لِي شَيْخٌ: كَانَ جدُّك أَبُو المظفَّر عَزَم عَلَى المُجَاورَة فِي صُحْبَة سَعْدٍ الإِمَام، فَرَأَى وَالِدتَه كَأَنمَا كَشفتْ رَأَسهَا تَقُوْلُ: يَا
(*) الإكمال 4 / 229، الأنساب 6 / 307، المنتظم 8 / 320، العبر 3 / 276، المشتبه 1 / 324، دول الإسلام 2 / 5، تذكرة الحفاظ 3 / 1174 - 1178، البداية والنهاية 12 / 120، العقد الثمين 4 / 535 - 536، تبصير المنتبه 2 / 661، النجوم الزاهرة 5 / 108، شذرات الذهب 3 / 339 - 340.
والزنجاني بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون، هذه النسبة إلى زنجان، وهي بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل.
بنِي، بحقِّي عَلَيْك إِلَاّ مَا رَجَعتَ إِلَيَّ، فَإِنِّي لَا أُطِيْق فَرَاقك.
قَالَ: فَانْتبهتُ مغموماً، وَقُلْتُ: أُشَاور الشَّيْخ، فَأَتيت سَعْداً، وَلَمْ أَقْدِرْ مِنَ الزحَام أَنْ أُكَلِّمه، فَلَمَّا قَامَ تَبِعتُه، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا أَبَا المُظَفَّر، العَجُوْزُ تَنْتَظرُك.
وَدَخَلَ بَيْتَه، فَعلمتُ أَنَّهُ كَاشَفَنِي، فَرَجَعتُ تِلْكَ السّنَة (1) .
وَعَنْ ثَابِتِ بنِ أَحْمَدَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا القَاسِمِ الزَّنْجَانِي فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ لِي مرَّة بَعْد أُخْرَى: إِنَّ اللهَ يَبْنِي لأَهْل الحَدِيْث بِكُلِّ مَجْلِسٍ يَجلسُوْنه بَيْتاً فِي الجَنَّةِ (2) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ: كَانَ سَعْدٌ حَافِظاً مُتْقِناً، ثِقَةً، وَرِعاً، كَثِيْر العِبَادَة، صَاحِب كَرَامَات وَآيَات، وَإِذَا خَرَجَ إِلَى الْحرم يَخلُو المَطَاف، وَيُقَبِّلُوْنَ يَده أَكْثَر مِمَّا يُقَبِّلُوْنَ الحجَرَ الأَسْوَد (3) .
وَقَالَ ابْنُ طَاهِر: مَا رَأَيْتُ مِثْلَه، وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الحبَّال يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ سَعْدِ بنِ عَلِيّ فِي الفَضْلِ، كَانَ يَحضر مَعَنَا المَجَالِس، وَيُقرَأ بَيْنَ يَدَيْهِ الخطَأُ، فَلَا يَرُدُّ، إِلَاّ أَنْ يُسْأَل فَيُجيب (4) .
قَالَ ابْنُ طَاهِر: وَسَمِعْتُ الفَقِيْه هَيَّاج بن عُبَيْد إِمَامَ الْحرم وَمُفتيه يَقُوْلُ: يَوْمٌ لَا أَرَى فِيْهِ سَعْداً لَا أَعتدُّ أَنِّي عَمِلْتُ خَيراً.
وَكَانَ هَيَّاج يَعتمرُ فِي اليَوْمِ ثَلَاثَ عُمَر (5) .
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1174.
(2)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1175.
(3)
انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175، و" الأنساب " 6 / 307، و" المنتظم " 8 / 320.
(4)
هذا الخبر يختلف عن خبر آخر سيورده المؤلف قريبا وهو أن الزنجاني كان لا يسكت على الخطأ، انظر الصفحة 388 القادمة، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1175.
(5)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1175.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: لَمَّا عزم سَعْدٌ عَلَى المجَاورَة، عزمَ عَلَى نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ عزِيمَة، أَنْ يُلزمهَا نَفْسَه مِنَ المُجَاهِدَات وَالعِبَادَات، فَبقِي بِهِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يُخلَّ بعزِيمَةٍ مِنْهَا.
وَكَانَ يُمْلِي بِمَكَّةَ فِي بَيْته - يَعْنِي: خوَفاً مِنْ دَوْلَة العُبَيْدِيَّة (1) -.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: دَخَلتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ضَيِّقُ الصَّدْرِ مِنْ شيرَازِيٍّ، فَقَالَ لِي: مِنْ غَيْر أَنْ أُعْلِمَه: لَا تُضيِّق صَدْرك، فِي بلَادنَا يُقَالُ: بُخْلُ أَهْوَازِيٍّ، وَحمَاقَةُ شِيرَازِيٍّ، وَكَثْرَةُ كَلَامِ رَازِيٍّ.
وَأَتيتُه وَقَدْ عزمتُ عَلَى الخُرُوج إِلَى العِرَاقِ، فَقَالَ:
أَرَاحِلُوْنَ فَنبكِي أُمْ مُقِيْمُونَا؟
…
فَقُلْتُ: مَا يَأْمُرُ الشَّيْخ؟
فَقَالَ: تَدْخُل خُرَاسَان، وَتَفوتُك مِصْر، فِيبقَى فِي قَلْبك مِنْهَا، اخْرج إِلَى مِصْرَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى العِرَاقِ وَخُرَاسَان، فَإِنَّهُ لَا يَفوتُك شَيْء.
فَكَانَ فِي رَأْيه البركَة.
وَسَمِعتُه وَجَرَى بَيْنَ يَدَيْهِ (صَحِيْح) أَبِي ذَرٍّ (2)، فَقَالَ: فِيْهِ عَنْ أَبِي مُسْلِم الكَاتِب، وَلَيْسَ مِنْ شَرط (الصَّحِيْح) .
قُلْتُ: لسعدٍ قَصيدَةٌ فِي قوَاعد أَهْل السّنَة، وَهِيَ:
تَدَبَّرْ كَلَامَ اللهِ وَاعتَمِدِ الخَبَرْ
…
وَدَعْ عَنْكَ رَأْياً لَا يُلَائِمُهُ أَثَرْ
وَنَهْجَ الهُدَى فَالْزَمْهُ وَاقْتَدِ بِالأُلَى
…
هُمُ شَهِدُوا التَّنْزِيْلَ عَلَّكَ تَنْجَبِرْ
وَكُنْ مُوْقِناً (3) أَنَّا وَكُلَّ مُكَلَّفٍ
…
أُمِرْنَا بِقَفْوِ الحَقِّ وَالأَخْذِ بِالحَذَرْ
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175 - 1176، و" المنتظم " 8 / 320.
(2)
في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1176: وسمعته يقول - وقد جرى ذكر الصحيح الذي خرجه أبو ذر الهروي -، ونقل المصنف في " التذكرة " 3 / 6: 11 في ترجمة أبي ذر - وهو عبد بن أحمد الهروي - عن عبد الغافر في تاريخ نيسابور قوله: خرج على الصحيحين تخريجا حسنا، وقول القاضي عياض: لأبي ذر كتاب كبير مخرج على الصحيحين.
(3)
تحرف في " التذكرة " إلى موقفا.
وَحُكِّمَ فِيْنَا بَيْنَنَا قَوْلُ مَالِكٍ
…
قَدِيْرٍ حَلِيْمٍ عَالِمِ الغَيْبِ مُقْتَدِرْ
سَمِيْعٍ بَصِيْرٍ وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ
…
مُرِيْدٍ لِمَا يَجْرِي عَلَى الخَلْقِ مِنْ قَدَرْ
فَمَنْ خَالَفَ الوَحْيَ المُبِيْنَ بِعَقْلِهِ
…
فَذَاكَ امْرُؤٌ قَدْ خَابَ حَقّاً وَقَدْ خَسِرْ
وَفِي تَرْكِ أَمْرِ المُصْطَفَى فِتْنَةٌ فَذَرْ
…
خِلَافَ الَّذِي قَدْ قَالَهُ وَاتْلُ وَاعْتَبِرْ (1)
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الكَرَجِي الشَّافِعِيّ: سَأَلْتُ ابْنَ طَاهِر عَنْ أَفْضَل مَنْ رَأَى، فَقَالَ: سَعْدٌ الزَّنْجَانِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيّ.
قُلْتُ: فَأَيُّهُمَا كَانَ أَعْرفَ بِالحَدِيْثِ؟
فَقَالَ: كَانَ الأَنْصَارِيُّ مُتَفَنِّناً، وَأَمَّا الزَّنْجَانِي فَكَانَ أَعْرف بِالحَدِيْثِ مِنْهُ، كُنْتُ أَقرَأ عَلَى الأَنْصَارِيّ، فَأَترك شَيْئاً لأُجرَبّه، فَفِي بَعْضٍ يَرُدُّ، وَفِي بَعْضٍ يَسكت، وَكَانَ الزَّنجَانِي إِذَا تركتُ اسْم رَجُل يَقُوْلُ: أَسقطتَ فُلَاناً (2) .
قَالَ السَّمْعَانِيّ: كَانَ سَعْدٌ أَعْرَفَ بِحَدِيْثه لِقلَّتِه، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ مُكْثِراً.
سُئِلَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ الحَافِظ عَنْ سَعْدٍ الزَّنْجَانِي، فَقَالَ: إِمَامٌ كَبِيْر، عَارِف بِالسّنَّة (3) .
تُوُفِّيَ الزَّنْجَانِي: فِي أَوّل سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَلَهُ تِسْعُوْنَ عَاماً، وَلَوْ أَنَّهُ سَمِعَ فِي حدَاثته لَلَحِقَ إِسْنَاداً عَالِياً، وَلَكِنَّهُ سَمِعَ فِي الكُهُوْلَة.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عُمَرَ النَّحْوِيّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِد، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُخْتَارُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئ سَنَة خَمْسِ
(1) الابيات عدا الرابع والخامس في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1178 وفي البيت الأخير: " فاسأله " بدل " واتل "، وفيها بعد البيت الأخير بيتان آخران سيوردهما المؤلف آخر الترجمة.
(2)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1175، وهذا هو الخبر الذي يختلف عما أورده المؤلف في الصفحة
386.
(3)
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1176.